القاهرة تتأهب لمواجهة حملة انتقادات دولية عقب الحكم بإعدام مرسي وقيادات «الإخوان»

محامي الجماعة: نعتزم الطعن على الأحكام > البيت الأبيض أبدى انزعاجه من قرار المحكمة.. وإردوغان: الحكم مجزرة ضد الحريات

الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي يحتج من داخل قفص الاتهام بعد أن صدر أمس حكم بإعدامه (إ.ب.أ)
الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي يحتج من داخل قفص الاتهام بعد أن صدر أمس حكم بإعدامه (إ.ب.أ)
TT

القاهرة تتأهب لمواجهة حملة انتقادات دولية عقب الحكم بإعدام مرسي وقيادات «الإخوان»

الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي يحتج من داخل قفص الاتهام بعد أن صدر أمس حكم بإعدامه (إ.ب.أ)
الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي يحتج من داخل قفص الاتهام بعد أن صدر أمس حكم بإعدامه (إ.ب.أ)

أصدرت محكمة مصرية أمس حكمًا بإعدام 115 متهمًا من قيادات وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين، وعلى رأسهم الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي، والمرشد العام للجماعة محمد بديع، ونائبه خيرت الشاطر، والداعية يوسف القرضاوي، وذلك بعد إدانتهم في قضيتي اقتحام السجون خلال ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011، والتخابر مع جهات أجنبية لتنفيذ عمليات إرهابية بمصر، كما شملت الأحكام السجن المؤبد والحبس لنحو 60 آخرين. في وقت يتوقع فيه خبراء أن تتعرض سلطات القاهرة لحملة انتقادات دولية متوقعة عقب الحكم بإعدام مرسي وقيادات الإخوان.
وشهدت مصر أمس حالة من الاستنفار بين قطاعات وزارة الداخلية، حيث تم تعزيز الميادين والمحاور الرئيسية بمختلف المحافظات، تحسبا لأي ردة فعل.
وكانت عدة دول غربية ومنظمات دولية قد وجهت انتقادات لاذعة لمصر إزاء أحكام الإعدام المتوالية بحق قيادات وأنصار جماعة الإخوان، منذ عزل مرسي في يوليو (تموز) 2013. لكن المتحدث باسم وزارة الخارجية السفير بدر عبد العاطي قال لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «الوزارة ستواصل الرد على تلك الانتقادات التي تنبع من اتهامات باطلة، وغير المدركة لطبيعة النظام القضائي في مصر، عبر توضيح حقيقة التهم الموجهة إلى المدانين، وكذلك مراحل التقاضي المختلفة التي تضمن الالتزام بمعايير حقوق الإنسان المعترف بها في العالم»، مضيفا أن «القضاء المصري قضاء مستقل لا يخضع لأي ضغوط، كما أن مصر ترفض التدخل في شؤونها الداخلية».
وعقب صدور الأحكام توالت ردود الفعل المتباينة داخل مصر وخارجها، ففي أنقرة ندد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بشدة بتثبيت القضاء المصري عقوبة الإعدام بحق مرسي، ووصف الحكم بأنه «مجزرة ضد الحقوق الأساسية والحريات.. ومذبحة للقانون».
وقال إردوغان في بيان، إنه «من الضروري من أجل السلم الاجتماعي وإعادة الاستقرار إلى مصر منع تطبيق الحكم بالإعدام الصادر بحق مرسي»، داعيا المجموعة الدولية إلى «التحرك». كما قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أمس، إن «الحكم بإعدام الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي سياسي، ولا يستند إلى القانون». وتابع رئيس الوزراء التركي قائلا: «إننا ننتظر رد فعل الدول الغربية تجاه ما يجري في مصر».
وفي واشنطن، قال البيت الأبيض إنه «منزعج بشدة» بسبب صدور الحكم بإعدام مرسي، إذ قال جوش إيرنست، المتحدث باسم البيت الأبيض، أمس، إن واشنطن «منزعجة بشدة» بسبب ما وصفه بحكم بالإعدام «مدفوع بدوافع سياسية» ضد الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي.
من جانبه، عبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن قلقه «العميق» جراء أحكام الإعدام. وقال المكتب الصحافي لبان كي مون في بيان، إن «الأمم المتحدة تعارض استخدام عقوبة الإعدام في كل الأحوال.. والأمين العام يشعر بالقلق من أن مثل تلك الأحكام التي صدرت عقب محاكمات جماعية قد يكون لها أثر سلبي على فرص الاستقرار في مصر في المدى البعيد».
من جهتها، أصدرت جماعة الإخوان المسلمين، التي أعلنتها السلطات تنظيما إرهابيا، بيانا وصفت فيه الأحكام بـ«الهزلية»، واعتبرتها «محاكمة لثورة يناير ولأهدافها ومكتسباتها والمشاركين فيها»، من قبل من سمتهم بـ«الثورة المضادة». وطالبت الجماعة أنصارها في الداخل والخارج باستمرار وتصعيد ما سمته «نضالهم الثوري ضد سلطة الانقلاب العسكري وأفرعه الأمنية السياسية والاقتصادية والإعلامية والقضائية»، خلال الجمعة القادمة. من جانبه، قال يحيى حامد، القيادي البارز في الجماعة خلال مؤتمر صحافي احتضنته مدينة إسطنبول التركية، إن «هذا الحكم يدق مسمارا في نعش الديمقراطية في مصر»، واصفا المحاكمة بأنها «افتقرت إلى كل المعايير الدولية».
وتعد هذه الأحكام باتة وواجبة النفاذ، لكنها غير نهائية وقابلة للطعن أمام محكمة النقض، التي تعد أعلى جهة قضائية في البلاد، وفي حال قبول الطعن يوقف النفاذ لحين إعادة المحاكمة أمام دائرة جديدة. وفي هذا الصدد قال عبد المنعم عبد المقصود، محامي الجماعة، لـ«الشرق الأوسط» إن «هيئة الدفاع تعتزم الطعن على تلك الأحكام بعد الاطلاع على حيثياتها.. وليس لنا سبيل سوى مسايرة القانون في النهاية».
وشهدت البلاد أمس حالة من الاستنفار الأمني تحسبا لأي تهديدات أو أعمال عنف في أعقاب الحكم بالإعدام على مرسي وقيادات الإخوان، وقال مصدر أمني رفيع لـ«الشرق الأوسط» أمس إنه «رغم أخذ قوات الأمن كل احتياطاتها الأمنية، إلا أننا غير قلقين من ردة فعل الجماعة بعد أن فقدت قدرتها على الحشد، وأدرك الشعب المصري زيف ادعاءاتها».
وجاء في تفاصيل الأحكام التي أصدرتها أمس محكمة جنايات القاهرة، الإعدام شنقا لستة متهمين حضوريا، هم محمد مرسي وبديع ونائبه رشاد البيومي، ومحيي حامد عضو مكتب الإرشاد، وسعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب المنحل، والقيادي الإخواني عصام العريان، لإدانتهم بالاشتراك في ارتكاب جرائم اقتحام السجون المصرية والاعتداء على المنشآت الأمنية والشرطية وقتل ضباط شرطة إبان ثورة يناير، وفق مخطط سبق إعداده بالاتفاق مع حركة حماس الفلسطينية وميليشيا حزب الله اللبنانية، وبمعاونة من عناصر مسلحة من قبل الحرس الثوري الإيراني. كما قضت المحكمة غيابيا بإجماع آراء أعضاء هيئتها، بمعاقبة 93 متهما هاربا بالإعدام شنقا، من بينهم الداعية المصري المقيم في قطر يوسف القرضاوي، والباقي معظمهم يحمل الجنسية الفلسطينية.
وقضت المحكمة أيضا بمعاقبة 20 متهما، حضوريا، بالسجن المؤبد، بينهم القيادات الإخوانية البارزة حجازي والحسيني وصبحي صالح، وحمدي حسن، والبلتاجي. كما قضت أيضا بمعاقبة 16 متهما بالحبس مع الشغل لمدة عامين، وأيضا بمعاقبة 8 متهمين آخرين غيابيا بالحبس مع الشغل لمدة سنتين، بينما قضت بمعاقبة المتهم طارق أحمد قرعان السنوسي بالحبس مع الشغل لمدة 3 سنوات.
وتضم القضية 129 متهما، يحاكم فيها 27 متهما حضوريا و102 آخرين غيابيا، لأنهم هاربون ويوجدون خارج البلاد. ووفق للقانون تعاد محاكمة المحكوم عليهم غيابيا تلقائيا إذا ألقت الشرطة القبض عليهم أو سلموا أنفسهم.
وأسندت النيابة العامة للمتهمين في القضية اتهامات بـ«الاتفاق مع هيئة المكتب السياسي لحركة حماس، وقيادات التنظيم الدولي الإخواني، وحزب الله اللبناني، على إحداث حالة من الفوضى لإسقاط الدولة المصرية ومؤسساتها، تنفيذا لمخططهم، وتدريب عناصر مسلحة من قبل الحرس الثوري الإيراني لارتكاب أعمال عدائية وعسكرية داخل البلاد، وضرب واقتحام السجون المصرية إبان ثورة يناير».
وقال المستشار شعبان الشامي، رئيس هيئة المحكمة، في مقدمة مطولة قبل النطق بالحكم، إنه ثبت قيام عدد من الأشخاص ليسوا مصريين ويتحدثون بلهجة عربية ويحملون أسلحة متنوعة، لارتكاب جرائم مكلفة تم تنفيذها وفقا لمخططات معدة مسبقا، كما تلا رأي مفتي الجمهورية الذي دعم تلك الأحكام من الناحية الشرعية.
أما في القضية الأخرى، المعروفة إعلاميا بـ«التخابر»، فقد قضت محكمة جنايات القاهرة حضوريا بمعاقبة مرسي، بالسجن المؤبد لمدة 25 عاما، وذلك لإدانته بارتكاب جرائم التخابر مع منظمات وجهات أجنبية خارج البلاد، وإفشاء أسرار الأمن القومي، والتنسيق مع تنظيمات جهادية داخل مصر وخارجها، بغية الإعداد لعمليات إرهابية داخل الأراضي المصرية. كما قضت المحكمة حضوريا بمعاقبة الشاطر، نائب المرشد العام لجماعة الإخوان، والقياديين البلتاجي، وأحمد عبد العاطي، مدير مكتب رئيس الجمهورية الأسبق، بالإعدام شنقا، وذلك بإجماع آراء أعضاء هيئة المحكمة، عن ذات الاتهامات.
وقضت المحكمة بمعاقبة 13 متهما آخرين هاربين من قيادات وعناصر الجماعة بالإعدام شنقا، وهم كل من محمود عزت نائب المرشد، وصلاح عبد المقصود وزير الإعلام الأسبق، وعمار فايد البنا، وأحمد رجب سليمان، والحسن خيرت الشاطر، وسندس عاصم شلبي، وأبو بكر كمال مشالي، وأحمد محمد الحكيم، ورضا فهمي محمد خليل، ومحمد أسامة العقيد، وحسين القزاز، وعماد الدين عطوة شاهين، وإبراهيم فاروق الزيات.
وتضمن الحكم معاقبة 17 متهما من قيادات وعناصر جماعة الإخوان بالسجن المؤبد لمدة 25 عاما، بصفة حضورية، وهم إضافة إلى مرسي كل من بديع، والكتاتني والعريان والحسيني، وحازم فاروق، وعصام الحداد ومحيي حامد، وأيمن علي وصفوت حجازي، وخالد حسنين، وجهاد الحداد، وعيد إسماعيل دحروج، وإبراهيم خليل الدراوي، وكمال محمد، وسامي أمين حسين، وخليل أسامة العقيد. كما قضت المحكمة حضوريا أيضا بمعاقبة اثنين من المتهمين بالسجن لسبع سنوات، وهما محمد فتحي رفاعة الطهطاوي، الرئيس الأسبق لديوان رئاسة الجمهورية، ونائبه أسعد الشيخة، وقضت المحكمة بانقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم فريد إسماعيل خليل، نظرا لوفاته.
وقالت النيابة العامة في القضية التي وصفتها بأنها أكبر قضية تخابر في تاريخ مصر إن «جماعة الإخوان خططت لإرسال عناصر إلى قطاع غزة لتدريبهم من قبل كوادر حزب الله والحرس الثوري الإيراني، ثم الانضمام لدى عودتهم إلى مصر لجماعات متشددة تنشط في شمال سيناء».
وتضاف تلك الأحكام الصادرة بحق مرسي أمس، إلى حكم صدر ضده قبل نحو شهر بالسجن المشدد 20 عامًا في قضية أحداث الاتحادية، ليصبح بذلك محاطا بثلاثة أحكام تتراوح ما بين الإعدام شنقا، والسجن المؤبد، والسجن المشدد 20 عاما. غير أنها كلها أحكام أولية من المتوقع نقضها. كما يحاكم مرسي أيضا في قضيتين أخريين وهما إهانة القضاة، وتسريب وثائق إلى قطر.
وبدا مرسي خلال جلسة النطق بالحكم أمس متماسكا وهادئا، بينما هتف عدد من المحكوم عليهم «يسقط يسقط حكم العسكر» رافعين إشارة «رابعة».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.