محادثات مملوك ـ فيدان... مطالب متبادلة وحلول روسية

«الشرق الأوسط» تنشر قائمة الشروط السورية والتركية للتطبيع

سوريون يرفعون صور الرئيس بشار الأسد والعلم الروسي وسط دمشق في 22 أغسطس (أ.ب)
سوريون يرفعون صور الرئيس بشار الأسد والعلم الروسي وسط دمشق في 22 أغسطس (أ.ب)
TT

محادثات مملوك ـ فيدان... مطالب متبادلة وحلول روسية

سوريون يرفعون صور الرئيس بشار الأسد والعلم الروسي وسط دمشق في 22 أغسطس (أ.ب)
سوريون يرفعون صور الرئيس بشار الأسد والعلم الروسي وسط دمشق في 22 أغسطس (أ.ب)

أظهرت المحادثات الأمنية التي قادها مدير مكتب الأمن الوطني السوري اللواء علي مملوك ومدير الاستخبارات التركية حقان فيدان، في موسكو، استمرار الفجوة بين الجانبين من جهة وتصاعد الرغبة الروسية بحلها.
تطالب دمشق بـ«جدول زمني» للانسحاب، خصوصاً أن تركيا تسيطر على جيوب سورية تساوي ضعف حجم لبنان، وتتمسك أنقرة بـ«مناطق آمنة» شمال سوريا، في وقت يواصل الجانب الروسي وساطته لردم الفجوة والبناء على اهتمام الجانبين، السوري والتركي، البحث عن «تنسيق ضد الأكراد والحركات الانفصالية».
في غضون ذلك، وقع الرئيس بشار الأسد مرسوم تعيين نائب وزير الخارجية بشار الجعفري سفيراً في موسكو، التي قررت استعجال الموافقة الدبلوماسية، ما يفتح الباب أمام تعزيز الوساطة الروسية من جهة، وتسلم معاون الوزير أيمن سوسان منصبه، أو عودة عماد مصطفى إلى تسلم منصب نائب الوزير فيصل المقداد بعد تسلمه المعهد الدبلوماسي منذ عودته من الصين، من جهة ثانية.
- جولات أمنية... وخط دبلوماسي
بعد لقاءات أمنية سرية عدة بمستويات مختلفة في ريف اللاذقية وطهران وموسكو واستمرار عمل القنصلية السورية في إسطنبول التي غالبا ما بلغتها أنقرة بمواعيدها العسكرية في سوريا، رعت موسكو في بداية 2020 لقاءً علنياً بين مملوك وفيدان بثته وكالتا الأنباء الرسميتان في البلدين. وكرر الجانبان موقفيهما، إذ طالب مملوك بالتزام أنقرة باتفاقات سوتشي بين الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والروسي فلاديمير بوتين للعام 2018، إضافة إلى فتح طريق حلب - اللاذقية، وإجراء انسحابات من الأراضي السورية. في المقابل، طالب فيدان بالتعاون ضد «وحدات حماية الشعب» الكردية و«حزب العمال الكردستاني»، والبحث عن تسوية سياسية.
عملياً، لم يسفر اللقاء عن اختراق كبير. وكأن الأسد وإردوغان أرادا فقط عدم إعطاء الانطباع بمعارضة وساطة بوتين. ومذاك، ذهب كل من الجانبين السوري والتركي في مساراته وأولوياته.
الحرب الروسية في أوكرانيا حركت الجمود السوري. أراد إردوغان، الذي بات في موقع أفضل بسبب حاجة موسكو وواشنطن إليه، شن عملية عسكرية جديدة في شمال سوريا. وبالفعل، جهز جيشه وفصائل موالية، وحدد موعد التوغل في نهاية يوليو (تموز). وأراد إردوغان التنسيق مع «المرشد» الإيراني علي خامنئي والرئيس الروسي خلال قمة طهران في 19 يوليو.
وحسب مصادر حضرت القمة، فإن الجانبين الروسي والإيراني قالا بوضوح لإردوغان إنهما ضد العملية العسكرية، وإنهما يفضلان أن يتحدث إردوغان مع الأسد، كما أنهما يفضلان التركيز حالياً على «التوحد ضد الحركات الانفصالية المدعومة أميركياً في شمال شرقي سوريا». وعليه، اعتبر بوتين وخامنئي أنهما «نجحا في إقناع إردوغان في التعاطي مع الأسد» وأن «القمة الثلاثية إشارة نصر للأسد».
- مملوك - فيدان... صديقان؟
نجح بوتين في إقناع الأسد وإردوغان في إرسال مملوك وفيدان، اللذين يعرفان بعضهما بعضاً بشكل جيد، إلى موسكو التي استضافت جولة من المحادثات السرية بينهما في يوليو، شارك في جانب منها وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو. وحسب قول مصادر روسية وغربية وعربية لـ«الشرق الأوسط»، فإن مملوك وفيدان قدما لائحة طويلة من المطالب القصوى.
ماذا شملت هذه المطالب؟
تضمنت المطالب السورية احترام السيادة السورية، ووضع جدول زمني للانسحاب التركي من الأراضي السورية، ووقف دعم الجماعات الانفصالية، وإعادة إدلب الخاضعة لسيطرة فصائل مدعومة من تركيا منذ 2015، واستعادة السيطرة على معبر باب الهوى بين تركيا وإدلب، وفتح طريق «إم 4» الذي يمتد من حدود البحر المتوسط غرباً إلى العراق شرقاً وتسيطر عليها قوات سورية وتركية وكردية، ومساعدة دمشق على تخطي العقوبات الغربية (كما تفعل تركيا مع العقوبات ضد روسيا) وعودة سوريا إلى الجامعة العربية، والمساعدة في إعمار سوريا، ومساعدة دمشق على استعادة السيطرة على الثروات الطبيعية من نفط وغاز وزراعة شرق الفرات.
أما مطالب تركيا، التي تعتقد أن دمشق غير قادرة لوحدها على محاربة الأكراد، فتشمل: عملاً جدياً ضد «حزب العمال الكردستاني» وجناحه السوري «وحدات حماية الشعب» الكردية، والتعاون بين أجهزة الأمن في البلدين، ومفاوضات مع المعارضة السورية المدعومة من تركيا للوصول إلى تسوية سياسية، وعودة اللاجئين السوريين، وإنشاء مناطق آمنة في حلب ومناطق أخرى شمال سوريا بعمق 30 كلم، ومساعدة وتسهيل عمل اللجنة الدستوري السورية.
استطراداً، لا تزال موسكو متمسكة برفض انعقاد اللجنة الدستورية السورية في جنيف. ورغم زيارة المبعوث الأممي غير بيدرسن إلى روسيا، فإن المعطيات تشير إلى استبعاد انعقاد اللجنة في الأشهر المقبلة، وأن أحد الخيارات هو عقدها في أستانة، علماً بأن إردوغان اقترح في طهران عقدها في مدينة يكون فيها مقر أممي.
أيضاً، يعقد المبعوثون الغربيون الثلاثاء المقبل في جنيف، اجتماعاً تنسيقياً، بطلب من المبعوث الأميركي إيثان غولدريش، لـ«تنسيق المواقف العربية والغربية المعارضة للتطبيع العربي مع دمشق، وللتأكيد أن جنيف مكان طبيعي لعمل اللجنة الدستورية».
- اقتحام إيراني... وحلول روسية
حاولت إيران الدخول على خط الوساطة الأمنية بين سوريا وتركيا، الأمر الذي لم يرح البعض في دمشق وفي موسكو. لكن روسيا مستمرة في وساطتها. كررت ذلك خلال محادثات وزير خارجيتها سيرغي لافروف في موسكو مع نظيره السوري فيصل المقداد الذي أعرب عن شكوكه في قدرة فيدان بالتأثير على إردوغان، كما كان واقع الحال سابقاً.
بداية، هي تعتقد أنها نجحت في وقف خطط تركيا لشن عملية عسكرية، ونجحت في تغيير الخطاب التركي والسوري. وهي ترى أن الانسحاب التركي «سيحصل لكنه ليس أمراً عاجلاً»، وأن نقطة الجمع حالياً هي «العمل ضد الأكراد والحركات الانفصالية». وقال مسؤول: «لو استمر الوضع على ما هو عليه سنتين أو ثلاثاً، من الصعب أن تستعيد سوريا وحدتها». ويعمل الوسيط الروسي حالياً على «خطة عمل» تنطلق من مطالب الجانبين والنقاط المشتركة. وبين الأولويات تقديم ضمانات أمنية للجانب التركي وترتيبات عملياتية لدمشق في إدلب وطريق حلب - اللاذقية، وأحد الحلول أن يعكف الجانبان السوري والتركي على نسخ مسودة جديدة لاتفاق أضنة للعام 1998 الذي أسس للتعاون الأمني بينهما ضد «حزب العمال الكردستاني».
- وساطة أخرى مع واشنطن
في موازاة وساطة موسكو بين أنقرة ودمشق، هناك وساطة من مدير المخابرات اللبناني عباس إبراهيم وآخرين بين دمشق وواشنطن بشأن الصحافي الأميركي أوستن تايس الذي اختفى في سوريا قبل عشر سنوات.
عباس إبراهيم سبق له أن توسط خلال إدارة الرئيس دونالد ترمب، وجدد الوساطة في عهد جو بايدن. لكن اللافت أن رد دمشق لم يتغير كثيراً: لا تفاوض حول تايس قبل الانسحاب الأميركي وتفكيك قاعدة التنف ورفع العقوبات. الشيء الجديد حالياً، أن دمشق قررت الخروج إلى العلن، وأصدرت بياناً تضمن قائمة مطالبها والقول إنها لم تقم باعتقال تايس، دون القول ما إذا كان حياً أم لا، وما إذا كان عندها أم لا.
في صيف 2019، طالبت دمشق مبعوثي ترمب اللذين زاراها بالانسحاب وتفكيك قاعدة التنف، ووقف دعم المعارضة ورفع العقوبات، لأنها لم تكن تريد مساعدة ترمب على النجاح في الانتخابات. لكنها حرصت على إبلاغ موسكو وطهران بتلك المفاوضات.
الآن، حرصت دمشق على إبلاغ الجانبين الروسي والإيراني علناً بمطالبها من أميركا، لأن الأولوية السورية حالياً هي إرضاء موسكو وطهران والبحث عن خطوط مع أنقرة، خصوصاً بعد المواجهة الغربية - الأميركية في أوكرانيا.
جميع المؤشرات تشير إلى أن قطار التطبيع بين دمشق وأنقرة انطلق، وأن موسكو تعمل على صوغ محطاته وسرعته ومحتوياته، بين الانتقال السريع إلى الإطار السياسي، أو البقاء في الإطار الأمني والبحث عن أهداف واقعية مشتركة.


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).