الحوثيون يدشنون موسم الجباية باسم «المولد النبوي» قبل الموعد بشهر

الميليشيات الحوثية تبدأ الجباية السنوية باسم المولد النبوي من معقلها الرئيس في محافظة صعدة (إعلام حوثي)
الميليشيات الحوثية تبدأ الجباية السنوية باسم المولد النبوي من معقلها الرئيس في محافظة صعدة (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يدشنون موسم الجباية باسم «المولد النبوي» قبل الموعد بشهر

الميليشيات الحوثية تبدأ الجباية السنوية باسم المولد النبوي من معقلها الرئيس في محافظة صعدة (إعلام حوثي)
الميليشيات الحوثية تبدأ الجباية السنوية باسم المولد النبوي من معقلها الرئيس في محافظة صعدة (إعلام حوثي)

لا تكاد الميليشيات الحوثية تنتهي من موسم جباية حتى تبدأ في آخر، حتى تحولت أعوام اليمنيين بأكملها إلى موسم جباية واحد طويل ومستمر، وتحت لافتات متعددة ومتداخلة؛ حيث تجري عدة جبايات في وقت واحد بأسماء مختلفة، ملحقة خسائر كبيرة برجال الأعمال والقطاع الخاص؛ بل وتصل الجباية إلى المواطنين مباشرة ومن داخل منازلهم.
في هذا السياق، دشنت الميليشيات مبكراً هذا العام موسم الجباية السنوي باسم الاحتفالات بالمولد النبوي، قبل موعده بأكثر من شهر؛ حيث وزعت الأحد الماضي على مسؤولي الأحياء الذين يعرفون بـ«عُقَّال الحارات»؛ تعميماً بحصر المنازل من فلل وبنايات وشقق، وإبلاغ السكان بدفع مبلغ 3000 ريال (حوالي 6 دولارات) عن كل أسرة، لدعم الاحتفال بذكرى المولد النبوي.
وبالتزامن مع ذلك؛ أطلقت الميليشيات حملة جباية باسم التبرع لما تسميه «قافلة الرسول الأعظم» التي تزعم أنها موجهة لمساندة المقاتلين الذين تطلق عليهم صفة «المرابطين» في الجبهات ونقاط التفتيش. وبدأت الحملة في مديرية سحار التابعة لمحافظة صعدة التي نظمت فيها فعالية استعرضت خلالها ما زعمت أن أهالي المديرية تبرعوا به نقداً وعيناً.
وفي الفعالية، وجهت قيادات الميليشيات الدعوات لأهالي وقبائل محافظة صعدة للاقتداء بأهالي مديرية سحار، ودعم حملة «الرسول الأعظم»، ورفد الجبهات بالمال والمقاتلين، وهو ما عدّه مواطنون مؤشراً على تعميم حملة الجباية على مختلف مديريات المحافظة، وبقية المحافظات والمناطق الواقعة تحت سيطرة الميليشيات.
- تضرر التجار والسكان
يرى رجل الأعمال نذير قادري أن التجار ورجال الأعمال يتضررون بشكل مباشرون من جبايات الميليشيات، نظراً لإجبارهم على دفع مبالغ طائلة لدعم الاحتفال بالمولد النبوي؛ إلا أن الضرر الأكبر يقع على المواطنين؛ حيث يلجأ التجار ورجال الأعمال إلى رفع أسعار السلع والخدمات، لتعويض الخسائر التي لحقت بهم بسبب التبرعات.
وبحسب إفادة قادري لـ«الشرق الأوسط»؛ فإن المواطنين يتحملون العبء الأكبر من هذه الجبايات؛ ففي الوقت الذي يضطر فيه التجار ورجال الأعمال إلى رفع أسعار سلعهم وخدماتهم؛ يُجبر المواطنون على التبرع مباشرة من خلال الحملات التي تتم بمساعدة عُقَّال الحارات، ما يعني أن المواطنين يجبرون على التبرع مباشرة، وعلى تحمل جزء من تبرعات التجار.
وتوقع قادري (وهو اسم مستعار لرجل الأعمال، حفاظاً على سلامته نظراً لإقامته في مناطق سيطرة الميليشيات)، أن حجم الجبايات سيتضاعف هذا العام بالنظر إلى عدة اعتبارات؛ حيث تريد الميليشيات زيادة عدد ونوع الفعاليات الاحتفالية وتوسيعها، كنوع من استعراض الحوثيين للقوة والشعبية، استتباعاً لما نفذته من عروض عسكرية مؤخراً.
ويضيف أن شهية الميليشيات للجبايات تتضاعف باستمرار؛ خصوصاً وهي تجد نفسها عاجزة عن تجنيد المقاتلين من أبناء القبائل؛ ما سيضطرها لإغرائهم بالأموال والمكافآت والرواتب، هذا إلى جانب تهافت قادة الميليشيات على الحصول على نسبٍ متفاوتة من التبرعات للإثراء الشخصي.
- جبايات متعددة
وبحسب مصدر تربوي في صنعاء؛ تجبر الميليشيات المدارس الخاصة على التبرع بمبلغ 50 ألف ريال (أقل بقليل من 100 دولار) سنوياً لصالح الاحتفال بالمولد النبوي.
وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط» إن إدارات المدارس تتوقع أن تتضاعف الجبايات هذا العام، بالنظر إلى أن الميليشيات قد أجبرت هذه المدارس على رفع رسوم الدراسة من خلال فرض جبايات جديدة عليها، وإلزامها بتخصيص 20 في المائة من مقاعدها لأبناء قيادات حوثية قُتِلت في المعارك.
ووفقاً للصحافي الاقتصادي عبد القادر المقطري؛ فإن قيادات الميليشيات تتوسع سنوياً في تنفيذ خطة الجباية السنوية الشاملة، باسم الاحتفال بالمولد النبوي على مختلف المستويات؛ حيث تعد الجباية باسم المولد النبوي أوسع وأكبر عملية تحصيل أموال وتبرعات نقدية وعينية تنفذها الميليشيات، بحكم أنها تستهدف بها جميع المقيمين في مناطق سيطرتها.
ويشير المقطري في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هذه الخطة التي وضعها القيادي محمد علي الحوثي باسم المولد النبوي، شاملة وعامة، بعكس الجبايات التي تستهدف قطاعات محددة؛ وأن الميليشيات تخصم لصالح هذه المناسبة من رواتب موظفي الدولة الذين يتقاضون نصف راتب كل 6 أشهر، بعد أن تعمدت إيقاف رواتبهم منذ أعوام.
وأكد المقطري أن حملة الجباية باسم الاحتفال بالمولد تعدّ من أهم مصادر إيرادات الميليشيات، ويتنافس القادة الحوثيون خلالها على إثبات جدارتهم وقدراتهم في جمع الأموال لإرضاء القادة الأعلى منهم، والاستفادة منها للإثراء الشخصي، إما كمكافآت أو بالاختلاس.
- استهداف تجار الذهب
وفي السياق نفسه، ذكرت مصادر في العاصمة صنعاء؛ أن الميليشيات أغلقت الأسبوع الماضي عدداً من محلات الذهب والمجوهرات في شارع جمال وميدان التحرير وسط المدينة، وشارع هائل غرباً، بعد رفض مُلاكها دفع مبالغ كبيرة، لصالح حملة التبرع للاحتفال بالمولد النبوي.
المصادر قالت إن قيادات حوثية أقرت هذه المبالغ على مُلاك محلات الذهب والمجوهرات، بزعم أن أصحاب هذه المحلات لم يقدموا مساهمات حقيقية في رفد الجبهات، والتبرع لاحتفالات الميليشيات بالمولد النبوي في الأعوام الماضية.
وتطالب الميليشيات تجار الذهب بدفع مبالغ تصل إلى 200 ألف ريال عن كل محل (حوالي 350 دولاراً) مع تخفيض بنسبة 10 في المائة لكل تاجر يملك أكثر من محل.
ولم تقتصر إجراءات الميليشيات على إغلاق المحلات؛ إذ هددت مُلاكها وتجار الذهب عموماً بالسجن في حال عدم الاستجابة السريعة لحملة الجباية، في حين اضطر كثير من التجار إلى إغلاق محالهم، والتعامل مع زبائنهم من المنازل، بحكم تراجع حركة تجارة الذهب والمجوهرات، بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة التي تسببت فيها الميليشيات.


مقالات ذات صلة

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

المشرق العربي طالبات جامعة صنعاء في مواجهة قيود حوثية جديدة (غيتي)

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

بدأت الجماعة الحوثية إجراءات جديدة لتقييد الحريات الشخصية للطالبات الجامعيات والتضييق عليهن، بالتزامن مع دعوات حقوقية لحماية اليمنيات من العنف.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).