«أورا»... عصرية المطبخ اللبناني تعانق ليل القاهرة

أطباق مبتكرة في الهواء الطلق

إطلالة جميلة على بركة السباحة
إطلالة جميلة على بركة السباحة
TT

«أورا»... عصرية المطبخ اللبناني تعانق ليل القاهرة

إطلالة جميلة على بركة السباحة
إطلالة جميلة على بركة السباحة

بإطلالات على نيل القاهرة، ومن أمام حوض السباحة، تنتشر روائح المأكولات اللبنانية، لتضفي مزيداً من الاستمتاع بالأجواء الصيفية في ليل العاصمة المصرية.
يقع مطعم «أورا» بالطابق الرابع في فندق «فور سيزونز فيرست ريزيدانس»، حيث الكبائن المخصصة المتراصة بجوار بعضها البعض في الهواء الطلق أمام حوض السباحة، ما يجعل المطعم اختيارا مناسبا لطقس الصيف، كما أن أجواءه تغازل الباحثين عن عشاء رومانسي وهادئ، أسفل النجوم المنعكسة على صفحة المياه.
تتيح زيارة «أورا» تجريب أشهر أطباق المطبخ اللبناني بمذاقها الأصلي وبروح عصرية، وضعها الشيف اللبناني أحمد الزغبي، الذي حضر من بيروت ليقدم بإتقان شديد للمصريين وزوارهم من السائحين العرب والأجانب عروض الطعام الأنيقة المبتكرة والنكهات اللبنانية الحقيقية، مُعمقا بها المكانة الكبيرة لمطبخ بلاده لدى المصريين.
يؤمن الشيف الزغبي، كما يوضح لـ«الشرق الأوسط»، بأن الزبائن «يأكلون بأعينهم أولاً»، وهي الفلسفة التي يعكسها في أطباقه، لذا فهي تحمل ألوانا مختلفة وتنوّعا كبيرا يُبهر بها رواده، وتصب في النهاية لصالح المذاق، فنجد المقبّلات الساخنة والباردة المتبلة والغنية بالمكونات، وأصناف اللحوم والمأكولات البحرية التي تُشوى باحترافية، وتتبل بعناية بالبهارات اللبنانية.


تشكيلة واسعة ومنوعة من المقبلات اللبنانية بمطعم أورا

بتصفح قائمة المطعم، نجد أن فلسفة الشيف تبدأ من المقبلات، التي تقدم بتشكيلة واسعة ومنوعة بين البارد والساخن، ويُحسب للشيف أن حولها لكي تشبه الأطباق الرئيسية، بفضل كمياتها الكبيرة وتنوع مكوناتها، بما قد يدفع زائر المطعم لأن يكتفي بها إذا رغب في ذلك.
قائمة المقبلات تضم أولا أشهر ما يقدمه المطبخ اللبناني الفتوش والتبولة، فالفتوش يُقدّم بأسلوب مختلف عبر تغطيته بنصف رغيف من خبز بيتا المحمص الذي يكسره الزبون وفق رغبته، كذلك تقدم التبولة بالبرغل وبحبوب الكينوا.
تتسع المقبلات لتشمل أيضا كبدة الدجاج التي تحضر بإضافة دبس الرمان والليمون وخلطة التوابل اللبنانية، وأيضا ورق العنب، واللبنة، بابا غنوج، وكفتة نعنع التي تحضر من لحم الضأن مع البقدونس والنعناع.
يتداخل في الحديث مدير المطعم رامي علي، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»: «عندما قررت إدارة الفندق الاستعانة بشيف لبناني كان ذلك رغبة منها في تقديم المطبخ اللبناني بمفهوم حديث، وهو ما حدث فعليا، حيث وضع الشيف الزغبي لمساته الخاصة عبر أفكار خلاقة تظهر في أطباقه، بل وتنوع أفكار تقديم الطبق الواحد لتلبية كافة الأذواق، فعلى سبيل المثال هو أول شيف يقدم الحمص كنوع من المقبلات بعدة أطعمة، منها الحمص العادي، وحمص اللحم، وحمص الشاورما، وحمص البيف، وحمص بيروتي».
منذ بدأ المطعم تقديم أطباقه اللبنانية قبل نحو عام، تصدّر طبقان رئيسيان قائمة رغبات الرواد، أولهما «مفركة اللحم بالمشروم»، وهو طاجن مكون من مكعبات اللحم البقري المشوي مع المشروم والجزر والبصل ومغطاة بعجينة الفيلو الرقيقة التي تُرش بالسمسم وحبة البركة. والطبق الثاني هو «أوزي الدجاج»، المكوّن من دجاجة صغيرة مخلية محشوة بأرز بسمتي ولحم مفروم مع صلصة الطماطم والزبيب.


مطعم «أورا» يقدم المطبخ اللبناني باحترافية شديدة عبر عروض الطعام الأنيقة والمبتكرة

عن الطبقين، يعود مدير المطعم للحديث، قائلا: «تمتد فلسفة الشيف إلى فكرة الاستعراض المصاحب لتقديم الأطباق، ليس تقليدا لآخرين ولكن بأسلوبه الذي يخدم المذاق وأيضا يجذب عين الزائر، فالطبق الأول (مفركة اللحم بالمشروم) مع نضجه بالفرن تكون عجينة الفيلو أعلاه قد اتخذت شكلاً هلالياً أعلى الطاجن، فلا تترك لتهدأ، بل تخرج على الفور إلى المائدة، بحيث يقوم شيف التقديم بفتح طرفها فيخرج البخار أولا أمام الزائر، ثم يقوم بلف العجينة بشكل دائري (رول) ثم تقطع قطعا صغيرة لتكون بديلا عن الخبز بفضل مذاقها. كذلك طبق (أوزي الدجاج)، يتم وضع الدجاجة مخلية داخل قالب دائري لتأخذ نفس شكله عند تسويتها، ثم تخرج على المائدة لتقطّع أمام الزائر».
تضم قائمة «أورا» أيضا ركناً للفتة، نرشح لك تذوق فتة الجمبري، التي تجمع بين المذاق اللبناني والمصري بحرفية، حيث تجمع مكوناتها بين الخبز المحمص والأرز المصري والزبادي والثوم والطحينة والصلصة الحارة والصنوبر المقرمش.
من الشواية؛ هو أحد الأركان الرئيسية في لائحة المطعم، حيث تقدم فيه المشاوي اللبنانية، وكباب اللحم، وشيش طاووق، والدجاج المشوي، وريش الضأن المشوي، إلى جانب المأكولات البحرية.
تتزين مائدة «أورا» بالكثير من أصناف الحلويات اللبنانية الشهيرة، التي توجد أيضا بمذاقها الأصلي وبلمسة عصرية، وأبرزها الكنافة النابلسية التي تقدم بجبن العكاوي ذات الطعم المميز التي تمنحها مذاقاً شهياً، وحلاوة الجبن المكونة من عجينة محشوة بالقشدة وتؤكل مع العسل، وبوظة عربي (كرابيج) البسكويت مع قشدة الآيس كريم وبودنج الفستق، علما بأن جميع الأصناف يدخل الفستق في إعدادها ليزيدها مذاقا مميزاً.
يستقبل «أورا» رواده على مدار أيام الأسبوع، وينقسم إلى جزأين أولهما داخلي، يتسع لنحو 60 فردا، والجزء الخارجي مخصص للكبائن أمام حوض السباحة، وهي مقسمة لكي تتسع لفردين أو أكثر، وتحمل خصوصية كبيرة لحاجزيها، حيث تتميز بديكورات أنيقة وإضاءة هادئة، كما أنها مزودة بشاشة تلفزيونية، مما يجعلها مكانا مناسبا لعشاء رومانسي أمام المياه، وتتاح الكبائن أيضا أمام زوار المطعم لحجزها للمناسبات الخاصة مثل أعياد الميلاد والزواج، حيث يتم تجهيزها من إدارة المطعم بالشموع والورود.


مقالات ذات صلة

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

صحتك 6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

د. عبير مبارك (الرياض)
مذاقات توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات إم غريل متخصص بالمشاوي (الشرق الاوسط)

دليلك إلى أفضل المطاعم الحلال في كاليفورنيا

تتمتع كاليفورنيا بمشهد ثقافي غني ومتنوع، ويتميز مطبخها بكونه خليطاً فريداً من تقاليد عالمية ومكونات محلية طازجة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
مذاقات صندوق من الكعك والكعك المحلى من إنتاج شركة «غريغز سويت تريتس» في نيوكاسل أبون تاين - بريطانيا (رويترز)

حلويات خطيرة لا يطلبها طهاة المعجنات أبداً في المطاعم

في بعض المطاعم والمقاهي، توجد بعض الخيارات الاحتياطية التي تجعل طهاة المعجنات حذرين من إنفاق أموالهم عليها؛ لأنها على الأرجح خيار مخيب للآمال.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
مذاقات «الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

إيمان مبروك (القاهرة)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».