انقلابيو اليمن يملأون فراغهم الأمني في إب بمجندين جدد

مشاريع خطرة على الصحة وتأجيج للخلاف القبلي

قيادات حوثية تتفقد أراضي في إحدى مديريات محافظة إب (إعلام حوثي)
قيادات حوثية تتفقد أراضي في إحدى مديريات محافظة إب (إعلام حوثي)
TT

انقلابيو اليمن يملأون فراغهم الأمني في إب بمجندين جدد

قيادات حوثية تتفقد أراضي في إحدى مديريات محافظة إب (إعلام حوثي)
قيادات حوثية تتفقد أراضي في إحدى مديريات محافظة إب (إعلام حوثي)

تصاعدت الاضطرابات الأمنية في محافظة إب اليمنية بالتزامن مع تأجيج مشرفين حوثيين لخلافات قبلية بين الأهالي على خلفية نزاعات حول الأراضي، وتنفيذ مشاريع استثمارية تُلحق الضرر بالسكان، وذلك بعد أيام من نقل الجماعة أعداداً كبيرة من مقاتليها وعناصرها إلى محافظة الحديدة.

وحذرت مصادر محلية في محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) من ازدياد أعمال العنف والاضطرابات الأمنية بعد لجوء الجماعة الحوثية إلى تجنيد واستقطاب عناصر جديدة للعمل معها في أجهزة الأمن ونقاط التفتيش بدلاً عن العناصر التي انتقلت من المحافظة، إضافة إلى استعانتها بعصابات لنهب الأراضي وأعمال الجباية.

وكشفت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية عاودت نشر نقاط التفتيش التي كانت أزالتها خلال الأيام الماضية بسبب نقل أفرادها إلى محافظة الحديدة، بعد لجوئها إلى استقدام عناصر من خارج المحافظة، إلى جانب تجنيد آخرين من داخلها.

شبان من محافظة إب جنَّدهم الحوثيون خلال الأشهر الأخيرة (إعلام حوثي)

وكانت الجماعة الحوثية نقلت، منذ قرابة أسبوعين، الآلاف من عناصرها من محافظة إب ومحافظات أخرى إلى محافظة الحديدة (غرب) التي تشهد استنفاراً حوثياً وعروضاً عسكرية وحفراً للخنادق، وهو ما يشير إلى استعدادات لمواجهات عسكرية مرتقبة.

وبحسب المصادر، فإن العناصر الجديدة التي انتشرت في نقاط التفتيش في إب تستخدم في تعاملها مع السكان وسائل ترهيب وابتزاز وإجراءات تعسفية، يحتمل أن يكون وراءها توجيهات عليا بهدف إخضاع السكان الذين كانوا بدأوا يشعرون بتخفيف القيود عليهم لفترة قصيرة.

وتشهد محافظة إب فوضى أمنية متصاعدة منذ سيطرة الجماعة الحوثية عليها قبل 10 سنوات، ويعاني السكان من انتشار عصابات تمارس أعمال النهب والسطو المسلح والسيطرة على الممتلكات العامة والخاصة.

صناعة الاحتراب

تشهد مديرية الشعر التابعة لمحافظة إب توتراً بين عائلتين بسبب خلاف على شق طريق داخل أراضي إحداهما، وتحت حماية ورعاية من القياديين الحوثي حميد الرازحي المعيَّن من قِبل الجماعة نائباً لمدير أمن محافظة، وأشرف الصلاحي المعيَّن مديراً لمديرية الشعر.

تجمُّع لقيادات ومسلحين حوثيين في مديرية الشعر بمحافظة إب لإشعال خلافات السكان (إكس)

ووفق المصادر، فإن القياديين الحوثيين يوفران الحماية الأمنية لإحدى العائلتين، ويشجعانها على شق طريق في أراضي العائلة الأخرى التي ترفض استغلال أراضيها دون إذن منها، خصوصاً أن المنطقة تتوفر بها طرق أخرى معبَّدة وجاهزة، وليست بحاجة لطريق جديد، ولا يوجد مبرر لها سوى رغبة القيادات الحوثية في توسيع الخلافات بالمنطقة.

وكانت وساطات من شخصيات اجتماعية في المنطقة تمكنت من احتواء الخلافات خلال الأسابيع الماضية، وأقنعت الطرفين بالحلول السلمية وفق الأعراف المتعارف عليها، وبما لا يُلحق أضراراً بأي منهما.

إلا أنه، وبحسب المصادر، تمكنت القيادات الحوثية من التواصل مع أقارب إحدى العائلتين المغتربين في الولايات المتحدة، وأغرتهم بإمكانية حسم الخلافات لصالحهم مقابل تحويل مبالغ مالية كبيرة.

وأقدمت الجماعة الحوثية على اختطاف عدد من أبناء العائلة التي ترفض شق الطريق في أملاكها، واحتجازهم في عدد من سجونها، ضمن مخططاتها لتمكين العائلة الأخرى من شق الطريق، وفق المصادر.

قيادات حوثية تمارس الضغط على عائلة في إب لإجبارها على التنازل عن عقاراتها (إكس)

وأبدت المصادر قلقها من أن تتحول هذه الخلافات إلى مواجهات مسلحة، وما يتبع ذلك من إزهاق للأرواح، وإحلال لثقافة الثأر في المنطقة، منبهةً إلى أن حدوث المواجهات المحتملة سيعطي الجماعة الحوثية مبرراً للسيطرة على أملاك ومعدات الطرفين والتصرف بها، والزج بعدد من أفرادهما في السجون وزيادة ابتزازهما.

استثمارات مؤذية

في غضون ذلك، عبَّر أهالي مديرية السياني في محافظة إب عن رفضهم تنفيذ مشروع استثماري تابع لقيادات في الجماعة الحوثية من المتوقَّع أن يُلحق بهم أضراراً صحية، ونفذوا اعتصاماً مفتوحاً بالقرب من موقع المشروع.

وبدأت الجماعة تنفيذ مشروع كسارة في منطقة وادي نخلان بالمديرية السياني بالقرب من القرى والمناطق السكنية، في تجاهل تام لمخاوف الأهالي الذين عبَّروا عن استعدادهم لمنع تنفيذ المشروع بمختلف الطرق.

ولوَّح القيادي الحوثي يحيى القاسمي المعيَّن وكيلاً للمحافظة، باستخدام القوة ضد الأهالي الرافضين تنفيذ المشروع، مهدداً بمعاقبة كل من يحاول تنظيم تجمعات أو فعاليات لرفض المشروع.

وذكرت مصادر محلية في المنطقة لـ«الشرق الأوسط» أن القاسمي أبلغ عدداً من الشخصيات الاجتماعية في المنطقة بأن عليهم احتواء غضب الأهالي، وإقناعهم بعدم التفكير في أي محاولة لمنع المشروع، ووعدهم بأن تحصل المنطقة على كثير من المكاسب بسبب هذا المشروع بحسب زعمه.

تجمُّع لأهالي منطقة السياني في إب لرفض إنشاء مشروع استثماري يُلحق الضرر بصحتهم (إكس)

وأفادت المصادر بأن الجماعة استقدمت العشرات من مسلحيها إلى المنطقة، واستحدثت كثيراً من نقاط التفتيش، متوقعةً حدوث مواجهات مع الأهالي الرافضين للمشروع خوفاً على صحتهم.

وفي سياق الفوضى الأمنية، أصيب منذ أيام طفلان وسط مدينة إب بالرصاص خلال مواجهات بين عصابات مسلحة، بينما أصيب قيادي في شرطة الجماعة الحوثية وأحد مرافقيه خلال تدخلهما لفض الاشتباكات.

وبيَّنت مصادر محلية في المدينة أن الطفلين أصيبا خلال عودتهما إلى منزلهما من رحلة تسوُّق ليلية في طريق يشهد اشتباكات متواصلة بين العصابات التي تنتشر في مركز المحافظة، والتي لم تتمكن قوات أمن الجماعة الحوثية من ضبطها أو منعها من الاشتباكات رغم محاولاتها للتدخل.

ونُقل المصابون الأربعة إلى المستشفى، حيث تَبَيَّنَ أن إصابات أحد الطفلين والقيادي الحوثي بالغة الخطورة.

ويتهم السكان الجماعة الحوثية بتقديم التسهيلات للعصابات المسلحة، والاستعانة بها في قمع السكان ونهب ممتلكاتهم، بعد إقدامها على الإفراج عن عشرات السجناء المدانين والمتهمين بقضايا جنائية خطيرة، وتجنيدهم في صفوفها، أو تمكينهم من امتلاك السلاح والعودة إلى الممارسات غير القانونية.


مقالات ذات صلة

غارات تستهدف الحوثيين... وغروندبرغ يطالبهم بإطلاق الموظفين الأمميين

العالم العربي واشنطن تقود تحالفاً لإضعاف قدرات الحوثيين على مهاجمة السفن (الجيش الأميركي)

غارات تستهدف الحوثيين... وغروندبرغ يطالبهم بإطلاق الموظفين الأمميين

بينما جدد المبعوث الأممي هانس غروندبرغ مطالبته للحوثيين بإطلاق سراح الموظفين الأمميين فوراً، تواصلت، الثلاثاء، الضربات الغربية لليوم الرابع على مواقع الجماعة.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون متهمون بتصعيد انتهاكاتهم ضد اليمنيين (إ.ب.أ)

انقلابيو اليمن متهمون بارتكاب انتهاكات ضد أقارب المغتربين

صعّدت جماعة الحوثيين في اليمن من وتيرة انتهاكاتها بحق أقارب المغتربين لا سيما المنتمون منهم إلى محافظتي إب والضالع، وذلك ضمن استهداف الجماعة الممنهج للسكان.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)

الحوثيون يرفضون إطلاق قيادات من «المؤتمر الشعبي»

بالتزامن مع الكشف عن وسائل تعذيب موحشة يتعرض لها المعتقلون بسجون مخابرات الجماعة الحوثية أكدت مصادر حقوقية استمرار الجماعة في رفض إطلاق قيادات «المؤتمر الشعبي»

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي دخان كثيف إثر استهداف مدينة الحديدة بغارات إسرائيلية رداً على هجوم صاروخي حوثي (إكس)

سفينة تبلغ عن انفجارات في محيطها قبالة الحديدة باليمن

قالت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية إن سفينة على بعد 70 ميلاً بحرياً جنوب غربي الحديدة باليمن أبلغت عن عدة انفجارات في محيطها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي ممرضة في مدينة المخا تقيس محيط أعلى ذراع طفل للتحقق من تحسن حالته الصحية بعد تلقيه علاجاً لسوء التغذية (الأمم المتحدة)

سوء التغذية والشتاء يتربصان بأطفال اليمن والنازحين

يشهد اليمن زيادة في أعداد الأطفال المصابين بسوء التغذية الحاد الوخيم، في حين ينتظر النازحون، بسبب الحرب وتطرفات المناخ، شتاء قاسياً في ظل التردي الاقتصادي.

وضاح الجليل (عدن)

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
TT

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)

في بلدة عمشيت الساحلية الهادئة التي تبعد 45 دقيقة بالسيارة شمالي بيروت، استأنفت المدارس الحكومية أخيراً مهمتها التعليمية وسط عشرات الآلاف من النازحين الذين اتخذوا من بعض المدارس مأوى مؤقتاً.

وحسب «رويترز»، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه مع تصاعد الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» في سبتمبر (أيلول) لحق الدمار بمئات المدارس في لبنان أو اضطرت لغلق أبوابها بسبب الأضرار أو المخاوف الأمنية.

وقالت وزارة التربية والتعليم العالي اللبنانية إنه تم تحويل 505 مدارس من بين نحو 1250 مدرسة حكومية في لبنان إلى ملاجئ مؤقتة لبعض النازحين الذين يبلغ عددهم 840 ألف شخص.

وبدأت الوزارة، الشهر الماضي، إعادة فتح المدارس على مراحل، مما سمح بعودة 175 ألف طالب منهم 38 ألف نازح إلى بيئة تعليمية لا تزال بعيدةً عن وضعها الطبيعي.

وفي مدرسة عمشيت الثانوية الحكومية، التي تضم الآن 300 طالب مسجل ويُتوقع انضمام المزيد منهم مع استمرار وصول العائلات النازحة، تحولت المساحات المألوفة ذات يوم إلى مكان مخصص لاستيعاب الواقع الجديد.

وقال مدير المدرسة، أنطوان عبد الله زخيا، إنه قبل شهرين ونصف الشهر اختيرت المدرسة كملجأ.

واليوم، تتدلى الملابس المغسولة من نوافذ الفصول الدراسية، وتملأ السيارات ساحة اللعب التي كانت ذات يوم منطقةً صاخبة، والممرات التي كان يتردد فيها صوت ضحكات التلاميذ أصبحت الآن استراحةً للعائلات التي تبحث عن ملجأ.

وأعربت فادية يحفوفي، وهي نازحة تعيش مؤقتاً في المدرسة، عن امتنانها الممزوج بالشوق. وقالت: «بالطبع، نتمنى العودة إلى منازلنا. لا أحد يشعر بالراحة إلا في المنزل».

كما أعربت زينة شكر، وهي أم نازحة أخرى، عن قلقها على تعليم أطفالها.

وقالت: «كان هذا العام غير عادل. بعض الأطفال يدرسون بينما لا يدرس آخرون. إما أن يدرس الجميع، أو يجب تأجيل العام الدراسي».

التعليم لن يتوقف

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن الخطة المرحلية لاستئناف الدراسة ستشمل تسجيل 175 ألف طالب من بينهم 38 ألف طفل نازح في 350 مدرسة عامة غير مستخدمة كملاجئ. وقال وزير التربية والتعليم العالي، عباس الحلبي، لـ«رويترز»: «العملية التعليمية هي أحد مظاهر مقاومة العدوان الذي يواجهه لبنان». وأضاف الحلبي أن قرار استئناف العام الدراسي كان صعباً لأن العديد من الطلاب والمدرسين النازحين لم يكونوا مستعدين نفسياً للعودة إلى المدرسة. وفي مبنى مجاور في مدرسة عمشيت الثانوية الرسمية، يتأقلم المعلمون والطلاب مع أسبوع مضغوط مدته 3 أيام ويشمل كل يوم 7 حصص دراسية لزيادة وقت التعلم إلى أقصى حد.

ولا تزال نور قزحيا (16 عاماً)، وهي من سكان عمشيت، متفائلة. وقالت: «لبنان في حالة حرب، لكن التعليم لن يتوقف. سنواصل السعي لتحقيق أحلامنا». ويتأقلم المعلمون مع الظروف الصعبة. وقال باتريك صقر وهو مدرس فيزياء (38 عاماً): «الجميع مرهقون ذهنياً... في نهاية المطاف، هذه الحرب تطولنا جميعاً». وبالنسبة لأحمد علي الحاج حسن (17 عاماً) النازح من منطقة البقاع، يمثل الأسبوع الدراسي الذي يدوم 3 أيام تحدياً لكنه ليس عائقاً. وقال: «هذه هي الظروف. يمكننا أن ندرس رغم وجودها».