هددت اتهامات متبادلة بين متمردي «تيغراي» والقوات الحكومية في شمال إثيوبيا، بـ«خرق الهدنة»، جهود إطلاق محادثات للسلام لإنهاء الصراع المستمر منذ 21 شهرا، وسط ودعوات دولية لـ«التزام ضبط النفس».
وترجع بداية النزاع في تيغراي إلى نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، عندما أرسل رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد الجيش الفيدرالي إلى المنطقة للإطاحة بالسلطات المحلية هناك، والتي اتهمها بمهاجمة قواعد عسكرية في الإقليم، ضمن مساعيها للانقلاب على حكومة أديس أبابا.
وبعد نزاع عنيف راح ضحيته الآلاف ما بين قتلى ومصابين ومشردين، توصل الطرفان إلى هدنة إنسانية نهاية مارس (آذار) الماضي، أتاحت استئنافا تدريجيا للمساعدات الإنسانية إلى المنطقة التي تعيش ظروفا قريبة من المجاعة. وعقب عدة أسابيع، من تأكيد الجانبين استعدادهما لبدء المفاوضات، تحدث كل من الحكومة والمتمردين (الأربعاء) عن معارك حول الطرف الجنوبي الشرقي من تيغراي، المتاخم لمنطقتي أمهرة من الغرب وعفر من الشرق؛ وهذه المعارك هي الأولى منذ إعلان الهدنة.
وتعهد الطرفان على مدار الشهرين الماضيين، بالدخول في مفاوضات سلام، لم تبدأ بعد بشكل علني. وأعلنت الحكومة الإثيوبية في 19 أغسطس (آب)، استعدادها، «في أي وقت وأي مكان»، للانخراط في محادثات سلام مع جبهة تحرير تيغراي، مشترطة رعاية الاتحاد الأفريقي.
وقالت السكرتيرة الصحافية في مكتب رئيس الوزراء الإثيوبي، بليني سيوم، «تم إصدار وثيقة توصية السلام، التي ستسمح بالتوصل إلى وقف إطلاق النار في الأسابيع المقبلة. ومحادثات السلام وغيرها من القضايا العالقة، والتي سيتم البحث فيها على المستوى الوطني». وذكرت سيوم أن «الحكومة تبذل جهوداً من أجل السلام قبل الحرب وفي أثنائها وبعدها»، في حين أن «جبهة تيغراي» تحاول «قيادة المجتمع الدولي في الاتجاه الخاطئ، من خلال توجيه اتهامات ونشر روايات كاذبة».
في المقابل، قال زعيم جبهة تحرير شعب تيغراي، ديبريتسيون جبريميكايل، في 23 أغسطس (آب)، إنه عقدت «جولتان من الاجتماعات السرية» مع مسؤولين مدنيين وعسكريين، في أول اعتراف من أحد الجانبين بمحادثات مباشرة. ولم يحدد موعد أو مكان هذه المحادثات التي لم تؤكدها الحكومة.
وخلال زيارة إلى إثيوبيا، مطلع أغسطس (آب) الجاري، توجه المبعوثان الخاصان للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي للقرن الأفريقي، مايك هامر وأنيت ويبر، إلى ميكيلي عاصمة تيغراي برفقة سفراء أوروبيين، «للتشجيع على بدء محادثات» بين الحكومة وجبهة تحرير شعب تيغراي، «برعاية الاتحاد الأفريقي».
لكن الحكومة الإثيوبية، عبرت عن استيائها من الزيارة وكتب رضوان حسين، مستشار الأمن القومي لرئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، في تغريدة عند عودتهم، «تحدثت مع فريق الدبلوماسيين وأعربت عن استياء الحكومة». وقال إن الدبلوماسيين «لم يضغطوا من أجل التزام قاطع بمحادثات سلام، وفضلوا ممارسة لعبة التهدئة والشروط المسبقة التي طالبت بها سلطات المتمردين في تيغراي».
وأثار تجدد المعارك قلقاً دولياً، فدعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الأربعاء إلى وقف إطلاق النار «فورا» في إثيوبيا، وعبر عن الصدمة إزاء استئناف أعمال العنف. وقال غوتيريش للصحافيين «أشعر بصدمة وحزن عميقين للأنباء عن استئناف القتال في إثيوبيا» مضيفا «أناشد بقوة من أجل وقف فوري للقتال والعودة إلى محادثات السلام بين الحكومة وجبهة تحرير شعب تيغراي».
من جانبه، أعرب رئيس الاتحاد الأفريقي عن «قلقه العميق» من تجدد القتال في شمال إثيوبيا بين الحكومة ومتمردي جبهة تحرير شعب تيغراي ودعا إلى «وقف التصعيد». وفي بيان للاتحاد الأفريقي دعا موسى فقي محمد «إلى وقف فوري للأعمال العدائية وحض الطرفين على استئناف المحادثات سعيا إلى حل سلمي» للصراع المستمر منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.
وحضت الولايات المتحدة الأربعاء الحكومة الإثيوبية ومتمردي جبهة تحرير شعب تيغراي على إجراء محادثات لإنهاء القتال المتجدد، قائلة إن الهدنة التي استمرت خمسة أشهر أنقذت «أرواحا لا تعد ولا تحصى».
وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية فيدانت باتيل: «نشعر بالقلق إزاء التقارير التي تتحدث عن تجدد الأعمال العدائية في إثيوبيا، وندعو أديس أبابا وجبهة تحرير شعب تيغراي إلى مضاعفة الجهود لدفع المحادثات إلى الأمام من أجل التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار دون شروط مسبقة». وأضاف أن الهدنة التي استمرت خمسة أشهر «أنقذت أرواحا لا تعد ولا تحصى ومكنت المساعدات الإنسانية من الوصول إلى عشرات الآلاف من الأشخاص. والآن، تهدد الاستفزازات الأخيرة والافتقار إلى وقف دائم لإطلاق النار هذا التقدم».
وأشار إلى أن الولايات المتحدة مستعدة للعمل مع الإثيوبيين على صعيدي الدبلوماسية والمساعدات الإنسانية بهدف «وضع حد دائم للصراع في نهاية المطاف».
ويدور القتال الحالي، في منطقتي مهاغو وجميدو في منطقة أمهرة، على مقربة من منطقة كوبو، الواقعة أيضاً في منطقة أمهرة، ويحتلها متمردو تيغراي منذ هجوم مضاد سنة 2021.
من جهتها، أفادت منظمة غير حكومية محايدة تسمى «أبدا» تنشط في منطقة عفر، بوجود قتال في منطقة حدودية بين هذه المنطقة وجنوب شرقي تيغراي. وقالت المنظمة إن «الجيش موجودة بأعداد كبيرة (في منطقة) يالو وهو يطرد» متمردي تيغراي «من عفر».
وقدر «برنامج الأغذية العالمي» في يناير (كانون الثاني) الماضي أن 4.6 ملايين شخص في تيغراي يمثلون 83 في المائة من سكان الإقليم البالغ عددهم حوالي ستة ملايين، يعانون «انعدام الأمن الغذائي» فيما يعاني مليونان «نقصاً شديدا في الطعام». ونزح أكثر من 400 ألف شخص كما أن المنطقة تخضع أيضاً لحصار فعلي بحسب وصف الأمم المتحدة.
إثيوبيا: خرق الهدنة بين الحكومة والمتمردين يهدد محادثات السلام
الطرفان انخرطا في مفاوضات «غير مباشرة» دون تقدم
إثيوبيا: خرق الهدنة بين الحكومة والمتمردين يهدد محادثات السلام
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة