أنصار القذافي يحتفلون بـ«ثورة الفاتح» رغم التضييق والإقصاء

أكدوا أنهم لن يتراجعوا عن احتفالاتهم السنوية لأنهم متمسكون بـ «الوفاء» للعقيد الراحل

العقيد الراحل معمر القذافي (رويترز)
العقيد الراحل معمر القذافي (رويترز)
TT

أنصار القذافي يحتفلون بـ«ثورة الفاتح» رغم التضييق والإقصاء

العقيد الراحل معمر القذافي (رويترز)
العقيد الراحل معمر القذافي (رويترز)

تغاضى أنصار النظام السابق في ليبيا عن مقولة: «الفاتح لن يعود... وفبراير لن تسود»، ومضوا في احتفالاتهم بالذكرى الـ53 لـ«ثورة الفاتح من سبتمبر (أيلول)» التي حكم بمقتضاها الرئيس الراحل معمر القذافي البلاد أكثر من 4 عقود منذ عام 1969.
فمن قلب المدن التي لا تزال على ولائها للنظام السابق، من بينها غات وأوباري (جنوباً)، إلى بني وليد (شمالاً)، ثم سرت (وسطاً)، لاحت الأعلام الخضراء المعبرة عن حقبة القذافي، والتي أثار بعضها حفيظة معارضيها، وأكد مؤيدون للنظام السابق أنهم لن يتراجعوا عن هذه الاحتفالات السنوية، وأنهم متمسكون بوفائهم للقذافي، ودعمهم لنجله (الدكتور) سيف الإسلام، في مواجهة الذين يريدون إقصاءه من ممارسة حقه السياسي في الترشح للانتخابات.
ويرى المحلل السياسي إدريس إحميد، في حديث إلى «الشرق الأوسط» أنه «بسبب المتغيرات التي شهدتها البلاد منذ عام 2011، يشعر أنصار النظام السابق بالإقصاء من المشهد العام»، ومع استمرار الأزمة الاقتصادية والانقسام السياسي، رأى بعضهم أن «صبرهم نفد دون أن يحدث التغير المطلوب؛ وأن البلاد تسير إلى المجهول في ظل الخلافات المتفاقمة حول السلطة».
وفي «ميدان الصمود» شرقي غات، رفع أنصار القذافي علماً أخضر اللون، يزيد طوله على 6 أمتار، وسط غناء ورقص على الأغاني والأهازيج الشعرية، حاملين صور الرئيس الراحل. وقالت صفحة «تجمعنا»، وهي إحدى المنصات المهتمة بأخبار النظام السابق، إن كثيراً من الشبان يعملون على التجهيز للاحتفالات بتحضير الأعلام الخضراء، مشيرة إلى أن «محبي الثورة يرون أن عيد الثورة هذا العام سيكون مختلفاً عن بقية الأعياد».
لكن عادة ما تشهد هذه الذكرى مناوشات لفظية بين أنصار «ثورة 17 فبراير (شباط)» التي أطاحت بالقذافي عام 2011، وأنصار ثورة «الفاتح من سبتمبر» التي جاءت به إلى الحكم قبل عقود، وحملات انتقاد لاذعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
ولوحظ خلال الأيام الماضية انتشار واسع للأعلام الخضراء فوق أعمدة الإنارة، وفي شرفات المنازل، بمناطق متفرقة من البلاد، وهو ما فسره متابعون بأنها «مناكفات سياسية»، موجهة لرافضي هذه التيار، وتأتي على خلفية اعتقاد أنصار النظام السابق بـ«حرمان سيف الإسلام من خوض الانتخابات» التي تأجلت نهاية العام الماضي.
يقول إدريس إن «أنصار النظام السابق يحتفلون بهذه الذكرى بداية من نهاية شهر أغسطس (آب) كل عام إلى بدايات سبتمبر، وذلك بتعليق الأعلام الخضراء، وإطلاق الأعيرة النارية، وتنظيم المواكب في الشوارع والميادين. وقد حدثت في السنوات الماضية مآسٍ كثيرة خلال هذه الاحتفالات بسبب إطلاق النيران».
وقبل 53 عاماً من الآن، كانت ليبيا تحت حكم الملك محمد إدريس السنوسي، قبل أن يقود القذافي حركة «الضباط الوحدويين» في الجيش الليبي، وينقلب عليه ليحكم البلاد قرابة 42 عاماً. وعلى الرغم مما أحدثته «الفاتح من سبتمبر» من تغيير في البلاد، فإن هناك من ينادي بالعودة إلى النظام الملكي «لإنقاذ البلاد من التخبط السياسي».
ويدافع كثير من الليبيين -وخصوصاً في غرب البلاد- عن «ثورة 17 فبراير» عام 2011، ويرون أنها «الثورة الوحيدة التي خلصت البلاد من الديكتاتورية وحكم الفرد». وقد اندلعت هذه الثورة ضد نظام القذافي الذي سقط عندما قتله «ثوار معارضون» بمدينة سرت، مسقط رأسه، في 20 أكتوبر (تشرين الأول) من العام ذاته.
في المقابل، يقول الدكتور مصطفى الزائدي، رئيس حزب «الحركة الوطنية الليبية»، وأمين عام «الحركة الوطنية الشعبية»: «في مثل هذه الأيام قبل عقد من الزمان، كان العمل يجري على قدم وساق لافتتاح إنجاز لصالح الشعب، عندما كان الجميع يستعد لإحياء ذكرى انتصار الجيش الليبي، وتلاحم الشعب ليلة الفاتح من سبتمبر 1969، بما يليق بقدره، وما يعكس طبيعته كنصر على التبعية والاستعمار والتخلف».
وأضاف الزائدي موضحاً: «كانت أيام مجيدة، فيها أفعال وأقوال، وشهدت تدفق الماء العذب من عمق الصحراء؛ حيث توج جهاد الآباء والأجداد باعتذار تاريخي من حكومة الطليان»؛ مستدركاً: «أما اليوم فقد أصبح بعضنا يدفن قتلاه نتيجة عبث سفهاء ضالين... لقد نجح الاستعمار في العودة من أبواب فتحها بعضنا على مصراعيها، ودفع بعضنا لتخريب بلادنا وتدمير ما بنيناه لعقود، والأخطر أنه نجح في زرع روح اللامبالاة والاستهتار بقضايا الوطن».
من جانبهم، قال أمس محتفلون بذكرى «الفاتح من سبتمبر» في مدينة غات، إنهم يعلنون من خلال رفعهم الأعلام الخضراء، عن تضامنهم مع مواطني منطقة أبو هادي (20 كيلومتراً من سرت) الذين يشتكون من الحصار والتضييق، منذ 20 من أغسطس الماضي، من قبل قوات «كتيبة طارق بن زياد»، التابعة لـ«الجيش الوطني»، بالإضافة إلى إغلاق المحال والمصارف والمخابز والصيدليات.
وتعد أبو هادي من المناطق التي تدين بالولاء للنظام السابق، وقد أرجع نشطاء بالمنطقة أسباب الحصار إلى «قيام بعض المواطنين برفع الأعلام الخضراء المعبرة عن حكم القذافي، استعداداً للاحتفال بذكرى ثورة الفاتح من سبتمبر»؛ لكن مصدراً مقرباً من الكتيبة قال لـ«الشرق الأوسط»، إن الأمر يتعلق بتمركزات أمنية تستهدف «تطهير المنطقة من مهربي الوقود والخارجين عن القانون».


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

تخفيف سجن معارضة تونسية بعد تردي صحتها

عبير موسي رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعتقلة في السجن (الشرق الأوسط)
عبير موسي رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعتقلة في السجن (الشرق الأوسط)
TT

تخفيف سجن معارضة تونسية بعد تردي صحتها

عبير موسي رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعتقلة في السجن (الشرق الأوسط)
عبير موسي رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعتقلة في السجن (الشرق الأوسط)

قضت محكمة تونسية، مساء أمس (الجمعة)، بتخفيف حكم قضائي استئنافي في حق المعارضة عبير موسي، رئيسة «الحزب الدستوري الحر»، من السجن سنتين إلى سنة و4 أشهر في قضية تتعلق بانتقادها لهيئة الانتخابات، بحسب ما أكد محاميها نافع العريبي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». ومطلع أغسطس (آب) الماضي، أصدرت محكمة ابتدائية حكماً بالسجن لمدّة عامين بحقّ موسي لانتقادها أداء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مطلع عام 2023.

وأصدرت المحكمة حُكمها بموجب «المرسوم 54»، الذي أصدره الرئيس قيس سعيّد عام 2022 لمكافحة «الأخبار الكاذبة»، والذي يواجه انتقادات شديدة من المعارضة ونقابة الصحافيين. وأوقفت موسي، النائبة السابقة البالغة 49 عاماً، في 3 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 أمام القصر الرئاسي في قرطاج. وأعلنت بعد ذلك ترشحها للانتخابات الرئاسية، لكن هيئة الانتخابات رفضت ملفها لعدم استكمال الوثائق وجمع تواقيع التزكيات اللازمة. وتواجه موسي تهماً خطيرة في قضايا أخرى، من بينها «الاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة».

وجاء هذا القرار، بعد أن قال علي البجاوي، المحامي ورئيس هيئة الدفاع عن رئيسة «الحزب الدستوري الحر»، لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، إن وضعها الصحي في السجن «متدهور ولا يبشر بخير»، وذلك بعد أن قام بزيارتها في السجن الخميس، مشيراً إلى أنها «تعاني من ضعف وحالة إنهاك شديد».

مظاهرة نظمها مؤيدون لعبير موسي ضد المرسوم 54 الذي أصدره الرئيس سعيد (أ.ف.ب)

وتابع البجاوي موضحاً: «وزنها يتراجع بسبب النقص في التغذية، كما تعاني من أوجاع في الكتف والرقبة»، مبرزاً أن رئيسة «الحزب الدستوري الحر» أجرت تحاليل وخضعت لكشوفات طبية لم يتم الاطلاع على نتائجها بعد. وتواجه موسي، وهي من بين المعارضين الرئيسيين للرئيس الحالي قيس سعيد، تهمة «الاعتداء القصد منه تبديل هيئة الدولة»، التي تصل عقوبتها إلى الإعدام.

وتعود هذه التهمة إلى قضية «مكتب الضبط» للقصر الرئاسي، حين توجهت موسى إليه لإيداع تظلم ضد مراسيم أصدرها الرئيس قيس سعيد، وأصرت على إيداعه لدى المكتب، قبل أن يتم إيقافها من قبل الأمن وإيداعها لاحقاً السجن.

وعلى أثر ذلك، تقدمت هيئة الدفاع بطعن ضد قرار قضاة التحقيق. وقال المحامي البجاوي إنه «لا توجد جريمة، ورئيسة الحزب قدمت تظلمها وفق الإجراءات القانونية». وعلاوة على ذلك، تلاحق موسي أيضاً في قضايا أخرى، من بينها قضية قامت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتحريكها ضدها بتهمة نشر «معلومات مضللة» عن الانتخابات التشريعية لعام 2022، بعد إطاحة الرئيس سعيد بالنظام السياسي السابق في 2021، وصدر حكم ضدها بالسجن لسنتين في هذه القضية، لكن هيئة الدفاع تقدمت بطعن ضده.

راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة (إ.ب.أ)

وخلف القضبان تقبع شخصيات معارضة أخرى، مثل زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي، وعصام الشابي وغازي الشواشي، المتهمين بالتآمر على أمن الدولة، واللذين سبقا أن أعلنا نيتهما الترشح للرئاسة قبل أن يتراجعا عن ذلك. وتنتقد المعارضة ومدافعون عن حقوق الإنسان ومنظمات دولية وتونسية الرئيس التونسي، الذي فاز بالانتخابات الرئاسية في أكتوبر الماضي بأكثر من 90 في المائة من الأصوات، وتتهمه بـ«التضييق على الحريات».