طرابلس تترقب «مواجهة دامية» بين حكومتي الدبيبة وباشاغا

بعد فشل الوساطة المحلية والدولية في حسم الصراع على السلطة

المنفي يعقد اجتماعاً بحضور الدبيبة والحداد ورئيس جهاز الاستخبارات حسين العائب (المجلس الرئاسي)
المنفي يعقد اجتماعاً بحضور الدبيبة والحداد ورئيس جهاز الاستخبارات حسين العائب (المجلس الرئاسي)
TT

طرابلس تترقب «مواجهة دامية» بين حكومتي الدبيبة وباشاغا

المنفي يعقد اجتماعاً بحضور الدبيبة والحداد ورئيس جهاز الاستخبارات حسين العائب (المجلس الرئاسي)
المنفي يعقد اجتماعاً بحضور الدبيبة والحداد ورئيس جهاز الاستخبارات حسين العائب (المجلس الرئاسي)

باتت العاصمة الليبية طرابلس تترقب اندلاع مواجهات محتملة بين الميليشيات الموالية لحكومة «الوحدة» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والميليشيات التابعة لغريمتها حكومة «الاستقرار» الموازية برئاسة فتحي باشاغا، بعد فشل كل جهود الوساطة محلياً ودولياً في وقف التصعيد.
وهيمنت التطورات الأمنية والعسكرية في العاصمة على اجتماع مفاجئ عقده محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، ونائبه عبد الله اللافي، اليوم، مع الدبيبة باعتباره وزير الدفاع في حكومة «الوحدة» التي يترأسها، بالإضافة إلى محمد الحداد رئيس أركان القوات الموالية للحكومة ووزير داخليتها ورؤساء الأركان والمخابرات والأمن الداخلي.
وهذا الاجتماع هو الثاني الذي يعقده المنفي، في غضون أسبوع واحد، باعتبار مجلسه نظرياً القائد الأعلى للجيش الليبي، ضمن محاولاته، دون جدوى، لوقف التصعيد العسكري والأمني ووضع حد لأزمة النزاع على السلطة بين الدبيبة وباشاغا.
وتعهد الدبيبة، أمس، مجدداً بعدم السماح بما وصفه بـ«العبث» بأمن العاصمة والإضرار بالمدنيين، وقال في تهديد لقوات باشاغا: «سنكون بالمرصاد لمن يحاول ذلك»، مؤكداً استمرار حكومة «الوحدة» في عملها بشكل طبيعي وباعتراف دولي وحتى انعقاد الانتخابات.
واستغل الدبيبة اجتماعاً لحكومته في طرابلس أمس، وقال في كلمة تم بثها مباشرة، إن «استمرار هذه الحكومة هو الضامن الوحيد للضغط على الأطراف للذهاب إلى الانتخابات».
وبعدما قال إن الحكومة القادمة ستكون سلطة منتخبة ولا تراجع في ذلك، طالب رئيسي مجلسي النواب و«الدولة» بإصدار القاعدة الدستورية للوصول إلى الانتخابات، التي قال إن الليبيين يريدون عبرها التخلص من جميع الطبقات السياسية التي هيمنت على البلاد.
وتابع: «لن يصدق أحد أن الاتفاق على مادة خلافية واحدة أخذ كل هذا الوقت بعد حرمان الشعب من حقه في الانتخابات لأكثر من 8 سنوات»، نافياً وجود أي انقسام إداري أو خدمي.
وكان الدبيبة صعّد، مساء أمس، من حدة التوتر مع غريمه باشاغا بعدما سخر منه علانية في تغريدة مقتضبة عبر موقع «تويتر» قال فيها إنه لم يرد برسالة على دعوة باشاغا له بالتخلي طواعية عن منصبه وتسليم السلطة في العاصمة حقناً للدماء، لأنه مشغول بخدمة الليبيين، على حد تعبيره.
https://twitter.com/Dabaibahamid/status/1562482833985531905
وكان باشاغا طلب، في بيان مساء أمس، من الدبيبة تسليم السلطة طواعية والالتزام بالتداول السلمي، والخضوع لقرارات السلطة التشريعية للدولة الليبية، واعتبر أن «هذا بيان وبلاغ إبراء للذمة وإقامة للحجة».
وأعلنت الميليشيات الموالية لحكومتي باشاغا والدبيبة حالة الاستنفار، وواصلت تحشيد عناصرها تحسباً للمواجهة الجديدة بعد مرور نحو 6 أشهر على حصول حكومة باشاغا على ثقة مجلس النواب كبديلة لحكومة الدبيبة الذي يرفض التخلي عن السلطة.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن شهود عيان إعلان حالة الطوارئ في جميع مناطق العاصمة، التي توقعت أن تشهد حدوث اشتباكات وشيكة، مشيرة إلى أنه تم تشكيل غرفة عمليات مشتركة برئاسة محمد الحداد رئيس أركان القوات الموالية لحكومة الدبيبة، لتنفيذ خطة الدفاع عن العاصمة، منعاً لأي اختراق محتمل.
وشهدت عدة مناطق في جنوب وغرب طرابلس تحليقاً مكثفاً لطيران مسيّر لم تعرف الجهة التابع لها.
بدورها، أعلنت اللجنة المشكلة من الحداد ومجلس مصراتة البلدي وأعيان وحكماء طرابلس الكبرى، في بيان مشترك، رفض القتال، وطالبت المجلس الرئاسي بتحمل مسؤولياته بإخراج خريطة طريق تتضمن وقتاً محدداً لإجراء الانتخابات البرلمانية. ورغم ذلك أكدت اللجنة الوقوف بقوة ضد المعتدي ومن يسعى لإشعال فتيل الحرب.
ونصح جهاز الأمن القومي الليبي جميع التشكيلات المسلحة العسكرية والأمنية والاستخباراتية و«ثوار 17 فبراير» والوطنيين بالالتزام بالقوانين والتشريعات وتغليب مصلحة الوطن والتخلي عن حكومة «الوحدة» وعدم الاقتتال من أجلها.
لكن محمد قنونو، المتحدث الرسمي باسم قوات حكومة «الوحدة»، قال إنها جاهزة للدفاع عن العاصمة في حال مهاجمة «الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر لها، واعتبر أن التصريحات الأخيرة للواء أحمد المسماري، الناطق باسم الجيش، بمثابة تهديد مباشر للعاصمة.
في غضون ذلك، أدخلت بعثة الأمم المتحدة نفسها كطرف في الأزمة بين مجلسي النواب والقضاء، بعدما أقر ريزدون زينينغا، القائم بأعمال رئيس البعثة، عقب اجتماعه مع محمد الحافي، رئيس المحكمة العليا، باختصاص الأخيرة كمؤسسة سيادية في إعادة تفعيل الدائرة الدستورية.
وأكد زينينغا أهمية الحفاظ على استقلال القضاء ووحدته، وأن يكون قادراً على بتّ جميع المنازعات التي تدخل في اختصاصه، بما في ذلك الطعون الدستورية والقانونية في وقت مناسب، وحماية حقوق الناس وحرياتهم.


مقالات ذات صلة

«ملفات خلافية» تتصدر زيارة ليبيين إلى تونس

شمال افريقيا «ملفات خلافية» تتصدر زيارة ليبيين إلى تونس

«ملفات خلافية» تتصدر زيارة ليبيين إلى تونس

حلت نجلاء المنقوش، وزيرة الشؤون الخارجية الليبية، أمس بتونس في إطار زيارة عمل تقوم بها على رأس وفد كبير، يضم وزير المواصلات محمد سالم الشهوبي، وذلك بدعوة من نبيل عمار وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج. وشدد الرئيس التونسي أمس على موقف بلاده الداعي إلى حل الأزمة في ليبيا، وفق مقاربة قائمة على وحدتها ورفض التدخلات الخارجية في شؤونها الداخلية. وأكد في بيان نشرته رئاسة الجمهورية بعد استقباله نجلاء المنقوش ومحمد الشهوبي، وزير المواصلات في حكومة الوحدة الوطنية الليبية، على ضرورة «التنسيق بين البلدين في كل المجالات، لا سيما قطاعات الاقتصاد والاستثمار والطاقة والأمن».

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا محادثات سعودية ـ أممية تتناول جهود الحل الليبي

محادثات سعودية ـ أممية تتناول جهود الحل الليبي

أكدت السعودية أمس، دعمها لحل ليبي - ليبي برعاية الأمم المتحدة، وشددت على ضرورة وقف التدخلات الخارجية في الشؤون الليبية، حسبما جاء خلال لقاء جمع الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي، مع عبد الله باتيلي الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لدى ليبيا ورئيس البعثة الأممية فيها. وتناول الأمير فيصل في مقر الخارجية السعودية بالرياض مع باتيلي سُبل دفع العملية السياسية في ليبيا، والجهود الأممية المبذولة لحل الأزمة. إلى ذلك، أعلن «المجلس الرئاسي» الليبي دعمه للحراك الشبابي في مدينة الزاوية في مواجهة «حاملي السلاح»، وضبط الخارجين عن القانون، فيما شهدت طرابلس توتراً أمنياً مفاجئاً.

شمال افريقيا ليبيا: 12 عاماً من المعاناة في تفكيك «قنابل الموت»

ليبيا: 12 عاماً من المعاناة في تفكيك «قنابل الموت»

فتحت الانشقاقات العسكرية والأمنية التي عايشتها ليبيا، منذ رحيل نظام العقيد معمر القذافي، «بوابة الموت»، وجعلت من مواطنيها خلال الـ12 عاماً الماضية «صيداً» لمخلَّفات الحروب المتنوعة من الألغام و«القنابل الموقوتة» المزروعة بالطرقات والمنازل، مما أوقع عشرات القتلى والجرحى. وباستثناء الجهود الأممية وبعض المساعدات الدولية التي خُصصت على مدار السنوات الماضية لمساعدة ليبيا في هذا الملف، لا تزال «قنابل الموت» تؤرق الليبيين، وهو ما يتطلب -حسب الدبلوماسي الليبي مروان أبو سريويل- من المنظمات غير الحكومية الدولية العاملة في هذا المجال، مساعدة ليبيا، لخطورته. ورصدت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، في تقر

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا حل الأزمة الليبية في مباحثات سعودية ـ أممية

حل الأزمة الليبية في مباحثات سعودية ـ أممية

أكدت السعودية دعمها للحل الليبي - الليبي تحت رعاية الأمم المتحدة، وضرورة وقف التدخلات الخارجية في الشؤون الليبية، وجاءت هذه التأكيدات خلال اللقاء الذي جمع الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي مع عبد الله باتيلي الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لدى ليبيا رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا. واستقبل الأمير فيصل بن فرحان في مقر وزارة الخارجية السعودية بالرياض أمس عبد الله باتيلي وجرى خلال اللقاء بحث سُبل دفع العملية السياسية في ليبيا، إضافة إلى استعراض الجهود الأممية المبذولة لحل هذه الأزمة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا «الرئاسي» الليبي يدعم «حراك الزاوية» ضد «حاملي السلاح»

«الرئاسي» الليبي يدعم «حراك الزاوية» ضد «حاملي السلاح»

أعلن «المجلس الرئاسي» الليبي، عن دعمه للحراك الشبابي في مدينة الزاوية (غرب البلاد) في مواجهة «حاملي السلاح»، وضبط الخارجين عن القانون، وذلك في ظل توتر أمني مفاجئ بالعاصمة الليبية. وشهدت طرابلس حالة من الاستنفار الأمني مساء السبت في مناطق عدّة، بعد اعتقال «جهاز الردع» بقيادة عبد الرؤوف كارة، أحد المقربين من عبد الغني الككلي رئيس «جهاز دعم الاستقرار»، بالقرب من قصور الضيافة وسط طرابلس. ورصد شهود عيان مداهمة رتل من 40 آلية، تابع لـ«جهاز الردع»، المنطقة، ما أدى إلى «حالة طوارئ» في بعض مناطق طرابلس. ولم تعلق حكومة عبد الحميد الدبيبة على هذه التطورات التي يخشى مراقبون من اندلاع مواجهات جديدة بسببها،

خالد محمود (القاهرة)

تشكيك فرنسي بـ«التزام الجزائر» إحياء العلاقات الثنائية

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (د.ب.أ)
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (د.ب.أ)
TT

تشكيك فرنسي بـ«التزام الجزائر» إحياء العلاقات الثنائية

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (د.ب.أ)
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (د.ب.أ)

أكد وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، الأحد، أن بلاده تساورها «شكوك» حيال رغبة الجزائر في التزام إحياء العلاقات الثنائية، معرباً عن مخاوفه بشأن قضية الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال الموقوف منذ أسابيع.

وقال بارو في مقابلة مع إذاعة «آر تي إل» الخاصة: «لقد وضعنا في 2022 (...) خريطة طريق (...) ونود أن يتم الالتزام بها».

وأضاف: «لكننا نلاحظ مواقف وقرارات من جانب السلطات الجزائرية أثارت لدينا شكوكاً حيال نية الجزائريين التزام خريطة الطريق هذه. لأن الوفاء بخريطة الطريق يقتضي وجود اثنين».

الكاتب الجزائري بوعلام صنصال (أ.ب)

وأضاف بارو: «مثل رئيس الجمهورية، أعرب عن القلق البالغ إزاء رفض طلب الإفراج الذي تقدم به بوعلام صنصال ومحاموه».

وصنصال (75 عاماً) المعارض للسلطة الجزائرية والمولود من أم جزائرية وأب ذي أصول مغربية، موقوف منذ منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) بتهمة «تعريض أمن الدولة للخطر».

وأوضح بارو: «أنا قلق بشأن حالته الصحية و(...) فرنسا متمسكة جداً بحرية التعبير وحرية الرأي، وتعتبر أن الأسباب التي قد دفعت السلطات الجزائرية إلى احتجازه باطلة».

وتناول الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون للمرة الأولى، الأحد الماضي، قضية توقيف الكاتب بالجزائر، واصفاً إياه بـ«المحتال... المبعوث من فرنسا».

وأوقِف مؤلف كتاب «2084: نهاية العالم» في نوفمبر بمطار الجزائر العاصمة، ووُجهت إليه تهم بموجب المادة 87 مكرر من قانون العقوبات، التي تعدّ «فعلاً إرهابياً أو تخريبياً (...) كل فعل يستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية والسلامة الترابية واستقرار المؤسسات وسيرها العادي».

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)

وأشار الوزير الفرنسي إلى أن بلاده «ترغب في الحفاظ على أفضل العلاقات مع الجزائر (...) لكن هذا ليس هو الحال الآن».

وسحبت الجزائر سفيرها من باريس في يوليو (تموز) الماضي، بعد تبني الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المقترح المغربي بمنح حكم ذاتي للصحراء الغربية المتنازع عليها تحت سيادة المملكة، قبل أن يزور الرباط في نهاية أكتوبر (تشرين الأول).