أكثر من 124 حالة انتحار في سوريا منذ بداية العام

هجرة أطباء... ومستشفيات تستقبل الحالات العقلية الشديدة فقط

«مستشفى ابن خلدون» للأمراض العقلية والنفسية في حلب (فيسبوك)
«مستشفى ابن خلدون» للأمراض العقلية والنفسية في حلب (فيسبوك)
TT

أكثر من 124 حالة انتحار في سوريا منذ بداية العام

«مستشفى ابن خلدون» للأمراض العقلية والنفسية في حلب (فيسبوك)
«مستشفى ابن خلدون» للأمراض العقلية والنفسية في حلب (فيسبوك)

مرّ نبأ انتحار رجل في العقد الرابع من العمر قيل إنه ألقى بنفسه من الطابق الرابع في منور بناء يقع في شارع الحمرا في وسط دمشق التجاري، الأحد، كغيره من أخبار الحوادث، بينما حامت بعض الشكوك حول نبأ انتحار مدير بلدية مدينة جبلة على الساحل السوري الذي وجد صباحاً مقتولاً في مكتبه بطلق ناري في الفم.
أخبار الانتحار في سوريا بوصفها ظاهرة مستجدة في المجتمع السوري أفرزتها تداعيات الحرب باتت عادية مثل أي خبر وفاة آخر، والاهتمام بها يأتي من صفة الشخص المنتحر وعمله.
وقد ازدادت في السنوات الأخيرة، حالات الانتحار على نحو لافت. وبلغ عدد حالات الانتحار المسجلة في مناطق سيطرة النظام مع الحالتين المذكورتين منذ بداية العام حتى نهاية يونيو (حزيران) الماضي، 93 حالة؛ منهم 69 من الذكور و24 من الإناث، وتستحوذ محافظة حلب على العدد الأكبر منها، حيث بلغت فيها 25 حالة؛ تليها محافظة ريف دمشق بـ19 حالة، وطرطوس بـ12 حالة؛ حسب ما أفادت به تقارير إعلامية محلية نقلاً عن مدير عام «الهيئة العامة للطب الشرعي» الدكتور زاهر حجو.
يذكر، أن عام 2020 كان الأعلى في عدد حالات الانتحار المسجلة التي بلغت 197 حالة، في حين بلغت عام 2019 نحو 124 حالة، والعام الماضي 166 حالة انتحار. أما في مناطق سيطرة المعارضة؛ فقد سجلت منذ مطلع العام الحالي 31 حالة انتحار؛ منها 11 طفلاً، و11 من الإناث، و9 من الذكور. ومعظم الحالات من اليافعين والنساء.
وتعد الأمراض النفسية، كاضطرابات المزاج والاكتئاب والاضطراب ثنائي القطب والهوس، وكذلك حالات الإدمان على المهلوسات والمخدرات، من أبرز دوافع الانتحار. وخلال سنوات الحرب، ازداد انتشار تلك الأمراض في أوساط السوريين جراء الرعب الشديد والحزن وافتقاد الشعور بالأمان، والتفكك الأسري، وغياب الدعم الاجتماعي، بالإضافة إلى صعوبات العيش وتأمين أبسط المستلزمات الحياتية، وتشير تقارير غربية إلى أن سوريا تحتل المرتبة ما قبل الأخيرة (رقم 162 من أصل 163) على «مؤشر السلام العالمي».
تنمو تلك الظاهرة، في الوقت الذي يتراجع فيه العلاج النفسي بسبب ندرة الأطباء والمعالجين المختصين، نتيجة الحرب والهجرة. فهناك فقط 70 طبيباً نفسياً يعملون ضمن العيادات، والمشفيان الوحيدان في سوريا، «مشفى ابن سينا» في دمشق ويغطي 7 محافظات، و«مشفى ابن خلدون» في حلب ويغطي المنطقة الشمالية، بالإضافة إلى شعبة فرعية في «مشفى المواساة» و«شعبة ابن رشد» في دمشق. أما المشفى النفسي الخاص الوحيد الذي كان في سوريا بريف دمشق، فقد خرج من الخدمة منذ اندلاع التوتر عام 2011. علماً بأن المشفيين النفسيين يستقبلان الحالات العقلية الشديدة فقط، وتقدر أعدادها في دمشق بما بين 20 و30 حالة يومية، وفق أرقام رسمية تفيد بوجود نقص حاد في الكوادر الطبية المختصة في التعامل مع تلك الحالات.
وفي ظل الوضع الاقتصادي المتدهور، بات تلقي العلاج النفسي في العيادات باهظ التكاليف؛ فالزيارة الواحدة إلى العيادة تكلفتها نحو 50 ألف ليرة، كما أن الأدوية الفعالة نادرة، وإن وُجدت فهي غالية الثمن.


مقالات ذات صلة

إنقاذ 150 شاباً أميركياً من الانتحار بفضل برنامج يراقب مواقع التواصل

يوميات الشرق الانتحار يعد سبباً رئيسياً للوفاة بين الشباب في الولايات المتحدة (جامعة إسيكس)

إنقاذ 150 شاباً أميركياً من الانتحار بفضل برنامج يراقب مواقع التواصل

استطاع برنامج مقره ولاية أوريغون الأميركية، يراقب استخدامات وسائل التواصل الاجتماعي، إنقاذ الشباب من أكثر من 150 محاولة انتحار خلال السنوات الخمس الماضية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية جندي يجلس في القدس يوم الأحد إلى جوار مقبرة زميل له قُتل في غزة (رويترز)

تعتيم إسرائيلي على عدد المنتحرين بصفوف الجيش

يحاول الجيش الإسرائيلي فرض سياسة تعتيم على حوادث الانتحار في صفوف جنوده وضباطه، في الوقت الذي كشفت فيه صحيفة «هآرتس» أن 10 جنود، على الأقل، انتحروا في الساعات…

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
يوميات الشرق الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في النوم هم أكثر عرضة للأفكار الانتحارية (أ.ف.ب)

اضطرابات النوم قد تدفعك للانتحار

حذَّر خبير أميركي من أن الأشخاص الذين يعانون من مشكلات مزمنة في النوم هم أكثر عرضة للأفكار الانتحارية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
رياضة عالمية سابالينكا وصديقها الراحل كولتسوف (غيتي)

انتحار صديق نجمة التنس أرينا سابالينكا

قالت شرطة ميامي إن اللاعب السابق للهوكي على الجليد البيلاروسي كونستانتين كولتسوف... انتحر على ما يبدو.

«الشرق الأوسط» (ميامي)
صحتك متلازمة تكيس المبايض هي حالة صحية شائعة يمكن أن تسبب عدم انتظام الدورة الشهرية والسمنة (رويترز)

دراسة: تكيس المبايض قد يدفع النساء للانتحار

كشفت دراسة جديدة عن أن النساء المصابات بمتلازمة تكيس المبايض قد يكنّ أكثر تفكيراً في الانتحار.

«الشرق الأوسط» (تايبيه)

المجاعة تهدد أطفال غزة وأمهات يبحثن عن الحليب

توفي منذ اندلاع الحرب في غزة 32 شخصاً بسبب سوء التغذية (أ.ف.ب)
توفي منذ اندلاع الحرب في غزة 32 شخصاً بسبب سوء التغذية (أ.ف.ب)
TT

المجاعة تهدد أطفال غزة وأمهات يبحثن عن الحليب

توفي منذ اندلاع الحرب في غزة 32 شخصاً بسبب سوء التغذية (أ.ف.ب)
توفي منذ اندلاع الحرب في غزة 32 شخصاً بسبب سوء التغذية (أ.ف.ب)

تبحث أميرة الطويل في صيدليات قطاع غزة عن حليب لإطعام طفلها يوسف، الذي يحتاج إلى علاج وغذاء، لكن كل محاولاتها لتأمينه باءت بالفشل. يستلقي يوسف بجسده النحيل على السرير في مستشفى الأقصى في دير البلح وقد ربطت رجله بحقن وريدية.

تقول الطويل لوكالة الصحافة الفرنسية: «يوسف يحتاج إلى علاج وغذاء جيد، الحليب غير متوفر نهائياً». وتضيف الأم: «أُطعمه حالياً بعض القمح، لكن لا حليب. هذا ما يجعله يعاني من الانتفاخ، طلبوا مني أن أجري له فحصاً لحساسية القمح».

توفي منذ اندلاع الحرب في غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 32 شخصاً بسبب سوء التغذية.

وقالت «منظمة الصحة العالمية»، السبت، إن أكثر من 4 من أصل 5 أطفال أمضوا يوماً كاملاً من دون تناول الطعام مرة واحدة على الأقل خلال 3 أيام.

وقالت المتحدثة باسم «منظمة الصحة العالمية» مارغريت هاريس، في بيان، إن «الأطفال يتضورون جوعاً».

وبحسب منظمات الإغاثة، فإن ارتفاع معدلات سوء التغذية بين أطفال غزة دون الخامسة سببه عدم وصول المساعدات الإنسانية التي تدخل إلى غزة إلى من يحتاجون إليها.

إغلاق المعابر

بدأت الحرب في قطاع غزة مع شنّ «حماس» هجوماً غير مسبوق على الأراضي الإسرائيلية في 7 أكتوبر تسبّب بمقتل 1189 شخصاً، معظمهم مدنيون.

وردّت إسرائيل متوعدة بـ«القضاء» على «حماس»، وهي تشنّ منذ ذلك الحين حملة قصف مدمر على قطاع غزة، تترافق مع عمليات برية، ما تسبب بسقوط 36439 قتيلاً، معظمهم مدنيون، وفق وزارة الصحة التابعة لـ«حماس».

بعد فحص أجراه مكتب «الأمم المتحدة» لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) لأكثر من 93400 طفل دون الخامسة في غزة للتأكد من سوء التغذية، خلصت النتائج إلى أن 7280 منهم يعانون سوء تغذية حاداً.

وينتشر سوء التغذية في شمال قطاع غزة بشكل خاص حيث لم يتلقَّ من بقوا هناك من السكان سوى قليل من المساعدات في الأشهر الأولى من الحرب.

في الأسابيع الأخيرة تم تحويل جزء كبير من المساعدات الغذائية عبر المعابر، وذلك بعد تحذيرات من مجاعة وشيكة.

أما الطفل سيف فقد بدا منهكاً للغاية وبالكاد يستطيع التنفس.

وتقول والدته نهى الخالدي: «طوال الليل وهو يتألم ويعاني المغص والانتفاخ، تم تأجيل العملية التي كانت مقررة له، وهذا يمكن أن يسبب له انفجاراً في الأمعاء».

وتضيف الأم: «نعتمد على ما يأتي من مساعدات لإعطاء الأولاد، وهذا يؤثر كثيراً على صحتهم لأنهم اعتادوا على حليب يتناسب مع أجسادهم».

لكنها تتدارك وهي تحاول حبس دموعها «لا يتوفر أي نوع حليب في الأسواق».

ويؤكد طبيب الأطفال في مستشفى الأقصى، حازم مصطفى، أن إغلاق إسرائيل للمعابر أدى إلى تفاقم الوضع.

ويعدّ معبر رفح المنفذ الرئيسي لدخول المساعدات إلى قطاع غزة من مصر، قبل أن تقوم إسرائيل في 7 مايو (أيار) المنصرم بعملية برية وتسيطر على المعبر الحدودي.

ومنذ ذلك الوقت، لم تسمح إسرائيل بدخول أي مساعدات إلى قطاع غزة، كما لم يتمكن أي من الجرحى والمرضى من الخروج للعلاج.

ويقول الطبيب مصطفى، وخلفه على شاشة الحاسوب صورة أشعة لقفص صدري لأحد المرضى، إن الأخير يعاني «ضعفاً شديداً في جسمه وسوء نمو بسبب منع الاحتلال دخول الأغذية، وخصوصاً الحليب للأطفال».

ويطالب بـ«إدخال كميات وافرة من الحليب حتى تتمكن الأمهات من إعطاء أطفالهن الغذاء المناسب ليكونوا بصحة جيدة».