الدبيبة يعلن حصوله على دعم تركيا لـ«خريطة طريق» تنتهي بالانتخابات

هدوء حذر في ورشفانة بطرابلس بعد ساعات من اشتباكات مفاجئة

صورة وزعتها حكومة الدبيبة لاجتماعه مع الرئيس التركي مساء أمس
صورة وزعتها حكومة الدبيبة لاجتماعه مع الرئيس التركي مساء أمس
TT

الدبيبة يعلن حصوله على دعم تركيا لـ«خريطة طريق» تنتهي بالانتخابات

صورة وزعتها حكومة الدبيبة لاجتماعه مع الرئيس التركي مساء أمس
صورة وزعتها حكومة الدبيبة لاجتماعه مع الرئيس التركي مساء أمس

سعى عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة، للإيحاء مجدداً بحصوله على دعم تركيا في مواجهة غريمه فتحي باشاغا رئيس حكومة «الاستقرار» الموازية، بينما أسفرت اشتباكات عنيفة اندلعت في منطقة قريبة من ورشفانة، جنوب غربي العاصمة طرابلس، عن إصابة 5 أشخاص على الأقل.
وبشر الدبيبة، الليبيين، في بيان عبر «تويتر»، في ساعة مبكرة من صباح اليوم، مع نهاية زيارة إلى تركيا دامت يومين، بأن «كل الأطراف الدولية تشاركنا القناعة الكاملة أن مستقبل ليبيا عبر انتخابات نزيهة وشفافة».
وكان الدبيبة التقى خلال زيارته عدداً من وزراء الحكومة التركية، واختتمها بلقاء عمل مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.
https://twitter.com/Dabaibahamid/status/1565815176875675648
واعتبر الدبيبة، في تصريحات تلفزيونية عقب اجتماعه مع الرئيس التركي في وقت متأخر من مساء أمس، أنه «لا توجد حكومتان في ليبيا»، مضيفاً: «هناك حكومة واحدة هي حكومة (الوحدة) تتولى مقاليد الأمور في ليبيا كاملة».
وبعدما زعم أنه يتم دراسة «خريطة طريق» لم يحدد موعدها، قال «تم الاتفاق عليها مع تركيا للوصول بليبيا لإجراء الانتخابات قريباً، ليست مدة طويلة جداً، تتضمن قاعدة دستورية ومحددة بتواريخ معينة، وتركيا أكدت دعمها لنا في هذا الجانب».
وطمأن الشعب الليبي، فيما وصفه بـ«هذه اللحظة التاريخية»، باتفاق المجتمع الدولي على أن تكون هناك خريطة طريق تنتهي بالانتخابات لصالح ليبيا.
ونفى الدبيبة تراجع الدور التركي مؤخراً، وقال «الدولة التركية داعمة للموقف الليبي ولاستقرار ليبيا»، لافتاً إلى أن «الموقف التركي أكد على ضرورة الحفاظ على أمن واستقرار ليبيا».
وكان الدبيبة قد نقل عن إردوغان، عقب ترأسهما اجتماعاً لمتابعة الملف السياسي وعدد من الملفات الاقتصادية والعسكرية والسياسية في مدينة إسطنبول، تأكيده على ضرورة الحفاظ على أمن وسلامة طرابلس من أي محاولات عسكرية، والتغيير لا يتم إلا عبر الانتخابات، مؤكداً دعمه وتعاونه مع ليبيا في كافة المجالات الاقتصادية والأمنية والعسكرية، مترحماً على أرواح الذين سقطوا في الاعتداء الأخير.
وأكد الدبيبة، وفقاً لبيان وزعته حكومته، على أهمية دور تركيا في دعم الجهود الدولية للدفع بملف الانتخابات ودعمه ليكون أولوية دولية، معتبراً أن ما جرى في العاصمة طرابلس الأسبوع الماضي هو محاولة للاستيلاء على السلطة بواسطة السلاح والمؤامرات، ولا بديل لبلادنا عن الانتخابات.
وقال الدبيبة، إن الاجتماع تابع الملف السياسي، وتوحيد الجهود الدولية والمحلية لدعم الانتخابات، بالإضافة إلى الملفات الاقتصادية، وزيادة التعاون العسكري بين البلدين.
وأوضح أنه تم الاتفاق في نهاية الاجتماع الذي حضره من الجانب التركي رئيس الاستخبارات ومستشار الرئيس التركي، ورئيس دائرة الاتصال بالرئاسة التركية، ومن الجانب الليبي محافظ مصرف ليبيا المركزي ومستشاره، ووزيرا الدولة لشؤون مجلس الوزراء، وللاتصال والشؤون السياسية، على برنامج عمل بين البلدين يشمل التعاون العسكري ومجال الطاقة، وعودة الشركات التركية لاستكمال المشروعات المتوقفة، لافتاً إلى ترحيب إردوغان بدعوته لحضور أعمال المنتدى التركي الليبي الأول في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل بحضور شركات تركية متخصصة.
https://twitter.com/Hakomitna/status/1565779379032133633
وقال باشاغا، إنه ناقش مع السفير الأميركي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند، «أهمية استمرار دعم المجتمع الدولي لليبيا من أجل تحقيق الاستقرار الاقتصادي والسياسي»، متابعاً في تغريدة له عبر حسابه على «تويتر» اليوم: «شددنا على أهمية دعم بعثة الأمم المتحدة، ووضع خريطة طريق لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في أقرب وقت».
وكان السفير الأميركي قال في بيان اليوم، إنه ناقش هاتفياً مع باشاغا عقب ما وصفه باجتماعاته المهمة في تركيا، أهمية وقف تصعيد المواجهة العسكرية في طرابلس وما حولها، بالإضافة إلى الحاجة الملحة لجميع الأطراف للعمل مع الدبلوماسي السنغالي عبد الله باتيلي، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة الجديد لوضع خريطة طريق واضحة المعالم لإجراء انتخابات مبكرة باعتبارها الحل الوحيد لعدم الاستقرار في ليبيا.
https://twitter.com/USEmbassyLibya/status/1566025253654077441
وبشأن اشتباكات طرابلس، عاد الهدوء إلى منطقة ورشفانة بجنوب غربي العاصمة طرابلس، بعدما اندلعت على نحو مفاجئ مساء أمس، مواجهات بالأسلحة المتوسطة بين السرية الثالثة بقيادة رمزي اللفع الداعمة للدبيبة، و«الكتيبة 55» بقيادة معمر الضاوي الموالية لباشاغا.
وقالت مصادر ووسائل إعلام محلية، إن مقر عمليات الدعم اللوجيستي التابع لـ«جهاز الدعم والاستقرار» بمنطقة الخلة ببلدية السواني، تعرض لهجوم مفاجئ قبل أن تتصدى له «الكتيبة 55»، التي قالت في المقابل إنها شرعت في مطاردة هذه الميليشيات، ووصفت الأوضاع بأنها طبيعية جداً.
وكشف صلاح النمروش آمر منطقة الساحل الغربي العسكرية، لوسائل إعلام محلية، توسطه بين أطراف النزاع لإيقاف الاشتباكات نهائياً.
وقال جهاز الإسعاف والطوارئ بطرابلس، إنه تم فتح ممر آمن من قبل السرية الثالثة للعائلات بمنطقة الخلة، لافتاً إلى أن الهدوء ساد كافة محاور القتال، وقدم حصيلة مبدئية بإصابة 5 مدنيين بإصابات طفيفة، بينما أبلغ الناطق باسم جهاز الطب الميداني والدعم وسائل إعلام محلية بإسعاف 7 مصابين من عائلة واحدة، أغلبهم نساء من منطقة العودي في ورشفانة، وتم نقلهم لإحدى المصحات الخاصة لتلقي العلاج بعد تلقي عدة بلاغات ونداءات استغاثة من العائلات العالقة بمنطقة ورشفانة.
ونقلت وكالة «رويترز» عن شاهد أن قذائف «مورتر» أُطلقت في ورشفانة، وهي منطقة زراعية بها قرى وبعض المناطق الحضرية بين طرابلس ومدينة الزاوية غرب البلاد، التي كانت مسرحاً لاشتباكات متكررة خلال أعمال عنف وفوضى امتدت على مدى 11 عاماً، منذ أن أطاحت انتفاضة دعمها حلف شمال الأطلسي (الناتو) بالعقيد الراحل معمر القذافي.
وعززت القوات المتحالفة مع الدبيبة سيطرتها على العاصمة، بعدما أعلن «اللواء 444 قتال» التابع لحكومة الدبيبة، أنه ضمن ما وصفه بخطة «التأمين» الموضوعة من قبل قوات الحكومة، نشر عناصره في عِدة مدن ومناطق داخل طرابلس وخارجها.



أصحاب المصالح التجارية في ضاحية بيروت الجنوبية وتحدّي الاستمرار

جانب من الدمار في حارة حريك بالضاحية الجنوبية في بيروت (أ.ف.ب)
جانب من الدمار في حارة حريك بالضاحية الجنوبية في بيروت (أ.ف.ب)
TT

أصحاب المصالح التجارية في ضاحية بيروت الجنوبية وتحدّي الاستمرار

جانب من الدمار في حارة حريك بالضاحية الجنوبية في بيروت (أ.ف.ب)
جانب من الدمار في حارة حريك بالضاحية الجنوبية في بيروت (أ.ف.ب)

غادرت لينا الخليل ضاحية بيروت الجنوبية، بعد بدء إسرائيل قصفاً مدمّراً على المنطقة قبل نحو شهرين، لكنها تعود كل يوم لتخوض تحدّياً، يتمثل بفتح أبواب صيدليتها ساعتين تقريباً، ما لم تمنعها الضربات الجوية من ذلك، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وتصف المرأة الخمسينية الصيدلية التي أنشأها والدها في الضاحية الجنوبية في عام 1956 بأنّها «أهم من بيتي... ففيها يمكن أن تشتمّ رائحة أدوية صُنعت منذ 60 عاماً».

في كثير من الأحيان، تسارع الخليل إلى إقفال أبواب الصيدلية، عندما يُصدِر الجيش الإسرائيلي إنذارات للسكان للإخلاء قبل البدء بشنّ غارات.

وبات عملها يقتصر على بيع ما تبقى في الصيدلية من أدوية وسلع، بعدما نقلت 70 في المائة من موجوداتها إلى منزلها الصيفي في إحدى القرى.

وهي مقيمة حالياً داخل العاصمة، وتتوجّه يومياً إلى بلدة عالية الواقعة على بُعد نحو 20 كيلومتراً من بيروت، لإحضار أدوية تُطلب منها، وتوصلها إليهم أو يحضرون إلى الصيدلية في حال تمكّنوا من ذلك لأخذها.

وحال لينا الخليل كما حال كثير من سكّان الضاحية الجنوبية لبيروت الذين غادروها واضطرّوا إلى البحث عن بدائل لأعمالهم أو مواصلتها بما تيسّر من قدرة أو شجاعة.

وتؤكد الخليل أنّ «الخسائر المادية كبيرة»، مشيرة إلى أنّها تعطي موظفيها حالياً نصف مرتّب، بسبب تزايد المصروف وتضاؤل المدخول.

«عائدون من الموت»

مع استمرار الحرب، لا يزال من غير الواضح حجم الدمار الذي طال المصالح التجارية في الضاحية الجنوبية التي كان يسكنها 600 - 800 ألف شخص قبل الحرب، وفق التقديرات، وباتت شبه خالية من سكانها.

في الضاحية، خاض علي مهدي مغامرته الخاصة مع شقيقه محمد بعد انتهاء دراستهما الجامعية، فعملا على تطوير تجارة والدهما التي بدأها قبل 25 عاماً. ووسّعا نطاقها من متجر لبيع الألبسة بالجملة إلى مستودع ومتجرين، إضافة إلى متجرين آخرين في صور والنبطية (جنوب) اللتين تُستهدفان بانتظام بالغارات في جنوب البلاد. وكل هذه المناطق تُعتبر معاقل لـ«حزب الله» الذي يخوض الحرب ضد إسرائيل.

لكن مهدي اضطر أن يبحث عن بديل لمشروع العائلة بعد اندلاع الحرب المفتوحة بين «حزب الله» وإسرائيل.

ويقول الشاب الثلاثيني إنّه تمكّن بصعوبة من نقل البضائع الموجودة في المتاجر الـ4 والمستودع، إلى 3 مواقع داخل بيروت وفي محيطها.

ويشير إلى أنّ عمّال النقل كانوا يرجعون من النبطية وصور، وكأنهم «عائدون من الموت»، بعد سماعهم بالإنذارات للسكان لإخلاء مناطق والغارات الجوية والتفجيرات المدمّرة التي تليها.

كان يعمل لدى علي وشقيقه 70 موظفاً نزح معظمهم إلى مناطق بعيدة؛ ما دفع الشابين إلى التخلّي عن كثيرين منهم. وبهدف الحفاظ على عملهما، تخلَّيا عن آخرين، وبدآ بدفع نصف الرواتب لمن بقي.

ويؤكد مهدي أنّ تجارته تتمحور حالياً حول «تصفية ما لدينا من بضائع»، مضيفاً أنّ حركة البيع خفيفة.

وتأثر القطاع التجاري في لبنان بشدة جراء الصراع الذي بدأ بين «حزب الله» وإسرائيل قبل أكثر من عام، وشهد تصعيداً في سبتمبر (أيلول).

وفي تقرير صدر عن البنك الدولي، الخميس، تُقدّر الأضرار اللاحقة بالقطاع التجاري بنحو 178 مليون دولار والخسائر بنحو 1.7 مليار دولار.

وتتوقع المؤسسة أن تتركّز نحو 83 في المائة من الخسائر في المناطق المتضرّرة، و17 في المائة منها في بقية أنحاء لبنان.

«لم تبقَ إلا الحجارة»

ويترقّب علي مهدي المرحلة التي ستلي نفاد البضائع الموجودة لديه. ونظراً إلى عدم استقرار الأوضاع المالية والاقتصادية والأمنية والسياسية، يتساءل عمّا إذا كان عليه «مواصلة الاستيراد أو الحفاظ على السيولة التي يملكها».

ويقول بينما يجلس بين بضائع مبعثرة نُقلت إلى متجره الجديد في شارع الحمرا داخل بيروت: «هناك خسائر كبيرة».

بشكل رئيسي، يُرجع التقرير الصادر عن البنك الدولي الخسائر التي مُني بها قطاع التجارة في المناطق المتضرّرة، إلى نزوح كلّ من الموظفين وأصحاب الأعمال؛ ما تسبب في توقف شبه كامل للنشاط التجاري وانقطاع سلاسل التوريد من وإلى مناطق النزاع والتغييرات في سلوك الاستهلاك بالمناطق غير المتضرّرة، مع التركيز على الإنفاق الضروري.

وتنطبق على عبد الرحمن زهر الدين صفة الموظف وصاحب العمل والنازح، تُضاف إليها صفتان أخريان هما المتضرّر والعاطل عن العمل جراء الدمار الذي طال مقهاه في الرويس بالضاحية الجنوبية، في غارة إسرائيلية.

بعدما غادر، في نهاية سبتمبر (أيلول)، إلى وجهة أكثر أماناً، عاد قبل أيام ليتفقّد مقهاه الذي استحال حديداً وحجارة متراكمة.

على يساره، متجر صغير لبيع أدوات خياطة تظهر من واجهته المحطّمة كُتل من الصوف على رفّ لا يزال ثابتاً على أحد الجدران. وبجانبه، متجر آخر كان مالكه يصلح بابه الحديديّ المحطّم ليحمي ما تبقى بداخله.

يقول زهر الدين بينما يتحرّك بين أنقاض الطابق العلوي: «لم تبقَ إلا الحجارة».

ويعرب ربّ الأسرة عن شعور بـ«الغصّة والحزن»، جراء ما حلّ بـ«مصدر رزقه» الوحيد.

ويقول إنّه لم يبدأ بالبحث عن بديل، في ظل ارتفاع بدل الإيجار وأسعار الأثاث والمعدّات، مؤكداً أنّ الخسائر التي تكبّدها «كبيرة، وقد تبلغ 90 ألف دولار».