تراس تقود بريطانيا وسط ركود يلوح وأزمة طاقة تهدد ملايين الأسر والشركات

الملكة إليزابيث طلبت منها تشكيل حكومة جديدة... وجونسون أعلن دعمه لها بالكامل

ليز تراس تلقي خطابها في داونينغ ستريت ، أمس (أ.ب)
ليز تراس تلقي خطابها في داونينغ ستريت ، أمس (أ.ب)
TT

تراس تقود بريطانيا وسط ركود يلوح وأزمة طاقة تهدد ملايين الأسر والشركات

ليز تراس تلقي خطابها في داونينغ ستريت ، أمس (أ.ب)
ليز تراس تلقي خطابها في داونينغ ستريت ، أمس (أ.ب)

أصبحت ليز تراس، رسمياً، الرئيسة الجديدة للحكومة البريطانية، أمس الثلاثاء، خلال اجتماع مع الملكة إليزابيث الثانية، طلبت خلاله منها تشكيل حكومة جديدة، لتتولى مسؤولية إدارة دفة الأمور في البلاد، وسط ركود يلوح في الأفق، وأزمة طاقة تهدد الموارد المالية لملايين الأسر والشركات.
جرت المراسم الرمزية في قصر بالمورال النائي بالمرتفعات الاسكوتلندية، إذ اختارت الملكة (96 عاماً) عدم العودة إلى لندن لمشكلات صحية.
وقال قصر بكينغهام، في بيان، إن «الملكة استقبلت حضورياً النائبة الموقرة إليزابيث تراس، وطلبت منها تشكيل حكومة جديدة». أضاف البيان: «قبلت السيدة تراس طلب جلالتها، وقبلت يدها لدى تعيينها رئيسة للوزراء».
تعود المراسم الأخيرة لتسليم السلطة في بالمورال إلى عام 1885 في عهد الملكة فيكتوريا.
ويعد تسليم السلطة في بريطانيا عادة عملية سريعة. إذ يتوجه القادة الذين يغادرون مناصبهم والقادمون على حد سواء إلى قصر باكنغهام في وسط لندن.
وكانت تراس تغلبت على منافسها وزير المالية السابق ريشي سوناك، الاثنين، لتفوز بسباق قيادة حزب المحافظين، وتحل محل بوريس جونسون في رئاسة الحكومة البريطانية.

ونشر مسؤولون ملكيون صوراً تُظهر الملكة مع تراس، وهما تتصافحان خلال جلسة أضفت الطابع الرسمي على تعيين تراس، بعدما قدم جونسون في وقت سابق أمس استقالته منهياً فترة دامت ثلاث سنوات من الاضطرابات، وتاركاً لخليفته قائمة طويلة من المشكلات التي يتعين معالجتها سريعاً.
وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية، أنه من المقرر أن يتم الانتهاء من التعيينات قبل استضافتها أول اجتماع للحكومة الجديدة، وإجابتها على أسئلة النواب في البرلمان الأربعاء.
ويتوقع أن يتولى وزير الأعمال كواسي كوارتينغ، منصب وزير المالية، وهو من أصل غاني، وأن تسلم حقيبة الداخلية إلى المدعية العامة سويلا بريفرمان، وهي من أصل هندي، بينما سيتولى جيمس كليفرلي وزارة الخارجية ويعود أصله إلى سيراليون.
وفي حال تأكدت التعيينات، فسيعني الأمر أن أياً من هذه الوزارات الرئيسية لن تسلم إلى رجل أبيض لأول مرة في التاريخ.
وستقع الآن على عاتق تراس البالغة من العمر 47 عاماً، مسؤولية إدارة دفة الأمور في بريطانيا وسط ركود يلوح في الأفق، وأزمة طاقة تهدد الموارد المالية لملايين الأسر والشركات.
وتسببت خطتها لتعزيز الاقتصاد من خلال تخفيضات ضريبية، مع تخصيص عشرات المليارات من الجنيهات الإسترلينية للحد من تكاليف الطاقة، في انزعاج الأسواق المالية بشدة، مما دفع المستثمرين إلى التخلص من الجنيه الإسترليني والسندات الحكومية.
وتشير استطلاعات للرأي أجريت مؤخراً إلى أن قسماً كبيراً من البريطانيين لا يثقون بقدرتها على حل أزمة تكاليف المعيشة.
وكشف استطلاع جديد أعده معهد «يوغوف» أن 14 في المائة فقط يتوقعون أن يكون أداء تراس، الرابعة على رأس الحكومة من حزب المحافظين في ست سنوات، أفضل من جونسون.
وكشفت وسائل إعلام محلية، أمس، أن تراس تدرس تجميد فواتير الطاقة المنزلية في محاولة لتجنب أزمة غلاء المعيشة في فصل الشتاء لملايين الأسر، وأنها اقترحت خططاً لتثبيت قيمة فواتير الكهرباء والغاز الطبيعي السنوية للأسر البريطانية العادية عند المستوى الحالي، البالغ أقل من 1971 جنيهاً إسترلينياً (2300 دولار) سنوياً. ونُقل عن مسؤولين بريطانيين ومستشارين لتراس القول إنها ناقشت مع فريق مساعديها ومسؤولين حكوميين خلال الأيام الأخيرة وضع آلية تحول دون حدوث زيادات كبيرة في قيمة فواتير الكهرباء والغاز الطبيعي السنوية للأسر البريطانية اعتباراً من أول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، كما هو متوقع في ضوء نظام الأسعار الحالي.
وقد تصل تكلفة الخطة إلى حوالي 130 مليار جنيه إسترليني على مدى 18 شهراً.
يذكر أنه وفقاً لسقف الأسعار الذي أعلنه جهاز تنظيم قطاع الطاقة في بريطانيا (أوفغيم) الشهر الماضي، والمقرر بدء العمل به في الشهر المقبل، ستزيد قيمة فاتورة الطاقة بالنسبة للأسرة البريطانية بنحو 80 في المائة إلى حوالي 3548 جنيهاً إسترلينياً سنوياً، وهو ما يعني أن الكثير من الأسر البريطانية سيكون عليها المفاضلة بين تدفئة منازلها خلال الشتاء المقبل، أو شراء احتياجات أساسية أخرى.
وكانت تراس وعدت باتخاذ «إجراءات جريئة» للعبور بالبلاد إلى بر الأمان، من بينها خفض الضرائب، رغم التحذيرات من أن ذلك قد يؤدي إلى تفاقم معدل التضخم في بريطانيا الذي بلغ بالفعل 10.1 في المائة، وهو أعلى مستوى بين الاقتصادات الكبرى.
في وقت سابق أمس، تعهد جونسون، الذي تخللت ولايته لحظات مفصلية على رأسها «بريكست» و«كوفيد»، وانتهت قبل أوانها بسبب الفضائح، دعم خليفته ليز تراس في كلمة في «داونينغ ستريت» لآخر مرة بصفته رئيساً للوزراء.
وقال قبيل توجهه إلى بالمورال، «سأدعم ليز تراس والحكومة الجديدة في كل خطوة»، على وقع هتافات وتصفيق أنصاره. وحض حزبه المحافظ الحاكم على تنحية الخلافات داخل صفوفه للتعامل مع أزمة الطاقة.
وأضاف: «إذا كان بإمكان ديلين (كلبه) ولاري (هر داونينغ ستريت) تجاوز الصعوبات التي تطغى على العلاقة بينهما بين حين وآخر، فبإمكان الحزب المحافظ أيضاً القيام بذلك».
وما زال جونسون (58 عاماً) محبوباً في صفوف القاعدة الشعبية للمحافظين على اعتباره فائزاً في الانتخابات، ويتمتع بكاريزما عالية، وأخرج بلاده من الاتحاد الأوروبي.
وعلى الرغم من الاتهامات المتكررة بالفساد والمحسوبية خلال ولايته وفرض الشرطة عليه غرامة غير مسبوقة لخرقه قواعد الإغلاق التي وضعها بنفسه، يقال إنه ممتعض من اضطراره للاستقالة.
وتفيد توقعات بأنه سيستعد للعودة، خصوصاً إذا واجهت تراس صعوبات في تجاوز المشكلات العديدة التي تواجهها البلاد.


مقالات ذات صلة

شرطة لندن تقبض على «مسلّح» أمام قصر باكنغهام

العالم شرطة لندن تقبض على «مسلّح» أمام قصر باكنغهام

شرطة لندن تقبض على «مسلّح» أمام قصر باكنغهام

أعلنت شرطة لندن، الثلاثاء، توقيف رجل «يشتبه بأنه مسلّح» اقترب من سياج قصر باكينغهام وألقى أغراضا يعتقد أنها خراطيش سلاح ناري إلى داخل حديقة القصر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق شاشة لتوفير خصوصية خلال اللحظة الأهم في تتويج الملك تشارلز

شاشة لتوفير خصوصية خلال اللحظة الأهم في تتويج الملك تشارلز

قال قصر بكنغهام وصناع شاشة جديدة من المقرر استخدامها خلال مراسم تتويج الملك تشارلز الأسبوع المقبل إن الشاشة ستوفر «خصوصية مطلقة» للجزء الأكثر أهمية من المراسم، مما يضمن أن عيون العالم لن ترى الملك وهو يجري مسحه بزيت. فالشاشة ثلاثية الجوانب ستكون ساترا لتشارلز أثناء عملية المسح بالزيت المجلوب من القدس على يديه وصدره ورأسه قبل وقت قصير من تتويجه في كنيسة وستمنستر بلندن في السادس من مايو (أيار) المقبل. وقال قصر بكنغهام إن هذه اللحظة تاريخيا كان ينظر إليها على أنها «لحظة بين الملك والله» مع وجود حاجز لحماية قدسيته.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم استقالة رئيس هيئة «بي بي سي» على خلفية ترتيب قرض لجونسون

استقالة رئيس هيئة «بي بي سي» على خلفية ترتيب قرض لجونسون

قدّم رئيس هيئة «بي بي سي» ريتشارد شارب، أمس الجمعة، استقالته بعد تحقيق وجد أنه انتهك القواعد لعدم الإفصاح عن دوره في ترتيب قرض لرئيس الوزراء آنذاك بوريس جونسون. وقال شارب، «أشعر أن هذا الأمر قد يصرف التركيز عن العمل الجيد الذي تقدّمه المؤسسة إذا بقيت في المنصب حتى نهاية فترة ولايتي». تأتي استقالة شارب في وقت يتزايد التدقيق السياسي في أوضاع «بي بي سي».

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»: على البريطانيين القبول بصعوباتهم المالية

كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»: على البريطانيين القبول بصعوباتهم المالية

أكد كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»، اليوم (الثلاثاء)، أنه يتعين على البريطانيين القبول بتراجع قدرتهم الشرائية في مواجهة أزمة تكاليف المعيشة التاريخية من أجل عدم تغذية التضخم. وقال هيو بيل، في «بودكاست»، إنه مع أن التضخم نجم عن الصدمات خارج المملكة المتحدة من وباء «كوفيد19» والحرب في أوكرانيا، فإن «ما يعززه أيضاً جهود يبذلها البريطانيون للحفاظ على مستوى معيشتهم، فيما تزيد الشركات أسعارها ويطالب الموظفون بزيادات في الرواتب». ووفق بيل؛ فإنه «بطريقة ما في المملكة المتحدة، يجب أن يقبل الناس بأن وضعهم ساء، والكف عن محاولة الحفاظ على قدرتهم الشرائية الحقيقية».

«الشرق الأوسط» (لندن)
«التنمر» يطيح نائب رئيس الوزراء البريطاني

«التنمر» يطيح نائب رئيس الوزراء البريطاني

قدّم نائب رئيس الوزراء البريطاني، دومينيك راب، استقالته، أمس، بعدما خلص تحقيق مستقلّ إلى أنّه تنمّر على موظفين حكوميين. وفي نكسة جديدة لرئيس الوزراء ريشي سوناك، خلص تحقيق مستقلّ إلى أنّ راب، الذي يشغل منصب وزير العدل أيضاً، تصرّف بطريقة ترقى إلى المضايقة المعنوية خلال تولّيه مناصب وزارية سابقة. ورغم نفيه المستمر لهذه الاتهامات، كتب راب في رسالة الاستقالة الموجّهة إلى سوناك: «لقد طلبتُ هذا التحقيق، وتعهدتُ الاستقالة إذا ثبتت وقائع التنمّر أياً تكن»، مؤكّداً: «أعتقد أنه من المهم احترام كلمتي». وقبِل سوناك هذه الاستقالة، معرباً في رسالة وجهها إلى وزيره السابق عن «حزنه الشديد»، ومشيداً بسنوات خدمة

«الشرق الأوسط» (لندن)

لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
TT

لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)

اتفقت المملكة المتحدة وإيطاليا واليابان، اليوم الجمعة، على إنشاء شركة مشتركة لبناء طائرتها المقاتِلة الأسرع من الصوت، والمتوقع أن تجهز في عام 2035، في إطار برنامج يحمل اسم القتال الجوي العالمي «GCAP».

وأعلنت الشركات المصنّعة الثلاث المسؤولة عن تطوير الطائرة المقاتِلة، الجمعة، في بيان، أنها وقّعت على اتفاقية إنشاء الشركة التي تملك كلٌّ منها ثُلثها. والشركات هي: «بي إيه إي سيستمز (BAE Systems)» البريطانية، و«ليوناردو (Leonardo)» الإيطالية، و«جايك (JAIEC)» اليابانية، التي أنشأتها، على وجه الخصوص، شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة.

وأنشئت الشركة المشتركة، التي ستبدأ أنشطتها منتصف عام 2025، في إطار برنامج القتال الجوي العالمي الذي أُعلن في عام 2022 بالشراكة بين لندن وروما وطوكيو. وستحلّ الطائرة الضخمة ذات الذيل المزدوج على شكل حرف V محل طائرات «إف-2» (F-2) اليابانية ومقاتِلات يوروفايتر الإيطالية والبريطانية. ومن المتوقع أن يمتد عمرها الافتراضي إلى ما بعد عام 2070، وفقاً للبيان.

وفي حال احترام الجدول الزمني، الذي وضعه القائمون على المشروع، فإنها ستدخل الخدمة قبل خمس سنوات على الأقل من الطائرة التي يبنيها مشروع نظام القتال الجوي المستقبلي «SCAF» الذي تُنفذه فرنسا وألمانيا وإسبانيا.