افتتاح مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي وسط أجواء فرعونية

الدورة الـ29 تكرّم السعودي فهد الحارثي وتحمل فعاليات جديدة

جانب من عروض حفل الافتتاح
جانب من عروض حفل الافتتاح
TT

افتتاح مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي وسط أجواء فرعونية

جانب من عروض حفل الافتتاح
جانب من عروض حفل الافتتاح

وسط أجواء فرعونية، افتتحت، مساء الخميس، فعاليات الدورة الـ29 من مهرجات القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، والذي يستمر حتى 8 سبتمبر (أيلول) الحالي.
ودعت الدكتورة نيفين الكيلاني، وزيرة الثقافة المصرية، في كلمتها خلال الافتتاح الذي عقد بدار الأوبرا المصرية، المشاركين في المهرجان إلى «تقديم إبداعات تخرج عن الثابت المستقر وتتحاور مع خيالات طامحة لتحقيق الدهشة وأَسْر الأذهان»، مشيرة إلى أن «الدورة الحالية من المهرجات تستضيف أهم العروض التي تساير أحدث تيارات التجريب، إضافة إلى مدربين من بلادٍ ومدارسَ مختلفة في غالبية عناصر العرض».

جاء حفل الافتتاح، الذي أخرجه الفنان شادي سرور، حميماً وبسيطاً وسط استعراضات وديكورات تستلهم الحضارة الفرعونية؛ ما أضفى على الحفل أجواء غير تقليدية. في حين قوبلت أسماء المكرمين بعاصفة من التصفيق أثناء صعودهم خشبة المسرح؛ نظراً لثراء تجاربهم المختلفة، حيث تم تكريم الكاتب السعودي فهد الحارثي، ومن تونس أنور الشعافي، ومن كندا دومنيك شامبين، أما من مصر فتم تكريم الدكتور كمال عيد، وانتصار عبد الفتاح.
وقال الدكتور جمال ياقوت، رئيس المهرجان، إن «الدورة الحالية تشهد العديد من الفعاليات غير المسبوقة، مثل نشر سبع رسائل علمية أكاديمية تتماشى مع عنوان دورة المهرجان، وهو (التجريب المسرحي والتكنولوجيا الحديثة)»، حيث قدم على سبيل المثال الباحث العراقي الدكتور محمد علي عبيد، دراسة مهمة بعنوان «الواقع الافتراضي وأداء الممثل الرقمي»، بينما قدم الباحث المصري الدكتور محمود صبري رسالة دكتوراه تحمل عنوان «العلاقة بين الوسائط الرقمية ومفهوم المحاكاة في العرض المسرحي».

وزيرة الثقافة المصرية تتوسط المكرمين في افتتاح مهرجان المسرح التجريبي (وزارة الثقافة المصرية)

وأكد ياقوت، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «أهمية تلك البحوث تنبع من كونها تعالج فقر المكتبة العربية الشديد في مجال بحوث المسرح». وقال، إن «المصريين يتطلعون إلى المسرح الجاد، وهو ما يتضح من ردود الأفعال تجاه أي عمل يراهن على سمو عقل ووجدان المتفرج، ولا يركن إلى المقولة التي تزعم أن الجمهور يبحث عن الابتذال أو الخفة».
ويشارك في المهرجان 44 عرضاً مسرحياً، منها 14 عرضاً في المسابقة الرسمية، من بينها «لاعبات كرة القدم» من المكسيك، و«الوهم» من إيطاليا، و«خلال الأمواج» من الولايات المتحدة، و«شاطار» من المغرب، و«المنديل» من سوريا، و«الكوميديا الإلهية» من تونس، و«إعادة ضبط المصنع» من العراق.
وأوضح الدكتور محمد الشافعي، مدير المهرجان، أنه من «بين الفعاليات الجديدة التي تحملها الدورة الحالية إقامة مسابقة للعروض القصيرةن حيث تقدم نحو 60 عرضاً للمشاركة من مختلف دول العالم، تم اختيار 16 عرضاً»، منها العرض الليبي «إلى أين» تأليف على العبادي، إخراج عوض الفيتوري، إنتاج المسرح الوطني ببنغازي، والعرض الإماراتي «اليوم الأخير... ربما»، تأليف وإخراج محمد فروخ، وإنتاج أكاديمية الشارقة للفنون الأدائية، والعرض المصري «اسمها أنثى» إنتاج ورشة ارتجالية وإخراج همت مصطفى. وأشار الشافعي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «معايير اختيار هذه العروض تتضمن انخفاض التكلفة الإنتاجية، وقصر مدة العرض، فضلاً عن وجود مستوى لافت من التجريب، والابتكار على مستوى الفكرة والتنفيذ والأداء».

حضر حفل الافتتاح عدد من النجوم، من بينهم الفنانة المصرية سميحة أيوب، والفنانة سيمون، والفنانة الأردنية أمل الدباس، والفنان إسماعيل عبد الله، أمين عام الهيئة العربية للمسرح، وأحمد أبو رحيمة رئيس أيام الشارقة المسرحية.


مقالات ذات صلة

«لعبة النهاية»... رائعة صمويل بيكيت بالعاميّة المصرية

يوميات الشرق جانب من العرض الذي كتب نصّه صمويل بيكيت (مسرح الطليعة)

«لعبة النهاية»... رائعة صمويل بيكيت بالعاميّة المصرية

عكست ملابس الممثلين الرثّة حالة السواد التي تطغى على عالمهم، في حين وُظّفت الإضاءة في لحظات المُكاشفة الذاتية التي تتوسَّط سيل الحوارات الغارقة في السخرية...

منى أبو النصر (القاهرة)
يوميات الشرق الفنان كرم مطاوع (السينما دوت كوم)

الذكرى الـ28 لرحيل كرم مطاوع تجدّد الحديث عن معارك «عملاق المسرح»

معارك كثيرة ومواقف «قوية» اتخذها الفنان المصري الراحل كرم مطاوع في حياته، تعود إلى الواجهة مع حلول الذكرى الـ28 لرحيله.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق عروض مسرح «مونو» (إنستغرام «مونو»)

مسرح «مونو» يُخصّص ديسمبر لعروض الاحتفالات بالأعياد

رغِب مسرح «مونو» في مواكبة الأعياد على طريقته، فدعا هواة المسرح إلى اختيار ما يناسبهم ويحاكيهم من خلال 7 أعمال منوعة.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق يحاول العمل تغيير طريقة تعامل المجتمع مع المتوحد (إدارة الفرقة)

«البعد الآخر»... عرض مسرحي يستكشف العالم الخفي للمتوحدين

يستكشف العرض المسرحي الراقص «البعد الآخر» العالم الخفي للمصابين بالتوحد عبر رحلة في عقل شاب مصاب بهذا المرض، تتجسد فيه الصراعات والأحلام، والحب والوحدة.

نادية عبد الحليم (القاهرة )
يوميات الشرق ريهام عبد الغفور مع والدها الفنان الراحل أشرف عبد الغفور (إنستغرام)

ريهام عبد الغفور تُحيي الذكرى الأولى لوفاة والدها بمشاعر الفقد

أحيت الفنانة المصرية ريهام عبد الغفور، الذكرى الأولى لرحيل والدها الفنان أشرف عبد الغفور، الذي رحل عن عالمنا في 3 ديسمبر (كانون الأول) 2023، بكلمات مؤثرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

من الخطابات الرئاسية إلى قراءة الوثائقيات... «محيطاتنا» بصوت باراك أوباما

وثائقي جديد عن المحيطات من إنتاج باراك أوباما وبصوته (نتفليكس)
وثائقي جديد عن المحيطات من إنتاج باراك أوباما وبصوته (نتفليكس)
TT

من الخطابات الرئاسية إلى قراءة الوثائقيات... «محيطاتنا» بصوت باراك أوباما

وثائقي جديد عن المحيطات من إنتاج باراك أوباما وبصوته (نتفليكس)
وثائقي جديد عن المحيطات من إنتاج باراك أوباما وبصوته (نتفليكس)

ليست الوثائقيات المخصصة لاستكشاف أعماق البحار مادّةً تلفزيونية جديدة، فأول هذه الأعمال يعود إلى عام 1954. ومع مرور السنوات، توالت تلك الأفلام الوثائقية إلى أن باتت تُعَدّ بالآلاف وتملأ شاشات التلفزيون ومنصات البث. صحيح أنّها مادّة عابرة للأزمنة ولا يُملّ منها، غير أنه صار من الصعب إنتاج وثائقي آخر عن عالم ما تحت الماء، وتقديم محتوى جديد ومختلف عمّا سبق.

لعلّ التميّز والاختلاف هما أكثر ما سعى إليه فريق عمل «Our Oceans (محيطاتنا)»، السلسلة الوثائقية الجديدة التي تُعرض على «نتفليكس». وقد اجتمعت عناصر كثيرة لتحقّق هذا الهدف؛ بدءاً باللقطات الحصريّة للمخلوقات البحريّة التي جرى تصويرها بتكنولوجيا تُستَخدم للمرة الأولى ومن مسافاتٍ قريبة جداً، وليس انتهاءً بصوت الراوي... باراك أوباما شخصياً.

وما بين هاتين الميزتَين، عناصر أخرى كثيرة تجعل من مشاهَدة «Our Oceans» تجربة استثنائية، لا تختلف كثيراً عن متابعة مسلسل مشوّق وزاخرٍ بالمؤثّرات البصريّة.

تُخصَصُ كلٌ من الحلقات الـ5 لأحد محيطات هذا العالم، بدءاً بالمحيط الهادئ، وصولاً إلى الجنوبي، مروراً بالهندي والأطلسي والمتجمّد. يقول الراوي إنّ تيّاراً يسافر بين تلك المحيطات ويجعل منها عالماً واحداً. لكن بين الحلقة والحلقة، تختلف السرديّات وتتنوّع المَشاهد، لتبقى نبرة الراوي ثابتةً ومُريحة للسمع.

ليس من المنصف مقارنة موهبة أوباما الصوتيّة بأيقونة وثائقيات الطبيعة، المذيع والعالِم البريطاني ديفيد أتينبورو. فالأخير رائدٌ في مجاله وأحد مؤسسي هذا النوع من الأعمال التوثيقية، بينما أوباما حديث العهد في هذا المجال. قد يغرق الرئيس الأميركي الأسبق في السرد الرتيب أحياناً، إلا أنه يحاول جاهداً أن يجعل من صوته مرآةً للصورة المذهلة، لاجئاً إلى التلوين في النبرة، وإلى خفّة الظلّ المثيرة للابتسام، وإلى التفاعل الصوتيّ البارز مع المَشاهد المُدهشة. فأوباما، إلى جانب كونه موهبة تلفزيونية صاعدة، مدافعٌ شرس عن البيئة البَحريّة، هو الذي ترعرع في جزيرة هاواي الأميركية.

صُوّر الوثائقي بتكنولوجيا متطوّرة أتاحت الاقتراب من الكائنات البحريّة بشكل غير مسبوق (نتفليكس)

يتلاقى صوت أوباما مع نصٍّ كُتبَ بحنكةٍ وإحساسٍ عاليَين، مع لمسةٍ لافتة من الفكاهة. تتميّز السلسلة الوثائقية بسرديّتها التي لا تُشبه النصوص المرافقة عادةً لهذا النوع من المحتوى، وهي ترتكز إلى تقنية الكتابة على الصورة، أي استلهاماً ممّا تقدّمه المحيطات وكائناتها من مَشاهد مذهلة. في «Our Oceans»، تتحوّل الكائنات البَحريّة إلى شخصيات، لكلٍّ منها قصة بما فيها من كفاح وتحديات ومشاعر وعلاقات صداقة وعداوة. وأمام هكذا نص على قدرٍ عالٍ من الإنسانية، لا بدّ للمُتفرّج من أن يتماهى مع المواقف التي تواجه المخلوقات المائية والطيور البَحريّة.

في المحيط الهنديّ، يتعرّف المُشاهد إلى أنثى الحوت التي تسعى جاهدةً لأكل ما تستطيع، من أجل إرضاع صغيرها المولود حديثاً الذي يستهلك الكثير من الحليب. أمّا في المحيط الأطلسي، فيجهّز ذكور سمكة الفرّيدي الأرض لاستقبال إناثها من أجل أن تضع بيضها. تتنافس الأسماك فيما بينها لترتيب المكان وتنظيفه من كل ما قد يزعج الإناث، كالأعشاب والأصداف وحتى نجمات البحر.

يُدرك فريق «Our Oceans» أنّ المعلومات العلميّة وحدَها لا تُقنع الجمهور ولا تكفي لتُعلّقه في شرك العمل. لذلك فقد ارتأى أن يستند إلى المشاعر، من خلال ملاحقة الأسماك وسائر الحيوانات، وتصويرها ضمن مواقف يسهل التماهي البشري معها؛ كما أنثى الدب تلك في حلقة المحيط المتجمّد الشمالي، والتي تبحث بشراسة عن طريدةٍ ما من أجل إطعام صغيرها المتضوّر جوعاً.

ومن بين المَشاهد التي تذهل العين والفكر على حدٍّ سواء، ذاك الأخطبوط الصغير في المحيط الهندي، الذي يصرّ على العثور على طبقتين متجانستَين من إحدى الأصداف، كي يختبئ بينهما من عيون الأسماك المفترسة وأفواهها.

لا يعتمد الوثائقي بث المعلومات العلمية بقدر ما يرتكز إلى نص وتصوير زاخرَين بالمشاعر (نتفليكس)

ما يميّز السلسلة الوثائقية كذلك، مواكبتُها لسلوكيّات المجتمعات البَحريّة. تساعد في التقاط تلك المشاهد عن قُرب، تكنولوجيا متطوّرة جداً تُستخدم للمرة الأولى على هذا العمق. ولم تنتج عن ذلك التصوير الفريد متعة بصريّة فحسب، بل انهماكُ علماء البحار في تحضير 20 دراسة جديدة حول سلوكيّات الكائنات البحريّة، بناءً على ما شاهدوه ضمن السلسلة. مع العلم بأنّ 700 عالِم وباحث شاركوا في تحضير «Our Oceans».

من المواضيع المهمّة التي يلقي الوثائقي الضوء عليها، التلوّث البحري والآثار السلبية للتغيّر المناخي على المحيطات. يأتي ذلك انطلاقاً من الاهتمام الذي يوليه المنتجان المنفّذان، باراك وميشيل أوباما، للتوعية البيئية. وإذا كانت الحلقة الأولى مكرّسة لتصوير السِّحر البحري، فإنّ الحلقة الثانية والخاصة بالمحيط الهندي تُظهر كيف يمكن أن تتحوّل جنّة ما تحت الماء إلى حاوية نفايات ضخمة. وفي هذه الحاوية، كائناتٌ صغيرة وكبيرة تآلفت مع المواد البلاستيكية وسائر أشكال القمامة وباتت تقتات منها.

لا يغفل الوثائقي موضوع التلوّث البحري المتسببة به أيادي البشر (نتفليكس)

ليس الهدف من الوثائقي تجارياً بقَدر ما هو توعويّ إلى خطورة اليد البشريّة على جمال المحيطات. يجتاز فريق العمل 75 ألف ميل انطلاقاً من حب كبير للبحار والمياه التي تغطّي 71 في المائة من مساحة كوكب الأرض. على رأس الفريق، الثنائي الرئاسي الأميركي الأسبَق المنشغل منذ عام 2018 بمشروعٍ ترفيهيّ كبير، هو عبارة عن شركة إنتاج تُدعى Higher Ground.

اجتاز فريق العمل 75 ألف ميل واستعان بـ700 باحث وعالِم بحار (نتفليكس)

أنتجت شركة آل أوباما حتى اللحظة، أكثر من 20 مشروعاً تتنوّع ما بين أفلام روائية، ووثائقيات، ومسلسلات، وبرامج للأطفال، وبودكاست. وتُعتبر معظم تلك الإنتاجات هادفة، بما أنها تتضمّن رسائل توعويّة إنسانياً، وبيئياً، ومجتمعياً.

أمّا الموهبة الصاعدة التي يلوّن صوتُها بعض تلك الأعمال، أي باراك أوباما، فيبدو صاحبَ مستقبلٍ واعد في المجال. تُوّج مجهوده الصوتيّ بجائزة «إيمي» عام 2022 عن فئة أفضل راوٍ. وكان قد حاز سابقاً جائزتَي «غرامي» في الإطار ذاته.