موجة حر شديدة تضرب مخيمات النازحين شمالي غرب سوريا

مخاوف من تدهور الوضع الإنساني بعد تسجيل عشرات الإصابات بضربة الشمس

نازح يرش أطفالاً بالمياه للتخفيف من درجات الحرارة المرتفعة (الشرق الأوسط)
نازح يرش أطفالاً بالمياه للتخفيف من درجات الحرارة المرتفعة (الشرق الأوسط)
TT

موجة حر شديدة تضرب مخيمات النازحين شمالي غرب سوريا

نازح يرش أطفالاً بالمياه للتخفيف من درجات الحرارة المرتفعة (الشرق الأوسط)
نازح يرش أطفالاً بالمياه للتخفيف من درجات الحرارة المرتفعة (الشرق الأوسط)

في ظل موجة حر شديدة وارتفاع في درجات الحرارة إلى ما يفوق الـ40 درجة مئوية في مناطق شمال غربي سوريا، تفاقمت معاناة أكثر من مليون ونصف المليون نازح يعيشون في أكثر من 1430 مخيماً تفتقر لأبسط مقومات العيش وقادرة على مقاومة العوامل الجوية. فضلاً عن أنها تنتشر في مناطق جبلية ووعرة بالقرب من الحدود السورية - التركية. وحذر ناشطون ومنظمات محلية من تدهور الوضع الإنساني بعد تسجيل عشرات الإصابات بضربة الشمس، بينهم أطفال.
تلجأ أم محمد (33 عاماً) وأطفالها الصغار، وهي نازحة من ريف حلب الجنوبي، في ظل موجة الحر الشديدة التي ضربت البلاد مؤخراً، إلى الاحتماء بظل أشجار الزيتون المجاورة لخيمتها، في ساعات الظهيرة من كل يوم، هرباً من الحر الشديد داخل الخيمة ذات السقف البلاستيكي المهترئ الذي يضاعف درجات الحرارة في داخلها، وذلك في محاولة منها لإبعاد أطفالها عن الحر ومخاطره على الصحة.
وقالت أم محمد: «موجات الحر بالنسبة للنازحين في المخيمات، هي مشكلات متجددة، يعاني منها النازح في كل عام في فصل الصيف، مع عدم توافر مقومات العيش والوسائل التي من شأنها حمايتهم من العوامل الجوية، سواء في فصل الصيف وحرّه الشديد أو فصل الشتاء وبرده القارس. في فصل الصيف، لا مراوح ولا كهرباء ولا خيم معزولة الأسقف. بينما المياه المخصصة للعائلة النازحة لا تتجاوز الـ25 لتراً للفرد الواحد، وهي لا تكفي للاستحمام لأفراد العائلة كل يوم، بحيث نكتفي برش لترات قليلة منها على أجساد الأطفال مع اشتداد الحر في النهار، بينما نحتفظ بقسط منها لتبليل سقف الخيمة في الليل وكذلك الأغطية، وما تبقى منها نستخدمه للشرب، ونمضي أغلب أوقاتنا في ساعات النهار تحت أشجار الزيتون للاحتماء بظلها».
أضافت أم محمد: «بسبب ظروفنا المادية الصعبة وعدم توافر المال لشراء قوالب الثلج لتبريد المياه في ظل الحر الشديد، نضطر إلى تعبئة مياه الشرب في غالونات صغيرة ونقوم بوضعها ضمن حفرة صغيرة بعمق نصف متر في الأرض، للمحافظة على برودتها».
وقال محمود الحسن، وهو مدير مخيم الرحمة في منطقة دير حسان شمال إدلب، إنه ناشد مع بدء موجة الحر التي ضربت البلاد مؤخراً، عدداً من المنظمات الإنسانية العاملة في مناطق المخيمات، بزيادة كمية المياه للنازحين ضمن المخيم الذي يديره ويقارب عددهم نحو 250 عائلة. إلا أن مناشداته «لم تلقَ آذاناً صاغية لمطالبه، ليدخل سكان المخيم في صراع مع الحر الشديد والبحث عن وسائل بديلة تخفف عنهم وطأة الحر وارتفاع درجات الحرارة في ساعات النهار، فمنهم من يذهب إلى تبليل الأغطية للاحتماء بها طيلة ساعات النهار، وآخرون يقومون بمزج التراب والماء والحصول على الطين ومده على أسقف الخيام للتخفيف من أشعة الشمس عليها، بينما البعض يلجأ إلى الاحتماء بظل أشجار الزيتون في المزارع القريبة من المخيمات، وهناك قلة قليلة من النازحين يمتلكون مراوح تعمل على ألواح الطاقة الشمسية والبطاريات».
ولفت إلى أن «النازحين في المخيمات يتعرضون أثناء ارتفاع درجات الحرارة وموجات الحر، إلى مخاطر عدة، منها انفجار البطاريات داخل الخيام، واشتعال النيران وتعرض البعض للحرق، وأيضاً إصابة الأطفال بضربة شمس. وهذا ما حصل قبل أيام في المخيم ذاته؛ حيث انفجرت بطارية في إحدى الخيم، واشتعلت النيران فيها وامتدت إلى 3 خيم مجاورة، ما أدى إلى إصابة رجل مسن بحروق بليغة، وتدخل عمال الإطفاء وفرق الدفاع المدني السوري لإطفاء الحريق وإنقاذ المصاب ونقله إلى المشفى. فيما تعرض 3 أطفال لضربة شمس جرى نقلهم إلى المشفى وإخضاعهم للعناية المشددة حتى الآن».
وحذرت منظمة «منسقو استجابة سوريا»، في بيانٍ لها أمس (الخميس)، من «الإصابة بضربات الشمس وظهور الأمراض الجلدية بشكل كبير، إضافة إلى مخاوف من حدوث حالات وفاة بين النازحين نتيجة ارتفاع الحرارة وفي مقدمتهم الأطفال ضمن مخيمات النازحين شمال غربي سوريا».
وأوضحت أن «أكثر من 1.8 مليون نازح يعيشون في أكثر من 1633 مخيماً لا تتوفر فيها متطلبات التعامل مع العوامل الجوية المختلفة، إضافة إلى قدم الخيم وانتهاء العمر الافتراضي لها، مما يزيد المخاوف من إصابة العديد من الأطفال وكبار السن في المخيمات بضربات الشمس وظهور الأمراض الجلدية بشكل كبير. هذا عدا المخاوف من حدوث حالات وفاة بين النازحين نتيجة ارتفاع الحرارة وفي مقدمتهم الأطفال. ولا يزال الكثير من النازحين غير قادرين على العودة إلى مناطقهم الأصلية نتيجة تدمير منازلهم من قبل قوات النظام السوري وروسيا، فضلاً عن عدم توافر البنى التحتية الأساسية للخدمات وعدم استقرار الوضع الأمني».


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

برنامج أممي يحذر من خطر سوء التغذية الحاد في اليمن

معدل انعدام الغذاء الكافي انتشر بين 62 ‎%‎ من سكان اليمن (الأمم المتحدة)
معدل انعدام الغذاء الكافي انتشر بين 62 ‎%‎ من سكان اليمن (الأمم المتحدة)
TT

برنامج أممي يحذر من خطر سوء التغذية الحاد في اليمن

معدل انعدام الغذاء الكافي انتشر بين 62 ‎%‎ من سكان اليمن (الأمم المتحدة)
معدل انعدام الغذاء الكافي انتشر بين 62 ‎%‎ من سكان اليمن (الأمم المتحدة)

حذَّر برنامج الأغذية العالمي من أن سوء التغذية الحاد في اليمن لا يزال يشكل تهديداً خطيراً لحياة الأشخاص، مع وجود 17.6 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي، ويعيشون في المرحلتين الثالثة والرابعة من التصنيف المتكامل للأمن الغذائي، من بينهم 6 ملايين شخص في حالة طوارئ، وهي المرحلة الرابعة من التصنيف.

وفي تحديثه الشهري، أكد البرنامج استمرار تدهور وضع الأمن الغذائي بسرعة، حيث يواجه 62 في المائة من السكان في جميع أنحاء اليمن الآن استهلاكاً غير كافٍ للغذاء، وهو أعلى معدل يسجله البرنامج في اليمن على الإطلاق.

3.5 مليون مستفيد من المساعدات الغذائية في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية (الأمم المتحدة)

وبحسب التحديث الأممي، فقد بدأ «برنامج الأغذية العالمي»، الشهر الماضي، توزيع المساعدات في مناطق سيطرة الحوثيين، في إطار الاستجابة السريعة للطوارئ، حيث وصل إلى 1.4 مليون شخص في 34 مديرية، بهدف تخفيف آثار قرار وقف المساعدات الغذائية هناك، نهاية العام الماضي، بسبب الخلافات مع سلطات الحوثيين.

ورداً على الزيادة «المثيرة للقلق» في سوء التغذية الحاد بمناطق سيطرة الحكومة اليمنية، ذكر البرنامج الأممي أنه بدأ، في أغسطس (آب)، استجابة طارئة في 6 مديريات بمحافظتي الحديدة وتعز (غرب وجنوب غرب)، بما في ذلك توسيع نطاق الوقاية من سوء التغذية وتوسيع نطاق المساعدات الغذائية لمدة شهرين لتشمل 115400 نازح.

البرنامج أكد أن وضع الأمن الغذائي في اليمن يتدهور. وفي الوقت نفسه، تشهد مناطق سيطرة الحكومة زيادة مقلقة في سوء التغذية الحاد. وذكر أن التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي الأخير أظهر أن سوء التغذية الحاد في اليمن «لا يزال يشكل تهديداً خطيراً».

أضرار الفيضانات

مع تسبُّب الأمطار الغزيرة في حدوث فيضانات شديدة بمناطق واسعة من اليمن في أغسطس (آب)، وتضرُّر ما لا يقل عن 400 ألف شخص، أفاد برنامج الأغذية العالمي بأنه بدأ تنفيذ خطة استجابة أولية بالتنسيق مع السلطات المحلية، من خلال تقديم المساعدة الطارئة، عبر آلية الاستجابة السريعة المشتركة بين الوكالات.

وبحلول نهاية أغسطس (آب) الماضي، قال البرنامج إن آلية الاستجابة السريعة ساعدت 120 ألف شخص متضرر من الفيضانات في جميع أنحاء اليمن. وعلاوة على ذلك، كان البرنامج يستعد للاستجابة الطارئة لـ157 ألف شخص في 40 منطقة متضررة من الفيضانات، لإكمال آلية الاستجابة السريعة وتغطية الاحتياجات.

توسيع نطاق الوقاية من سوء التغذية بين النازحين في اليمن (الأمم المتحدة)

وخلال الفترة ذاتها، اختتم البرنامج الأممي توزيع الدورة الثانية للعام الحالي، وبدأ الاستجابة السريعة للطوارئ الغذائية في مناطق سيطرة الحوثيين، التي صُممت من أجل الاستجابة لانعدام الأمن الغذائي المتزايد خلال فترة التهدئة الحالية؛ إذ تستهدف العملية 1.4 مليون شخص في 34 مديرية. وحتى نهاية الشهر الماضي، وصل البرنامج إلى 239 ألف شخص.

وفي ظل الموارد المحدودة، ولتعزيز تدابير الضمان، يقوم برنامج الأغذية العالمي بإجراء عملية إعادة استهداف وتسجيل المستفيدين من المساعدة الغذائية العامة، وتم الانتهاء بنجاح من تمرين تجريبي في مناطق سيطرة الحوثيين، ويستعد البرنامج الآن لجولة توزيع أغذية لمرة واحدة في المنطقتين التجريبيتين كمرحلة أخيرة من المشروع، وتجري مناقشة توسيع نطاقه.

جهود مستمرة

في مناطق سيطرة الحكومة، ذكر برنامج الغذاء العالمي أنه تم الانتهاء من جمع البيانات لـ3.6 مليون مستفيد؛ إذ تستمر الاستعدادات لمرحلة تحديد الأولويات، التي ستحدد قائمة منقحة لحالات المستفيدين من المساعدة المالية العامة والمساعدات الغذائية الجزئية.

ووفق ما أورده البرنامج، فقد ساعد 739 ألف امرأة حامل ومرضع، بالإضافة إلى فتيات وأطفال، في إطار برامج علاج سوء التغذية الحاد والمتوسط، كما قدم البرنامج المساعدة لـ84 ألفاً من الأطفال والرضع في إطار الوقاية من سوء التغذية الحاد، من أصل 103 آلاف شخص مستهدَف، بموجب مخصصات صندوق التمويل الإنساني.

محافظات يمنية عدة سجلت أعلى معدلات انعدام الأمن الغذائي (الأمم المتحدة)

ونبَّه البرنامج الأممي إلى أن مشروع التغذية المدرسية التابع له يواجه نقصاً حاداً في التمويل. ونتيجة لذلك، يخطط في البداية لمساعدة 800 ألف طالب في جميع أنحاء اليمن شهرياً خلال العام الدراسي الحالي، وهو عدد يساوي أقل من نصف العدد الإجمالي للطلاب الذين تم الوصول إليهم، العام الماضي، وبلغ عددهم مليونَي طفل.

ووفق البيانات الأممية، قدم برنامج الغذاء الدعم لـ59 ألف يمني، في إطار برنامج الصمود والتعافي من آثار الأزمة، وسلَّم 1.8 مليون لتر من الوقود إلى المستشفيات ومرافق المياه والصرف الصحي المحلية.

وأضاف البرنامج أنه تم توفير 125 ألف لتر من الوقود لوكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية، من خلال آلية توفير الوقود بكميات صغيرة، كما تم نقل 69 متراً مربعاً من المواد الطبية إلى ميناء الحديدة لصالح أحد الشركاء.