نجح فتحي باشاغا، رئيس حكومة «الاستقرار» الليبية، في استقطاب وتحييد عدد كبير من قادة الميليشيات المسلحة بالعاصمة الليبية التي كانت تدعم خصمه عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة.
وتُعد الميليشيات على مختلف آيديولوجياتها الفكرية، وتوجهاتها الجهوية، هي الورقة الحاسمة والمُرجحة في خلافات الساسة الليبيين، بقدر ما يحصدون من مكاسب مالية وشرعنتهم سياسياً، وذلك منذ تفعيل «الاتفاق السياسي» الذي وُقع في منتجع الصخيرات بالمغرب، نهاية عام 2015.
واستبقت ميليشيات مسلحة حرباً منتظرة في مسار النزاع على السلطة بين الدبيبة وباشاغا، وأطلقت «الرصاصة الأولى»، مساء أمس، بعدما سعى تشكيلان من الميليشيات للاستيلاء على مقار أمنية تحت سلطة الأخرى بطرابلس.
وبدأت المواجهات بين رتل لميليشيا يتزعمها عماد الطرابلسي، رئيس جهاز الاستخبارات الليبية السابق وارتكاز أمني لـ«اللواء 777» التابع لهيثم التاجوري، ما دفع ميليشيا «جهاز دعم الاستقرار» التابعة لعبد الغني الككلي الملقب بـ«غنيوة» للاصطفاف إلى قوات الطرابلسي، وسعت لاقتحام اللواء الخاضع للتاجوري، لكن الأخير تمكن منها ودحرها وأسر بعض عناصرها.
و«غنيوة» هو أحد أكثر قادة الميليشيات نفوذاً في العاصمة. وأُنشئ «جهاز دعم الاستقرار» بقرار حكومي في يناير (كانون الثاني) 2021.
كما أن التاجوري، الذي كان ضد «الجيش الوطني» الليبي، ويدعم باشاغا، راهناً، سبق له ترؤس كتيبة «ثوار طرابلس»، التي يتزعمها الآن أيوب أبو راس، والأول ضابط سابق في الشرطة الليبية، وأحد المشاركين في القتال ضد نظام الرئيس الراحل معمر القذافي عام 2011.
ويصطف بقوة خلف باشاغا أيضاً اللواء أسامة جويلي، رئيس غرفة العمليات المشتركة بالمنطقة الغربية الذي أقاله الدبيبة من رئاسة جهاز الاستخبارات العسكرية. وسبق له أن سيطر مطلع الشهر الجاري، على مقر «الدعوة الإسلامية» ومحيطها غرب العاصمة بعد اشتباكات مع عناصر من «القوة المتحركة».
ومن بين الميليشيات التي نجح باشاغا في استمالتها إلى صفوفه كتيبة «القوة الثامنة» المعروفة بـ«النواصي» والمتمركزة في العاصمة طرابلس، وسبق لها أن رحبت بدخوله طرابلس في 17 مايو (أيار) الماضي، وقالت حينها، إنها «كانت أحد أسباب دخول حكومته، لما لمسته فيها من وطنية وإرادة حقيقية للتغيير».
وتقف خلف الدبيبة، «قوة دعم الدستور» التي أنشأها مؤخراً بدعوى حماية العملية السياسية، وتتوعد بمنع باشاغا من دخول طرابلس، بالإضافة إلى ميليشيات أخرى من بينها وحدة «أبو سليم» التابعة لجهاز الأمن المركزي، و«قوة الردع الخاصة» بقيادة عبد الرؤوف كارة، الذي تربطه علاقات قوية مع حركة النهضة في تونس.
وراجت تقارير محلية بأن حكومة الدبيبة، خصصت 132 مليون دينار ليبي، مطلع العام الجاري، لصالح جهاز «دعم الاستقرار»، و100 مليون أخرى لميليشيات «القوة المشتركة».
وسبق أن لعبت الميليشيات المسلحة دوراً مهماً في تمكين فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق الوطني» السابقة، من دخول العاصمة، قبل نحو سبعة أعوام من الآن.
وكانت تشكيلات مسلحة رفضت دخول السراج العاصمة لممارسة مهامه وفقاً للاتفاق السياسي الموقع في المغرب، لكنه لاقى تأييداً واسعاً من ميليشيات أخرى بعضها من داخل طرابلس والبعض يتبع المجلس العسكري بمصراتة.
وعلى غفلة من أهل المدينة والرافضين له من الميليشيات، تمكن السراج من دخول طرابلس في نهاية مارس (آذار) 2016 عن طريق البحر إلى قاعدة أبو ستة البحرية، قادماً من تونس، رفقة عدد من نواب وأعضاء مجلسه، لتبرهن هذه الميليشيات المتمكنة من مفاصل العاصمة، أنها الورقة الرابحة والمرجحة لكفة الراغبين في السيطرة على طرابلس.
الميليشيات... ورقة مُرجِّحة لكفة الراغبين في السيطرة على طرابلس
يتصدرها «غنيوة» وكارة والتاجوري
الميليشيات... ورقة مُرجِّحة لكفة الراغبين في السيطرة على طرابلس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة