تواجه فرنسا أزمة طاقة شبيهة بالصدمات النفطية في حقبة السبعينات، ويغلق الروس الذين يؤمّنون 17 في المائة من إمدادات فرنسا في الأوقات العادية، حنفية الغاز تدريجياً عنها، مما يعد بشتاء فرنسي قاسٍ، ويهدّد بخطر انقطاع التيار الكهربائي وتقنين استخدام الغاز، لذا تنظّم فرنسا نفسها بشكل عاجل، في سباق الاستقلال عن الغاز الروسي، بحسب تقرير لصحيفة «لوفيغارو الفرنسيّة».
دعت الحكومة الفرنسيّة الشركات لتقدّم خطط توفير الطاقة بحلول نهاية سبتمبر (أيلول)، لتجنب مخاطر انقطاع الإمدادات قدر الإمكان، وإذا لم يحدث ذلك، فسوف تضطرّ الحكومة لفرض نظام شديد التقييد لـ«حقوق استهلاك» الغاز مصحوباً بعقوبات، وفق التقرير.
وبحسب التقرير، ستقدّم الحكومة الفرنسيّة مشروع قانون في منتصف سبتمبر إلى مجلس الوزراء لتسريع إنتاج الطاقة البديلة، إذ إنّ أزمة الطاقة قد تستمرّ لأنّ أوروبا (وفرنسا) تعتزم الابتعاد عن الغاز الروسي على المدى الطويل، في حين أنّ أسرع وسائل إنتاج الطاقة الشغّالة المتاحة في الوقت الحالي أمام فرنسا، هي الطاقات المتجددة، فحتى لو كانت هذه الطاقات متقطعة، فإنّ المزيد من توربينات الرياح والألواح الشمسية توفّر المزيد من الغاز أو الوقود النووي عندما تسمح الظروف الجوية بذلك.
وأشار التقرير إلى أنّ تخزين فرنسا للغاز تحت الأرض بلغ 90 في المائة من السعة القصوى للخزانات، وقد أصبح غرب فرنسا هو مركز استقبال الغاز المسال إلى البلاد، بعد أن كان الغاز يأتي بمعظمه من الشرق عن طريق روسيا.
ومع ذلك، تعيش فرنسا في حالة طوارئ من ناحية الطاقة، لأنّه يستحيل عليها، من الآن وحتى الشتاء، بناء قدرات إنتاج كهرباء جديدة أو استيراد الكثير من الغاز الإضافي.
فقد حذّرت إدارة شركة «إنجي» الفرنسية، على سبيل المثال، يوم الاثنين، من أنّ العقد الجاري التفاوض عليه حالياً بين «إنجي» والشركة الوطنية الجزائرية «سوناطراك» لا يتعلق بتسليم «سوناطراك» الغاز إليها على المدى القصير، ولكن على المدى الطويل.
وقالت الصحيفة إنّ شركة كهرباء فرنسا أمام تحدّي النجاح في إعادة تشغيل محطات الطاقة التي تم إغلاقها للصيانة ولعيوب التآكل، فيما على المشغّل تنفيذ استلحاق نووي حقيقي، ومضاعفة الطاقة النووية المشغّلة بحلول ديسمبر (كانون الأول)، فيما يبدي مستشار تنفيذي في الشركة قلقه من التأخر الحاصل في إعادة تشغيل أربعة مفاعلات نووية.
وتمثّل الطاقة المستوردة من روسيا 15 في المائة من استهلاك الطاقة في فرنسا، ولكنّها تمثّل رقماً أكبر بكثير خلال فصل الشتاء، عندما يكون الطلب على الطاقة مرتفعاً من أجل التدفئة.
وتمرّ محطات الطاقة النووية التابعة لشركة كهرباء فرنسا EDF بحالة سيئة، حيث تم إغلاق ما يقرب من نصف المفاعلات حالياً، ما جعل أسعار الطاقة تحلّق (بفعل زيادة «ندرة» منتجات هذه المحطّات).
وفي سوق الجملة، تضاعفت الأسعار بمقدار عشرة أضعاف للكهرباء في فرنسا مقارنة بأسعار ما قبل الأزمة، وبخمسة أضعاف للغاز، لكنّ الأسر لا تشعر بهذا الارتفاع الكبير بالأسعار حتى الآن، بفضل درع التعرفة (دعم الدولة للطاقة لضبط الأسعار).
فرنسا تسرّع في سباق الاستقلال عن الغاز الروسي رغم الصعوبات
فرنسا تسرّع في سباق الاستقلال عن الغاز الروسي رغم الصعوبات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة