«الصليب الأحمر»: الفيضانات خلفت أضراراً جسيمة في اليمن

حذرت من ذخائر غير منفجرة جرفت إلى مناطق سكنية وزراعية

جانب من مساعدات وزعتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر على المتضررين من السيول في مأرب (تويتر)
جانب من مساعدات وزعتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر على المتضررين من السيول في مأرب (تويتر)
TT

«الصليب الأحمر»: الفيضانات خلفت أضراراً جسيمة في اليمن

جانب من مساعدات وزعتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر على المتضررين من السيول في مأرب (تويتر)
جانب من مساعدات وزعتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر على المتضررين من السيول في مأرب (تويتر)

حذرت «اللجنة الدولية للصليب الأحمر» من مخاطر الذخائر غير المنفجرة على المدنيين في اليمن، بعد أن جرفتها الفيضانات، وقالت إن الأمطار الموسمية الغزيرة والفيضانات اجتاحت عدة محافظات في اليمن على مدى الأسابيع القليلة الماضية، وخلَّفت أضراراً جسيمة؛ إذ لقي العشرات حتفهم ودُمرت منازل وأراضٍ زراعية وطرق والعديد من مرافق البنية التحتية الحيوية.
وفي حين يأتي هذا في الوقت الذي يرزح فيه ملايين اليمنيين تحت وطأة النزاع وتبعاته، ذكرت «اللجنة الدولية» في تقرير وزعه مكتبها في اليمن أن الفيضانات ألقت عبئاً إضافياً يضاعف معاناة الملايين من اليمنيين، الذين لا يزالون يتجرعون صنوفاً من المعاناة من جرّاء النزاع المسلح الممتد منذ أكثر من سبع سنوات.
وبحسب التقرير، لقي 90 شخصاً على الأقل مصرعهم من بينهم أطفال في مناطق مختلفة نتيجة الفيضانات، في وقت أكد فيه «مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية»، أن 35 ألف أسرة (معظمهم من النازحين) تضررت بسبب هذه الفيضانات في 17 محافظة يمنية في الفترة بين 28 يوليو (تموز) و10 أغسطس (آب).
وبينت «اللجنة الدولية للصليب الأحمر»، في تقريرها، أن اليمن يكافح لمواجهة تبعات النزاع، ومن بينها النزوح وتفاقم انعدام الأمن الغذائي وانهيار شبكات الخدمات الذي بات وشيكاً، في ظل الهشاشة الشديدة التي تعاني منها الخدمات الأساسية كافة (المياه والكهرباء وشبكات الصرف الصحي وأنظمة الرعاية الصحية)، كما فاقمت الأمطار الغزيرة والفيضانات انتشار الأمراض الموسمية والأمراض المنقولة بالمياه، مثل الكوليرا وحمى الضنك والملاريا، التي لا تنفك تحصد أرواح كثيرين، في بلد لا تتجاوز نسبة المرافق الصحية التي لا تزال تعمل فيه 51 في المائة.
ونقلت «اللجنة» عن المواطن اليمني عبد الجليل، الذي فقد جيرانه منازلهم بسبب الفيضان الذي اجتاح مدينة حجة القول: «هذه السنة كانت المرة الأولى التي تشهد فيها حجة مثل هذه الأمطار الغزيرة؛ فنحن لسنا معتادين على مثل هذه الفيضانات الجارفة، إذ وجد كثيرون أنفسهم بلا مأوى بين عشية وضحاها، وفقدوا متعلقاتهم وحقولهم التي دُمّرت تماماً. وإذا استمر هطول الأمطار بهذه الغزارة، فسيفقد المزيد من الناس منازلهم وممتلكاتهم وأراضيهم الزراعية».
وبدعم من «اللجنة الدولية للصليب الأحمر»، قدّمت «جمعية الهلال الأحمر اليمني» مساعدات إلى 8239 أسرة حتى الوقت الحالي، في عشر من المحافظات الأشد تضرراً، عبر توزيع مواد غذائية وغير غذائية، فيما يواصل متطوعو «جمعية الهلال الأحمر» مباشرة عمليات البحث والإنقاذ للأشخاص الذين باتوا في عداد المفقودين نتيجة الفيضانات، كما يقدمون الإسعافات الأولية للمصابين.
وقالت نائبة رئيس بعثة «اللجنة الدولية في اليمن»، مولان جيوفانيني: «ألحقت الفيضانات أضراراً بالغة بالأراضي الزراعية، الأمر الذي سيفاقم كثيراً حالة انعدام الأمن الغذائي، في بلد يعاني فيه 19 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي. كما جرفت الفيضانات ذخائر غير منفجرة، وألقتها في مناطق سكنية وزراعية، وهو ما يعرِّض حياة المدنيين لخطر جسيم».
من جهته، قال منسق إدارة الكوارث بجمعية «الهلال الأحمر اليمني»، عبد الله العزب: «رغم التحديات الجسام التي تعترض طريقنا، تعمل (جمعية الهلال الأحمر اليمني)، دون انقطاع، لمد يد العون إلى ضحايا الفيضانات، غير أن الاحتياجات هائلة. ومن المهم أن يكون المتضررون من الكارثة قادرين على الحصول على المساعدات المنقذة للأرواح التي يحتاجون إليها».
ووفق بيانات «اللجنة الدولية للصليب الأحمر»، فإنه، ومنذ بداية فبراير (شباط) 2022، استفاد مليون و300 ألف شخص من الدعم الذي قدمته لـ26 مستشفى و31 مركز رعاية صحية أولية في أجزاء مختلفة من البلاد. كما دعمت «اللجنة» أكثر من 200 ألف شخص؛ بتزويدهم بمواد غذائية وغير غذائية، من بينها المأوى والمنح النقدية، وأجرت «اللجنة الدولية» 20 زيارة إلى 15 مكان احتجاز في مناطق مختلفة من اليمن، حيث تلقت 6 سجون في أرجاء البلاد دعماً من أجل تحسين فرص حصول أكثر من 8000 محتجز على الخدمات الصحية.
وجرى (بحسب تقرير «اللجنة الدولية للصليب الأحمر») لمّ شمل 122 محتجزاً بعائلاتهم وذويهم، كما ساعدت «اللجنة» و«الهلال الأحمر اليمني» أكثر من 224 ألف شخص، من خلال أنشطة مشتركة مختلفة.


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة. لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني. ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول ال

محمد ناصر (عدن)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.