وفد «الشرعية» اليمنية إلى جنيف: نرفض المطالبة بقرار أممي آخر غير 2216

عضو البعثة عبد العزيز جباري: نخشى التأثير السلبي للاتصالات الحوثية ـ الأميركية على المنطقة

عبد العزيز جباري
عبد العزيز جباري
TT

وفد «الشرعية» اليمنية إلى جنيف: نرفض المطالبة بقرار أممي آخر غير 2216

عبد العزيز جباري
عبد العزيز جباري

شدد وفد «الشرعية» اليمنية للمشاورات المرتقبة في جنيف على أنه قدم إلى المدينة السويسرية تجاوبًا مع طلب المجتمع الدولي وممثل الأمم المتحدة، وجدد التأكيد على طبيعة مشاركته في المؤتمر «المحتمل» عقده ابتداء من اليوم الاثنين، بكونها خطوة تهدف لتطبيق قرار مجلس الأمن 2216 وليس للتفاوض. وعبر الوفد عن رفضه لأي مطالبة محتملة باستصدار قرار أممي آخر غير قرار 2216 الذي صدر قبل شهرين تحت البند السابع ويدعو المتمردين الحوثيين للانسحاب من المدن وتسليم الأسلحة إلى الدولة.
وقال عبد العزيز جباري عضو الوفد، في مقابلة أجرتها معه «الشرق الأوسط»، إن وفد الشرعية ليس وفدًا حكوميًا كما يطرح في الإعلام بل هو «وفد الدولة ممثلة في مؤسسات الرئاسة والحكومة ومجلس النواب والمكونات السياسية الرئيسية في المجتمع وحتى جانب القبيلة». وعاد قليلاً إلى الوراء، وقال: إن فكرة المؤتمر طرحت على الأطراف اليمنية المعنية من قبل المبعوث الأممي إسماعيل ولد شيخ أحمد «ونحن تعاملنا مع الطلب بإيجابية». وأضاف: «نحن نشعر أن علينا مسؤولية دينية ووطنية وأخلاقية للبحث عن حلول للأزمة التي ألمت ببلادنا»، ولذلك «استجبنا للطلب» من باب «طرق كل السبل» الرامية لحل الأزمة. ورأى أن جانب الشرعية يرى أيضًا أن عليه واجب إطلاع «المواطنين داخل اليمن وفي العالم أن جماعة الحوثيين ومن يواليهم ويناصرهم ويدعمهم يقولون ما لا يفعلون»، لأنهم، حسب رأيه: «يعلنون أن هدفهم هو الوصول إلى اتفاق لكنهم في الواقع يريدون اتفاقًا يفرض الرأي بقوة السلاح». واعتبر أن «من واجبنا أن نفضحهم في الداخل والخارج ونعري ما يريدون قوله للناس».
ولدى سؤاله حول احتمال سعي الأمم المتحدة «للقفز» على المرجعيات السياسية والقانونية السابقة للأزمة اليمنية من خلال الدعوة التي وجهتها للأطراف المعنية بالمشاركة في جنيف من دون شروط، رفض جباري هذه القراءة، وأكد أن «قرارات مجلس الأمن ومخرجات الحوار الوطني باتت مرجعيات متفقا عليه من قبل كل العالم، ودعوة المبعوث الأممي للأطراف بالمشاركة من دون شروط تعني من دون طرح شروط أخرى» عدا المرجعيات المتفق عليها. وأكد أن من الشروط غير المقبول طرحها الآن المطالبة باستصدار قرار آخر من مجلس الأمن غير القرار 2216.
يذكر أن القرار 2216 صدر في 14 أبريل (نيسان) 2015 بموجب القرار السابع، ونص على الانسحاب الفوري لمسلحي جماعة الحوثي وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح من المناطق التي استولوا عليها، وتسليم أسلحتهم للدولة، والدخول في مفاوضات للتوصل إلى حل سلمي للأزمة.
ولدى استفساره حول سبب رفض جانب الشرعية اليمنية، للتدخل الإيراني في الأزمة وقبوله بالدور الخليجي العربي، قال جباري إن هناك «فرقا واضحا» بين الدورين. ورأى أن «اليمن جزء من الجزيرة والخليج والعالم العربي، والمشروع الخليجي العربي يصب في صالح اليمن أما المشروع الإيراني فيتمثل في تصدير الثورة الإيرانية إلى العالمين العربي والإسلامي وفيه ضرر بمصالحنا كعرب ومسلمين». وأضاف أن دول الخليج داعمة لليمن في الكثير من المجالات، بينما لا نرى من إيران سوى المشاكل والحروب وتصدير الثورة والفوضى والسلاح والتآمر على المنطقة من اليمن. وقال: إن «المقارنة بين الدور العربي الخليجي والإيراني ليست صحيحة ولا تجوز».
وحول الاتصالات الأخيرة التي جرت في مسقط بين الحوثيين والأميركيين، قال جباري بأن الحوثيين يريدون تقديم أنفسهم أمام الأميركيين على أن بإمكانهم أن يكونوا أداة من أدوات مكافحة الإرهاب في اليمن، و«أخشى أن يصدق الأميركيون هذا الكلام». وأكد أن هناك «علاقة بين الحوثيين والولايات المتحدة لا نعرف خلفيتها، ونخشى أن يكون لنا تأثير سلبي على الوضع في اليمن والمنطقة».
واعتبر أن المجتمع الدولي «يتعامل بمعيارين» عندما يحارب «داعش» في سوريا والعراق ويلتقي مع الحوثيين وينسق معهم في اليمن. وقال: إن السلطات الرسمية لليمن تطرقت لمثل هذه المواضيع (دور الحوثيين) مع الأميركيين، لكن الأميركيين قالوا: إنهم يقيمون علاقات مع الحوثيين «من أجل البحث عن حلول» للأزمة اليمنية.
وأبدى جباري أيضًا من العلاقة بين الأوروبيين والحوثيين، وعبر عن أمل السلطات اليمنية في أن يتعامل المجتمع الدولي مع «الشرعية ومؤسسات الدولة وليس مع الانقلاب» لأنه بعقده اتصالات مع الحوثيين فإنه «يشجع حركات مسلحة» في البلاد. وقال: «ما معنى أن يحارب العالم (داعش) في سوريا والعراق ويتعامل مع الحوثيين في اليمن. فهؤلاء لهم نفس الفكر ونفس الفعل ونفس الجرم ونفس الوسائل».
واعتبر، من ناحية أخرى، أن الأصوات التي يطرحها الموالون للحوثيين من أن جانب الشرعية يؤيد الانفصال تعد غير مستبعدة في ظل «الحرب والوضع الذي أدخلنا فيه الانقلابيون لكن في نهاية المطاف الشعب اليمني يريد الاستقرار والتنمية ويريد يمنا واحدا». وشدد على أن جانب الشرعية يعمل «من أجل عودة الأمن والاستقرار إلى اليمن، حتى تكون هناك سلطة تأتي عبر الانتخابات وبناء دولة تخدم مصالح اليمنيين ودول الجوار».



ما تداعيات التشريع الإسرائيلي الجديد بشأن وكالة «الأونروا»؟

الغموض يخيم على مستقبل نشاط «الأونروا» غداة تصويت الكنيست الإسرائيلي على حظر أنشطتها داخل إسرائيل (إ.ب.أ)
الغموض يخيم على مستقبل نشاط «الأونروا» غداة تصويت الكنيست الإسرائيلي على حظر أنشطتها داخل إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

ما تداعيات التشريع الإسرائيلي الجديد بشأن وكالة «الأونروا»؟

الغموض يخيم على مستقبل نشاط «الأونروا» غداة تصويت الكنيست الإسرائيلي على حظر أنشطتها داخل إسرائيل (إ.ب.أ)
الغموض يخيم على مستقبل نشاط «الأونروا» غداة تصويت الكنيست الإسرائيلي على حظر أنشطتها داخل إسرائيل (إ.ب.أ)

يخيم الغموض على مستقبل نشاط وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، الثلاثاء، غداة تصويت الكنيست الإسرائيلي على حظر أنشطتها داخل إسرائيل بما يشمل القدس الشرقية المحتلة.

يعد التشريعان اللذان أقرهما الكنيست انتصاراً سياسياً لمن يتهمون موظفين في «الأونروا» بالمشاركة في هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، ما يثير قلق آلاف المستفيدين من الوكالة في الأراضي الفلسطينية.

ماذا سيحدث؟

تعمل «الأونروا» في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث تقدم الخدمات للاجئين الفلسطينيين، خصوصاً في مجالي التعليم والصحة.

ويحظر التشريعان على المسؤولين الإسرائيليين العمل مع «الأونروا»، ويمنعها من العمل داخل إسرائيل بما يشمل القدس الشرقية التي احتلتها عام 1967، ثم أعلنت ضمها.

من المقرر أن يدخل التشريعان حيز التنفيذ خلال 3 أشهر.

ويشير الباحث ريكس برينين المتخصص في شؤون اللاجئين الفلسطينيين إلى أنه «في المستقبل القريب، قد يجعل هذا استمرار عمليات (الأونروا) في القدس الشرقية صعباً للغاية»، مذكّراً بأن الوكالة تعمل في مخيم شعفاط للاجئين في القدس الشرقية.

لكن المتحدث باسم الوكالة جوناثان فاولر يؤكد أن «هناك تداعيات تتجاوز ما تعده إسرائيل إقليمها السيادي؛ لأن انتهاء التنسيق مع السلطات الإسرائيلية سيشكل ضربة قوية للعمليات في غزة التي نمثل نحن عمودها الفقري».

وفي قطاع غزة الذي دمرته الحرب المستمرة منذ أكثر من عام، توظف الوكالة 13 ألف شخص، وتدير الاستجابة الإنسانية لمنظمات أخرى، وهي على اتصال منتظم مع السلطات الإسرائيلية، خصوصاً فيما يتعلق بوصول المساعدات الإنسانية.

كما سيجعل حظر التنسيق مع إسرائيل من الصعب على «الأونروا» العمل في الضفة الغربية المحتلة، حيث تخدم وفق برينين 900 ألف لاجئ، وتدير 43 مركزاً صحياً وما يقرب من 100 مدرسة.

ورداً على سؤال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، لم ترغب «الأونروا» في تقديم تفاصيل، لكنها أشارت إلى أن اتصالاتها مع الهيئة الإسرائيلية المشرفة على الشؤون المدنية في الأراضي الفلسطينية المحتلة (كوغات) تتعلق بتنقلات موظفيها بشكل خاص.

ما الدافع من التشريع؟

يرى ريكس برينين أن هذا التشريع هو نتيجة «غضب الإسرائيليين» من الوكالة التي يربطونها بهجوم «حماس» في 7 أكتوبر 2023، ولكنه أيضاً نتيجة «الجهود التي بذلتها الحكومة الإسرائيلية وكثير من النواب مع مرور الوقت لإضعاف (الأونروا) من أجل تهميش قضية اللاجئين الفلسطينيين».

وأحد الوجوه التي تقف وراء ذلك النائبةُ السابقة عينات ويلف التي تنتقد الوكالة على خلفية حق العودة للاجئين، وترى أن أقلية من اللاجئين المسجلين لدى (الأونروا) هم لاجئون «وفقاً للمعايير الدولية».

تنص لوائح الأمم المتحدة على أن الأشخاص يعدون لاجئين «حتى يجري حلّ الأزمة (التي تسببت في وضعهم)»، كما تقول الباحثة البريطانية في شؤون اللاجئين آن عرفان.

وتوضح عرفان: «إنها سياسة موحدة».

وترى الباحثة أن الحظر المفروض على «الأونروا» يعكس «تغييراً كبيراً» في السياسة الإسرائيلية تجاه الاحتلال؛ لأن إسرائيل في السابق انتقدت، ولكنها لم تشكك في «الأونروا» التي يؤدي عملها إلى «خفض تكلفة الاحتلال».

منذ التصويت، واجهت إسرائيل انتقادات دولية، ويُرجع جوناثان فاولر ذلك إلى توجيهها «ضربة لتعددية الأطراف» عبر استعراض القوة في مواجهة نظام «قرارات الأمم المتحدة وأحكام المحاكم الدولية».

من يمكن أن يعوض «الأونروا»؟

منذ ما يقرب من 75 عاماً على تأسيس «الأونروا»، فشلت محاولات العثور على بدائل «فشلاً ذريعاً»، حسبما تؤكد المتحدثة باسم الوكالة جولييت توما.

ويذكّر فاولر أنه «بموجب القانون الدولي الإنساني، تقع على عاتق قوة الاحتلال مسؤولية ضمان رعاية... السكان الخاضعين للاحتلال»، مشيراً إلى مسؤولية إسرائيل في حال توقف أنشطة «الأونروا».

يقترح البعض أن تتولى دول أجنبية أو وكالات أخرى تابعة للأمم المتحدة مهام «الأونروا»، لكن مايكل دامبر المتخصص في شؤون الشرق الأوسط يؤكد أن «أي محاولة لتقييد دور (الأونروا) سيُنظر إليها على أنها تقويض لالتزام المجتمع الدولي بحق تقرير المصير (للفلسطينيين)».

وقالت كوغات لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنها تشجع وكالات الأمم المتحدة الأخرى في غزة، ولكن فاولر يلفت إلى أن تلك الوكالات «لا تعمل على النطاق نفسه».

أما السلطة الفلسطينية التي تسيطر جزئياً على الضفة الغربية، ومن الممكن أن تستعيد السلطة في قطاع غزة، فإنها تواجه مشكلات مالية خطيرة، وبالتالي لن تكون قادرة على تولي مهام «الأونروا».