تعتيم إسرائيلي على عدد المنتحرين بصفوف الجيش

10 جنود على الأقل قتلوا أنفسهم في الساعات الأولى من «طوفان الأقصى»

جندي يجلس في القدس يوم الأحد إلى جوار مقبرة زميل له قُتل في غزة (رويترز)
جندي يجلس في القدس يوم الأحد إلى جوار مقبرة زميل له قُتل في غزة (رويترز)
TT

تعتيم إسرائيلي على عدد المنتحرين بصفوف الجيش

جندي يجلس في القدس يوم الأحد إلى جوار مقبرة زميل له قُتل في غزة (رويترز)
جندي يجلس في القدس يوم الأحد إلى جوار مقبرة زميل له قُتل في غزة (رويترز)

يحاول الجيش الإسرائيلي فرض سياسة تعتيم على حوادث الانتحار في صفوف جنوده وضباطه، في الوقت الذي كشفت فيه صحيفة «هآرتس» أن 10 جنود، على الأقل، انتحروا في الساعات الأولى من هجوم حركة «حماس» على البلدات والمعسكرات الإسرائيلية في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وسمته «طوفان الأقصى»، والحرب على غزة التي تلته.

وأشارت الصحيفة في تقرير نشرته، الأحد، إلى أن «الجيش يتستر على مقتل 17 جندياً بعضهم انتحروا، لكنه وضعهم في إطار (مصابي الحوادث)». وقالت إن هذه المعطيات لا تشمل جنود الاحتياط الذين انتحروا بعد تسريحهم من الخدمة.

وقالت الصحيفة إنه بعد أن «قدمت طلباً للحصول على معطيات بهذا الخصوص بموجب قانون حرية المعلومات، تبين أنه منذ عام 1973 انتحر 1227 جندياً، لكن الجيش يدعي أنه لا توجد بحوزته معلومات عن سنوات سابقة». إلا أن الصحيفة نقلت عن مصادر مختلفة قولها إن «عدد الجنود الذين انتحروا أكثر»؛ لأنه «طوال سنين جرى الحفاظ على سرية حالات موت كثيرين، ووصفها بأنها حوادث أسلحة، وليس انتحاراً، وأحياناً جرى ذلك بطلب صريح من عائلاتهم».

ظاهرة جديدة

وأكد خبراء في الطب العسكري النفسي أنه خلال الحرب على غزة تكشفت ظاهرة جديدة غير مسبوقة، وهي أن «الجنود والضباط ينتحرون خلال الحرب»، بينما جرت العادة أن تجري عمليات الانتحار بعد أن ينتهي القتال، حيث ترافقهم صور القتل والدمار الجنود في حياتهم المدنية، وتتحول إلى كوابيس مرعبة.

وقال رئيس «مركز أبحاث الانتحار والألم النفسي» في المركز الأكاديمي «روبين»، بروفيسور يوسي تيفي – بلز، إن «هذا الأمر كان مفاجئاً جداً؛ فنحن لسنا معتادين على وقوع حالات انتحار خلال القتال. وحالات كهذه كانت تحدث غالباً بعد انتهاء المعارك، وبين أشخاص يعانون من حالة ما بعد الصدمة بالأساس، ويستمرون بالاستيقاظ كل صباح على مشاهد ونغمات وشعور بالذنب. وهذه الحالات النادرة من شأنها أن تدل على شدة الفظائع التي حدثت في (غلاف غزة) في تلك الساعات، وعلى تأثيرها في الوضع النفسي لأولئك الذين اطلعوا عليها»، وفق ما نقلت عنه الصحيفة.

جنديات إسرائيليات يبكين يوم الأحد في تل أبيب زميلاً لهم قُتل في معارك غزة (رويترز)

وأشارت الصحيفة إلى أن «أحد الذين انتحروا هو ضابط في الخدمة الدائمة، عُثر عليه في سيارته بعد أن أطلق النار على نفسه، بعد أسبوعين من هجوم (طوفان الأقصى)». وهناك أيضاً «ضابط برتبة رائد، وآخر برتبة مقدم، وضابط رابع هو طبيب في قوات الاحتياط، انتحر في نوفمبر (تشرين الثاني)، لأنه لم يعد يحتمل المشاهد التي رآها، وحتى رائحة الأجساد المحروقة ظلت ترافقه».

ووفق الجيش الإسرائيلي، فإنه «لم يجرِ التوصل إلى وجود قاسم مشترك بين حالات الانتحار هذه، وبين ما حدث في 7 أكتوبر»، إلا أن أقارب وجنوداً زملاء للمنتحرين أفادوا بأن قسماً من الجنود القتلى «عانوا من ضائقة نفسية تسببت بها الفظائع التي واجهوها في غلاف غزة».

جنود شبان

وأفادت «هآرتس» في تقريرها، بأن المعطيات التي حصلت عليها من الجيش الإسرائيلي تشير إلى أن «10 جنود انتحروا، لكن الجيش يرفض الإفصاح عن تفاصيل أخرى». ونقلت عن خبراء ضالعين في الموضوع قولهم إن «معظم حالات الانتحار في الجيش هي في صفوف جنود شبان، لكن هناك تأثيرات غير مألوفة لـ7 أكتوبر»، وفجأة تعين على الجيش التعامل مع ميول للانتحار في أوساط جنود وضباط في الخدمة العسكرية الدائمة، وفي الاحتياط في الثلاثينات والأربعينات من أعمارهم».

وبينما تشير معطيات الجيش الإسرائيلي إلى انتحار 10 جنود وضباط منذ بداية الحرب وحتى 11 مايو (أيار) الحالي، فإن «الجيش يرفض ذكر أي أسماء نُشرت، بما في ذلك تفاصيلهم، وأي أسماء محفوظة حتى الآن في سجلات الجيش فقط؛ وذلك بسبب سياسة الجيش المتذبذبة».

عشرات الجنود الإسرائيليين يشاركون الأحد في مراسم تشييع جندي قُتل في غزة (أ.ب)

ولفت التقرير إلى أن الجيش الإسرائيلي برر سياسته في البداية بوجود «ضرورات ميدانية لا تسمح بالتحقيق في كل حالة تبين فيها أن الجندي انتحر». وقال مصدر عسكري: «اعتقدنا أن الإعلان عن ذلك من شأنه المسّ بمعنويات الجمهور؛ لأن نشر أسماء الجنود القتلى يسبب ألماً كبيراً لدى الجمهور، واعتقدنا أنه لا حاجة إلى إثارة أمر كهذا بسبب حالات لم يمت فيها جنود في معركة أو بسبب حادثة عملياتية».

وأفادت الصحيفة بأن قائمة الجنود الذين انتحروا لا تشمل جنوداً سُرّحوا من الخدمة العسكرية، وانتحروا متأثرين من القتال، وبينهم رجل في الثلاثينات من عمره، وكان قد عاد من الخدمة في قوات الاحتياط في قطاع غزة، وأشارت إفادات إلى أنه كانت لديه أعراض ما بعد الصدمة، وانتحر داخل سيارته، الشهر الماضي، في بلدة غان يبنة.

جنود إسرائيليون يشيعون الأحد في تل أبيب زميلاً لهم قُتل خلال المعارك في غزة (أ.ب)

وقال ليفي - بلز إن «استدعاء قوات الاحتياط كان واسعاً جداً، وليس مستبعداً أنه كان هناك جنود واجهوا أفكاراً سوداوية قبل 7 أكتوبر، واطلعوا على مشاهد صعبة شكلت دافعاً للانتحار، وهذه المشاهد كانت عملياً بالنسبة لهم القشة التي قصمت ظهر البعير».

وتفيد المعطيات الرسمية للجيش الإسرائيلي بمقتل 620 جندياً وضابطاً منذ بداية الحرب على غزة، لكن عدد القتلى في سجلات الجيش هو 637، وبين الـ17 قتيلاً (عدد الفارق بين الإحصاءين) من قُتلوا في حوادث طرق، وآخرون أقدموا على الانتحار، ولم يُعلَن عن مقتلهم.

ولفتت الصحيفة العبرية إلى أن الجيش الإسرائيلي «رفض طوال السنين الماضية الكشف عن معطيات حول عدد الجنود الذين انتحروا، واستمر في التعتيم على هذا الموضوع».


مقالات ذات صلة

«حزب الله» يعلن استهداف الفيلق الشمالي الإسرائيلي بصواريخ

المشرق العربي دخان يتصاعد من شمال إسرائيل نتيجة قذيفة أطلقت من لبنان (إ.ب.أ)

«حزب الله» يعلن استهداف الفيلق الشمالي الإسرائيلي بصواريخ

أعلن «حزب الله» اللبناني  اليوم (السبت) استهداف المقر الاحتياطي للفيلق الشمالي الإسرائيلي في عميعاد بعشرات الصواريخ.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم طالبة مؤيدة لإسرائيل تحمل لافتة في حين يقف طلاب مؤيدون للفلسطينيين على الجانب الآخر من الحاجز في جامعة برنارد بنيويورك 3 سبتمبر 2024 (أ.ب)

الطلاب اليهود يتخوفون من الاحتجاجات ضد إسرائيل مع بدء العام الدراسي

يتأهب الطلاب اليهود لتجدد المظاهرات المناهضة لإسرائيل في الجامعات حول العالم مع بدء العام الدراسي الجديد.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية أشخاص يتفقدون الأضرار في مكان انفجار سيارة بمدينة الرملة وسط إسرائيل (أ.ف.ب)

الشرطة الإسرائيلية توقف فتى على خلفية انفجار سيارة في الرملة

أعلنت الشرطة الإسرائيلية، اليوم (الجمعة)، أنها أوقفت فتى في السابعة عشرة من عمره على خلفية انفجار سيارة في مدينة الرملة، أمس (الخميس).

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي جندي إسرائيلي يقود ناقلة جنود مدرعة في مدينة رفح بجنوب غزة (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يلقي القبض على شخصين أثناء محاولتهما العبور إلى غزة

أعلن الجيش الإسرائيلي، الجمعة، أن قواته ألقت القبض على شخصين حاولا العبور إلى قطاع غزة، ولم يتضح الدافع وراء ذلك.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتحدث خلال مؤتمر صحافي لوسائل الإعلام الدولية في المكتب الصحافي الحكومي في القدس... 4 سبتمبر 2024 (رويترز)

استطلاع جديد للرأي في إسرائيل يظهر تعافي شعبية حزب نتنياهو

أظهر استطلاع للرأي أن حزب الليكود اليميني بزعامة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيكون أكبر حزب منفرد في البرلمان إذا أجريت انتخابات الآن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

هجوم مصياف استهدف منشأة إيرانية

موقع الغارة الإسرائيلية على مصياف مشتعلاً (شبكة أخبار مصياف)
موقع الغارة الإسرائيلية على مصياف مشتعلاً (شبكة أخبار مصياف)
TT

هجوم مصياف استهدف منشأة إيرانية

موقع الغارة الإسرائيلية على مصياف مشتعلاً (شبكة أخبار مصياف)
موقع الغارة الإسرائيلية على مصياف مشتعلاً (شبكة أخبار مصياف)

مع تسرّب معلومات جديدة أمس، عن الضربة الإسرائيلية التي استهدفت ما يُزعم أنها منشأة صواريخ إيرانية بمدينة مصياف السورية، سعت طهران إلى التقليل من شأن ما حصل ليلة 9 سبتمبر (أيلول) الحالي، نافية تقارير أشارت إلى أن مستشاريها العسكريين كانوا هدف الهجوم الذي تضمن، كما يبدو، إنزالاً لقوة «كوماندوز» في ريف حماة الغربي.

وأكدت سفارة إيران في دمشق أن «الاعتداء (الإسرائيلي) لم يستهدف أيّاً من المستشارين الإيرانيين»، نافياً تقارير عن مقتل أو أسر عدد منهم.

وجاء البيان الإيراني بعد أيام من الضربة الإسرائيلية على مركز البحوث العلمية وعدة مواقع عسكرية في مصياف ما أسفر عن مقتل 18 شخصاً وإصابة نحو 37 آخرين، بحسب وكالة «سانا» السورية الرسمية.

من جهته، ذكر موقع «أكسيوس» إن «إسرائيل أطلعت إدارة بايدن على تفاصيل العملية العسكرية في مصياف بسوريا، وهي لم تعارض توجيه مثل هذه الضربة». وأشار إلى أن «إيران شيدت منشأة إنتاج الصواريخ تحت الأرض في مصياف بسوريا عام 2018، كي تكون منيعة ضد ضربات إسرائيل».

وأورد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» (مقره بريطانيا) معلومات تكشف أن الإنزال الإسرائيلي كان «دقيقاً للغاية ومركباً»، وتم فيه استهداف مصنع لتصنيع وتطوير الصواريخ أنشأه «الحرس الثوري» الإيراني.