هو أحد رواد المسرح السعودي على مستويات عدة؛ فهو أول من بادر إلى تأسيس صفحات أسبوعية ثم ملاحق ومواقع مختصة بهذا الفن الرفيع، وفي التأليف والتدريب والإخراج له أيادٍ بيضاء وبصمات لا تخطئها العين. من هنا لم يكن غريباً أن يكون أحد المكرّمين في أحدث دورات مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي. إنه الكاتب والمخرج السعودي فهد ردة الحارثي، الذي قوبل بعاصفة من التصفيق وهو يصعد إلى منصة التكريم في حفل افتتاح الدورة الـ29 من المهرجان التجريبي، متوجاً لمسيرة تمتد لنحو ثلاثين عاماً في عشق المسرح بالمملكة، قدم خلالها عشرات العروض، وشارك في الكثير من المهرجانات عربياً ودولياً.
في البداية، أكد الحارثي خلال حواره مع «الشرق الأوسط» ارتباطه الوثيق بهذا المهرجان، تحديداً منذ بداياته التي جاءت بمثابة حجر ألقي ليحرك المياه الراكدة، بحسب وصفه، مضيفاً أنه «منذ اللحظة الأولى ارتبطت أعماله بالتجريب حتى أن كلمة (التجريب) نفسها تعني له المسرح، أي السعي نحو تجاوز السائد والتطلع إلى أفق مختلف».
ويفسر الحارثي عاصفة التصفيق التي قوبل بها أثناء صعوده إلى منصة التكريم، قائلاً «الأمر ببساطة يكمن في محبة الناس والتي هي كنز حقيقي لا يماثله شيء».
وأشار إلى أن «له صداقات كثيرة مع أحبة كثر من المسرحيين العرب غمره كل منهم بفضله؛ فلهم باقات الشكر الجميل وبمثل هذه اللحظات الجميلة ينسى المسرحي هموماً ومشاق ومصاعب كثيرة صادفته في طريق حافلة بالأحلام التي لا تنتهي»، مضيفاً «أهدي التكريم لكل القلوب الطيبة التي غمرني فضلها ولكل أصدقائي في فرقة مسرح الطائف التي قدمت لي الكثير».
وحول رؤيته لمدى اهتمام الصحف السعودية بالمسرح حالياً باعتباره أول من أسس في المملكة صفحات وملاحق ومواقع إلكترونية متخصصة في المسرح، أوضح أن «الصحافة الورقية تعاني كثيراً، ولكنها تحاول قدر الإمكان التفاعل مع الفكر والثقافة والفن، أما الصحافة الإلكترونية فمادتها خبرية وسريعة وتحاول أن تواكب ذلك، بينما تظل منصات التواصل هي الأكثر فاعلية الآن».
ويتذكر الحارثي، أنه كان أول من أسس صفحة متخصصة في المسرح السعودي بصحيفة «البلاد» عام 1987، ثم انتقل بها إلى جريدة «المدينة» بملحق الأربعاء الأسبوعي، حيث حملت عنوان «أوراق مسرحية».
وعن دوره في تأسيس فرقة الطائف المسرحية، يتحدث فهد ردة الحارثي قائلاً «فرقة مسرح الطائف هي بيتي الذي ساهمت في تأسيسه مع نخبة من المسرحيين الرائعين منذ ورشة العمل المسرحي بالطائف. خضنا تجارب مهمة ومؤثرة وما زال صداها قائماً، حيث عرضنا في 33 مدينة عربية و120 مهرجاناً عربياً ودولياً، قدمنا التدريب والعروض والمهرجانات والفعاليات المختلفة، إنه تاريخ طويل يمتد عبر 30 عاماً من العطاء دون توقف».
ولأن الإخراج هو الجناح الآخر في تجربته المسرحية؛ يقول الكاتب السعودي «الإخراج تجربة مهمة بالنسبة لي، لكنني لم أذهب نحوها بعيداً أو أحفر في تربتها عميقاً؛ فقد استأثر الجانب الأكبر من اهتماماتي على التأليف والتدريب، حيث كانا أكثر عمقاً في مسيرتي»، ويلفت إلى أن هذا لا ينفي أن تجارب الإخراج كانت مهمة جداً بالنسبة له. وعندما يحدث تعارض بين المخرج والمؤلف بداخله، فإنه ينحاز فوراً إلى الكاتب، فهو مشروعه الأصلي ورهانه الدائم»، وفق تعبيره.
ويتوقع الحارثي انطلاقة كبرى للمسرح السعودي خلال الفترة المقبلة؛ نظراً للدعم الكبير الذي يحظى به من قيادة المملكة.
وعن الإسهام النسائي، في مجالات التأليف والإخراج والتمثيل في المسرح بالمملكة، يلفت الحارثي إلى أن هناك الكثير من التجارب الواعدة تنبئ عن مواهب واعدة ورؤى مختلفة، وكلما مر الوقت تظهر أصوات جديدة وتنضج أخرى. ويضيف «ليس عندي أدنى شك أن مستقبلاً جميلاً ورائعاً ينتظر حواء في المسرح، وسيكون لدينا الكثير من الكوادر النسائية المسرحية في مختلف قطاعات (أبو الفنون)».
ويختتم الحارثي حديثه بالإشارة إلى أحلامه المسرحية في السعودية، قائلاً «الأحلام لا تنتهي، بل تتجدد وتتصاعد، وسقف الطموح يرتفع يوماً بعد آخر، فنحن بالمملكة لدينا العوامل والأسباب كافة لتحقيق نهضة مسرحية شاملة، ولا شك لدي أن المستقبل يحمل للمسرح السعودي المكانة الرائعة التي يستحقها وسيبلغها يوماً ما على مستوى الإقليم والعالم».
فهد ردة الحارثي: أنحاز للتأليف على حساب الإخراج
تحدث لـ«الشرق الأوسط» عن توقعاته لمستقبل المسرح السعودي
فهد ردة الحارثي: أنحاز للتأليف على حساب الإخراج
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة