قال الفنان العراقي جمال أمين، إنه يترقب عرض أحدث أفلامه «من وراء الباب» الذي يشارك به في أكثر من مهرجان سينمائي خلال الفترة المقبلة، مؤكداً في حواره مع «الشرق الأوسط»، أنه يعدّ نفسه «ممثلاً هاوياً ومخرجاً محترفاً»، لكن التمثيل الذي يعدّه مهنة ساحرة قد استحوذ عليه بشكل أكبر، مشيراً إلى أنه رغم هجرته منذ تسعينات القرن الماضي إلى الدنمارك فإنه يحرص على المشاركة في الأفلام العراقية، كما قدم كمخرج أفلاماً عن المهاجرين العرب في أوروبا... وإلى نص الحوار:
> لماذا تحمست للمشاركة في فيلم «من وراء الباب»؟
- هو فيلم ينتمي للسينما المستقلة من إخراج عدي مانع الذي كتب له سيناريو جميلاً، ويطرح موضوعاً مهماً يتناول الأزمة العراقية، والبطل الذي أجسّد شخصيته هو شخصية سلبية قام بأعمال كثيرة فاسدة وفرّ إلى تركيا محافظاً على فساده الفكري والعملي، والفيلم في طريقه الآن للمشاركة في عدد من المهرجانات العربية والعالمية، وهو فيلم نستطيع أن ننافس به بقوة لأسباب عدة، من بينها الموضوع الذي يطرحه، كما أنه يناقش قضية الهجرة من بغداد.
> جاءت انطلاقتك كبطل سينمائي عبر فيلم «بيوت في ذلك الزقاق»، كيف ترى تلك الفترة من حياتك الفنية التي ساهمت في تكوينك كفنان؟
- جاءتني فرصة كبيرة جداً وأنا في عمر 17 عاماً، لبطولة هذا الفيلم الذي حفر اسمه في ذاكرة المتفرج، لقد أتاح لي المخرج قاسم حول الفرصة للعمل مع مخرجين آخرين لا يقلون أهمية عنه، خصوصاً المخرج الراحل كارلو هارتيون بعدما نجحت في اختبار التمثيل وأنا لم أزل طالباً أدرس الإخراج السينمائي في بغداد، وصرت نجماً سينمائياً في السبعينات، وقمت بتمثيل كثير من الأفلام العراقية، أهمها فيلم «اللوحة» مع جلال كامل، كما شاركت في أهم مسلسل عراقي «الذئب وعيون المدينة» للمخرج المصري الراحل إبراهيم عبد الجليل.
> قطعت مشوارك الفني بين التمثيل والإخراج، لكن التمثيل استحوذ عليك بشكل أكبر لماذا؟
- أعتبر نفسي ممثلاً هاوياً ومخرجاً محترفاً، لكنني بالتأكيد أحب التمثيل؛ فهو مهنة ساحرة تمنح صاحبها الطاقة الإيجابية والمتعة والفرح واهتمام الناس، ولو كانت هناك فرصة للاختيار، بالطبع سأختار الإخراج لأنه مهنتي، لكنني لم أرَ في المخرج العراقي وحتى العربي النجومية، بمعنى أن المخرج ليس معروفاً على مستوى الشهرة، الكل يعرف أصغر كومبارس في السينما المصرية، لكنه لا يعرف توفيق صالح مثلاً أو الأخضر حامينا أو محمد شكري جميل.
> وماذا عن فترة تدريبك كمخرج في فيلم «القادسية» مع المخرج الكبير صلاح أبوسيف؟
- كنت في السنة قبل الأخيرة للتخرج من معهد السينما عام 1980 وقرر المعهد إرسالنا إلى موقع تصوير فيلم «القادسية»، وكانت فرصة كبيرة أن نعيش عن قرب مع نجوم كبار مثل السندريلا سعاد حسني وعزت العلايلي وليلى طاهر، ونجوم عرب مثل حسن الجندي، ونجوم عراقيين مثل شذى سالم، كنا نستيقظ مبكراً للحاق بالتصوير، والحقيقة أن صلاح أبو سيف كان يجلس معنا في نهاية التصوير كل يوم ليرد على تساؤلاتنا، وكان بارعاً في ردوده، لقد كانت فترة ذهبية لي، حيث كنت ممثلا لأعمال عراقية مهمة، ومتدرباً تحت يد قامة كبيرة في السينما.
> قدمت كمخرج أفلاماً وثائقية وأخرى قصيرة، ما العمل الأقرب لقلبك؟
- «فيروس» هو أحب الأفلام إلى قلبي ويتناول الجيل الثاني من المهاجرين العراقيين في الدنمارك، وجرى عرضه في كثير من المهرجانات العربية والدولية، كما عُرض في محطة «دي آر تي» الدنماركية مرات عدة لأهمية الموضوع والفكرة التي تعرض لجمع من الشباب العراقي ينتمون إلى أصول ومذاهب مختلفة (وهو نفس الفسيفساء العراقي) يذهبون في رحلة، وعبر نقاش بينهم تبدأ الاختلافات تتزايد وتكبر إلى الحد الذي يدفع بصاحب الباص لطرد نصف المجموعة (الباص هنا هو رمز للعراق)، وهو فيلم «ديكو دراما» جميع أبطاله ليسوا ممثلين، بل أصدقاء لي، كما أن أعراقهم ومللهم ومذاهبهم مختلفة؛ مما أعطى مصداقية كبيرة للعمل.
> تحرص على المشاركة في السينما العراقية، فكيف ترى مستقبلها؟
- أحرص كل فترة على السفر للعراق لزيارة الأهل، وأتلقى عروضاً عديدة، لكنني أعتذر عن الأعمال التلفزيونية وأفضّل الأفلام، ولدي مشروع سينمائي كبير بعنوان «رياح السبسب» للمخرج والسيناريست الدكتور طارق الجبوري، أبدأ تصويره الشتاء المقبل، وأرى أن الكل لا يحب السينما في العراق، ولا يعترف بها، ولا يريد أن يدعمها، العراق كما يبدو اختار أن يكون بلداً مسرحياً فقط، وهو رائد بهذا المجال؛ لذا أرى أن تجربة إنتاج 20 فيلماً خلال الاحتفال ببغداد كعاصمة للثقافة لم يكن أغلبها أفلاماً تفي بالطموح، وهذا ليس انتقاصاً من صناعها؛ بل لأن ظرف إنتاج هذه الأفلام كان سيئاً للغاية، فقد كان العراق خارجاً لتوه من حرب أهلية، وأغلب الفنيين كانوا قد هاجروا منه.
> وماذا عن أعمالك في الدنمارك بعد هجرتك إليها؟
- هي بلدي الثاني الذي منحني المواطنة وحرية التعبير عن الأفكار التي أؤمن بها، كما أنتجت لي تسعة أفلام، وقمت بالتمثيل في أفلام عراقية - دنماركية عدة، وأهمها فيلما «صائد الأضواء» و«هاملت».