شانيا توين التي أخفقت مطرقة ضخمة في الإطاحة بها

وثائقي عن سيرتها تعرضه «نتفليكس»

شانيا توين التي أخفقت مطرقة ضخمة في الإطاحة بها
TT
20

شانيا توين التي أخفقت مطرقة ضخمة في الإطاحة بها

شانيا توين التي أخفقت مطرقة ضخمة في الإطاحة بها

وخيمة عواقب إدراك الأب المستيقظ فجأة بأن ابنته دون العشر سنوات تغني حتى الفجر في حانة. تكرر ذلك بتشجيع من أم لمحت في مغنية الريف الكندية شانيا توين مكانة في الأعلى. منذ تحكمها بالموسيقى الصادرة من مذياع السيارة وغنائها ما تسمعه، تأكدت الأم أن لابنتها أذناً موسيقية مختلفة عن الأولاد العاديين. دفعتها للغناء أينما وجدت مجموعة من الناس، في المطعم أو الأماكن العامة. بإلحاحها عرفها العالم.
تعرض «نتفليكس» وثائقياً ملهماً عن سيرتها عنوانه «Shania Twain: Not Just A Girl»، فيه تشارك تجربة بلوغ الشهرة بالعمل المكثف ورفض الاستسهال. تجلس مربعة معظم الوقت، كأنها في جلسة «يوغا» تلتقط أنفاسها وترمي في وجه الحياة زفيراً يختزل العبء. تبدأ من منزلها المتواضع حيث نشأت وهي تراقب والديها يبحثان في مسائل الإيجار وتسديد الفواتير. ولادتها وسط حالة من الكفاح لتأمين المال، جعلتها تطارد الفرص لتحصل الكثير منه وما لا يثمن كتقدير قيمة الأشياء.
يظهر الشريط عرق الجبين سر الصعود إلى القمم. هذه أمور لا تحصل دائماً بالخطأ؛ فيها ليال طويلة أمضتها شانيا توين تكتب الأغنيات وساعات في الاستوديو تسجلها. كان تخطي الحاجز والعبور إلى أنواع الموسيقى المختلفة علاجاً فعالاً ضد الكدمات. أشدها هولاً موت الوالدين ثم المرض وتخلي الزوج عنها. تقرر النهوض في كل مرة تحاول مطرقة ضخمة الإطاحة بها.
«هل أنتم مستعدون؟» تملأ حماسةً فضاء مسرح يكتظ بالمحبين. كهذه اللقطة، تكثر لقطات عن عقباتها ونجاحاتها، وتحظى السيرة بصور توثق المنعطفات وشهود مقربين يسردون أثر النجمة فيهم ودورهم في شق طريقها نحو ريادة العزف على الغيتار، كتابة أغانيها والعروض المباشرة الجنونية.

فتنتها حكاية نجاح المغنية الأميركية دوللي بارتون من العدم، فتساءلت لم لا تنال فرصة مشابهة، طالما أن ملهمتها جاءت من القاع وانتهى بها المطاف في المكانة العالية؟ حين بدأت تغني في الحانات، تراءى الغيتار آنذاك أكبر من حجمها. لم تلمح أطفالاً آخرين يغنون في تلك الأماكن، وتعلم تماماً أنه لم يكن أمراً عادياً. نأت بنفسها مع الموسيقى لحجب قسوة كل شيء غير عادي في حياتها.
رغبت في غناء الروك بسن السابعة عشرة واستعمال طاقتها للخروج من صومعة غيتارها. يرافق الوثائقي مشاهده في رحلة التحول الصعب ويبين وقع هذه الموسيقى في تطوير أسلوبها الخاص والتوسع بشكل إبداعي. بموازاة الصعود، تدخلت صفعات مدوية، فشعرت بعد رحيل والديها بحاجة إلى التوقف عن الغناء لتأمين وظيفة أعلى أجراً تعيل أشقاءها. هنا طوي فصل العروض على مساحات ضيقة أمام رواد الحانات، وراحت هتافات الجماهير ومبيعات الألبومات القياسية تكتب الفصول الأخرى.
ساعد انتقالها إلى العروض المباشرة بتحسين الحال وأمن معيشة الإخوة ضمن مسؤوليتها. لم تكن لدى شانيا توين فكرة عن كيفية الغناء والانتقال بالكعب العالي في وقت واحد، وخيارها فقط الاعتياد على وظيفتها الجديدة. تراكم خبرة الحياة وفق هذه القناعة: «تعلمت أن أقدر أن لدي موهبة من العار أن أهدرها وألا أمارسها»، فاجتهدت في التأليف والتسجيل، حتى الانتقال إلى ناشفيل معقل موسيقى الريف والتحرك داخل رؤية مختلفة امتلكت مفاتيحها.
على نحو دراماتيكي، همد الزواج بشريكها الموسيقي مات لانغ بعد اشتعاله. لكمة موجعة، تقول بأن لها مذاق الموت، ذكرتها بفراق والديها. الزواج والانفصال علماها درس العمر: أن تكون مستقلة. أمسك مات بيدها، أرشدها إلى اتجاهاتها وقلما مشت خطوة من دونه. ساعدها لتشكيل صوتها وجعله فريداً وخاصاً. بستة أشهر فقط، كتبا ألبوماً كاملاً، عقدا الخطوبة وتزوجا. إلى أن عرى المرض هشاشة العلاقات. باعترافها، خانها عند أصعب محنة ألمت بها. استبدلها بأخرى بعز حاجتها إلى التشبث بها.

من الترك، تولد شانيا توين الجديدة. بعد انفصالها عن مديرة أعمالها، وضعت أمام مدير أعمالها البديل ثلاثة أهداف: أن تغني البوب، وتصبح نجمة عالمية فأفضل فنانة جولات. يجمع شاهدون على سيرتها بأنها تعرف جيداً ما تريده. لم تخط الصدف قدرها. خطته بنفسها.
نقلها البوب من نجاحات محلية إلى العالمية ومن ألبوم متفوق إلى آخر. منذ اختيارها موسيقى الريف وهي تذلل صعوباتها على المرأة، فلم تتردد في إحداث تحولات في الثقافة. لا تضع شانيا توين لافتةً على قبعتها مكتوباً عليها «أنا مناصرة للنساء»، لكنها بتكريسها أهمية الشعور بالرضى في داخل المرأة المتمكنة تثبت ذلك.
أبعدها داء الـ«لايم» وأعراضه المخيفة عن الفن ولم يعد صوتها بفرادته الكلية. شعرت بعجزها عن التحكم به كما تنعدم السيطرة على تدفق الهواء. كل ما فعلته هو تحديد كيف ستمضي قدماً، فاكتشفت نفسها مجدداً وروح الإبداع الفردي فيها. تقود سيارتها وكلبها إلى جانبها لتنفي وجود طرق مختصرة. كقائد عظيم، لم تهب مصيرها. تتخذ قراراتها وتجد طريقها الخاص. «تخسر شيئاً في اللحظة التي تعتمد فيها على شخص سواك. ستفقد حق اتخاذ القرار بنفسك»، حكمة الملوعين من الآخرين.


مقالات ذات صلة

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

يوميات الشرق ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهم مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهم مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما، طريقة موحدة لتأليف موسيقاه المتنوعة، وهي البحث في تفاصيل الموضوعات التي يتصدى لها، للخروج بثيمات موسيقية مميزة. ويعتز خرما بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، التي تم افتتاحها في القاهرة أخيراً، حيث عُزفت مقطوعاته الموسيقية في حفل افتتاح البطولة. وكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في بطولة العالم للجمباز، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13»، الذي يجري عرضه حالياً في دور العرض المصرية. وقال خرما إنه يشعر بـ«الفخر» لاختياره لتمثيل مصر بتقديم موسيقى حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز التي تشارك فيها 40 دولة من قارات

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق للمرة الأولى... تسجيل مراسم تتويج الملك البريطاني في ألبوم

للمرة الأولى... تسجيل مراسم تتويج الملك البريطاني في ألبوم

تعتزم شركة تسجيلات بريطانية إصدار حفل تتويج ملك بريطانيا، الملك تشارلز الشهر المقبل، في صورة ألبوم، لتصبح المرة الأولى التي يتاح فيها تسجيلٌ لهذه المراسم التاريخية للجمهور في أنحاء العالم، وفقاً لوكالة «رويترز». وقالت شركة التسجيلات «ديكا ريكوردز»، في بيان اليوم (الجمعة)، إنها ستسجل المراسم المقرر إقامتها يوم السادس من مايو (أيار) في كنيسة وستمنستر، وأيضاً المقطوعات الموسيقية التي ستسبق التتويج، تحت عنوان «الألبوم الرسمي للتتويج»، وسيكون الألبوم متاحاً للبث على الإنترنت والتحميل في اليوم نفسه. وستصدر نسخة من الألبوم في الأسواق يوم 15 مايو.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مزاد في سبتمبر على 1500 قطعة عائدة إلى المغني الراحل فريدي ميركوري

مزاد في سبتمبر على 1500 قطعة عائدة إلى المغني الراحل فريدي ميركوري

تُطرح للبيع في مزاد يقام في لندن خلال سبتمبر (أيلول) المقبل نحو 1500 قطعة عائدة إلى مغني فرقة «كوين» البريطانية الراحل فريدي ميركوري، من بينها أزياء ارتداها خلال حفلاته ومخطوطات لنصوص أغنيات، وكذلك لوحات لماتيس وبيكاسو، كما أعلنت دار «سوذبيز» اليوم الأربعاء. وستقام قبل المزاد معارض لأبرز هذه القطع في نيويورك ولوس أنجليس وهونغ كونغ في يونيو (حزيران)، ثم في لندن من 4 أغسطس (آب) إلى 5 سبتمبر (أيلول). ومن بين القطع التي يشملها المزاد تاج مستوحى من ذلك الذي يضعه ملوك بريطانيا في احتفالات تتويجهم، ورداء من الفرو الصناعي والمخمل الأحمر. وارتبطت هاتان القطعتان بصورة الفنان البريطاني الذي حقق شعبية واس

«الشرق الأوسط» (لندن)

السعودية أنموذجاً عالمياً في إدارة الموارد المائية

الدكتور عبد العزيز الشيباني خلال افتتاح الورشة التحضيرية في الرياض (الشرق الأوسط)
الدكتور عبد العزيز الشيباني خلال افتتاح الورشة التحضيرية في الرياض (الشرق الأوسط)
TT
20

السعودية أنموذجاً عالمياً في إدارة الموارد المائية

الدكتور عبد العزيز الشيباني خلال افتتاح الورشة التحضيرية في الرياض (الشرق الأوسط)
الدكتور عبد العزيز الشيباني خلال افتتاح الورشة التحضيرية في الرياض (الشرق الأوسط)

اختارت لجنة الأمم المتحدة المعنية بالموارد المائية (UN - Water) السعودية أنموذجاً عالمياً رائداً في تحقيق مؤشر الإدارة المتكاملة لموارد المياه (6 - 5 - 1) ضمن الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة (SDG 6)، وذلك نظير التقدم الذي تحرزه البلاد في هذا المجال.

جاء ذلك خلال ورشة تحضيرية لدراسة تجربة السعودية في نجاحها لتسريع تحقيق الإدارة المتكاملة للموارد المائية، ضمن الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة في المملكة، التي افتتحها الدكتور عبد العزيز الشيباني، وكيل وزارة البيئة والمياه والزراعة للمياه، وجمعت في الرياض 40 مشاركاً من القطاعين الحكومي والخاص، والمنظمات الدولية ذات العلاقة، والمجتمع المدني، والأوساط الأكاديمي.

وعدّ الشيباني هذا الاختيار إشادة دولية بالتقدم الذي أحرزته السعودية في ذلك، بما يتماشى مع «رؤية المملكة 2030» و«الاستراتيجية الوطنية للمياه»، خصوصاً في مجال الإدارة المتكاملة لتلك الموارد.

وتعمل اللجنة الأممية على إعداد دراسة حالة نجاح السعودية لتوثيق تجربتها، ومشاركتها مع الدول الأخرى، للاستفادة من نهج المملكة في هذا الشأن، وتشجيع استمرار الجهود عالمياً لتحقيق الهدف السادس.

جانب من الورشة التحضيرية التي عقدت في الرياض (واس)
جانب من الورشة التحضيرية التي عقدت في الرياض (واس)

وأكد أن الورشة ناقشت النتائج الأولية والرسائل الرئيسة لدراسة الحالة التي تعدّها اللجنة حول السعودية، بما يمكن من استثمار حالات النجاح وممارساتها الرصينة لإدارة المياه، والاستفادة منها عالمياً، ما يسرع بتحقيق المستهدف السادس الذي بحسب المؤشر على المستوى العالمي يشهد تباطؤاً في الوصول لأهدافه بحلول 2030.

وأشار وكيل الوزارة إلى أن دراسة حالة النجاح تعتمد نهجاً شاملاً يعكس الروابط بين مختلف القطاعات، مثل البيئة، والزراعة، والطاقة، والصحة، ما يساعد على تحديد الفرص وتعزيز التكامل بين هذه المجالات، خصوصاً في مجال خلق البيئة الممكنة لإدارة فاعلة للمياه، بما في ذلك إشراك القطاع الخاص.

ويأتي اختيار الدول المشمولة بالدراسات بناءً على البيانات التي توفرها وكالات الأمم المتحدة المختصة، ويتم إطلاق تقارير دراسات الحالة خلال الحدث السنوي الخاص بالهدف السادس، ضمن المنتدى السياسي رفيع المستوى للأمم المتحدة، الذي يُعقد في نيويورك خلال شهر يوليو (تموز) من كل عام.

يُشار إلى أن لجنة الأمم المتحدة المعنية بالموارد المائية هي تنسيقية تابعة للأمم المتحدة، تضم 36 كياناً أممياً (أعضاء) و48 منظمة دولية أخرى (شركاء)، تعمل في مجالات المياه والصرف الصحي، وتهدف إلى ضمان استجابة منسقة وفعّالة للتحديات العالمية المتعلقة بالمياه.