إيمانويل ماكرون... الرئيس الساعي إلى «قصة حب» بين فرنسا والجزائر

وسط حسابات الاقتصاد والأمن والتاريخ

لقاء الرئيسين تبون وماكرون
لقاء الرئيسين تبون وماكرون
TT

إيمانويل ماكرون... الرئيس الساعي إلى «قصة حب» بين فرنسا والجزائر

لقاء الرئيسين تبون وماكرون
لقاء الرئيسين تبون وماكرون

ثمة من عاب على الرئيس الفرنسي، خلال زيارته ثلاثية الأيام إلى الجزائر، أنه أقدم عليها بسبب حاجة بلاده للغاز الجزائري، كان رد إيمانويل ماكرون قاطعا: «هذا كلام هراء». وقبله، حرصت مصادر قصر الإليزيه، بمناسبة تقديمها للزيارة، على التأكيد على أن ما يريده الرئيس الفرنسي ليس الغاز وإنما «إعادة إطلاق العلاقات الثنائية نحو آفاق جديدة والاهتمام بمسائل الحاضر والالتفات إلى المستقبل». ولكن رغم النفي الرئاسي، فإن ملف الغاز كان حاضرا بقوة في المباحثات التي أدرجها الجانب الفرنسي من زاوية العمل على «تخفيف تبعات الحرب الروسية على أوكرانيا» التي من بين نتائجها غياب نسبة كبيرة من الغاز الروسي عن البلدان الأوروبية التي من بينها فرنسا. ويوم الثلاثاء 30 أغسطس (آب) أعلنت شركة «غازبروم» الروسية، وهي الجهة المصدرة للغاز الروسي، نظيرتها الفرنسية «أنجي» أنها ستخفض وبمفعول فوري، كميات الغاز المصدرة إلى فرنسا... وكانت حجتها في ذلك أن الشركة الفرنسية «لم تحترم بنود العقد المبرم بين الطرفين» من غير إعطاء مزيد من التفاصيل. وللتذكير، فإنها الحجة نفسها التي لجأت إليها مع دول أوروبية أخرى لخفض صادراتها أو لوقفها كليا.
الزيارة الرئاسية للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الجزائر بالغة الأهمية لأنها تعني أن فرنسا، كغيرها من البلدان الأوروبية المتأثرة بالإجراءات الروسية، تبحث عن بدائل للغاز الروسي وأنها تنظر إلى الغاز الجزائري كأحد البدائل. وكان لافتا أن رئيسة «أنجي» ومديرتها العامة كاترين ماكغريغور كانت من ضمن الوفد الكبير الذي رافق الرئيس ماكرون إلى الجزائر.
وحقاً، أجرت ماكغريغور مباحثات مع كبار مسؤولي شركة «صوناطراك» الجزائرية التابعة للحكومة - والتي تدير الأنشطة البترولية والغازية الجزائرية - وأن البحث تواصل بعد عودة ماكرون إلى باريس. وشكل ملف الغاز أحد المواضيع الرئيسة التي نوقشت بين الأخير ونظيره الجزائري عبد المجيد تبون. وجرى تداول معلومات في العاصمة الفرنسية مفادها أن الطرفين يتجهان إلى اتفاق تقوم «صوناطراك» بموجبه بتوفير 50 في المائة إضافية من الغار الطبيعي المسال إلى فرنسا للفترة المقبلة.

حتى اليوم، كانت المشتريات الفرنسية من الغاز الجزائري تمثل 8 إلى 9 في المائة من كامل الواردات الفرنسية الإجمالية من الغاز. ولقد أصدرت وزارة النقلة البيئوية بيانا تؤكد فيه أن المفاوضات مع الجانب الجزائري «تندرج في إطار استراتيجية تنويع الواردات من الغاز التي تتبعها الحكومة». وبين الاتفاقيات الخمس التي وقعت بين الجانبين في إطار «الشراكة المتجددة»، واحدة تتناول الطاقة إذ قرر الطرفان العمل معا في موضوع الطاقة المتجددة والغاز والهيدروجين، واتفقا على إطلاق برنامج بحث وابتكار تكنولوجي لاستعادة الغازات المحترقة (غاز الشعلة) ومعالجتها، وذلك إلى جانب التعاون الطبي والعلمي والرياضة والإبداع السينمائي. وللعلم، تعد الجزائر أحد المصدرين الأساسيين للغاز إلى أوروبا وحتى اليوم كانت حصتها بحدود 11 في المائة. لكنها ما زالت بعيدة عن الحصة الروسية (47 في المائة) حتى عشية بدء الحملة العسكرية الروسية على أوكرانيا. وفي أي حال، فإنها تحولت في الأشهر الأخيرة إلى «قبلة» المسؤولين الأوروبيين. وحتى اليوم، تعد إيطاليا السباقة في هذا المجال إذ أنها عقدت اتفاقيات مع «صوناطراك» لتضمن الحصول على كامل حاجتها من الغاز الجزائري.
- قلب صفحة الخلافات
لا تخفى على أحد أهمية ملف الطاقة، لا سيما في هذه المرحلة حيث تسجل أسعار الكهرباء والغاز المنزلي والصناعي قفزات متتالية تنعكس على غلاء المعيشة والتضخم وتراجع القوة الشرائية للمواطنين، وبالأخص، للطبقات الأكثر هشاشة. والجميع يعي، في فرنسا وخارجها، التبعات الخطيرة المترتبة على تفلت الأسعار. وما زالت ماثلة في الأذهان صور العنف الذي رافق تحركات «السترات الصفراء» في العامين 2019 و2020 والتي اندلعت وقتها احتجاجاً على ارتفاع زهيد في أسعار مشتقات الطاقة من البنزين والديزل. بيد أن أهمية هذا الملف لا يجب أن تغطي على الجوانب الأساسية من الزيارة الرئاسية إلى الجزائرية وما أسفرت عنه.
كثيرة العوائق المنتشرة على درب تطبيع جدي ودائم للعلاقات عبر ضفتي المتوسط بين الدولة المستعمرة والدولة المستعمرة. وحقاً نظر إلى وصول ماكرون إلى الرئاسة ربيع العام 2017 كعامل من شأنه قلب صفحة الخلافات والأحقاد والاضطهاد التي رافقت الحقبة الاستعمارية الممتدة من العام 1830 إلى العام 1962.
قبل أن يصبح رئيساً، زار ماكرون الجزائر والتقى رئيسها (يومذاك) عبد العزيز بوتفليقة. وعلق في ذاكرة الجزائريين قوله إن الاستعمار «جريمة ضد الإنسانية». وما انتظره الجزائريون أن يقدم باسم فرنسا بعدما أصبح رئيسا «اعتذاراً» عن هذه الجرائم أو الإعراب عن «الندم» أو «طلب الصفح» عما ارتكب خلال 132 سنة من الاستعمار وخلال حرب التحرير الجزائرية. لكن هذا الاعتذار لم يأتِ أبدا لأسباب تتعلق بالسياسة الداخلية الفرنسية. وإضافة إلى الإرث التاريخي، فإن ماكرون ارتكب أخطاء بحق الجزائر عندما اعتبر أن السلطات الجزائرية التي وصفها بالطغمة «السياسية - العسكرية» تعيش على «ريع الذاكرة»، أي تسخر التاريخ لمصلحتها ولشرعيتها. والأسوأ من ذلك تساؤله، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أمام مجموعة من طلاب الجامعات الفرنسيين والجزائريين، عن حقيقة «وجود أمة جزائرية» قبل وصول المستعمر الفرنسي، وهو كلام رد عليه الرئيس تبون بعنف مؤكدا لماكرون، في حديث لمجلة «دير شبيغل» الألمانية، أن الأمة الجزائرية كانت موجودة قبل الاستعمار، وأن أقوال الرئيس الفرنسي «إهانة للشعب الجزائري». وقرن تبون القول بالفعل فاستدعى السفير الجزائري في باريس، وخفض التواصل بين الطرفين، ومنع الطائرات الفرنسية العسكرية من التحليق في الأجواء الجزائرية إلى غير ذلك من التدابير والإجراءات التي تعبر عن «غيظ» من ماكرون.
رغم دراميتها، فإن هذه المسألة «الشخصية» طويت. ويكفي للتدليل على ذلك النظر إلى الاحتفاء الرسمي البروتوكولي والشخصي بماكرون، الذي عانقه تبون مطولا لدى هبوطه من الطائرة، وحرصه طيلة أيام الزيارة على إبراز مؤشرات الود والاغتباط بالضيف الفرنسي... كأن يمثلا معا يدا بيد في حديثهما للصحافة وأن يكيل كل طرف للآخر المديح من غير حساب. وجاءت تصريحات تبون وماكرون لتبين أنهما نجحا في قلب صفحة التوتر بينهما. ورغم أن زيارة ماكرون لم ترق إلى «زيارة دولة» وهي الأعلى في السلم البروتوكولي، فإن الرئيس الفرنسي خصص لها ثلاثة أيام وهو المعروف عنه أن زياراته عادة لا تتعدى اليوم الواحد.
أما على المستوى العام، فإن تبون وصف الزيارة بأنها كانت «ناجحة ومتميزة»، مضيفا أنها «ساهمت في تحقيق تقارب ما كان ليحصل من غير شخصية الرئيس ماكرون». وبالنظر للمعطى الجديد الذي أفضت إليه الزيارة، أعلن تبون أن الجزائر وفرنسا «سيعملان معا في العديد من الميادين خارج فرنسا والجزائر»، وأن التقارب بينهما «سيمكنهما من الذهاب بعيدا جدا» في التعاون الذي عنوانه الجديد «الشراكة الدينامية المتجددة» المتضمنة في الإعلان المشترك الذي، من أجل توقيعه، عاد ماكرون أدراجه من مدينة وهران (غرب الجزائر) يوم السبت إلى العاصمة. وجاءت كلمات ماكرون في السياق نفسه إذ أكد أنه «لأول مرة في التاريخ اجتمعنا بالأمس مع المسؤولين الأمنيين لبلدينا حيث قررنا تعزيز التعاون في مجالات الطاقة والاقتصاد والابتكار...»... وأردف أن «العلاقات الثنائية بين الجزائر وفرنسا متينة وقوية»، داعياً إلى تعزيزها من خلال الحوار في كل المجالات، بما في ذلك «المواضيع التي منعت البلدين من التقدم».
- «خريطة الطريق» للمستقبل
يشكل «إعلان الجزائر» الذي صدر بنهاية زيارة ماكرون «خريطة طريق» سيعمل الطرفان على التقيد بمحتواها للسنوات المقبلة، والتي من المفترض بها أن تعكس الانطلاقة الجديدة التي يطمحان إليها بين بلديهما. وتتضمن «الخريطة» ميادين العمل المشترك التي أولها التنسيق السياسي عالي المستوى المتمثل بإنشاء «مجلس أعلى للتعاون» على مستوى الرئاسة في البلدين يلتئم بالمداورة بين باريس والجزائر مرتين كل عام ومهمته «تقديم التوجيهات الكبرى حول المحاور الأساسية للتعاون» بما فيها تعزيز التعاون الاستراتيجي والأمني، خصوصاً في منطقة الساحل وفي ليبيا. ويعني هذا من الناحية العملية، أن الرئيسين سيدفعان «كلما دعت الضرورة» إلى اجتماع لكبار المسؤولين العسكريين في البلدين، أكان ذلك على مستوى قيادة أركان القوات المسلحة أم أجهزة الاستخبارات الخارجية على غرار الاجتماع الذي ترأساه إبان الزيارة، والذي يعد سابقة في علاقات الطرفين منذ استقلال الجزائر.
ويبدو واضحا أن فرنسا، التي تواجه صعوبات لا بل الفشل في سياستها في منطقة الساحل ذات الأهمية الاستراتيجية لها وللجزائر، تعول على الاعتماد على الشريك الجزائري، كما في مالي على وجه الخصوص. وتجدر الإشارة إلى أن باريس اضطرت إلى سحب قوة «برخان» العسكرية من مالي بعد 13 سنة من الحضور، وفي سياق مساعدة باماكو على احتواء ومحاربة التنظيمات الإرهابية المتواصل. وعمدت قيادة الأركان الفرنسية إلى خفض عديد قواتها من 5500 مع أسلحتهم ومعداتهم والدعم الجوي واللوجيستي إلى النصف ونشر القوة المتبقية في النيجر. وما زالت باريس متمسكة بمساعدة دول الساحل الأربع (موريتانيا والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد) في محاربة التنظيمات الجهادية والإرهابية. كذلك عرضت باريس المساعدة على دول خليج غينيا وغرب أفريقيا بشكل عام وفق ما ترتئيه وبشكل مختلف عن الدور الذي كانت تلعبه في مالي. ومشكلة فرنسا أنها تواجه منافسة حادة من أربع دول على الأقل (روسيا والصين وتركيا وإسرائيل). ويضاف إليها الولايات المتحدة. إلا أن مشكلتها الرئيسية تتمثل بالدور الذي تلعبه موسكو وميليشيا «فاغنر» التي تعد ذراعها الضاربة في أفريقيا والتي كانت أحد الأسباب التي دفعت إلى انسحاب القوة الفرنسية من مالي. وبالتالي، تراهن باريس على علاقات الجزائر مع مجلس الحكم العسكري في مالي ومع النيجر والعديد من البلدان الأفريقية، وهي راغبة في التعاون معها، خاصةً أن للجزائر آلاف من الكيلومترات من الحدود المشتركة مع ليبيا والنيجر ومالي... وكلها بلدان تعاني من الإرهاب والتهريب وضعف البنى ومؤسسات الدولة.
- مداواة الذاكرة الجريحة
رغم تعاقب ثمانية رؤساء على حكم فرنسا منذ استقلال الجزائر عام 1962، بدءا بالجنرال شارل ديغول وانتهاء بماكرون، فإن موضوع الذاكرة من على جانبي المتوسط ما زال بالغ الحساسية. وخلال العامين الماضيين، سعى ماكرون من جانبه إلى محاولة الالتفاف عليه من خلال تشكيل لجنة من المؤرخين الفرنسيين أدارها المؤرخ المعروف بنجامين ستورا، المولود في مدينة قسطنطينة عام 1950 والمتحدر من عائلة يهودية. وكانت المهمة الموكلة لستورا تقديم تقرير غرضه «مصالحة الذاكرتين» الفرنسية والجزائرية. وهذا ما فعله الأخير إذ أنجز تقريره ورفعه لماكرون بداية العام الماضي متضمنا 21 مقترحا ليس بينها لا تقديم اعتذار ولا طلب الصفح، الأمر الذي أثار حفيظة الفرنسيين. وكان مفترضاً أنه بالتوازي، ستعمد الجزائر لعمل مشابه. بيد أن شيئا من هذا لم يتحقق. يضاف إلى ذلك أن المبادرات العديدة التي أمر بها ماكرون كالاعتراف بمسؤولية الشرطة الفرنسية في اختفاء واغتيال المناضل الشيوعي الداعم للثورة الجزائرية موريس أودان، أو موت المحامي الجزائري علي بومنجل، وإعادة جماجم عدد من المناضلين الجزائريين... ولذا، فإن ماكرون كان حريصاً على أن تساهم زيارته في غلق هذا الملف.
من هنا، نص الإعلان المشترك على إنشاء لجنة مشتركة من المؤرخين الفرنسيين والجزائريين «مهمتها مراجعة أرشيف الفترة الاستعمارية وحرب الاستقلال»، في فرنسا كما في الجزائر من أجل جلاء الحقيقة التاريخية. وبحسب ماكرون، فإن المهم ليس الاعتذار بل معرفة حقيقة ما جرى. ويهدف عمل المؤرخين من الجانبين «إلى معالجة جميع القضايا، بما في ذلك تلك المتعلقة بفتح وإعادة الأرشيف والممتلكات ورفات مقاتلي المقاومة الجزائرية، وكذلك تلك الخاصة بالتجارب النووية والمفقودين، مع احترام الذاكرة» من الجانبين.
ولأن شريحة الشباب هي المستقبل، فإن الطرفين اتفقا على إنشاء فضاءات في البلدين لتكون متاحف ومساحة للإبداع والحوار والتبادل بين الشباب الفرنسي والجزائري. ومن المقرر أن تستقبل هذه الفضاءات الباحثين والفنانين والشباب من فرنسا والجزائر الذين سينفذون مشاريع مشتركة، لا سيما في مجال الإبداع السينمائي. كذلك اتفق الطرفان على إنشاء «حاضنة» للشركات الناشئة في الجزائر بدعم من «الهياكل العامة والخاصة» وتعزيز التدريب من خلال التعاون بين الجامعات، مع إعطاء الأولوية للاقتصاد الرقمي والانتقال إلى الطاقة النظيفة والصناعات الثقافية والصحة. كذلك سيعمل معهدا باستور في فرنسا ونظيره في الجزائر على زيادة تبادل الباحثين عبر مختبر أبحاث مشترك.
وستنشأ مدرسة بدعم من رجل الأعمال الفرنسي كزافيي نيل لتدريب الشباب غير الحائزين على شهادات في ترميز الأجهزة الإلكترونية. وأخيرا، اتفق البلدان على تعزيز تعاونهما في الحفريات الأثرية، لا سيما في تيبازة (شمال الجزائر) وتعزيز تدريب علماء الآثار وعلى «تعزيز العمل على صيانة المقابر الأوروبية والحفاظ على تراثها المتميز».
هكذا تبدو زيارة ماكرون، منظورا إليها من فرنسا، ناجحة بمختلف المقاييس بحيث إنه لم يتردد، في اليوم الثاني من زيارته، في الحديث عن «قصة حب» بين بلاده والجزائر أرادها مبنية على الإبداع والشباب والشتات من الطرفين. وقال ماكرون «ما موجود وسيبقى قائما (بين البلدين) هو قصة احترام وصداقة وأجرؤ على القول قصة حب».
ولأنه يرى المستقبل في الطلاب والشباب، أكد أن 8 آلاف طالب جزائري سيفدون هذا العام وهم سينضمون إلى الثلاثين ألفا الذين يقبلون كل عام في فرنسا في الجامعات والمعاهد الفرنسية. ويضاف إلى ما سبق أن الرئيسين بحثا مطولا ملف التأشيرات للمواطنين الجزائريين، ويمس هذا الملف بالكثير من الحساسية لاعتبارات سياسية من الجانبين ولأن ماكرون أمر العام الماضي بخفض التأشيرات بنسبة النصف. وكشف ماكرون أنه تناول هذا الملف مع تبون إلى ما بعد منتصف ليل الخميس - الجمعة. والنتيجة أن باريس ستسهل التأشيرات للفنانين والرياضيين والمقاولين والسياسيين ولعائلات مزدوجي الجنسية وأنهما اتفقا كذلك على محاربة الهجرات غير الشرعية وأبدت الجزائر استعدادها لاسترداد مواطنيها الذي لا يحق لهم البقاء على الأراضي الفرنسية.
- هل يعني ما سبق أن شهر عسل جديدا قد انطلق بين الطرفين؟
يبدو التزام جانب الحذر ضروريا نظرا للخيبات السابقة ولحساسية العلاقات بين الطرفين. ويكفي أن يصدر تصريح جاف من هذا الجانب أو ذاك حتى تتلبد الأجواء وتتراجع العلاقات. صحيح أن الطرفين بحاجة لبعضهما البعض اقتصاديا وأمنيا واستراتيجيا وسياسيا، لكن يتعين أخذ الواقع السياسي الداخلي لكل طرف وللضغوط التي ستحصل من طرف المتشددين أو الذين يعتبرون أنفسهم متضررين من التفاهم بين العاصمتين.
- زيارات الرؤساء الفرنسيين الرسمية إلى الجزائر
> كان فاليري جيسكار ديستان أول رئيس فرنسي يزور الجزائر في العام 1975، أي بعد 13 سنة على حصول الجزائر على استقلالها وآخرهم ماكرون. وما بين الاثنين زار جميع الرؤساء الفرنسيين الجزائر رسمياً: فرنسوا ميتران أواخر العام 1981، وجاك شيراك في العام 2003، ونيكولا ساركوزي في العام 2007 وفرنسوا هولاند بنهاية العام 2012.
- أرقام الاقتصاد والتجارة والاستثمارات
> أفادت وثائق الجمارك الفرنسية أن المبادلات التجارية بين فرنسا والجزائر، وفق أرقام العام 2020، بلغت 6.9 مليار يورو. وتحتل فرنسا المرتبة الثانية كجهة مصدرة للجزائر بحصة سوقية نسبتها 10.6 في المائة، بعد الصين (16.8 في المائة). كذلك فإن فرنسا هي الزبون الثاني للجزائر بعد إيطاليا إذ أنها تستوعب 13.3 في المائة من مجمل الصادرات الجزائرية التي تتشكل أساسا من المحروقات (غاز وبترول) بنسبة 91 في المائة. أما واردات الجزائر فتتركز على الصادرات الغذائية والأدوية والسيارات وقطع الغيار والكماليات. وتمثل مشتريات الجزائر من فرنسا 13.3 في المائة من مجمل مشترياتها. ولكن تبين الإحصائيات الرسمية منذ العام 2013 وحتى العام 2020 تراجع حصة فرنسا تصديرا واستيرادا. ويعد العام 2020 الأسوأ بين الأعوام الثمانية.
أما بالنسبة للاستثمارات الفرنسية المباشرة في الاقتصاد الجزائري، فقد بلغ مجموعها في العام 2020 ما يساوي 2.4 مليار يورو بحيث تحتل فرنسا المرتبة الثالثة بعد الولايات المتحدة وإيطاليا. وتتركز هذه الاستثمارات بشكل خاص في القطاع المالي (البنوك والتأمين بنسبة 36 في المائة) تليها الصناعات (السيارات والأدوية والأغذية والكيماويات بنسبة 29 في المائة) والتعدين (معادن ونفط بنسبة 23 في المائة).


مقالات ذات صلة

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

شمال افريقيا الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

أكد وزيران جزائريان استعداد سلطات البلاد لتجنب سيناريو موسم الحرائق القاتل، الذي وقع خلال العامين الماضيين، وسبّب مقتل عشرات الأشخاص. وقال وزير الفلاحة والتنمية الريفية الجزائري، عبد الحفيظ هني، في ندوة استضافتها وزارته مساء أمس، إن سلطات البلاد أعدت المئات من أبراج المراقبة والفرق المتنقلة، إضافة لمعدات لوجيستية من أجل دعم أعمال مكافحة الحرائق، موضحاً أنه «سيكون هناك أكثر من 387 برج مراقبة، و544 فرقة متنقلة، و42 شاحنة صهريج للتزود بالمياه، و3523 نقطة للتزود بالمياه، و784 ورشة عمل بتعداد 8294 عوناً قابلاً للتجنيد في حالة الضرورة القصوى».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

التمست النيابة بمحكمة بالجزائر العاصمة، أمس، السجن 12 سنة مع التنفيذ بحق وزير الموارد المائية السابق، أرزقي براقي بتهمة الفساد. وفي غضون ذلك، أعلن محامو الصحافي إحسان القاضي عن تنظيم محاكمته في الاستئناف في 21 من الشهر الحالي، علماً بأن القضاء سبق أن أدانه ابتدائياً بالسجن خمس سنوات، 3 منها نافذة، بتهمة «تلقي تمويل أجنبي» لمؤسسته الإعلامية. وانتهت أمس مرافعات المحامين والنيابة في قضية الوزير السابق براقي بوضع القضية في المداولة، في انتظار إصدار الحكم الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

استقبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في مقر القصر الرئاسي بالجزائر، الثلاثاء، الدكتور عبد الله آل الشيخ، رئيس مجلس الشورى السعودي الذي يقوم بزيارة رسمية؛ تلبية للدعوة التي تلقاها من رئيس مجلس الأمة الجزائري. وشدد آل الشيخ على «تبادل الخبرات لتحقيق المصالح التي تخدم العمل البرلماني، والوصول إلى التكامل بين البلدين اللذين يسيران على النهج نفسه من أجل التخلص من التبعية للمحروقات، وتوسيع مجالات الاستثمار ومصادر الدخل»، وفق بيان لـ«المجلس الشعبي الوطني» الجزائري (الغرفة البرلمانية). ووفق البيان، أجرى رئيس المجلس إبراهيم بوغالي محادثات مع آل الشيخ، تناولت «واقع وآفاق العلاقات الثنائية الأخوية، واس

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

قضت محكمة الاستئناف بالعاصمة الجزائرية، أمس، بسجن سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس الراحل، 12 سنة مع التنفيذ، فيما تراوحت الأحكام بحق مجموعة رجال الأعمال المقربين منه ما بين ثماني سنوات و15 سنة مع التنفيذ، والبراءة لمدير بنك حكومي وبرلماني، وذلك على أساس متابعات بتهم فساد. وأُسدل القضاء الستار عن واحدة من أكبر المحاكمات ضد وجهاء النظام في عهد بوتفليقة (1999 - 2019)، والتي دامت أسبوعين، سادها التوتر في أغلب الأحيان، وتشدد من جانب قاضي الجلسة وممثل النيابة في استجواب المتهمين، الذي بلغ عددهم 70 شخصاً، أكثرهم كانوا موظفين في أجهزة الدولة في مجال الاستثمار والصفقات العمومية، الذين أشارت التحقيقات إلى تو

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

ما خيارات القاهرة لمواجهة تأثير توترات البحر الأحمر على قناة السويس؟

سفينة حاويات خلال عبورها قناة السويس المصرية في وقت سابق (أ.ف.ب)
سفينة حاويات خلال عبورها قناة السويس المصرية في وقت سابق (أ.ف.ب)
TT

ما خيارات القاهرة لمواجهة تأثير توترات البحر الأحمر على قناة السويس؟

سفينة حاويات خلال عبورها قناة السويس المصرية في وقت سابق (أ.ف.ب)
سفينة حاويات خلال عبورها قناة السويس المصرية في وقت سابق (أ.ف.ب)

جددت تصريحات رسمية في مصر حول تراجع إيرادات قناة السويس المصرية بنسبة 60 في المائة، التساؤلات بشأن خيارات القاهرة لمواجهة تأثير توترات البحر الأحمر على القناة. وبينما تحدث بعض الخبراء عن «بعض خيارات للقاهرة»؛ منها «الدبلوماسية، والتجارية»، أكد آخرون أن «الجهد المصري نتائجه محدودة بسبب تشعب الأسباب السياسية التي أدت إلى هذه التوترات، وعلى رأسها الحرب في غزة».

وقال وزير المالية المصري، محمد معيط، إن «إيرادات قناة السويس تراجعت بنسبة 60 في المائة». وعزا الوزير المصري هذا التراجع، في تصريحات على هامش «اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين بواشنطن، أخيراً، إلى «استمرار التوترات بالبحر الأحمر».

وتستهدف جماعة «الحوثي» اليمنية، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، سفناً بمنطقة البحر الأحمر وباب المندب، تقول إنها «مملوكة أو تشغلها شركات إسرائيلية»، وتأتي الهجمات رداً على الحرب المستمرة في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. ودفعت تلك الهجمات شركات شحن عالمية لتجنب المرور في البحر الأحمر، وتغيير مسار سفنها إلى طريق رأس الرجاء الصالح، رغم ما يسببه هذا التغيير من ارتفاع في تكلفة الشحن المالية والزمنية.

ورأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بمصر»، د. أيمن عبد الوهاب، أن «الخيارات السياسية المتاحة لمصر لمواجهة توترات البحر الأحمر تعتمد على استمرار التحركات الدبلوماسية لتعزيز الاستقرار بالمنطقة». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر تحتاج إلى تكثيف تحركاتها السياسية مع الأطراف كافة؛ للتوصل إلى بناء توافق دولي لتعزيز الاستقرار بالبحر الأحمر، وليس فقط تأمين حركة السفن». وبحسب عبد الوهاب، فإنه «على القوى الإقليمية والدولية خفض مستوى التنافس على موانئ البحر الأحمر، والسعي إلى مستوى أكبر من التنسيق».

مدمرة أميركية في البحر الأحمر لحماية السفن من هجمات الحوثيين (الجيش الأميركي)

وقدّر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في تصريحات له فبراير (شباط) الماضي، تراجع عائدات القناة «بنسبة بين 40 و50 في المائة». كما أعلن رئيس هيئة قناة السويس، الفريق أسامة ربيع، في تصريحات فبراير الماضي، أن «إيرادات القناة انخفضت في يناير (كانون الثاني) الماضي، بنسبة 46 في المائة على أساس سنوي، من 804 ملايين دولار إلى 428 مليوناً».

وذكر الخبير الاقتصادي المصري، د. وائل النحاس، لـ«الشرق الأوسط» أن «خيارات مصر الحالية لمواجهة تراجع إيرادات قناة السويس نتيجة توترات البحر الأحمر، هي الاتجاه إلى زيادة الصادرات في المجالات كافة لضمان تدفق دولاري منتظم».

وكان «البنك الدولي» قد أشار في تقرير له، الاثنين الماضي، إلى أن استمرار الأزمة الناجمة عن هجمات «الحوثي» على السفن المارة في البحر الأحمر، وانخفاض حركة عبور قناة السويس، «سوف يتسبب في خسائر بنحو 3.5 مليار دولار في العائدات الدولارية لمصر». وأكد التقرير حينها أن «قناة السويس تعد مصدراً رئيسياً للعملات الأجنبية لمصر، وبلغت إيراداتها 8.8 مليار دولار، أي ما يعادل 25 في المائة من صافي الاحتياطيات الدولية في عام 2023». ولفت إلى أن «القناة كانت مسؤولة عن نحو ثمن حركة الشحن العالمية، وما يعادل 30 في المائة من حركة الحاويات في العالم».

في غضون ذلك، تحدثت أستاذة النقل واللوجيستيات في مصر، د. آية الجارحي، عن «خيارات لوجيستية» لدى مصر لتعويض تراجع إيرادات قناة السويس، وقالت إن من هذه الخيارات «تعزيز حركة التجارة البرية عبر دول الجوار». وأكدت لـ«الشرق الأوسط» أن «مصر بدأت بالفعل تنفيذ مشروعات تعزز هذا الاتجاه، منها مشروع القطار الكهربائي السريع الذي يسهل نقل البضائع عبر الموانئ المصرية المختلفة في وقت قياسي، ثم عبور هذه البضائع إلى دول الجوار، مثل المملكة العربية السعودية، وتصديرها بعد ذلك إلى دول أخرى»، مضيفة أن «مصر تعمل على تنفيذ العديد من مشروعات الطرق للربط البري بينها وبين عدد من دول الجوار لتسهيل حركة نقل البضائع».

مروحية عسكرية تابعة للحوثيين تحلّق فوق سفينة شحن بالبحر الأحمر خلال وقت سابق (رويترز)

وتعد قناة السويس المصرية مصدراً رئيسياً للعملات الأجنبية لمصر، والتي يؤثر انخفاض إيراداتها على تدفق العملة الدولارية في البلاد، وهو ما يعد أحد أبرز التحديات الاقتصادية الحالية لمصر. (الدولار يساوي 48.33 جنيه في البنوك المصرية).

في سياق ذلك، وصف وزير الخارجية المصري الأسبق، رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير محمد العرابي، فُرص التحركات المصرية لمواجهة تأثيرات توترات البحر الأحمر على حركة الملاحة بقناة السويس بـ«المحدودة». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر وحدها لا تستطيع التأثير في معادلة استمرار التوترات بالبحر الأحمر، وأي جهد مصري نتائجه محدودة بسبب تشعب الأسباب السياسية التي أدت إلى هذه التوترات وعلى رأسها الحرب في غزة». العرابي ذكر أنه «قد يكون الرهان الأكبر على تكثيف الدول الكبيرة التي تأثرت تجارتها بهذه التوترات مثل الصين والهند لتحركاتها الدولية لاحتواء التوترات».


«تكتّل إحياء ليبيا» يقترح «خريطة طريق» يقودها أبو الغيط

اجتماع سابق احتضنته الجامعة العربية وضم المنفي وصالح وتكالة (المجلس الأعلى للدولة)
اجتماع سابق احتضنته الجامعة العربية وضم المنفي وصالح وتكالة (المجلس الأعلى للدولة)
TT

«تكتّل إحياء ليبيا» يقترح «خريطة طريق» يقودها أبو الغيط

اجتماع سابق احتضنته الجامعة العربية وضم المنفي وصالح وتكالة (المجلس الأعلى للدولة)
اجتماع سابق احتضنته الجامعة العربية وضم المنفي وصالح وتكالة (المجلس الأعلى للدولة)

اقترح «تكتّل إحياء ليبيا»، برئاسة عارف النايض، «خريطة طريق» جديدة لمعالجة الأزمة السياسية المتردية في البلاد، تقودها جامعة الدول العربية، وذلك «لتجنيب ليبيا مزيداً من الانهيار الأمني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي».

ويأتي مقترح التكتل على خلفية استقالة عبد الله باتيلي، المبعوث الأممي السابق من منصبه، فيما ينتظر الليبيون قدوم الدبلوماسية الأميركية ستيفاني خوري، التي سبق أن عيّنها الأمين العام لـ«الأمم المتحدة» أنطونيو غوتيريش، نائبة لممثله الخاص في بعثة «الأمم المتحدة» بليبيا.

أبو الغيط في لقاء سابق بجامعة الدول العربية بعضو المجلس الرئاسي الليبي عبد الله اللافي (الجامعة العربية)

وقال النايض في مقترحه، الذي تقدم به للأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط، إن «منصب المبعوث الأممي إلى ليبيا صار شاغراً، وسيصعب إيجاد البديل بذات الصلاحيات سريعاً»، ورأى أن «الفرصة الآن مهيأة لأن تأخذ الجامعة بزمام المبادرة، وتصدر قراراً يلزم مجلسي النواب و(مجلس الدولة) بتشكيل حكومة مصغرة للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المتزامنة خلال 30 يوماً، كحدّ أقصى».

وعدّ النايض، الذي تدّرج في توضيح «خريطة الطريق» المقترحة، أن «هناك فرصة هامة لجامعة الدول العربية لاستعادة زمام المبادرة»، وقال إنها (الجامعة) «هي من أصدر القرار في عام 2011 الذي استطاع مجلس الأمن بموجبه فرض البند السابع على ليبيا، وهي من تستطيع إخراجها من هذا الوضع».

رئيس «تكتل إحياء ليبيا» عارف النايض (الشرق الأوسط)

ورأى النايض في حديثه إلى «الشرق الأوسط» أن الجمود السياسي الذي تعيشه ليبيا راهناً «جعلها عرضة للاقتسام والنهب الممنهج، وإلى التفتت والقابلية للاحتلال الأجنبي»، وتطرق إلى ما يعانيه بلده من فساد، قائلاً: «الوضع الفاسد راهناً لم يعد يطاق، والشعب يتم إفقاره بشكل يومي، وقد تندلع حرب أهلية جديدة في أي وقت».

وليس للجامعة العربية مبعوث في ليبيا منذ رحيل السفير صلاح الدين الجمالي في 13 سبتمبر (أيلول) عام 2019، لكنها تعمل من خلال عقد اللقاءات والاجتماعات بقادتها السياسيين على تقريب وجهات النظر.

وأوضح مقترح «خريطة الطريق» أنه بإمكان الجامعة خلال 10 أيام دعوة رؤساء مجالس «الرئاسي والنواب والدولة» لاجتماع «طارئ ونهائي لحسم جميع التفاصيل والآليات لتطبيق القوانين الانتخابية المنشورة فعلاً في الجريدة الرسميّة والملزمة للجميع، وألا يخرجوا من الاجتماع إلا باتفاق حاسم وملزم للجميع».

عبد الله باتيلي المستقيل من منصبه (البعثة)

وتلي هذه الخطوة، وفقاً للنايض، «إرسال الجامعة مخرجات الاجتماع إلى مجلس الأمن، بحيث تطبق تحت البند السابع بقرار من مجلس الأمن»، ثم «يختار مجلس النواب رئيس (الحكومة المصغرة)، بالتشاور مع (مجلس الدولة)، ويمنحه الثقة، ليشكل رئيس الحكومة فريقه دون تدخل، وتعترف الجامعة العربية بالحكومة الجديدة، وترفعها إلى مجلس الأمن للاعتراف الدولي بها».

وقال النايض إن مهمة هذه (الحكومة المصغرة) «التركيز على إنجاز الانتخابات بحسب الجدول الزمني المحدد قانوناً، وتقديم الخدمات الضرورية للمواطنين، ولا يحق لها توريط البلاد في أي التزامات نحو أي دولة أخرى، أو المماطلة في تسليم السّلطة فور إنجاز الانتخابات».

وللحديث عن شرعية الأجسام السياسية الراهنة، قال النايض في تصريحه: «ليس هناك من سبيل لتجديد الشرعية في ليبيا إلا من خلال انتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة وعاجلة، ولا سبيل إلى الانتخابات إلا بتشكيل حكومة استحقاقات انتخابية مصغرة، توصل البلاد إلى الانتخابات حسب القوانين النافذة».

كما وجّه النايض حديثه للنخبة السياسية، التي تريد أن تحكم ليبيا بضرورة «تقديم برامجها، وعرض نفسها على الشعب الليبي، المصدر الوحيد للشرعية»، عادّاً أن «سياسة الاستحواذ الأنانية على السلطة، ومعاملة المال العام كغنيمة مكشوفة مرفوضة. وهناك 2.8 مليون ليبي وليبية سجلوا للانتخابات، ومن حقهم اختيار قياداتهم».

وكانت الجامعة العربية قد عيّنت الدبلوماسي التونسي الجمالي مبعوثاً للأمين العام للجامعة العربية لدى ليبيا، عام 2016، خلفاً للفلسطيني الدكتور ناصر القدوة.

كما تطرقت «خريطة الطريق» إلى سبل الإشراف على الاستحقاق المنتظر، وأوكلتها للمفوّضية الوطنية العليا للانتخابات، على أن تشكّل اللّجنة العسكرية «5+5» غرفة مشتركة تشرف على التأمين العسكري للانتخابات في أنحاء البلاد كافة، وذلك بإشراف من المجلس الأعلى للقضاء.

ومع انتهاء مراحل العملية الانتخابية، وفقاً للمقترح، «تحضر الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي، و(الأمم المتحدة) مراسم تنصيب الرئيس الليبي الجديد والمجلس التشريعي الجديد، وتضمن التسليم السلس والسلمي للسلطات».

وخلال السنوات الماضية، شهدت ليبيا عشرات المبادرات السياسية، التي طرحتها «الأمم المتحدة» وبعض الدول الإقليمية والغربية، بقصد حلحلة الأزمة المستعصية منذ إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي.

وفي أعقاب إقالة باتيلي، عادت الأصوات المحلية المنادية بضرورة تبني «حلول وطنية، قبل فوات الأوان»، وهي الرؤية التي تمسك بها النائب الأول لرئيس مجلس النواب، فوزي النويري، الذي قال إنه «يتوجب على كل الليبيين بجميع أطيافهم الالتفات إلى بلادهم، وصنع الحل وطنياً بعيداً عن المجتمع الدولي، حتى لا يبكي الجميع على الأطلال بعد فوات الأوان، وذلك بعد استقالة المبعوثين الأمميين إلى ليبيا، التي تكررت أكثر من مرة».


مصر تكثف اتصالاتها لاحتواء التوتر في المنطقة

إطلاق سابق لصواريخ دفاع جوي من نظام القبة الحديدية الإسرائيلي (أرشيفية - د.ب.أ)
إطلاق سابق لصواريخ دفاع جوي من نظام القبة الحديدية الإسرائيلي (أرشيفية - د.ب.أ)
TT

مصر تكثف اتصالاتها لاحتواء التوتر في المنطقة

إطلاق سابق لصواريخ دفاع جوي من نظام القبة الحديدية الإسرائيلي (أرشيفية - د.ب.أ)
إطلاق سابق لصواريخ دفاع جوي من نظام القبة الحديدية الإسرائيلي (أرشيفية - د.ب.أ)

أكدت مصر أنها «سوف تستمر في تكثيف اتصالاتها مع جميع الأطراف المعنية والمؤثرة من أجل احتواء التوتر والتصعيد الجاري في المنطقة»، معربة في إفادة رسمية صادرة عن وزارة الخارجية المصرية، الجمعة، عن «قلقها البالغ» تجاه استمرار التصعيد المتبادل بين إسرائيل وإيران، إثر ما تردد عن «توجيه ضربات صاروخية ومسيرات ضد مواقع في إيران وسوريا»، بحسب الإفادة.

وطالبت مصر الطرفين بـ«ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، والامتثال الكامل لقواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة»، محذرة من «عواقب اتساع رقعة الصراع وعدم الاستقرار في المنطقة، وآثارها الخطيرة على أمن وسلامة شعوبها».

وأعلنت إيران أن انفجارات وقعت في وسط البلاد وفي وقت مبكر من الجمعة، بينما تحدث مسؤولون أميركيون عن «هجوم إسرائيلي رداً على هجمات غير مسبوقة بطائرات مسيّرة وصواريخ ضد إسرائيل الأسبوع الماضي»، لكن وكالة «تسنيم» الإيرانية للأنباء نقلت عن مصادر مطلعة قولها إنه «لا معلومات تشير إلى هجوم من الخارج»، بحسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

ومنذ الهجوم الإيراني بالمسيّرات على إسرائيل، الأسبوع الماضي، تبذل القاهرة جهوداً مكثفة لـ«احتواء التصعيد»، و«منع اتساع رقعة الصراع»، حيث أجرى وزير الخارجية المصري، سامح شكري، اتصالات مع نظرائه في الولايات المتحدة وإيران وإسرائيل، الأحد الماضي، ركزت في مجملها على «الدعوة لضبط النفس» مع تأكيد «استعداد القاهرة للتعاون مع الشركاء سعياً لنزع فتيل الأزمة».

كما بحث وزير الخارجية المصري، الجمعة، مع وزيرة العلاقات الدولية والتعاون بجنوب أفريقيا، ناليدي باندور، في العاصمة بريتوريا، آخر المستجدات في قطاع غزة، بحسب إفادة رسمية للمتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد. وجدد شكري، خلال اللقاء، التأكيد على «رفض مصر التام لأية عملية عسكرية في رفح الفلسطينية، نظراً لتداعياتها الإنسانية الخطيرة»، مشدداً على «ضرورة الوقف الفوري والدائم لإطلاق النار في قطاع غزة، وضمان نفاذ المساعدات الإنسانية بشكل كامل وآمن ودون أية عوائق».

وحذر وزير الخارجية المصري من «الخطورة البالغة للأزمة الراهنة، التي يُمكن أن تخرج عن إطار السيطرة»، مؤكداً «أهمية تكثيف التواصل مع الأطراف الدولية والإقليمية المعنية من أجل وقف التصعيد واحتواء الأزمة الراهنة».

أدخنة تصاعدت من خان يونس جراء الغارات الإسرائيلية قبل أيام (د.ب.أ)

وأشاد شكري بـ«موقف جنوب أفريقيا الثابت الداعم للقضية الفلسطينية، وحل الدولتين كأساس للتسوية النهائية، والداعم للجهود المصرية فيما يتعلق بالدفع قدماً بإيجاد حل عادل ودائم لتلك القضية».

وكانت جنوب أفريقيا قد أقامت دعوى في محكمة العدل الدولية في يناير (كانون الثاني) الماضي، وطلبت اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة، واتهمت تل أبيب بارتكاب «إبادة جماعية» في حربها على القطاع.

وتلعب مصر إلى جانب قطر والولايات المتحدة دور الوسيط من أجل التوصل لاتفاق هدنة في غزة بين إسرائيل وحركة «حماس»، يجري خلالها تنفيذ صفقة لتبادل الأسرى من الجانبين، وعقد الوسطاء جولات تفاوض غير مباشرة منذ يناير الماضي، لم تسفر حتى الآن عن اتفاق.

وبدوره، أكد مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير رخا أحمد حسن، «أهمية الاتصالات والجهود الدبلوماسية الرامية لمنع اتساع رقعة الصراع في المنطقة»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه الجهود قد تنجح في وقف التصعيد لا سيما أن الولايات المتحدة وطهران لا ترغبان في توسيع الصراع». وأوضح أن «طهران ترغب في الخروج من حالة العزلة، واستعادة علاقاتها مع دول المنطقة، ولذلك لا ترغب في الدخول في حرب، ومن هنا كانت الضربة التي وجهتها لإسرائيل محدودة ودون خسائر، من قبيل إرسال رسالة بأنها قادرة على الوصول إلى تل أبيب».

في نفس الوقت يؤكد مساعد وزير الخارجية الأسبق أن «الولايات المتحدة لا تريد توسيع الصراع لا سيما أنها في عام انتخابات، وتل أبيب تدرك أنها غير قادرة على توجيه ضربة موجعة لإيران دون مساعدة واشنطن».

وسبق أن حذرت القاهرة أكثر من مرة من اتساع رقعة الصراع في المنطقة، وهو ما أعاد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي التأكيد عليه خلال مؤتمر صحافي مع العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة في القاهرة، الأربعاء الماضي. وقال السيسي حينها، إن «مصر سبق أن حذرت كثيراً من تبعات الحرب في غزة، سياسياً وأمنياً وإنسانياً، إضافة على ما ستجر من اتساع للصراع وامتداد حتمي لدعوات التصعيد والانتقام ما يدخل المنطقة في دائرة من العنف والعنف المضاد». وشدد على «ضرورة التكثيف والتشجيع الفوري لجهود إيقاف التصعيد سواء في الأراضي الفلسطينية أو على المستوى الإقليمي».

فلسطينيون ينصبون خياماً بالقرب من الحدود المصرية بعد فرارهم من المعارك العنيفة بين الجيش الإسرائيلي و«حماس» (د.ب.أ)

ومن جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة «قناة السويس» المصرية، الدكتور جمال سلامة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الجهود الدبلوماسية رغم أهميتها؛ فإن نجاحها متوقف في هذه القضية على الموقف الإسرائيلي، وما إذا كانت ستكتفي بالضربة المحدودة جداً التي وجهتها، الجمعة، لإيران، أم ستعمد إلى توجيه هجمات أخرى»، مشيراً إلى أن «العملية محصورة بين قوتين إقليميتين إسرائيل وإيران». ولفت إلى «مساعي الولايات المتحدة الضغط على إسرائيل حتى لا يتوسع الصراع».

وأضاف سلامة أنه رغم التحذيرات الدولية فإن «الحرب في غزة بدأت تتوسع لتمتد إلى مناطق أخرى في الإقليم، ما ينذر بمخاطر كبيرة يصعب التكهن بها». وتابع: «العالم كله يطالب بضبط النفس، لكن الأمر متوقف على سلوك إسرائيل».

وفي سياق متصل، أعرب وزير الخارجية المصري، الجمعة، عن «أسفه لعجز مجلس الأمن عن إصدار قرار يُمكن دولة فلسطين من الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة».

واستخدمت الولايات المتحدة، الخميس، حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار قدمته الجزائر بمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة. وبلغ عدد الأعضاء الذين صوتوا لصالح منح فلسطين العضوية الكاملة في جلسة عقدها مجلس الأمن، 12 دولة، في حين امتنعت دولتان عن التصويت هما بريطانيا وسويسرا.

وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، في منشور عبر حسابه على «إكس»، الجمعة، إنه «أمر مؤسف للغاية أن يستخدم الفيتو لإعاقة إرادة دولية واضحة بالموافقة على انضمام فلسطين عضواً كاملاً في الأمم المتحدة». وأضاف: «نعلم أنها ليست سوى خطوة في طريق كفاح سياسي طويل سينتهي حتماً بانتصار الإرادة الفلسطينية المدعومة عربياً ودولياً».


مصر وجنوب أفريقيا تدعوان إلى «حلول ناجزة» للأزمة السودانية

وزير الخارجية المصري يجري مباحثات مع وزيرة العلاقات الدولية والتعاون بجنوب أفريقيا (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يجري مباحثات مع وزيرة العلاقات الدولية والتعاون بجنوب أفريقيا (الخارجية المصرية)
TT

مصر وجنوب أفريقيا تدعوان إلى «حلول ناجزة» للأزمة السودانية

وزير الخارجية المصري يجري مباحثات مع وزيرة العلاقات الدولية والتعاون بجنوب أفريقيا (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يجري مباحثات مع وزيرة العلاقات الدولية والتعاون بجنوب أفريقيا (الخارجية المصرية)

أعربت مصر وجنوب أفريقيا عن تطلعهما لتكثيف العمل المشترك من أجل التوصل إلى «حلول ناجزة» للأزمة السودانية تفضي إلى «وقف الصراع المسلح ونزيف الأرواح والدماء»، وأكدتا «ضرورة الاحترام الكامل لسيادة السودان ووحدته وسلامة أراضيه، وأهمية الحفاظ على الدولة السودانية ومؤسساتها».

وأشار وزير الخارجية المصري، سامح شكري، الجمعة، إلى «ضرورة تعامل المجتمع الدولي والأطراف المانحة مع الأمر على نحو جاد وشامل، والوفاء بتعهداتها التي قطعتها في مؤتمر المانحين يونيو (حزيران) 2023، وفي اجتماع باريس الدولي لدعم السودان ودول الجوار الذي عُقد في 15 أبريل (نيسان) الحالي».

جاءت التأكيدات «المصرية - الجنوب أفريقية» خلال مباحثات أجرها شكري، مع وزيرة العلاقات الدولية والتعاون بجنوب أفريقيا، ناليدي باندور، في العاصمة بريتوريا، الجمعة، تناولت العلاقات الثنائية والمستجدات الإقليمية والدولية، وذلك على هامش أعمال «اللجنة المشتركة بين مصر وجنوب أفريقيا».

ووفق إفادة لمتحدث وزارة الخارجية المصرية، أحمد أبو زيد، الجمعة، فإن الوزيرين أشادا خلال المباحثات بالزخم الذي تشهده العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين في الآونة الأخيرة، وكذا مستوى التشاور والتنسيق القائم بشأن كل القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وهو الأمر الذي انعكس في زيادة وتيرة اللقاءات والاتصالات الثنائية على مستوى القيادة السياسية والمستويات كافة، وبما يحقق مصالح البلدين والشعبين.

وأضاف أبو زيد أن الوزيرين أكدا أهمية تعزيز مستوى التنسيق بين مصر وجنوب أفريقيا في كل القضايا ذات الصلة بالاتحاد الأفريقي، وعلى رأسها الإصلاح المؤسسي وترشيد الإنفاق وتعزيز آليات المراقبة وانتخاب قيادات المفوضية لعام 2025، أخذاً في الحسبان الدور الرئيسي للبلدين على الساحة الأفريقية، لما تتمتعان به من ثقل دولي وإقليمي.

وأكد شكري خلال اللقاء على الأهمية التي توليها مصر لعضويتها بمجلس السلم والأمن الأفريقي، منوهاً بأن «هناك عدداً من الموضوعات التي سيجري التركيز عليها لتعزيز بنية السلم والأمن في القارة الأفريقية».

مباحثات مصر وجنوب أفريقيا تناولت الأزمة السودانية (الخارجية المصرية)

وذكر متحدث «الخارجية المصرية» أن الوزير شكري أكد خلال لقاء باندور تطلع مصر للقيام بدور فاعل ومؤثر داخل تجمع «بريكس» والتعاون عن قرب مع جنوب أفريقيا من أجل الإسهام في جهود التجمع الرامية إلى إيجاد حلول عملية قابلة للتنفيذ لمواجهة التحديات التي تعاني منها دولنا، والتي تتطلب تكثيف العمل المشترك في إطار التعاون الجنوب – جنوب، فضلاً عن التنسيق معاً لتعزيز قدرة التجمع على التعبير عن رؤى دول الجنوب لجعل مؤسسات الحوكمة الاقتصادية العالمية أكثر استجابةً لتطلعات وتحديات الدول النامية.

وانضمت المملكة العربية السعودية ومصر وإيران والإمارات وإثيوبيا بداية من يناير (كانون الثاني) الماضي إلى تجمع «بريكس» الذي يضم روسيا والبرازيل والصين والهند وجنوب أفريقيا.

وخلال مباحثات شكري وباندور، الجمعة، اتفقا على أهمية العمل معاً للتعبير عن أولويات الدول النامية، خصوصاً الأفريقية منها في «مجموعة العشرين». وأشارا إلى أهمية تعامل «مجموعة العشرين» بشكل عاجل وفعال لمعالجة أزمة الديون، والتي طالت أكثر من 37 دولة منها 21 دولة أفريقية.

وبحث الجانبان مختلف القضايا والملفات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وفى مقدمتها تعزيز الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي، والأوضاع في ليبيا، وتداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية على المنطقة والبلدين.

ووفق متحدث «الخارجية المصرية» تناول اللقاء المخاطر المتنامية للتوترات الجارية في البحر الأحمر وتبعاتها الجسيمة على أمن وسلامة الملاحة الدولية، وذلك بخلاف معالجة مسببات الإرهاب والتغيرات غير الدستورية في منطقة الساحل وغرب أفريقيا.

وأكد الوزيران «ضرورة الحفاظ على التنسيق القائم بين مصر وجنوب أفريقيا إزاء كل هذه القضايا والتحديات، خصوصاً في ضوء ما يمر به العالم من ظرف حرج وتحديات كبيرة تستلزم التكاتف بين البلدين من أجل مجابهة التحديات لتحقيق مصالح الشعبين وضمان أمن دول وشعوب القارة».

وأعربت مصر في وقت سابق عن قلقها من اتساع رقعة التوترات العسكرية في منطقة جنوب البحر الأحمر، ودعت إلى تعاون جميع دول الإقليم لدعم الاستقرار والسلام والقضاء على بؤر التوتر والصراعات في تلك المنطقة.

وفي وقت سابق، مساء الخميس، قال أحمد أبو زيد، إن الوزير شكري سوف يرأس الجانب المصري المشارك في أعمال «الدورة العاشرة للجنة المشتركة بين مصر وجنوب أفريقيا» بمشاركة عدد من كبار المسؤولين عن الوزارات والجهات الوطنية المعنية من الجانبين.

ووفق أبو زيد فإن «اللجنة المشتركة بين مصر وجنوب أفريقيا» تنعقد كل عامين بالتناوب، وتستهدف متابعة وتعزيز آليات العمل المشترك والتعاون في مجالات متعددة دبلوماسية وسياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية.


مصر تؤكد «التصدي بقوة» لحالات الاستيلاء على أراضي الدولة

اجتماع سابق للحكومة المصرية (مجلس الوزراء المصري)
اجتماع سابق للحكومة المصرية (مجلس الوزراء المصري)
TT

مصر تؤكد «التصدي بقوة» لحالات الاستيلاء على أراضي الدولة

اجتماع سابق للحكومة المصرية (مجلس الوزراء المصري)
اجتماع سابق للحكومة المصرية (مجلس الوزراء المصري)

في تحرك جديد للتصدي بقوة للتعديات على الأراضي المملوكة للدولة المصرية، تبدأ الحكومة، السبت، المرحلة الثالثة لإزالة التعديات على الأراضي المملوكة للدولة والأراضي الزراعية، والتي تستمر حتى 9 مايو (أيار) المقبل. وأكدت الحكومة المصرية، الجمعة، «التصدي بقوة» لحالات الاستيلاء على أراضي الدولة. وتوعدت بإجراءات قانونية ضد المخالفين.

وشددت الحكومة المصرية خلال السنوات القليلة الماضية من إجراءاتها لاسترداد أراضي الدولة، والتعامل بكل حسم مع مخالفات البناء في جميع المحافظات المصرية، عبر موجات إزالة متتالية يحددها جدول زمني، تجري مراقبته من قبل رئاسة مجلس الوزراء؛ بهدف «الحفاظ على رقعة الأرض الزراعية، ومنع التعدي عليها، بوصفها ثروة قومية ومصدراً أساسياً لإنتاج الغذاء»، بحسب تصريحات وزير التنمية المحلية المصري، هشام آمنة.

وقال آمنة، الجمعة، إن جميع المحافظات أتمت استعداداتها لتنفيذ المرحلة الثالثة من الموجة الحالية من حملات الإزالة، في ظل التنسيق المستمر بين الأجهزة التنفيذية من جهات الولاية والوحدات المحلية والجهات المعنية على مدار اليوم، مشدداً على تكثيف الحملات التي تنفذها الأجهزة التنفيذية بالمحافظات؛ للحفاظ على حقوق الدولة واسترداد حق المصريين، خاصة أيام الإجازات والعطلات الرسمية، واتخاذ الإجراءات القانونية كافة تجاه من يتلاعب بممتلكات الدولة.

وأوضح الوزير المصري أن إجمالي ما تم استرداده خلال المرحلتين الأولى والثانية لإزالة التعديات بلغ «نحو 1.5 مليون متر مربع بإجمالي 8002 من المباني المخالفة، وإزالة 2758 حالة تعد على الأراضي الزراعية بمساحة 5626 فداناً زراعياً. ووجّه المحافظين باستمرار التركيز على حالات التعدي على نهر النيل والمجاري المائية بصورة رئيسية، وكذا حالات التعدي بالبناء على الأراضي الزراعية.

أحد التعديات على أملاك الدولة المصرية (مجلس الوزراء المصري)

عضو «لجنة الإدارة المحلية» بمجلس النواب المصري (الغرفة الأولى للبرلمان)، النائب السيد شمس الدين، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن التعدي على أراضي الدولة المصرية «جريمة»، مبيناً أن مجلس النواب «غلّظ عقوبة هذه الجريمة بجعلها من الجرائم المخلة بالشرف والأمانة، وذلك للحد من هذه الجريمة»، لكن رغم ذلك «هناك تعديات لا تزال مستمرة، وتكثر في أيام العطلات، التي يستغلها بعض المصريين في البناء والتجاوز».

وينص القانون المصري على أن «التعدي على الأراضي الزراعية أو الشروع فيها يعاقب صاحبه بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تزيد على خمس سنوات، وبغرامة لا تقل عن خمسمائة ألف جنيه ولا تزيد على عشرة ملايين جنيه، وتتعدد العقوبة بتعدد المخالفات». وغلّظ البرلمان المصري أخيراً من العقوبة في تعديلات قانون الزراعة، حيث جرّم التعدي على الرقعة الزراعية؛ إذ يرى القانون أن «التعدي بالبناء على الأراضي الزراعية جريمة من الجرائم المخلة بالشرف والأمانة». كما وافقت الحكومة المصرية على مشروع قرار بـ«إيقاف جميع أنواع الدعم للمتعدين على أراضي الدولة».

وأكد شمس الدين «ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة بشكل حازم، للتصدي بكل حزم للتعديات على أملاك الدولة والأراضي الزراعية ونهر النيل، وما يتم رصده من مخالفات البناء، والتعامل مع تلك المخالفات، وتنفيذ الإزالة الفورية لأي تعدٍّ من جانب المحافظين في كافة المحافظات المصرية».

وبشأن ما تم إعلانه من نتائج حول ما تم استرداده خلال المرحلتين الأولى والثانية من موجة إزالة التعديات، أوضح شمس الدين أن «النتيجة مُرضية وهناك تنفيذ فوري فعلي»، مبيناً أنه «كان هناك بعض التقاعس في البداية ببعض المحافظات المصرية، لكن مع توجيهات القيادة السياسية والتشديد على إزالة التعديات، تمت المرحلتان بشكل جيد جداً».


الزنتان تلّوح بورقة سيف القذافي في مشهد عسكري «محتقن»

سيف الإسلام نجل الرئيس الراحل معمر القذافي (أ.ف.ب)
سيف الإسلام نجل الرئيس الراحل معمر القذافي (أ.ف.ب)
TT

الزنتان تلّوح بورقة سيف القذافي في مشهد عسكري «محتقن»

سيف الإسلام نجل الرئيس الراحل معمر القذافي (أ.ف.ب)
سيف الإسلام نجل الرئيس الراحل معمر القذافي (أ.ف.ب)

دفع الانقسام السياسي الحاد الذي تمر به ليبيا بعض الأطراف العسكرية والاجتماعية بالزنتان إلى استدعاء «ورقة» سيف الإسلام، نجل الرئيس الراحل معمر القذافي مجدداً والتلويح بها في وجه «خصومه»، في مشهد لا يخلو من «احتقان» بالمدينة. كما أدى إلى اعتقال أحد داعميه بجنوب البلاد.

ونظّم موالون لسيف القذافي بالزنتان استعراضاً عسكرياً مهيباً، مساء (الخميس)، شاركت فيه «كتيبة أبو بكر الصديق»، وبعض الأطراف الاجتماعية والأمنية بالمدينة، مؤكدين تمسكهم مجدداً بدعم سيف القذافي للترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

وتلا أحد الموالين لسيف بياناً عكس لهجة حادة موجهة لـ«الداخل والخارج»، متحدثاً عما سماه «محاولات مشبوهة من بعض الأطراف المحلية والدولية لمنع سيف من الترشح للانتخابات وتقدم الصفوف لخدمة بلاده».

وسبق لـ«كتيبة أبو بكر الصديق»، وهي إحدى المجموعات المسلحة التي تسيطر على مدينة الزنتان (160 كيلومتراً جنوب غربي طرابلس)، إطلاق سراح سيف القذافي في يونيو (حزيران) عام 2017، طبقاً لقانون العفو العام الصادر عن برلمان شرق ليبيا، لكنها أبقته تحت حراستها نحو 10 أعوام، قبل أن يظهر خلال تقديم أوراق ترشحه للانتخابات عام 2021.

فيما تعهد أنصار سيف، الذين شددوا عقب الاستعراض العسكري على «عدم السماح بإقصائه سياسياً»، وانتقدوا تدخل بعض الدول في الشؤون الليبية بمساعدة من سموهم «الذين نصبوا أنفسهم أوصياء على أرزاق البلاد ورقاب العباد، بعد أن اغتصبوا مراكز السلطة والنفوذ، وفرطوا في ثروات البلاد».

وقالوا إن الأوضاع التي تعيشها ليبيا «تفرض على كل الشرفاء أن يتنادوا لرصّ الصفوف والعمل معنا لتخليصها من الطغمة الفاسدة، التي دفعت البلاد إلى حافة حرب أهلية لا تبقي ولا تذر»، معلنين أن «أبناء الزنتان يرفضون كل هذه الأساليب».

بيان منسوب لسيف الإسلام القذافي رائج على حسابات أنصاره

وظل سيف القذافي مقيماً في الزنتان تحت حراسة مشددة، ولم يظهر للعيان طوال عشرة أعوام إلى حين تقدمه بأوراق ترشحه للانتخابات التي كانت مقررة في نهاية 2021، لكنها تأجلت إلى أجل غير مسمى. ويتنقل نجل القذافي، بحسب مقربين منه، بين الزنتان وبعض مدن الجنوب الليبي.

ودعا الموالون لنجل القذافي الشعب للوحدة والتعاون والعمل بكل الوسائل المشروعة «لاسترداد بلادنا المستباحة»، وقالوا إنهم «لن يسمحوا باستمرار مسلسل العبث الذي ألحق الضرر بالبلاد وأهلها»، قبل أن يحذروا «من التضليل بهدف إضاعة حقوق الشعب الليبي في تجديد شرعية مؤسساته وسلطاته من خلال إنجاز الانتخابات خدمة لمصالح طغمة فاسدة».

كما جدد الموالون للنظام السابق التمسك بتشكيل «حكومة مصغرة» لإجراء الانتخابات دون إقصاء لأحد، وأعلنوا دعمهم (للأخ الدكتور) سيف القذافي في خوض الترشح لهذا الاستحقاق، نظراً لما يمتلكه من «مؤهلات قيادية والتزام وطني صادق وخبرة سياسية واسعة»، محذرين من أنهم لن يسمحوا لكل ما سموه «المحاولات المشبوهة» أن تحول دون ترشحه.

وتداول الموالون لسيف القذافي رسالة عدّوها تأييداً لهم، وقالوا إنه كتبها بخط يده، لم تتضمن سوى الآية القرآنية «لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم، ولكن الله ألّف...»، كما تداولوا رسالة مقتضبة نسبت إلى شقيقه الساعدي القذافي تشيد بموقف الزنتان، بعدها «جبلاً عظيماً وركناً شديداً».

عدد من المسؤولين وسط شوارع زليتن (أ.ف.ب)

في سياق ذلك، أعلنت مجالس اجتماعية عديدة في مدن تدين بالولاء لنظام القذافي، دعمها لبيان الزنتان، لكن أطرافاً داخل المدينة، التي اعتقل فيها سيف القذافي، رفضوا تحدث مجموعة من أنصاره باسمها. وقالت وسائل إعلام محلية إن كتائب وأعيان وحكماء من الزنتان يرفضون بيان المجموعة المسلحة، التي أعلنت ولاءها لسيف القذافي باسم المدينة، مؤكدين «موقفها السلمي والبعيد عن أي صراعات من شأنها إدخال البلاد في صراعات».

وبينما عدّ أنصار سيف القذافي عودته وخوضه للانتخابات «حقاً دستورياً» بعدّه مواطناً ليبياً، قالت عضو الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور الليبي، رانيا الصيد، إن الأول «يظهر من خلال قصاصات مكتوبة، أو ممثلين يتحدثون نيابة عنه في بيانات أو يظهر صورة دون صوت، مع وعود بأنه سيلقي كلمة إلى الشعب الليبي مرتقبة منذ 3 سنوات تقريباً».

ورأت الصيد في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «الأمر مريب؛ وكأن سيف غير قادر على الحديث، أو يعاني من مشكلة ما، ويتم استخدامه فقط كصورة للضغط في كل تغيير سياسي لنيل بعض المكتسبات لأنصاره، أو لمحاولة شد الانتباه إلى أن له مؤيدين ويجب أخدهم بعين الاعتبار».

وعقب ترحيبه ببيان الزنتان، أعلن مقربون من رئيس المجلس الأعلى لقبائل ومدن فزان، الشيخ علي أبو سبيحة، اعتقاله في وقت مبكر من صباح (الجمعة)، متهمين جهاز الأمن الداخلي التابع لحكومة أسامة حماد، المكلفة من مجلس النواب، بالقبض عليه، لكن الأخير لم يعلن ذلك حتى مساء (الجمعة).

وأبو سبيحة، شخصية مرموقة بجنوب ليبيا، ورئيس فريق سيف الإسلام القذافي، المشارك في اجتماعات المصالحة الوطنية التي يرعاها المجلس الرئاسي الليبي. وسبق أن أشاد ببيان الزنتان لجهة المطالبة بالإسراع في إجراء الانتخابات الرئاسية، ودعم ترشح (الدكتور) سيف الإسلام للانتخابات أسوة ببقية المترشحين.

من جهته، قال الناشط الليبي، طارق الزنتاني، إن البيان الذي تلته «كتيبة أبو بكر» لا يمثل مدينته «بقدر ما يمثل سرية أو كتيبة عسكرية فقط لا يتجاوز عدد أفرادها 300 شخص، ولا تزيد عدد مركباتها الآلية على 500 سيارة»، وقال موضحاً، إن «الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع بصفتي أحد أفراد مدينة الزنتان، أن جميع هذه السرايا والكتائب والألوية (ميليشيات) لا يمثلون إلا أنفسهم ومصالحهم الضيقة».


الحكومة الجزائرية تكشف أسباب طرد صحافي من البلاد

الصحافي عليلات (من حسابه بفيسبوك)
الصحافي عليلات (من حسابه بفيسبوك)
TT

الحكومة الجزائرية تكشف أسباب طرد صحافي من البلاد

الصحافي عليلات (من حسابه بفيسبوك)
الصحافي عليلات (من حسابه بفيسبوك)

بينما بررت السلطات الجزائرية منع صحافي جزائري شهير من دخول البلاد، بحجة «الخط التحريري المعادي» للمجلة التي يشتغل لحسابها، يرى مراقبون أن الجدل الذي أثارته هذه القضية مرتبط بانتخابات الرئاسة المقررة الخريف المقبل، على أساس أن الحكومة لا تفضل أن تتعاطى مع الأقلام التي تعدها «غير موضوعية».

وزير الإعلام خلال استقباله عدداً من الصحافيين في فاتح فبراير 2024 وعاتبهم بشدة على ما عدّه انفلاتاً من جانبهم (الوزارة)

وقال محمد لعقاب، وزير الاتصال، مساء الخميس بوهران (غرب) خلال مؤتمر إعلامي، إن الصحافي فريد عليلات الذي منعته شرطة مطار العاصمة من دخول البلاد، عندما حطت به طائرة قادمة من باريس، الجمعة الماضي: «يشتغل في مجلة جان أفريك (أفريقيا الشابة) الفرنسية، التي اتخذت مواقف غير ودية تجاه الجزائر، وأقصد بذلك من الناحية المهنية»، في إشارة إلى أن المواد التي تنشرها المجلة عن الجزائر «مسيئة»، في تقدير لعقاب، الذي قدم لأول مرة تفسيراً للحادثة منذ وقوعها قبل أسبوع.

وما تأخذه الحكومة الجزائرية، حسب وزيرها، على المجلة أنها «تنشر أحياناً أخباراً غير صحيحة، وأحياناً تعتمد المبالغة في بعض القضايا، ولا تتحدث عن الأشياء الإيجابية التي تجري عندنا، وكأن الجزائر ليس فيها ما هو إيجابي». وأضاف الوزير موضحاً: «أحيانا تربط بين قضايا وتقحم الجزائر فيها، من دون صلة منطقية، وتسعى من وراء ذلك إلى تشويه صورتها»، مبرزاً أن المجلة الفرنسية «غير مرحب بها في الجزائر في هذه اللحظة، ومرحباً بها عندنا فقط عندما تتغير نظرتها إلينا».

وزير الاتصال في أثناء وجوده بجريدة الجمهورية غرب البلاد (الوزارة)

وتابع لعقاب مبرزاً أن عليلات جزائري، «ولا أحد بإمكانه أن ينزع منه جنسيته. فعندما يدخل الجزائر في زيارات عائلية، أو لأي سبب آخر، لا يمكن لأحد أن يمنعه من ذلك، والدستور واضح بهذا الخصوص. لكن الإشكال أن (جان أفريك) تريد استغلال جنسيته الجزائرية، فتدخل بطريقة ملتوية لإنجاز أعمال صحافية. وهذا الذي نرفضه».

وأبرز الوزير أن 56 صحافياً يعملون في الجزائر مراسلين لـ36 مؤسسة إعلامية، أجنبية تمثل 18 بلداً، و«في ظل صدور كافة المراسيم التطبيقية لقوانين الإعلام الجديدة، تبقى الأبواب مفتوحة أمام وسائل الإعلام الأجنبية، الراغبة في تعيين مراسلين لها بالجزائر، أو فتح مكاتب في إطار القانون الجزائري».

وزير الاتصال خلال زيارته لمقار وسائل إعلام بولاية وهران (الوزارة)

واشتهر فريد عليلات بكتاب أصدره في فرنسا عام 2020 سماه «بوتفليقة... القصة السرية»، روى فيه تفاصيل مثيرة عن حياة الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (1999 - 2019) خصوصاً فترة حكمه. واشتغل عليلات بين تسعينيات القرن الماضي وبداية الألفية بصحيفتي «لوماتان» و«ليبرتيه» الجزائريتين (اختفتا لأسباب اقتصادية وسياسية). وهو مقيم بفرنسا منذ 2004، ولا يملك إلا الجنسية الجزائرية.

وأكد الصحافي بحسابه بـ«فيسبوك» أن شرطة المطار طردته من مطار الجزائر الدولي، «بعد أن قضيت أكثر من 11 ساعة في مباني الجمارك والشرطة القضائية في هذا المطار». وقال إن رجال الأمن استجوبوه حول «تاريخي الشخصي وتعليمي، وحالتي الشخصية. كما سُئلت عن سفري، والأشخاص الذين التقيهم عندما أزور الجزائر وكتاباتي، والسياسة التحريرية لصحيفتي وسبب سفري، وحركة الماك (انفصالية مصنفة منظمة إرهابية) والمعارضين الجزائريين في الخارج».

وسئل عليلات، حسبه، عما إذا كان لديه الجنسية الفرنسية، فأجاب بالنفي قائلاً: «لا. لدي جواز سفر جزائري واحد فقط. أنا مقيم في فرنسا منذ عام 2004. شرحت أنني أعمل على تغطية الأحداث في الجزائر لصالح (جان أفريك) منذ عام 2004. وخلال العشرين عاماً الماضية، أوضحت للشرطة أنني التقيت بمئات الأشخاص، مسؤولين ومدنيين أو عسكريين ومتحدثين آخرين، دون أن يثير أي اهتمام من جهة شرطية، أو قضائية أو أمنية أو سياسية».

وعد الصحافي ما جرى له بمثابة «طردي من بلدي دون أي تبرير شفوي أو كتابي. لم أتلق أي وثيقة مكتوبة من أي جهة رسمية لتبرير هذا القرار التعسفي، وغير القانوني والمخالف للدستور كما تنص المادة 49 منه»، التي تكفل للمواطن الجزائري التنقل بكل حرية، وأنه لا يجوز قانوناً تقييد هذه الحرية إلا بإجراء قضائي.


ما هو المطلوب دولياً وإقليمياً لإيقاف حرب السودان؟

آثار الدمار والمنازل المتضررة جراء الحرب في مدينة أم درمان 7 أبريل (رويترز)
آثار الدمار والمنازل المتضررة جراء الحرب في مدينة أم درمان 7 أبريل (رويترز)
TT

ما هو المطلوب دولياً وإقليمياً لإيقاف حرب السودان؟

آثار الدمار والمنازل المتضررة جراء الحرب في مدينة أم درمان 7 أبريل (رويترز)
آثار الدمار والمنازل المتضررة جراء الحرب في مدينة أم درمان 7 أبريل (رويترز)

دخلت الحرب بين القوات المسلحة السودانية و«قوات الدعم السريع» عامها الثاني دون إحراز أي تقدم يُذكر على صعيد الحل السلمي التفاوضي، في حين تلوح الفرصة الآن مع إعلان استئناف مفاوضات جدة السعودية خلال أسبوعين.

داخلياً، كان التصعيد العسكري، سواء في الميدان أو في خطابات القيادات العسكرية، سيد الموقف، الأمر الذي أثار مخاوف كبيرة في أوساط الخبراء والمراقبين من أن السودان ربما يكون في طريقه إلى حرب طويلة تقود إلى تقسيمه وإلى تهديد الأمن الإقليمي، ولا سيما أن الحرب طرقت بقوة أبواب شرق السودان، الذي كان بعيداً عن الحرب؛ إذ استهدفت مسيرات تابعة لـ«الدعم السريع»، في التاسع من أبريل (نيسان) الحالي، مقرات تابعة للجيش وجهاز الأمن في مدينة القضارف، شرق البلاد.

الزمن عامل حاسم

ترتبط فرص نجاح مفاوضات السلام في السودان ارتباطاً عضوياً بالتوقيت؛ إذ إن استطالة أمد الحرب تخلق عقبات جديدة تعقّد التفاوض، ومنها على سبيل المثال حدوث انشقاقات في الجيش أو «الدعم السريع». وفي هذا السياق، يحذر الدكتور بكري الجاك، الناطق الرسمي باسم «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» (تقدم) من أن الحرب في السودان، بحكم أنها تمضي أكثر في اتجاه الحشد على أسس عرقية وجهوية بدلاً من الأسس الآيديولوجية أو السياسية، فإن احتمال فقدان القيادة المركزية للطرفين السيطرة على قواتها على الأرض وارد، وكذلك تقسيم البلاد إلى مناطق نفوذ وسيطرة، سيكون الخطوة الأولى نحو تقسيم السودان.

المؤتمر الصحافي لاجتماع باريس حول السودان في ذكرى اندلاع الحرب (رويترز)

ويرى الجاك ضرورة التسريع بالوصول إلى حل تفاوضي عبر نزع شرعية الحرب داخلياً، وتكثيف الاتصالات الإقليمية والدولية لدعم السلام في السودان، تفادياً لاستطالة أمد الحرب.

الإرادة السياسية في الداخل

ويقدر خبراء الخسائر المباشرة للاقتصاد السوداني خلال عام واحد من الحرب بمائة مليار دولار. فقد جرى تدمير 90 في المائة من المصانع، كما تعطل الإنتاج الزراعي بنسبة 65 في المائة، والقطاع الخدمي بنسبة 75 في المائة. وإذا أضفنا إلى الخسائر الفرص الضائعة، تصل الخسارة إلى 200 مليار دولار. وقبل ذلك كله، فقد السودانيون أربعة عشر ألف قتيل من المدنيين، وآلاف الجرحى والمفقودين، و11 مليون نازح ولاجئ. أما الخسائر في أوساط العسكريين، فهناك تعتيم إعلامي من الطرفين حول حجمها الحقيقي، وهو كبير بلا شك. ولكن، رغم كل هذه الخسائر، لا توجد حتى الآن إرادة سياسية نافذة لدى طرفي القتال بالتوجه إلى الحل التفاوضي، رغم أن القاسم المشترك الأعظم بين ملايين السودانيين المكتوين بويلات الحرب هو الرغبة في إحلال السلام. ورغم وجود تيارات معتبرة وسط القوى السياسية المدنية ترفع شعار «لا للحرب» وتشدد على أن لا حل عسكرياً للأزمة السودانية، ظل صوت الأجندة الحربية عالياً. فهل يعني ذلك أن هذه الحرب ستطول ولا سبيل للجمها؟

تكامل الإرادتين الوطنية والإقليمية

حرب السودان، كغيرها من حروب المنطقة، من الصعب أن تتوقف دون تكامل الإرادة الوطنية المنحازة للسلام مع إرادة إقليمية ودولية داعمة وضاغطة على الأطراف العسكرية بشكل حقيقي في اتجاه قبول الحل التفاوضي. وفي هذا الإطار يرى الكاتب والمحلل السياسي الحاج وراق، أن «هناك عوامل رئيسية تحدد ما إذا كانت الحرب ستتمدد أم ستُلجم.

أطفال سودانيون لاجئون وأمهاتهم يسجلون لدى «المفوضية» في مصر (الأمم المتحدة)

العامل الأول منها هو مدى وضوح وتماسك واتساق السياسة الأميركية تجاه السودان. فأميركا منقسمة حالياً على نفسها بين رؤيتين استراتيجيتين (الديمقراطيين والجمهوريين). فإدارة بايدن الديمقراطية تتنازعها تيارات فرعية متعددة، من بينها من يدعم الحكم المدني، وأيضاً من يركز على إعادة تمكين قسم من إسلاميي (المؤتمر الوطني) تحت قيادة البرهان. وأما من يهدفون إلى حكم مدني، فهم يرددون شعارات عامة بلا مضمون محدد، وسياستهم العملية كثيراً ما تدعم العناصر المعادية للديمقراطية، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة».

ويمضي وراق في انتقاده للسياسة الأميركية، مؤكداً أن «أهداف الإدارة الأميركية المعلنة غير قابلة للتحقق؛ لأنها بلا سياسة محددة، وتتناقض مؤشراتها العملية مع بعضها، فضلاً عن أنها ستصطدم حتماً مع القوى الديمقراطية السودانية ومع دوائر مؤثرة داخل الولايات المتحدة الأميركية نفسها، ولكن رغم ذلك تظل الكثير من أوراق إنهاء الحرب السودانية عند الأميركيين، ولذلك تحتاج القوى المدنية الديمقراطية إلى استثمار انفتاح النظام الأميركي لبلورة سياسة محددة متسقة تضمن إنهاء الحرب واستعادة النظام الديمقراطي ووحدة السودان على أساس فيدرالي حقيقي».

الحرب والذهب

ومن العوامل المهمة المؤثرة على الحرب في السودان، شبكات اللصوصية التي تمولها، خصوصاً شبكات استخراج وتهريب الذهب. فهذه الشبكات، بالإضافة إلى تمويلها للحرب ودعايتها، أنشأت أضخم سوق نخاسة ورشى سياسية في البلاد. وهي تقف وراء تمزيق صفوف القوى المدنية وتسميم الأجواء المعنوية في البلاد. فإذا نجحت القوى المنحازة للسلام في تعبئة التيارات الرئيسية في الغرب، فيمكن استهداف شبكات اللصوصية هذه بعقوبات، ما يعجل بإيقاف الحرب.

الحرب السودانية طالت مناطق واسعة في البلاد (أ.ف.ب)

ومن العوامل المهمة كذلك للجم الحرب، توحد قوى السلام والحكم المدني الديمقراطي. ورغم أن «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» (تقدم) تشكل أوسع وأكبر تحالف للقوى المدنية، فإنها، حسب ورّاق، «تحتاج للانفتاح الشعبي أكثر، وإلى ضم أقسام إضافية من القوى الجديدة وغير الحزبية، كما تحتاج إلى تطوير بنائها الداخلي بما يجعلها أكثر فاعلية».

فإذا توحد تيار متماسك وفعال من القوى المدنية الديمقراطية، فإن ذلك سوف ينزع الشرعية عن الحرب، حسب الدكتور بكري الجاك، الذي شدد على ضرورة ألا تتبنى القوى المدنية سردية أي من الطرفين حول الحرب، وأن تكثف جهودها من أجل إيقافها.

ولو تكاملت الأدوار الداخلية للقوى المنحازة للسلام مع أدوار إقليمية ودولية فاعلة، سوف يقود ذلك إلى تبلور تيار مؤيد للسلام والحكم المدني بين القوى المتحاربة نفسها؛ إذ إن هناك تيارات متعددة في كل من الجيش و«الدعم السريع»، وإذا تواصل الفرز ودعمت التطورات الدولية والإقليمية والمحلية بروز تيار السلام لدى طرفَي القتال، يمكن أن يسرع ذلك في إنهاء الحرب، وطبعاً المقصود هنا ليس حدوث انقسامات أو انشقاقات؛ لأن ذلك له مخاطر، وإنما المقصود هو خلق البيئة السياسية داخلياً وإقليمياً ودولياً، بحيث يكون خيار السلام هو الخيار الوحيد الممكن عملياً.


تونس: القبض على متطرفين «خطرين» قرب الحدود مع الجزائر

قوات النخبة في حالة استنفار بعد إيقاف «أمير تنظيم إرهابي ومساعديه» (وسائل إعلام تونسية)
قوات النخبة في حالة استنفار بعد إيقاف «أمير تنظيم إرهابي ومساعديه» (وسائل إعلام تونسية)
TT

تونس: القبض على متطرفين «خطرين» قرب الحدود مع الجزائر

قوات النخبة في حالة استنفار بعد إيقاف «أمير تنظيم إرهابي ومساعديه» (وسائل إعلام تونسية)
قوات النخبة في حالة استنفار بعد إيقاف «أمير تنظيم إرهابي ومساعديه» (وسائل إعلام تونسية)

كشفت مصادر أمنية رسمية تونسية أن قوات أمنية وعسكرية من فرق النخبة المختصة في مكافحة الإرهاب أوقفت بعد عمليات أمنية مشتركة، 3 متهمين «خطرين جداً» في جرائم إرهابية في جبال محافظة القصرين المتاخمة للحدود مع الجزائر.

ورجّحت مصادر مطلعة أن يكون الموقوفون من «مجموعة جند الخلافة» الذي صنّفته السلطات الجزائرية عام 2015 والسلطات التونسية في 2021 تنظيماً إرهابياً. كما اتهم بالتعامل مع تنظيمَي «القاعدة» و«داعش» ومجموعات مسلحة إرهابية مماثلة.

وزيرا العدل والداخلية في تظاهرة عيد الأمن الوطني قبل يوم (الداخلية التونسية)

وأورد الناطق الرسمي باسم الإدارة العامة للحرس الوطني العميد حسام الدين الجبابلي أن قوات الأمن والجيش نصبت «كميناً محكماً» لثلاثة متهمين خطرين بالإرهاب في جبال المنطقة الحدودية مع الجزائر. وأمكن اعتقال قائد المجموعة، ثم اثنين من مجموعته في ظرف 24 ساعة.

تنظيم مسلح

وكشفت المصادر نفسها عن أن المتهم الأول الموقوف هو زعيم مجموعة مسلحة سرية عُرفت باسم «جند الخلافة». وهذه المجموعة متهمة بـ«ترويع المدنيين وشنّ هجمات على العسكريين والأمنيين ومصالح الناس في محافظة القصرين والمناطق الجبلية والغابات المنتشرة وكامل في المنطقة»، ولديها سوابق في الجزائر خلال صراعات قوات الأمن والجيش مع التنظيمات الإرهابية.

قوات الأمن الخاصة تعتقل 3 إرهابيين من تنظيم «جند الخلافة» (وسائل إعلام تونسية)

كما اتهمت هذه المجموعة المتشددة بالمشاركة في العمليات الإرهابية التي شهدتها تونس والدول المغاربية منذ انتفاضات 2011 التي أدت إلى «إضعاف الدولة المركزية»، بسبب إسقاط حكومات الرئيس زين بن علي في تونس ومحمد حسني مبارك ومعمر القذافي في ليبيا وانفجار «نزاعات مسلحة عنيفة في سوريا واليمن وفي المنطقة».

وأورد بلاغ رسمي للإدارة العامة للحرس الوطني أن أعضاء هذه المجموعة الإرهابية كانوا يختفون في غابات الجبال في المنطقة نفسها منذ أعوام.

قتلى وموقوفون وفارّون

وقال الوزير السابق والمحامي سمير بن عمر، المختص في قضايا المتهمين بالانتماء إلى المجموعات السلفية والمسلحة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إنه يتوقع أن يكون عدد المشتبه بانتمائهم إلى المجموعات «التكفيرية» و«التنظيمات المسلحة» بضع عشرات من «بين الفارين» بسبب برقيات تفتيش قد تكون صدرت ضدهم عن عدد من المحاكم والمؤسسات الأمنية.

وأوضح بن عمر أن عدد هؤلاء الفارين إلى الجبال كان قبل نحو عشرة أعوام أكبر بكثير، وشمل آلاف المتهمين، لكنه انخفض بعد أن قُتل كثير منهم خلال المواجهات مع القوات الأمنية والعسكرية أو شملتهم حملات الاعتقال والمحاكمات خلال العشرية الماضية من قِبل المصالح المختصة في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والتهريب.

في الوقت نفسه، كشفت تقارير نشرتها مراكز دراسات أمنية واستراتيجية تونسية ودولية، عن أن آلاف «السلفيين التكفيريين» وعناصر المجموعات المسلحة فرّوا خلال العشرية الماضية نحو ليبيا وسوريا والعراق وعدد من «بؤر التوتر» في بلدان الساحل والصحراء الأفريقية.

أحزمة ناسفة

وفي سياق متصل، توقع الخبير في الدراسات الأمنية وعالم الاجتماع، نور الدين النيفر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «تشهد المناطق الجبلية والغابات في المحافظات الحدودية مع الجزائر مزيداً من الإيقافات»؛ لأن المعطيات الأمنية والقضائية كانت تؤكد أن نسبة كبيرة من المسلحين والمتهمين بالإرهاب في كامل المنطقة يتنقلون بين الدول المغاربية ودول الساحل والصحراء.

و أوضحت مصادر وزارة الداخلية التونسية أن القوات المسلحة رصدت يوم الأربعاء عُنصرين إرهابيّين بجهة «عين الغرم»، في عمق جبل «السيف» بولاية القصرين.

وقامت السلطات الأمنية بتشكيل «فريق يضم وحدات من فرق مكافحة الإرهاب والإدارة العامّة للمصالح المختصّة للأمن الوطني وفرقة الإرشاد الحدودي للحرس الوطني». وبعد عمليات «تمشيط واسعة للمكان» و إعداد «كمين محكم» أمكن إلقاء القبض على العنصر الإرهابي المدعو سيف الدين زبيبة. وأُعلن لاحقاً صباح اليوم (الجمعة) عن إلقاء القبض على عنصر إرهابي ثالث فارّ في المنطقة الجبلية الحدودية نفسها في محافظة القصرين الحدودية. كما أُعلن عن حجز أسلحة وذخيرة وأحزمة ناسفة عند الإرهابيين.

يذكر أن هذه المتغيرات الأمنية تزامنت مع تظاهرات متنوعة في سياق احتفال السلطات بالعيد الـ68 لتونسة الأمن الوطني قي العاصمة وفي الجهات. وأشرف على بعض هذه التظاهرات الرئيس قيس سعيّد ورئيس الحكومة أحمد الحشاني ووزيرا الداخلية كمال الفقي والعدل ليلي جفال. وشملت التظاهرات تكريم عائلات الأمنيين الذين قُتلوا أو أُصيبوا خلال عمليات إرهابية منذ 2011.


تونس: المجلس الوطني للجهات والأقاليم يعقد جلسته الأولى

جانب من الجلسة الافتتاحية للمجلس الوطني للجهات والأقاليم (موقع المجلس)
جانب من الجلسة الافتتاحية للمجلس الوطني للجهات والأقاليم (موقع المجلس)
TT

تونس: المجلس الوطني للجهات والأقاليم يعقد جلسته الأولى

جانب من الجلسة الافتتاحية للمجلس الوطني للجهات والأقاليم (موقع المجلس)
جانب من الجلسة الافتتاحية للمجلس الوطني للجهات والأقاليم (موقع المجلس)

بعد مسار انتخابي طويل دام أكثر من سنة، انطلقت صباح اليوم (الجمعة) بالمقر السابق لمجلس المستشارين، الجلسة العامة الافتتاحية للمجلس الوطني للجهات والأقاليم (الغرفة النيابية الثانية) الذي تم انتخاب أعضائه خلال الأشهر الماضية، انطلاقاً من نتائج الانتخابات المحلية، مروراً بالمجالس الجهوية، ووصولاً إلى عضوية هذا المجلس، وبذلك يكون المسار السياسي الذي اقترحه الرئيس قيس سعيّد في 25 يوليو (تموز) 2021 قد اكتمل، بما في ذلك إقرار دستور جديد وقانون انتخابي جديد، واعتماد التصويت على الأفراد في الانتخابات البرلمانية (2022) والمحلية (2023) ضمن نظام التمثيل القاعدي.

ويبلغ عدد أعضاء هذا المجلس 77 عضواً، من بينهم 72 عضواً تم انتخابهم من قِبل أعضاء المجالس الجهوية بمعدل ثلاثة أعضاء عن كل مجلس (24 مجلساً جهوياً)، و5 أعضاء عن مجالس الأقاليم بمعدل عضو عن كل إقليم.

ومن المنتظر أن يصدر الرئيس سعيد أمراً رئاسياً يحدد من خلاله العلاقة بين المجلسين، وصلاحيات كل مجلس على حدة، وطريقة فض الخلافات المحتملة في حال عدم التوافق على عدد من مشاريع القوانين، وأهمها قانون المالية.

وترأست الجلسة النائبة فوزية الناوي، بوصفها الأكبر سناً (70 سنة)، وهي مترشحة عن المجلس الجهوي بمنوبة (غربي العاصمة).

وتضمن جدول أعمال هذه الجلسة الافتتاحية بالخصوص انتخاب رئيس المجلس ومساعديه، وتشكيل لجنة لإعداد النظام الداخلي، وهي تقريباً الخطوات نفسها التي اتُبعت في تركيز البرلمان التونسي، الغرفة النيابية الأولى المنبثقة عن انتخابات 2022.

وخلال هذه الجلسة العامة الأولى، قدم 12 نائباً ترشحهم لرئاسة المجلس الوطني للجهات والأقاليم، وهم: أسامة سحنون، وإبراهيم هاني، ومراد البرقاوي، وفتحي معالي، وعماد الدربالي، وسليم سالم وريم بالحاج محمد، وفوزية الناوي التي ترأست الجلسة الافتتاحية. إضافة إلى جلال القروي ويوسف البرقاوي وحسام مزالي وأمينة الحرباوي.

وتم تشكيل لجنة قارة لإحصاء الأصوات ومراقبة عمليات التصويت في انتظار الإعلان عن النتائج، ومن سيتولى رئاسة هذا المجلس الذي أثيرت حول صلاحياته الدستورية وعلاقته بالبرلمان الكثير من التساؤلات.

وحسب الفصل 85 من دستور 2022، يمارس المجلس الوطني للجهات والأقاليم صلاحيات الرقابة والمساءلة في مختلف القضايا، المتعلقة بتنفيذ الميزانية ومخططات التنمية في تونس. وتعرض وجوباً على هذا المجلس المشاريع المتعلقة بميزانية الدولة ومخططات التنمية الجهوية والإقليمية والوطنية لضمان التوازن بين الجهات والأقاليم. كما يصادق مع البرلمان على قانون المالية، ومخططات التنمية بأغلبية الأعضاء الحاضرين، على ألا تقل هذه الأغلبية عن الثلث (26 نائباً).

ويرى عدد من أساتذة القانون الدستوري أن البرلمان التونسي المنبثق عن انتخابات 2022 لا يمكنه أن يلعب دور الخصم والحكم في الوقت ذاته، عند إعداد مبادرة تنظم علاقته مع الغرفة النيابية الثانية.

وفي هذا الشأن، رأى الأمين الجلاصي، أستاذ القانون العام بالجامعة التونسية، في تصريح إعلامي، أن مجلس الجهات والأقاليم «لا يختلف كثيراً عن مجلس المستشارين، الذي بعثه الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، وكان دوره استشارياً في المقام الأول». غير أنه قد يطالب بدور أكبر، ويعطي آراءه في عدد من مشاريع القوانين، وهذه الآراء قد تكون مناقضة لرؤية البرلمان؛ وهو ما قد يجعل علاقتهما صدامية، ومن الضروري تنظيمها بقوانين واضحة تحدد بدقة صلاحيات كل طرف من الطرفين، على حد تعبيره.