عون يتمسك بالحكومة الموسّعة لإدارة الفراغ الرئاسي

يراد منها ترحيل انتخاب خلف له وإقحام لبنان في صدامات دولية

TT

عون يتمسك بالحكومة الموسّعة لإدارة الفراغ الرئاسي

عون والرئيس المكلف بتشكيلها نجيب ميقاتي، كسابقاتها من الجولات ولم تحقق أي اختراق يدعو للتفاؤل بولادتها، وإن كانت حملت أكثر من مؤشر سلبي يمكن أن يطيح بإنجاز الاستحقاق الرئاسي في موعده قبل انتهاء الولاية الرئاسية لعون في 31 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وهذا ما خلص إليه معظم السياسيين الذين واكبوا الأجواء السلبية التي سادتها وأعادتها إلى المربع الأول على خلفية إصرار عون على تشكيل حكومة من 30 وزيراً بينهم 6 وزراء دولة، ورأوا في اقتراحه بأنه يتحسب منذ الآن لفراغ رئاسي ليوكل إليها مهمة إدارته.
وكشف المواكبون بأن اقتراح عون بتشكيل حكومة من 30 وزيراً ينم عن رغبته بتحويل الحكومة الموسعة إلى «مجلس قيادة» وإنما على طريقته، وقالوا لـ«الشرق الأوسط» بأن اقتراحه لقي رفضاً من ميقاتي الذي نصحه بسحبه من التداول لأن المجتمع الدولي سيتعامل معه على أن لا مجال لإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها، وهذا ما يدخلنا في اشتباك سياسي معه نحن في غنى عنه، إضافة إلى أنه سيلقى معارضة في الداخل تتجاوز الشارع المسيحي وتحديداً الموارنة إلى المكونات السياسية الرئيسة في البلد.
ولفت هؤلاء إلى أن ميقاتي نصحه بالعودة إلى اقتراحه الذي حمله إليه في اجتماعهما الأول بعد تكليفه بتشكيل الحكومة ويقضي بتعويم حكومة تصريف الأعمال وتطعيمها بعدد محدود من الوجوه الجديدة، في إشارته إلى استبدال وزيري الاقتصاد أمين سلام والمهجرين عصام شرف الدين بوزيرين جديدين، ورأوا بأن تمسك عون بتشكيل حكومة موسعة يعني بأن هناك رغبة بترحيل الاستحقاق الرئاسي وإحلال «مجلس قيادة» محل حكومة تصريف الأعمال وتكليفها بالإشراف مباشرة على إدارة الفراغ الرئاسي.
واعتبر المواكبون للأجواء التي سادت الجولة الرابعة من مشاورات التأليف بأن إصرار عون على تشكيل حكومة موسعة هو رسالة سلبية موجهة إلى المجتمع الدولي سيترتب عليها رد فعل غير مسبوق تحت عنوان أنه لا يحبذ إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها الدستوري، وهذا ما يقحم البلد في مغامرة غير مدروسة أين منها المغامرات السابقة، ولا يدري أحد إلى أين سيأخذه لأن حساباته في إعادة خلط الأوراق لن تكون في محلها.
وأكد هؤلاء بأن رئيس المجلس النيابي نبيه بري وإن كان يواكب مشاورات التأليف عن كثب، فإنه يفضل عدم التدخل، وسيقول كلمته في خطابه السنوي الذي تقيمه حركة «أمل» عصر الأربعاء المقبل في صور لمناسبة مرور 44 عاماً على إخفاء مؤسس «أمل» والمجلس الإسلامي الشيعي الإمام السيد موسى الصدر في ليبيا، والتي تأتي قبل ساعات من سريان مفعول الاستحقاق الرئاسي في الأول من سبتمبر (أيلول)، مع أنه يعطي الأولوية لانتخاب الرئيس في موعده من دون أن يعني أنه لا يبدي اهتماماً بتشكيل الحكومة.
وفي هذا السياق، أكدت مصادر نيابية بأنها لا ترى من مبرر لوجود حكومة موسعة وأن الأولوية يجب أن تعطى لحكومة تصريف الأعمال لتفادي إحداث نقزة لدى المجتمع الدولي الذي لا يتدخل ويرى في طرح الحكومة الموسعة محاولة لتقديم الفراغ الرئاسي على انتخاب رئيس جديد، ويدعو باستمرار لانتخاب الرئيس لأن لا مصلحة للبنان في إغراقه في فراغ قاتل يقضي على المحاولات الرامية لإنقاذه من أزماته الكارثية. وبالتالي لا ضرورة لإغراق البلد في معركة جانبية تدخله في تجاذبات لا مبرر لها.
وسألت المصادر النيابية إذا كانت الطريق سالكة أمام حكومة موسعة؟ وما المانع في حال تشكيلها برغم الأبواب الموصدة أمامها من استنساخ المعاناة التي شكا منها رئيس الحكومة السابق تمام سلام أثناء توليه رئاسة الحكومة في عهد الرئيس ميشال سليمان واضطرته لإدارة الفراغ الرئاسي بعد أن تعذر انتخاب رئيس جديد ولم يفرج عن انتخابه إلا بعد تعطيل للجلسات النيابية استمر لأكثر من عامين ونصف بسبب إصرار «حزب الله» على منع اكتمال النصاب ما لم ينتخب عون رئيساً وهذا ما حصل.
ولفتت إلى أن معاناة سلام بدأت بتحويل حكومته إلى حكومة لإدارة الفراغ الرئاسي أتاحت لكل وزير فيها بأن يتصرف على أنه رئيس للجمهورية وأن قراراتها يجب أن تتخذ بالإجماع.
وفي المقابل فإن «حزب الله» بات محرجاً، إذ أحجم أمينه العام حسن نصر الله عن تناول مسألتي الحكومة والرئاسة وتذرع بضيق الوقت مع أنه رسم سقفاً سياسياً وعسكرياً لاستراتيجيات الحزب في الداخل والإقليم.
فـ«حزب الله» بحسب المصادر نفسها يمر في حالة من الإرباك بين تأييد عون وبين تخليه عن تعويم الحكومة، مع أن الحزب بحسب ما توافر لـ«الشرق الأوسط» من معلومات بدأ منذ الآن يتحسب للفراغ الرئاسي، وقيادته تعكف حالياً على دراسة الخيارات السياسية لرسم خطتها للتعاطي مع هذا الفراغ.
لذلك فإن استئناف المشاورات بين عون وميقاتي يبقى عالقاً على أمرين: الأول يتعلق بجواب رئيس الجمهورية على اقتراح الرئيس المكلف في ضوء إصراره على تسمية الوزيرين البديلين، إضافة إلى النظر في تصور عون لتشكيل حكومة موسعة وإن كان يصر على أن يسمي هو شخصياً وزراء الدولة من المسيحيين.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

«حكومة الجولاني» تتسلم سوريا بـ«جيش بلا مخالب»


صورة جوية تُظهر سفناً سورية حربية دُمّرت خلال هجوم إسرائيلي على مدينة اللاذقية الساحلية أمس (أ.ف.ب)
صورة جوية تُظهر سفناً سورية حربية دُمّرت خلال هجوم إسرائيلي على مدينة اللاذقية الساحلية أمس (أ.ف.ب)
TT

«حكومة الجولاني» تتسلم سوريا بـ«جيش بلا مخالب»


صورة جوية تُظهر سفناً سورية حربية دُمّرت خلال هجوم إسرائيلي على مدينة اللاذقية الساحلية أمس (أ.ف.ب)
صورة جوية تُظهر سفناً سورية حربية دُمّرت خلال هجوم إسرائيلي على مدينة اللاذقية الساحلية أمس (أ.ف.ب)

أعلن رئيس الوزراء الجديد في «حكومة الجولاني»، محمد البشير، توليه مهامه رسمياً، أمس الثلاثاء، وذلك غداة غارات إسرائيلية ليلية، قدر عددها بنحو 300، واستهدفت مواقع عسكرية استراتيجية سورية، مما جعل السلطة الجديدة بـ«جيش من دون مخالب». وأفاد البشير، في بيان بثه التلفزيون، بأنه تم تكليفه رسمياً برئاسة حكومة انتقالية في سوريا حتى الأول من مارس (آذار) 2025.

وعُقد في دمشق أمس الاجتماع الأول للحكومة الجديدة برئاسة القائد العام لإدارة العمليات أحمد الشرع (محمد الجولاني)، وضم الاجتماع رئيس الحكومة السابق محمد غازي الجلالي، ورئيس الحكومة المؤقتة، ووزراء من الحكومة السابقة، مع نظرائهم من السلطة الجديدة.

وبينما انشغل السوريون بالصور والمعلومات الصادمة القادمة من معتقلات ومشارح النظام السابق، أعلن الشرع، قرب نشر «قائمة أولى بأسماء كبار المتورّطين بتعذيب الشعب السوري» لملاحقتهم ومحاسبتهم.

وأوضح في بيان، أنّ الحكومة المقبلة ستقدّم «مكافآت لمن يدلي بمعلومات عن كبار ضباط الجيش والأمن المتورطين في جرائم حرب».

وتابع الجولاني: «لقد أكّدنا التزامنا بالتسامح مع من لم تتلطّخ أيديهم بدماء الشعب السوري، ومنحنا العفو لمن كان ضمن الخدمة الإلزامية»، مؤكّداً أنّ «دماء وحقوق» القتلى والمعتقلين الأبرياء «لن تُهدر أو تنسى».

في غضون ذلك، عقد عدد من كبار الدبلوماسيين الأميركيين، اجتماعات في كل من تركيا والأردن ولبنان والعراق وإسرائيل، في سياق جهود تهدف للحفاظ على الاستقرار في سوريا ومحاولة دعم عملية الانتقال السياسي بمساعدة من الأمم المتحدة.

وفي الأثناء، أمرت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، بعمليات عسكرية واسعة النطاق ضد تنظيم «داعش»، في سوريا، سعياً لمنعه من استغلال الفوضى التي تلت إطاحة حكم الأسد، إلا أنها غضت الطرف عن تقدم القوات الإسرائيلية إلى المنطقة العازلة في مرتفعات الجولان والغارات على كل الأراضي السورية.

وحذّر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو القادة الجدد لسوريا من السير على خطى بشار الأسد، ومن السماح لإيران «بإعادة ترسيخ» وجودها في البلاد.