«معركة طرابلس» تستدعي الحديث عن الانتخابات الليبية... وسط شكوك

سياسيون وصفوها بمحاولات «إبراء الذمة» تحت ضغط الاشتباكات

خالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة مستقبلاً القائم بأعمال رئيس البعثة الأممية رايزيدون زينينغا الأسبوع الماضي (المجلس)
خالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة مستقبلاً القائم بأعمال رئيس البعثة الأممية رايزيدون زينينغا الأسبوع الماضي (المجلس)
TT

«معركة طرابلس» تستدعي الحديث عن الانتخابات الليبية... وسط شكوك

خالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة مستقبلاً القائم بأعمال رئيس البعثة الأممية رايزيدون زينينغا الأسبوع الماضي (المجلس)
خالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة مستقبلاً القائم بأعمال رئيس البعثة الأممية رايزيدون زينينغا الأسبوع الماضي (المجلس)

اضطرت المعركة التي شهدتها العاصمة طرابلس بعض السياسيين في البلاد، للحديث عن ضرورة المسارعة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وسط استغراب متابعين من كثرة إهدار فرص إنجازها خلال الأشهر الماضية، وتذكرها فقط تحت ضغط نيران الاشتباكات.
وقال عضو مجلس النواب الليبي، حسن الزرقاء، إن «هذا الاستدعاء، أو بالأدق الاستنجاد بخيار الانتخابات في خضم المعركة، وبعد إهدار فرص إجرائها لمدة 8 أشهر منذ تأجيلها نهاية العام الماضي، أثار ردود فعل غاضبة بقطاعات واسعة في الشارع الليبي».
وبينما رأى الزرقاء في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الانتخابات «هي الحل الأمثل»، قال إن «طرح الأمر وسط المعارك وبعد سقوط القتلى بدا أقرب للمزايدة الواضحة في المواقف؛ خصوصاً أن كلاً من الفريقين المتصارعين فشل في ذلك خلال أوقات السلم، ومن ثم ذهبوا للحرب كطريق للسلطة».
وتابع متسائلاً: «كل الأطراف كانت تتابع التحشيد في العاصمة، فلماذا لم يطالبوا بوقفها»؟ لافتاً إلى أن «القوى الدولية كانت تتابع ما يحدث من معارك، وكان في إمكانها التحرك. فقط بعد الضغط العسكري وارتفاع عدد القتلى، بدأ كل طرف يدعو للانتخابات».
وكان المجلس الأعلى للدولة، قد دعا للعمل على تسريع إجراء انتخابات، وتوحيد مؤسسات الدولة وتعزيز الشرعية. لكن الزرقاء قال: «الليبيون غاضبون، ويدركون أن الأمر مجرد مزايدة ومتاجرة، وأنه لا يوجد طرف ليبي في السلطة يريد الانتخابات؛ كونها ستنهي وجوده السياسي»، كما أن الأطراف الغربية «لا تريد الانتخابات أيضاً، إلا إذا ضمنت أنها ستعمل على تعزيز مصالحها في ليبيا».
وانتهى إلى أن «الليبيين مغلوبون على أمرهم ما بين لململة أوضاعهم بعد الاشتباكات، وعدم القدرة على الإفصاح عن هذا الغضب، تخوفاً من ردود فعل انتقامية بحقهم».
أما عضو مجلس الأعلى للدولة، أبو القاسم قزيط، فوصف تواصل دعوات بعض القوى الدولية لإجراء الانتخابات في ظل الظروف الأخيرة التي شهدتها طرابلس، بأنها مجرد محاولة لـ«إبراء الذمة»، وقال إن هناك «تشككاً لدى قطاعات كبيرة بالشارع في جدية تلك الدعوات الدولية حول الانتخابات، أو فيما يتعلق بالحث على التهدئة، واستئناف العملية السياسية».
وذهب قزيط في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الانتخابات تحولت إلى شعار متكرر ترفعه القوى الدولية، دون تمهيد من جانبها لإجراء الاستحقاق، وهذا ما يحبط الليبيين بدرجة كبيرة».
واستكمل: «يوجد اليوم قطاع غير هين بالشارع، يتشكك في أن هذا الانسداد السياسي الذي استمر طيلة الأشهر الأخيرة، واشتباكات طرابلس، تم بضوء أخضر، فالجميع يرصد عدم وجود أي مساعدة أممية أو دولية تنتصر لليبيا، لا لفريق أو طرف سياسي بعينه».
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، قد حث الأطراف الليبية على الدخول في حوار حقيقي لمعالجة المأزق السياسي المستمر وعدم استخدام القوة لحل خلافاتهم. كما دعا السفير الأميركي والمبعوث الخاص إلى ليبيا، ريتشارد نورلاند، إلى وقف فوري لإطلاق النار، وإلى محادثات تيسّرها الأمم المتحدة بين الأطراف المتصارعة.
ويرى قزيط أن «الطريق للانتخابات بات صعباً وبعيداً جداً، بسبب ما أحدثته الاشتباكات من فرقة»، متابعاً: «لا توجد حكمة في استمرار الحديث عنها في ظل أجواء الصراع المحتدم، والخيار المنطقي أن يبدأ الجميع أولاً بالبحث عن درجة من الاستقرار السياسي والتوافق، ثم يأتي الحديث عنها بمرحلة لاحقة».
في السياق، رأى رئيس الهيئة العليا لـ«قوى التحالف الوطنية» توفيق الشهيبي، أن «الاستنجاد بالانتخابات حتى قبل هدوء المعركة، كان أمراً متوقعاً من قبل الأطراف المحلية، كما أن العودة للتعنت في المفاوضات حول قوانينها هو أمر متوقع أيضاً بعد هدوء الأوضاع».
وتوقع الشهيبي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «عودة مبكرة للخلاف مجدداً حول القوانين المنظمة للانتخابات بين مجلسي: النواب، والأعلى للدولة، وداعميهما إذا ما دعيا لمفاوضات حول شروط الترشح للرئاسة».
ويرى الشهيبي أن «الشارع رغم إحباطه من توقعات العودة للمربع ذاته، بات منهكاً في أوضاعه المعيشية من تضخم وركود غير مسبوق»، و«الآن ومع تلك الاشتباكات سوف يكون همه الرئيسي هو كيفية النجاة بحياته، وليس إجراء الانتخابات».
ولم يبتعد رئيس الهيئة التأسيسية لحزب «التجمع الوطني الليبي»، أسعد زهيو، عن الآراء السابقة، محملاً مسؤولية الاشتباكات الأخيرة «لكل الأجسام والنخب السياسية بالبلاد والمجتمع الدولي»، وأرجع ذلك «لتهربهم من إجراء الانتخابات، واستدعائها الآن لامتصاص أي غضب محتمل للشارع».
ولفت زهيو إلى الدعوة التي أطلقها رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، بضرورة الذهاب للانتخابات بعد المظاهرات الغاضبة التي وقعت الشهر الماضي في مدينة طبرق بشرق ليبيا، وأسفرت عن إحراق مقر البرلمان، وهي الدعوة ذاتها التي كررها الدبيبة الذي سبق وتعهد بإجراء الانتخابات في يونيو (حزيران) الماضي.


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

تواصُل الاشتباكات بين الجيش السوداني و«الدعم السريع» على تخوم الجزيرة

حافلة تُقلُّ عناصر من الجيش السوداني في أحد شوارع مدينة قضارف (أ.ف.ب)
حافلة تُقلُّ عناصر من الجيش السوداني في أحد شوارع مدينة قضارف (أ.ف.ب)
TT

تواصُل الاشتباكات بين الجيش السوداني و«الدعم السريع» على تخوم الجزيرة

حافلة تُقلُّ عناصر من الجيش السوداني في أحد شوارع مدينة قضارف (أ.ف.ب)
حافلة تُقلُّ عناصر من الجيش السوداني في أحد شوارع مدينة قضارف (أ.ف.ب)

بينما تتواصل الاشتباكات العنيفة بين الجيش السوداني والفصائل الموالية له ضد «قوات الدعم السريع» في ثلاثة محاور على تخوم ولاية الجزيرة وسط البلاد، تتداول منصات إعلامية معلومات عن إحراز الجيش تقدماً في الجبهة الشرقية خلال معارك، الأربعاء، في ظل عدم توفر أي معلومات رسمية صادرة عن طرفي القتال.

ووفق مصادر محلية ونشطاء، تدور معارك شرسة على كل الجبهات، حيث بدأ الجيش في شن هجوم واسع ضد دفاعات «الدعم السريع» للسيطرة على القرى، التي تشكل مداخل رئيسية إلى مدينة ود مدني، عاصمة الولاية.

ونشرت عناصر من قوات «درع البطانة»، وهي أحد الفصائل المسلحة التي تقاتل في صفوف الجيش، مقطع فيديو تقول فيه إنها سيطرت على جسر «بلدة والمهيدي»، الواقع على بعد نحو 30 كيلومتراً عن ود مدني، وذلك بعد يومين من استعادة السيطرة على مدينة أم القرى، التي تعد منطقة استراتيجية في أرض المعارك.

وتعد هذه المعارك الأعنف التي تدور في تلك المحاور، بعد التقدم الكبير للجيش خلال الأسابيع الماضية، وقدرته على استعادة غالبية مدن ولاية سنار في الجزء الجنوبي الشرقي.

وقال شهود عيان إن «قوات الدعم السريع» تنتشر بأعداد كبيرة على طول الجبهات القتالية على حدود ولاية الجزيرة، وتحدثوا عن «معارك واشتباكات عنيفة من عدة محاور»، مؤكدين أنها «لم تتخطَّ بعد بلدات رئيسية إلى حدود المدينة».

في المقابل، قالت «قوات الدعم السريع»، في بيان، إن الطيران الحربي للجيش السوداني نفَّذ سلسلة غارات جوية استهدفت مناطق الكومة والزرق ومليط، شمال دارفور، خلَّفت مئات القتلى والجرحى.

وأضاف البيان، الذي نُشر على منصة «تلغرام»، أن الطيران نفَّذ «هجوماً غادراً» على منطقة الكومة، راح ضحيته أكثر من 47 مواطناً، بين قتيل وجريح، أغلبهم من النساء والأطفال. مشيراً إلى أن الطيران كثف هجومه على الكومة، ونفّذ 72 طلعة جوية خلال الأشهر الماضية، خلَّفت مئات القتلى والمصابين، وأحدثت دماراً واسعاً في البنى التحتية والمنازل.

كما ذكر البيان أن «العدوان الجوي للجيش» استهدف خلال الساعات الماضية بلدة الزرق ومدينة مليط، مرتكباً «مجازر مماثلة».

ودعت «قوات الدعم السريع» الأمم المتحدة والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان، إلى الإسراع والتقصي بشأن «الانتهاكات وجرائم الإبادة التي تُرتكب بواسطة الطيران الحربي التابع للجيش السوداني»، والتي أودت، حسبه، بحياة أكثر من 3 آلاف من المدنيين خلال الشهرين الماضيين. وأكدت استعدادها للتعاون في إطار تقصي الحقائق، ومنح الجهات المختصة الأدلة المادية على «جرائم الطيران الحربي للجيش السوداني بحق المواطنين العزل».

ولا تزال «قوات الدعم السريع» داخل جُلّ أنحاء العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة وسط البلاد، ومناطق شاسعة في إقليم دارفور، إضافةً إلى جزء كبير من كردفان إلى الجنوب.