معارك كثيرة ومواقف «قوية» اتخذها الفنان المصري الراحل كرم مطاوع في حياته، تعود إلى الواجهة مع حلول الذكرى الـ28 لرحيله، الاثنين، حيث رحل في 9 ديسمبر (أيلول) عام 1996 عن عمر ناهز 63 عاماً، تاركاً وراءه إرثاً فنياً يتضمن عشرات الأعمال السينمائية والمسرحية والتلفزيونية.
وبدأ كرم مطاوع مشواره في المسرح بإخراج مسرحية «الفرافير» عام 1964، من تأليف يوسف إدريس، وذلك في أعقاب عودته من أوروبا بعد أن تعرف على اتجاهات المسرح الحديث في منتصف الستينات من القرن الماضي، وبعد أن حظيت المسرحية بنجاح لافت؛ توالت أعماله المسرحية، من بينها «يس وبهية» و«الفتى مهران» و«محاكمة رأس السنة»، وفق موقع «السينما دوت كوم».
وقد خاض مطاوع معركة مع الأزهر بعد أن قرر إخراج رائعة عبد الرحمن الشرقاوي «ثأر الله» في عملين، هما «الحسين ثائراً» و«الحسين شهيداً»، ورفض الأزهر تجسيد آل البيت على المسرح، وبعد معركة طويلة استقر الأمر على أن يأتي حوار الحسين على لسان عبد الله غيث ويقول قبل كل جملة «قال الحسين».
وقدم مطاوع أدواراً لافتة في السينما، من بينها تجسيد سيرة «فنان الشعب» سيد درويش، في فيلم يحمل اسمه عام 1966 ومن إخراج أحمد بدر خان، وكذلك دوره في فيلم «إضراب الشحاتين» عام 1967 من إخراج حسن الإمام، وكانت آخر أدواره السينمائية فيلم «المنسي» من إخراج شريف عرفة عام 1993.
واهتمت الكثير من القنوات ومواقع «السوشيال ميديا» بإحياء ذكرى رحيل كرم مطاوع، وطرحت قنوات مثل «الوثائقية» المصرية ما يشبه استطلاعاً بين الجمهور عن أفضل أدوار الفنان الراحل، بينما أبرزت قناة «سي بي سي» تصريحات لابنته الفنانة حنان مطاوع تتحدث فيها عن رحيل والدها وعمرها 18 سنة، قالت فيها: «كل لحظة كنت أكبر فيها كنت أكتشف كم هو عملاق».
النجمة الجميلة حنان مطاوع عن والدها المُبدع الراحل كرم مطاوع ❤️#يوم_ليك pic.twitter.com/lq3qOZaRz2
— CBC Egypt (@CBCEgypt) December 7, 2024
وقال الناقد الفني المصري أحمد سعد الدين إن «مطاوع يعدّ من الممثلين الكبار والمهمين في تاريخ المسرح»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «المسرح بالنسبة له كان أهم من السينما والتلفزيون، وهو نفسه يردد ذلك»، مضيفاً: «كان يقول إنه يذهب للسينما ضيفاً، ورغم ذلك قدم أفلاماً مهمة جداً مثل (سيد درويش) من بطولته هو وهند رستم، ومع عادل إمام قدم فيلم (المنسي)، الذي لعب فيه دوراً مهماً للغاية».
وفيما يتعلق بمشواره في المسرح كان الراحل «مخرجاً وممثلاً من طراز فريد»؛ ولذلك منحه البعض لقب «عملاق المسرح»، بحسب سعد الدين، الذي قال: «إن مسرحية (إيزيس) التي تعدّ آخر أعمال توفيق الحكيم، والتي قدمها مع سهير المرشدي حظيت بنجاح كبير، كما قدم في بدايته (الفتى مهران)، وبالإضافة إلى ذلك كانت هناك معركة كبيرة على مسرحية (الحسين ثائراً) لكنها لم تكتمل، لكن يظل حضوره في المسرح هو الأهم». ولعب مطاوع الكثير من الأدوار في التلفزيون، أبرزها مسلسلات «أرابيسك» و«الحرملك» و«الحفار» و«نقوش من ذهب ونحاس» و«الصبر في الملّاحات».
وأشار الناقد الفني المصري إلى أن «مطاوع كان له مواقف سياسية، وربما هذا ما أبعده بعض الشيء عن مصر في السبعينات، فسافر إلى الكويت وعمل أستاذاً في معهد الفنون المسرحية الذي افتتحه زكي طليمات، وكانت له معارك كثيرة ومواقف حادة؛ لأنه كان معتزاً بنفسه وفنه للغاية، وحريصاً على أن يتم احترام الفنان وصورته في المجتمع، وكان فناناً محبوباً جداً ومميزاً في أعماله».
في حين أعاد نقاد ومثقفون عرب نشر صورهم مع الفنان الراحل، ووصفه الدكتور محمد أبو بكر حميد على صفحته على «إكس» بأنه في طليعة رجال المسرح في التمثيل والإخراج.
ونشرت قناة «ON» المصرية لقطات مجمعة لأهم أدوار الفنان كرم مطاوع في ذكرى رحيله.
ذاكرتي الادبية: في صيف سنة 1996م أقامت وزارة الإعلام اليمنية مهرجانا لباكثير وجهت فيه دعوات لرجال الفن والمسرح وكان في طليعتهم الممثل والمخرج القدير كرم مطاوع رحمه الله. والصورة حديث بيني وبين معالي وزير الإعلام يحيى العرشي وفي الوسط كرم مطاوع منصتا اثناء احد العروص المسرحية. pic.twitter.com/3H5z8QTea4
— د. محمد أبوبكر حميد (@life60force1958) August 4, 2023
من جانبه، يرى الناقد الفني المصري محمد عبد الرحمن أن «كرم مطاوع ترك فراغاً كبيراً في الساحة الفنية، ومع كل ذكرى لرحيله يزداد حجم هذا الفراغ».
مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن الراحل «نجم ومخرج مسرحي كبير ربما يعرفه الجمهور من أدواره السينمائية والدرامية القليلة، وأبرزها في فيلم (المنسي) ومسلسل (أرابيسك)، لكن على المستوى المسرحي فهو من جيل الستينات الذي حاول تطبيق ما تعلمه في أوروبا».
#كرم_مطاوع.. 28 عاما على رحيل عملاق المسرح المصري #ON pic.twitter.com/MdQMtPqPQs
— ON (@ONTVEgy) December 9, 2024
وفي ختام حديثه، قال عبد الرحمن: «إن الفنان الراحل أعاد تغيير المحتوى أو المضامين التي يجب أن يشاهدها المصريون وفرض أسلوباً خاصاً في الإخراج جعل لكل أعماله بصمات مميزة، وفي يوم ذكراه علينا أن نطالب بإعادة ترميم المسرحيات المسجلة تلفزيونياً التي أخرجها، وإعادة عرضها مرة أخرى للجمهور، وألا يقتصر هذا الأمر على كرم مطاوع فقط، لكن يتضمن أعمال كل أبناء جيله».