سكان العاصمة الليبية يدفعون ثمن 11 عاماً من النزاع

ليبيون كثيرون يتخوفون من اندلاع الحرب على طرابلس وإجبارهم على النزوح (أ.ف.ب)
ليبيون كثيرون يتخوفون من اندلاع الحرب على طرابلس وإجبارهم على النزوح (أ.ف.ب)
TT

سكان العاصمة الليبية يدفعون ثمن 11 عاماً من النزاع

ليبيون كثيرون يتخوفون من اندلاع الحرب على طرابلس وإجبارهم على النزوح (أ.ف.ب)
ليبيون كثيرون يتخوفون من اندلاع الحرب على طرابلس وإجبارهم على النزوح (أ.ف.ب)

لم تنج العاصمة الليبية، المطلة على البحر الأبيض المتوسط، من الاشتباكات والحروب، وبقيت تاريخياً محط أنظار الطامحين لحكم البلاد، ولا سيما خلال العقد الماضي منذ إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، وصولاً إلى التنازع على السلطة ما بين حكومتي عبد الحميد الدبيبة، وفتحي باشاغا. وطرابلس هي أكبر مدن ليبيا، من حيث المساحة وعدد السكان، وتقول كتب التاريخ إنها تأسست في القرن السابع قبل الميلاد على يد الفينيقيين، لتصبح مركزاً تجارياً بين أوروبا وأفريقيا، أطلق عليها العثمانيون فيما بعد «طرابلس الغرب» تمييزاً لها عن «طرابلس الشام».
ومنذ الأحداث الدامية التي شهدتها طرابلس، على خلفية الاشتباكات بين نظام القذافي، و«ثوار17 فبراير (شباط)»، لم تعرف العاصمة طريقها إلى الاستقرار بعد، إذ كلما هدأت عاصفة هناك هبت أخرى، على وقع أزمات سياسية، ورغبات الحالمين بتصدر المشهد في البلاد.
ويقول عضو مجلس النواب علي التكبالي، إن «بدأت الحرب فستقضي على كل شيء»، فليبيا «تمر بموقف صعب لم يعشه مواطنوها من قبل. السلاح في يد الجميع».
واعتبر التكبالي في تصريحات تلفزيونية، أن «الأزمة الراهنة تكمن في الدبيبة وباشاغا، ولن يحارب أحد من أجلهما»، معبراً عن اعتقاده «بعدم قيام الحرب»، متابعاً: «تركيا لو كانت تريد منع الدبيبة، من البقاء في السلطة لمنعته».
ويرى سياسيون أن جانباً من معضلة الصراع على طرابلس، يتمثل في كونها «بيت الحكم»، «فمن يريد إدارة شؤون ليبيا عليه بوضع قدمه فيها أولاً». وزاد من هذه الأزمة اشتراط «الاتفاق السياسي» الذي وُقع في منتجع الصخيرات بالمغرب، نهاية عام 2015، بين الفرقاء الليبيين، أن تكون طرابلس مقراً لحكومة «الوفاق الوطني» برئاسة فائز السراج، على أن تكون السلطة التشريعية ممثلة في مجلس النواب، الذي يعقد جلساته في طبرق (شرق البلاد).
وقبل أن يتمكن السراج، بصفته رئيس المجلس الرئاسي الجديد، من دخول طرابلس، عبرت تشكيلات مسلحة عن رفضها له، وتوعدته، لكنه لاقى تأييداً واسعاً من ميليشيات أخرى بعضها من داخل طرابلس والبعض يتبع المجلس العسكري بمصراتة. وهناك يقول متابعون إنه «منذ هذه اللحظة بدأت الميليشيات المسلحة، تلعب دوراً أوسع وتتداخل في الأمور السياسية من منظور أنها شريكة في الحكم البلاد وليس لكونها مجموعات مسلحة».
وعلى غفلة من أهل المدينة والرافضين له من الميليشيات، تمكن السراج من دخول طرابلس في نهاية مارس (آذار) 2016 عن طريق البحر إلى قاعدة أبو ستة البحرية، قادماً من تونس، رفقة عدد من نواب وأعضاء مجلسه.
وبشيء من التفاؤل، وعد السراج حينها بالعمل على توحيد مؤسسات الدولة المنقسمة، وتنفيذ حزمة من التدابير العاجلة للتخفيف من معاناة المواطنين الأمنية والاقتصادية، والإسراع في إنجاز ملف المصالحة الوطنية وجبر الضرر، لكن كثيراً من معارضيه ولا سيما في شرق البلاد يرون أن في فترة ولايته «ازدادت ليبيا انقساماً، وتمكنت الميليشيات أكثر من مفاصل العاصمة تحت سطوة السلاح».
ومذاك التاريخ وتشهد العاصمة، عديد الاشتباكات الدامية بين الميليشيات المسلحة الموالية للسلطة التنفيذية في كثير من مدنها، إما لتوسيع نفوذها على الأرض، أو لوقوع عمليات ثأرية فيما بينها، ويسفر عنها دائماً عديد القتلى والجرحى.
ويقول سكان طرابلس، إنهم دائماً يسددون «فاتورة الدم» الذي يُسفك، ويتخوفون من اندلاع حرب بين الميليشيات التابعة للدبيبة وباشاغا، تجدد آلامهم القديمة وتضطرهم إلى النزوح عن منازلهم مجدداً. وتسببت الحرب التي قال «الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر، إنه شنها على طرابلس، للتصدي للميليشيات و«المجموعات الإرهابية»، في نزوح مئات الآلاف من المدنيين بعيداً عن ديارهم جنوب العاصمة.
وبصدد ما يجري على الأرض راهناً، من خطط عسكرية بين حكومتي الدبيبة وباشاغا، يدافع كل معسكر عن موقفه، إذ يرى أنصار باشاغا، أنه «بصفة حكومته حازت على الشرعية البرلمانية، فقد سبق له دعوة رئيس الحكومة (منتهية الولاية) لتسليم السلطة سلمياً دون استجابة»، مشيرين إلى أنه «سيدخل طرابلس، دون استخدام السلاح إلا إذا استدعى الأمر».
في المقابل، ذهب أنصار الدبيبة، إلا أنه سيظل يمارس مهامه «وفق (الاتفاق السياسي) ولن يسلم السلطة، إلا لحكومة منتخبة من الشعب»، لافتين إلى أن «الأمر تخطى دعم الدبيبة، إلى أهمية الدفاع عن العاصمة حتى آخر قطرة دم».


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

مقتل 3 مواطنين في اشتباكات بالزاوية الليبية

اجتماع المنفي ولجنة الحدود (المجلس الرئاسي الليبي)
اجتماع المنفي ولجنة الحدود (المجلس الرئاسي الليبي)
TT

مقتل 3 مواطنين في اشتباكات بالزاوية الليبية

اجتماع المنفي ولجنة الحدود (المجلس الرئاسي الليبي)
اجتماع المنفي ولجنة الحدود (المجلس الرئاسي الليبي)

عاد الهدوء النسبي إلى مدينة الزاوية الليبية، الواقعة غرب العاصمة طرابلس، اليوم (الثلاثاء)، بعد اشتباكات مفاجئة اندلعت بين ميليشيات تابعة لحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، ما أسفر عن مقتل 3 أشخاص، وإصابة 5 آخرين، وتعرض بعض الممتلكات العامة والخاصة لأضرار، وسط صمت رسمي.

وتوقفت الاشتباكات، التي جرت بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة، مساء الاثنين، في جزيرة الركينة، بالقرب من مصفاة الزاوية بالمدينة، التي تقع على بعد 45 كيلومتراً غرب طرابلس، بين مجموعة «الكابوات» التابعة لعثمان اللهب، آمر «الكتيبة 103»، المعروفة بـ«كتيبة السلعة»، ومجموعة «الغويلات» التابعة لآمر «قوة الإسناد» الأولى محمد بحرون، الملقب بـ«الفأر»، وأدت بحسب وسائل إعلام محلية إلى خسائر في الممتلكات العامة، وإصابة عدد غير معلوم من الأشخاص، بالإضافة إلى مسجد في منطقة القتال.

ولم تعلق حكومة «الوحدة»، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، أو وزارة داخليتها، على هذه الاشتباكات، التي تعد الأحدث من نوعها مؤخراً في المدينة، التي تشهد من حين لآخر اندلاع قتال مسلح بين ميليشياتها، المتنازعة على مناطق السيطرة والنفوذ.

في شأن مختلف، قال رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، إن محمد الحداد، رئيس أركان القوات الموالية لحكومة «الوحدة»، ولجنة ترسيم الحدود، قدّما خلال اجتماعهما مساء الاثنين بطرابلس، إحاطة شاملة حول آخر التطورات في ملف الحدود البرية والبحرية بين ليبيا ودول الجوار، مشيراً إلى الجهود المبذولة في توثيق هذه الحدود، والحفاظ على السيادة الوطنية.

ونقل المنفي عن اللجنة تأكيدها أن الحدود البرية بين ليبيا ودول الجوار تم تحديدها، وفقاً لاتفاقيات تاريخية رسمية، من بينها اتفاقية 1910 بين الاستعمار الفرنسي والعثماني، التي تعدّ الإطار القانوني الأساسي لتحديد الحدود بين الدول، كما تم إعادة بناء النصب الحدودية بين ليبيا وتونس في عام 2020 لضمان وضوح الحدود، وتوثيقها باستخدام أحدث التقنيات الجغرافية.

ووفقاً للمنفي، فقد أشارت اللجنة إلى أنها تعمل بشكل مستمر بالتنسيق مع لجان حدودية مشتركة مع دول الجوار لضمان الحفاظ على استقرار الحدود، مع التركيز على تعزيز التنسيق الأمني والاقتصادي لمكافحة التهريب والهجرة غير المشروعة، بالإضافة إلى مواجهة أي تهديدات قد تؤثر على السيادة الوطنية. كما أكدت أن الحدود البرية والبحرية بين ليبيا ودول الجوار هي حدود ثابتة وفقاً للقانون الدولي، وأنها تعمل بشكل مستمر على ضمان استقرارها وحمايتها من أي تحديات قد تطرأ.

فرحات بن قدارة رئيس مؤسسة النفط الليبية (المؤسسة)

في غضون ذلك، أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط، في بيان، الثلاثاء، ارتفاع إنتاج النفط والغاز، حيث سجل إجمالي الإنتاج 1572679 برميلاً يومياً، بزيادة 4775 برميلاً، بينما ارتفع إنتاج الغاز إلى 199776 برميلاً يومياً.

وأكدت المؤسسة أن الحقول النفطية تشهد عملاً مكثفاً منذ شهرين لزيادة الإنتاج، وفق استراتيجية تستهدف الوصول إلى مليوني برميل يومياً بحلول 2027، بشرط توفر الميزانية اللازمة.

وكانت المؤسسة قد أوضحت مساء الاثنين أنها حوّلت إيرادات النفط، البالغة أكثر من 14 مليار دولار منذ بداية العام، إلى المصرف المركزي دون تأخير، نافية مسئوليتها عن أي عوائق في صرف مرتبات القطاع العام. وأشارت إلى أن انخفاض الإيرادات مؤخراً نجم عن أزمة المصرف، وإغلاق بعض الحقول.