فرنسا تسرّع في سباق الاستقلال عن الغاز الروسي رغم الصعوبات

منظر عام لمحطة بوشان التي تعمل بالغاز الطبيعي وهي محطّة تابعة لشركة كهرباء فرنسا EDF وتقع بالقرب من مدينة فالنسيان بفرنسا - 7 يوليو 2022 (رويترز)
منظر عام لمحطة بوشان التي تعمل بالغاز الطبيعي وهي محطّة تابعة لشركة كهرباء فرنسا EDF وتقع بالقرب من مدينة فالنسيان بفرنسا - 7 يوليو 2022 (رويترز)
TT

فرنسا تسرّع في سباق الاستقلال عن الغاز الروسي رغم الصعوبات

منظر عام لمحطة بوشان التي تعمل بالغاز الطبيعي وهي محطّة تابعة لشركة كهرباء فرنسا EDF وتقع بالقرب من مدينة فالنسيان بفرنسا - 7 يوليو 2022 (رويترز)
منظر عام لمحطة بوشان التي تعمل بالغاز الطبيعي وهي محطّة تابعة لشركة كهرباء فرنسا EDF وتقع بالقرب من مدينة فالنسيان بفرنسا - 7 يوليو 2022 (رويترز)

تواجه فرنسا أزمة طاقة شبيهة بالصدمات النفطية في حقبة السبعينات، ويغلق الروس الذين يؤمّنون 17 في المائة من إمدادات فرنسا في الأوقات العادية، حنفية الغاز تدريجياً عنها، مما يعد بشتاء فرنسي قاسٍ، ويهدّد بخطر انقطاع التيار الكهربائي وتقنين استخدام الغاز، لذا تنظّم فرنسا نفسها بشكل عاجل، في سباق الاستقلال عن الغاز الروسي، بحسب تقرير لصحيفة «لوفيغارو الفرنسيّة».
دعت الحكومة الفرنسيّة الشركات لتقدّم خطط توفير الطاقة بحلول نهاية سبتمبر (أيلول)، لتجنب مخاطر انقطاع الإمدادات قدر الإمكان، وإذا لم يحدث ذلك، فسوف تضطرّ الحكومة لفرض نظام شديد التقييد لـ«حقوق استهلاك» الغاز مصحوباً بعقوبات، وفق التقرير.
وبحسب التقرير، ستقدّم الحكومة الفرنسيّة مشروع قانون في منتصف سبتمبر إلى مجلس الوزراء لتسريع إنتاج الطاقة البديلة، إذ إنّ أزمة الطاقة قد تستمرّ لأنّ أوروبا (وفرنسا) تعتزم الابتعاد عن الغاز الروسي على المدى الطويل، في حين أنّ أسرع وسائل إنتاج الطاقة الشغّالة المتاحة في الوقت الحالي أمام فرنسا، هي الطاقات المتجددة، فحتى لو كانت هذه الطاقات متقطعة، فإنّ المزيد من توربينات الرياح والألواح الشمسية توفّر المزيد من الغاز أو الوقود النووي عندما تسمح الظروف الجوية بذلك.
وأشار التقرير إلى أنّ تخزين فرنسا للغاز تحت الأرض بلغ 90 في المائة من السعة القصوى للخزانات، وقد أصبح غرب فرنسا هو مركز استقبال الغاز المسال إلى البلاد، بعد أن كان الغاز يأتي بمعظمه من الشرق عن طريق روسيا.
ومع ذلك، تعيش فرنسا في حالة طوارئ من ناحية الطاقة، لأنّه يستحيل عليها، من الآن وحتى الشتاء، بناء قدرات إنتاج كهرباء جديدة أو استيراد الكثير من الغاز الإضافي.
فقد حذّرت إدارة شركة «إنجي» الفرنسية، على سبيل المثال، يوم الاثنين، من أنّ العقد الجاري التفاوض عليه حالياً بين «إنجي» والشركة الوطنية الجزائرية «سوناطراك» لا يتعلق بتسليم «سوناطراك» الغاز إليها على المدى القصير، ولكن على المدى الطويل.
وقالت الصحيفة إنّ شركة كهرباء فرنسا أمام تحدّي النجاح في إعادة تشغيل محطات الطاقة التي تم إغلاقها للصيانة ولعيوب التآكل، فيما على المشغّل تنفيذ استلحاق نووي حقيقي، ومضاعفة الطاقة النووية المشغّلة بحلول ديسمبر (كانون الأول)، فيما يبدي مستشار تنفيذي في الشركة قلقه من التأخر الحاصل في إعادة تشغيل أربعة مفاعلات نووية.
وتمثّل الطاقة المستوردة من روسيا 15 في المائة من استهلاك الطاقة في فرنسا، ولكنّها تمثّل رقماً أكبر بكثير خلال فصل الشتاء، عندما يكون الطلب على الطاقة مرتفعاً من أجل التدفئة.
وتمرّ محطات الطاقة النووية التابعة لشركة كهرباء فرنسا EDF بحالة سيئة، حيث تم إغلاق ما يقرب من نصف المفاعلات حالياً، ما جعل أسعار الطاقة تحلّق (بفعل زيادة «ندرة» منتجات هذه المحطّات).
وفي سوق الجملة، تضاعفت الأسعار بمقدار عشرة أضعاف للكهرباء في فرنسا مقارنة بأسعار ما قبل الأزمة، وبخمسة أضعاف للغاز، لكنّ الأسر لا تشعر بهذا الارتفاع الكبير بالأسعار حتى الآن، بفضل درع التعرفة (دعم الدولة للطاقة لضبط الأسعار).


مقالات ذات صلة

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

شؤون إقليمية فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

ندّدت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع عَلَم بنما، في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم «الخارجية» الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجَزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
العالم باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

قالت وزارة الخارجية الفرنسية إنها تأمل في أن يُحدَّد موعد جديد لزيارة وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني بعدما ألغيت بسبب تصريحات لوزير الداخلية الفرنسي حول سياسية الهجرة الإيطالية اعتُبرت «غير مقبولة». وكان من المقرر أن يعقد تاياني اجتماعا مع وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا مساء اليوم الخميس. وكان وزير الداخلية الفرنسي جيرار دارمانان قد اعتبر أن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني «عاجزة عن حل مشاكل الهجرة» في بلادها. وكتب تاياني على «تويتر»: «لن أذهب إلى باريس للمشاركة في الاجتماع الذي كان مقررا مع الوزيرة كولونا»، مشيرا إلى أن «إهانات وزير الداخلية جيرالد دارمانان بحق الحكومة وإي

«الشرق الأوسط» (باريس)
طرد الطيور في مطار «أورلي الفرنسي»  بالألعاب النارية

طرد الطيور في مطار «أورلي الفرنسي» بالألعاب النارية

يستخدم فريق أساليب جديدة بينها الألعاب النارية ومجموعة أصوات لطرد الطيور من مطار أورلي الفرنسي لمنعها من التسبب بمشاكل وأعطال في الطائرات، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وتطلق كولين بليسي وهي تضع خوذة مانعة للضجيج ونظارات واقية وتحمل مسدساً، النار في الهواء، فيصدر صوت صفير ثم فرقعة، مما يؤدي إلى فرار الطيور الجارحة بعيداً عن المدرج. وتوضح "إنها ألعاب نارية. لم تُصنّع بهدف قتل الطيور بل لإحداث ضجيج" وإخافتها. وتعمل بليسي كطاردة للطيور، وهي مهنة غير معروفة كثيراً لكنّها ضرورية في المطارات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم فرنسا: المجلس الدستوري يصدر عصراً قراره بشأن قبول إجراء استفتاء على قانون العمل الجديد

فرنسا: المجلس الدستوري يصدر عصراً قراره بشأن قبول إجراء استفتاء على قانون العمل الجديد

تتجه الأنظار اليوم إلى فرنسا لمعرفة مصير طلب الموافقة على «الاستفتاء بمبادرة مشتركة» الذي تقدمت به مجموعة من نواب اليسار والخضر إلى المجلس الدستوري الذي سيصدر فتواه عصر اليوم. وثمة مخاوف من أن رفضه سيفضي إلى تجمعات ومظاهرات كما حصل لدى رفض طلب مماثل أواسط الشهر الماضي. وتداعت النقابات للتجمع أمام مقر المجلس الواقع وسط العاصمة وقريباً من مبنى الأوبرا نحو الخامسة بعد الظهر «مسلحين» بقرع الطناجر لإسماع رفضهم السير بقانون تعديل نظام التقاعد الجديد. ويتيح تعديل دستوري أُقرّ في العام 2008، في عهد الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي، طلب إجراء استفتاء صادر عن خمسة أعضاء مجلس النواب والشيوخ.

ميشال أبونجم (باريس)
«يوم العمال» يعيد الزخم لاحتجاجات فرنسا

«يوم العمال» يعيد الزخم لاحتجاجات فرنسا

عناصر أمن أمام محطة للدراجات في باريس اشتعلت فيها النيران خلال تجدد المظاهرات أمس. وأعادت مناسبة «يوم العمال» الزخم للاحتجاجات الرافضة إصلاح نظام التقاعد الذي أقرّه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)


موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».