12 قتيلاً و87 جريحاً على الأقل جراء الاشتباكات في العاصمة الليبية

دخان يتصاعد جراء الاشتباكات في العاصمة الليبية (رويترز)
دخان يتصاعد جراء الاشتباكات في العاصمة الليبية (رويترز)
TT

12 قتيلاً و87 جريحاً على الأقل جراء الاشتباكات في العاصمة الليبية

دخان يتصاعد جراء الاشتباكات في العاصمة الليبية (رويترز)
دخان يتصاعد جراء الاشتباكات في العاصمة الليبية (رويترز)

أدّت المعارك التي اندلعت، ليل الجمعة – السبت، في العاصمة الليبية طرابلس بين الميليشيات وتتواصل السبت، إلى مقتل 12 شخصاً على الأقل وإصابة 87 آخرين، ما أثار مخاوف من اندلاع حرب جديدة في بلد يعيش أصلاً حالة من الفوضى في ظل وجود حكومتين متنافستين، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
واندلع القتال بأسلحة ثقيلة وخفيفة ليلاً في عدد من أحياء المدينة الواقعة في غرب ليبيا؛ حيث سُمعت رشقات نارية ودوي انفجارات طوال الليل. واستمرّت المعارك مساء السبت.
وتضرّرت 6 مستشفيات جراء القصف، بينما لم تتمكّن سيارات الإسعاف من الوصول إلى مناطق القتال، حسبما أفادت وزارة الصحة التي تحدّثت عن سقوط 12 قتيلاً و87 جريحاً.
وحمّلت حكومة الوحدة الليبية برئاسة عبد الحميد الدبيبة ومقرّها طرابلس، مسؤولية الاشتباكات إلى معسكر الحكومة المنافسة، «بعد أن كانت تخوض مفاوضات لتجنيب العاصمة الدماء»، وفق ما جاء في بيان.
وخلّفت الاشتباكات أضراراً جسيمة في قلب العاصمة، حسبما أظهرت صور نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي لسيارات متفحّمة ومبانٍ تحمل آثار الرصاص.
واتهمت حكومة الدبيبة رئيس الحكومة المنافسة فتحي باشاغا، ومقرّه في مدينة سرت (وسط)، بتنفيذ «ما أعلنه... من تهديدات باستخدام القوة للعدوان على المدينة».
وردّ المكتب الإعلامي لباشاغا متّهماً حكومة طرابلس بـ«التشبث بالسلطة»، معتبراً أنها «مغتصبة للشرعية». ونفى ما جاء في بيان حكومة الوحدة بخصوص رفض حكومة باشاغا أي مفاوضات معها.
وأكدت وسائل إعلام محلية أنّ مجموعة من الميليشيات المؤيّدة لباشاغا كانت في طريقها إلى العاصمة، من مصراتة الواقعة على بُعد 200 كيلومتر إلى الشرق، التي تعدّ معقلاً للخصمين.

وقال عماد الدين بادي، الباحث في مركز أبحاث «غلوبال انيشياتيف»، إنّ «الحرب في المناطق الحضرية لها منطقها الخاص، فهي تضرّ بالبنية التحتية المدنية وبالأشخاص، لذا حتى إن لم يدم هذا القتال طويلاً، فإنّه سيكون مدمّراً للغاية».
منذ تعيينه في فبراير (شباط) من قبل البرلمان المتمركز في الشرق، يحاول باشاغا من دون جدوى دخول طرابلس لتأسيس سلطته هناك. وقد هدد أخيراً باستخدام القوة لتحقيق ذلك.
من جانبه، أكد الدبيبة الذي يرأس الحكومة الانتقالية، أنه لن يسلّم السلطة إلا لحكومة منتخبة.
وتصاعد التوتر بين الفصائل المسلحة الموالية للقادة المتنافسين في الأشهر الأخيرة في طرابلس. وفي 22 يوليو (تموز)، أودت المعارك بحياة 16 شخصاً بينهم مدنيون، وتسببت في جرح نحو خمسين آخرين.
وكتبت السفارة الأميركية لدى ليبيا في تغريدة: «تشعر الولايات المتحدة بقلق بالغ إزاء الاشتباكات العنيفة في طرابلس»، بينما دعت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا إلى «الوقف الفوري للأعمال العدائية».
من جهتها، دعت قطر، في بيان نشرته وكالة الأنباء القطرية، «الأطراف كافة إلى تجنب التصعيد، وحقن الدماء، وتغليب صوت الحكمة ومصلحة الشعب الليبي الشقيق، وتسوية الخلافات عبر الحوار».
وتعكس هذه الاشتباكات الفوضى التي تغرق فيها ليبيا منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011، ويتفاقم الانقسام في ليبيا مع وجود حكومتين متنافستين؛ الأولى في طرابلس انبثقت عن اتفاق سياسي قبل عام ونصف العام يرأسها عبد الحميد الدبيبة.
أما الحكومة الثانية فهي برئاسة فتحي باشاغا عيّنها البرلمان في فبراير، ومنحها ثقته في مارس (آذار)، وتتّخذ من سرت (وسط) مقرّاً مؤقتاً لها بعدما مُنعت من دخول طرابلس رغم محاولتها ذلك.


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
TT

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

يواجه الكاتب الجزائري - الفرنسي الشهير بوعلام صنصال، عقوبة سجن تتراوح بين 12 شهراً و5 سنوات، بسبب تصريحات مستفزة بالنسبة للسلطات، أطلقها في فرنسا، تخص الجزائر والمغرب و«بوليساريو»، والاحتلال الفرنسي لشمال أفريقيا خلال القرنين الـ19 والـ20.

وأكدت وكالة الأنباء الجزائرية، أمس، في مقال شديد اللهجة ضد صنصال وقطاع من الطيف الفرنسي متعاطف معه، أنه موقوف لدى مصالح الأمن، وذلك بعد أيام من اختفائه، حيث وصل من باريس في 16 من الشهر الجاري، وكان يفترض أن يتوجه من مطار العاصمة الجزائرية إلى بيته في بومرداس (50 كم شرقاً)، عندما تعرض للاعتقال.

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (متداولة)

وفيما لم تقدم الوكالة الرسمية أي تفاصيل عن مصير مؤلف رواية «قرية الألماني» الشهيرة (2008)، رجح محامون تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، أن يتم عرضه على النيابة قبل نهاية الأسبوع الجاري (عمل القضاة يبدأ الأحد من كل أسبوع)، بناء على قرائن تضعه تحت طائلة قانون العقوبات.

وبحسب آراء متوافقة لمختصين في القانون، قد يتعرض صنصال (75 سنة) لتهم تشملها مادتان في قانون العقوبات: الأولى رقم «79» التي تقول إنه «يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات كل من ارتكب فعلاً من شأنه الإضرار بالمصلحة الوطنية، أو أمن الدولة، أو تهديد سيادتها». والمادة «87 مكرر»، التي تفيد بأنه «يعتبر عملاً إرهابياً أو تخريبياً كل فعل يستهدف أمن الدولة، والوحدة الوطنية، واستقرار المؤسسات وسيرها العادي».

وإن كانت الوقائع التي يمكن أن تُبنى عليها هذه التهم غير معروفة لحد الساعة، فإن غالبية الصحافيين والمثقفين متأكدون أن تصريحات صنصال التي أطلقها في الإعلام الفرنسي، هي التي ستجره إلى المحاكم الجزائرية. ففي نظر بوعلام صنصال فقد «أحدث قادة فرنسا مشكلة عندما ألحقوا كل الجزء الشرقي من المغرب بالجزائر»، عند احتلالهم الجزائر عام 1830، مشيراً إلى أن محافظات وهران وتلمسان ومعسكر، في غرب الجزائر، «كانت تابعة للمغرب».

وذهب صنصال إلى أبعد من ذلك، عندما قال إن نظام الجزائر «نظام عسكري اخترع (بوليساريو) لضرب استقرار المغرب». كما قال إن فرنسا «لم تمارس استعماراً استيطانياً في المغرب؛ لأنه دولة كبيرة... سهل جداً استعمار أشياء صغيرة لا تاريخ لها»، ويقصد بذلك ضمناً الجزائر، وهو موقف من شأنه إثارة سخط كبير على المستويين الشعبي والرسمي.

الروائي الفرنسي - الجزائري كمال داود (أ.ب)

وهاجمت وكالة الأنباء الجزائرية بشدة الكاتب، فيما بدا أنه رد فعل أعلى سلطات البلاد من القضية؛ إذ شددت على أن اليمين الفرنسي المتطرف «يقدّس صنصال»، وأن اعتقاله «أيقظ محترفي الاحتجاج؛ إذ تحركت جميع الشخصيات المناهضة للجزائر، والتي تدعم بشكل غير مباشر الصهيونية في باريس، كجسد واحد»، وذكرت منهم رمز اليمين المتطرف مارين لوبان، وإيريك زمور رئيس حزب «الاسترداد» المعروف بمواقفه المعادية للمهاجرين الجزائريين في فرنسا، وجاك لانغ وزير الثقافة الاشتراكي سابقاً، وكزافييه دريانكور سفير فرنسا بالجزائر سابقاً الذي نشر كتاب «الجزائر اللغز» (2024)، والذي هاجم فيه السلطات الجزائرية. كما ذكرت الوكالة الكاتب الفرنسي - المغربي الطاهر بن جلون.

إيريك زمور رئيس حزب «الاسترداد» اليميني (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

كما تناول مقال الوكالة أيضاً الروائي الفرنسي - الجزائري كمال داود، المتابع قضائياً من طرف امرأة ذكرت أنه «سرق قصتها» في روايته «حور العين» التي نال بها قبل أيام جائزة «غونكور» الأدبية. وقالت الوكالة بشأن داود وصنصال: «لقد اختارت فرنسا في مجال النشر، بعناية، فرسانها الجزائريين في مجال السرقات الأدبية والانحرافات الفكرية».

يشار إلى أن الإعلام الفرنسي نقل عن الرئيس إيمانويل ماكرون «قلقه على مصير صنصال»، وأنه يعتزم التدخل لدى السلطات الجزائرية لإطلاق سراحه. ورأى مراقبون في ذلك محاولة من باريس للضغط على الجزائر في سياق قطيعة تامة تمر بها العلاقات الثنائية، منذ أن سحبت الجزائر سفيرها من دولة الاستعمار السابق، في يوليو (تموز) الماضي، احتجاجاً على قرارها دعم خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء. كما طالبت دار النشر الفرنسية «غاليمار» بـ«الإفراج» عن الكاتب الفرنسي - الجزائري صنصال بعد «اعتقاله» على يد «أجهزة الأمن الجزائرية»، غداة إبداء الرئاسة الفرنسية قلقها إزاء «اختفائه». وكتبت دار النشر في بيان: «تُعرب دار غاليمار (...) عن قلقها العميق بعد اعتقال أجهزة الأمن الجزائرية الكاتب، وتدعو إلى الإفراج عنه فوراً».

الرئيس إيمانويل ماكرون أبدى «قلقه على مصير صنصال» وأكد أنه يعتزم التدخل لدى السلطات الجزائرية لإطلاق سراحه (الرئاسة الجزائرية)

ويعاب على صنصال الذي كان مسؤولاً بوزارة الصناعة الجزائرية لمدة طويلة، «إدراج الجزائر شعباً وتاريخاً، في أعماله الأدبية، كمادة ضمن سردية ترضي فرنسا الاستعمارية». ومن هذه الأعمال «قرية الألماني» (2008) التي يربط فيها ثورة الجزائر بالنازية، و«قسم البرابرة» (1999) التي تستحضر الإرهاب والتوترات الاجتماعية في الجزائر. و«2084: نهاية العالم» (2015) التي تتناول تقاطع الأنظمة المستبدة مع الدين والسياسة.