واصل التضخم في تركيا خط الصعود ليقفز إلى أعلى معدل في نحو ربع قرن، متجاوزاً 80 في المائة على أساس سنوي في أغسطس (آب)، بعدما قرر البنك المركزي، في خطوة مفاجئة، خفض سعر الفائدة بشكل غير متوقع من 14 إلى 13 في المائة.
وأعلن معهد الإحصاء التركي، في بيان الاثنين، أن أسعار المستهلكين ارتفعت على أساس شهري بنسبة 1.46 في المائة، بينما سجل معدل التضخم على أساس سنوي 80.21 في المائة بأغسطس.
وارتفع مؤشر أسعار المنتجين المحليين 2.41 في المائة على أساس شهري، بينما بلغ 143.75 في المائة على أساس سنوي. وتعد هذه هي أعلى قراءة منذ أغسطس 1998، عندما بلغ التضخم السنوي 81.4 في المائة، وكانت تركيا تكافح لإنهاء عقد من التضخم المرتفع المزمن.
وسجل قطاع النقل أعلى معدل سنوي للتضخم، إذ ارتفعت الأسعار بنسبة 1 في المائة على أساس سنوي، على الرغم من انخفاض الأسعار في القطاع بنسبة 1.78 في المائة على أساس شهري. وقفزت الأسعار في قطاع الأغذية والمشروبات غير الكحولية 90.25 في المائة.
ولم تؤثر بيانات التضخم على سعر صرف الليرة التركية، حيث جرى تداولها عند 18.22 ليرة للدولار، مقابل 18.20 ليرة للدولار عند إغلاق تعاملات الأسبوع يوم الجمعة الماضي.
وأدت التداعيات الاقتصادية للحرب الروسية في أوكرانيا إلى تفاقم التضخم هذا العام، فضلاً عن استمرار تراجع الليرة. وهبطت العملة 44 في المائة مقابل الدولار العام الماضي، وانخفضت بنحو 30 في المائة هذا العام.
وبدأت القفزات في التضخم منذ الخريف الماضي، عندما تواصل تراجع الليرة التركية بعد أن خفض البنك المركزي تدريجياً سعر الفائدة بمقدار 500 نقطة أساس إلى 14 في المائة، في دورة تيسير غير تقليدية طالب بها الرئيس رجب طيب إردوغان.
وصدم البنك المركزي الأسواق في أغسطس، بخفض جديد للفائدة بمقدار 100 نقطة أساس إلى 13 في المائة، على الرغم من التوقعات بعدم انخفاض التضخم في الأشهر القليلة المقبلة، فيما أرجعه إلى مؤشرات تباطؤ الاقتصاد.
واعتبرت الحكومة التركية أن التضخم سينخفض مع إعطاء الأولوية في برنامجها الاقتصادي لخفض سعر الفائدة، بهدف تعزيز الإنتاج والصادرات، من أجل تحقيق فائض في حساب المعاملات الجارية.
ودافع إردوغان، الأسبوع الماضي، عن النموذج الاقتصادي الذي يعطي الأولوية للصادرات والإنتاج والتوظيف على حساب استقرار الأسعار والعملة في مواجهة المقارنة بين النمو والتضخم قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي ستشهدها تركيا منتصف العام المقبل.
ويحارب إردوغان ضد أسعار الفائدة المرتفعة، ويعتمد على مرونة الأسر والشركات في التعامل مع التضخم. وتعهد بأن بلاده «ستخرج بأقل الخسائر من العاصفة الاقتصادية العالمية عبر اختيارها النموذج الاقتصادي القائم على الإنتاج والتوظيف»، وأن الشعب سيرى بشكل أفضل، بعد رأس السنة الجديدة، الانعكاسات الإيجابية للتدابير والسياسات الاقتصادية المتبعة حالياً على حياته اليومية، وستتراجع الأسعار.
وأدى الخفض المفاجئ للفائدة على خلاف التوقعات وتحذيرات وكالات التصنيف الدولية من السياسة النقدية «المتساهلة للغاية» في تركيا إلى وصول مؤشر الفائدة القياسي في تركيا إلى ما يقرب (سالب 67 في المائة) عند تعديله، وفقاً للتضخم، وهو أكثر معدلات الفائدة السلبية بالعالم.
وتوقعت تقديرات حكومية أن يتراجع معدل التضخم السنوي إلى 65 في المائة بحلول نهاية العام، قبل أن ينخفض بشكل حاد إلى 24.9 في المائة بنهاية عام 2023، الذي سيشهد في منتصفه انتخابات برلمانية ورئاسية حاسمة.
وبحسب بيانات حكومية، نشرت الأحد، يتوقع أن يرتفع عجز حساب المعاملات الجارية إلى 47.3 مليار دولار هذا العام، مقابل 14.9 مليار دولار العام الماضي، قبل أن يتقلص إلى 22 ملياراً في 2023.
وتوقع محللون أن ارتفاع سعر صرف الدولار سيزيد من التكاليف مرة أخرى. وقال المحلل المالي، إسلام مميش، إن هذا سيزيد التكاليف مرة أخرى، وإن الحكومة تهدف إلى خفض التضخم قبل انتخابات يونيو (حزيران) 2023، «لكن هذا لن يكون سهلاً». وعن نوع السياسة النقدية التي سيتبعها البنك المركزي في ضوء بيانات التضخم الجديدة، قال مميش: «الصندوق لا يزال مغلقاً... أتمنى أن نتمكن من توقع سياسات مصرفنا المركزي كما يمكننا توقع توجهات البنوك المركزية الأخرى».
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي إيمره ألكين إن أرقام التضخم المعلنة في أغسطس، جاءت أقل من المتوقع، مشيراً إلى أن معدل التضخم في إسطنبول يفوق 100 في المائة. واستبعد هبوط التضخم إلى 65 في المائة في نهاية العام، بحسب توقعات الحكومة.
التضخم التركي يتخطى 80 % بعد خفض الفائدة
خبراء استبعدوا تراجعه إلى المعدل المتوقع بنهاية العام
التضخم التركي يتخطى 80 % بعد خفض الفائدة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة