نظم المعهد الثقافي الفرنسي في الخرطوم مساء أول من أمس فعالية ثقافية كبيرة لمشروع «حجيتك». وهو مشروع يتناول التراث الثقافي السوداني لحكاوي الاطفال مستلهماً فكرة الحكاية الشعبية الشفاهية بطريقة فريدة لجذب ولفت انتباه الشباب والأطفال على وجه الخصوص. وجمعت الفعالية ألوان الطيف السوداني المختلف من الزوار والمهتمين بالجانب الثقافي والأدبي من كتاب وإعلاميين. واللافت في الموضوع مشاركة الأطفال وتفاعلهم مع «الأحاجي» التي قدمت من خلال المسرح الورقي أو ما يعرف بـ(الكاميشيباي) وهو فن سرد الصور «اللوحات» والرسوم التوضيحية عبر مجموعة من الشباب والشابات يسمهونهم «سفراء الكتب»، يقومون بسرد القصص المصورة للجمهور والأطفال الجالسين حولهم لمنحهم وقتاً رائعاً ولحظات من الدهشة وكأنهم يتابعون الحكاوي عبر شاشة سينما.
وقال دانيل ويس القائم بأعمال سفارة الاتحاد الأوروبي بالسودان في كلمته التي خاطب بها فعالية (حجيتك): «إن أهمية التراث الثقافي، الملموس وغير المادي بجانب جمالياته تكمن بأنه مورد مهم للنمو الاقتصادي وتوظيف دور الشباب والتماسك الاجتماعي»، ومؤكدا على التزام الاتحاد الأوروبي بصون وتعزيز التراث الثقافي في العالم وفي السودان، من خلال دعمه لمشاريع مثل «حجيتك».
وقدم السيد ويس شكره لبيت التراث السوداني متمثلاً في شخص الدكتور إسماعيل الفحيل مقدم الفكرة، والمدير المفوض للمعهد الفرنسي الذي ساهم في طباعة كتب الأطفال، وحيا في كلمته المؤلفين والرسامين للقصص المصورة الجديدة المشاركة في معرض «حجيتك».
ويعد هذا المشروع أحد مشاريع «يونيك» الممول من قبل بعثة الاتحاد الأوروبي بالسودان والذي يقف على أمره المعهد الفرنسي الإقليمي بالشراكة مع بيت التراث. وتهدف نسخة هذا العام من مشروع «حجيتك» لإذكاء خيال الأجيال الشابة والعمل على سرد الحياة الحضرية والريفية للشعب السوداني واختبار فعالية الفنون البصرية وتذوق الأطفال للفن وربطه بجانب الموروث الشفهي لديهم، وتتضمن فعالية «حجيتك» التي احتضنتها فضاءات بهو «غاليري» المركز الثقافي الفرنسي في الخرطوم.
ويذكر أنه، تم اشتراك ثمانية كتاب وثمانية فنانين لإنتاج مجموعة من ثماني قصص مصورة من وسط، وجنوب، وشمال، وشرق السودان. وأربع من هذه الحكايات هي أحاجيّ من صميم التراث الشعبي السوداني، والبقية هي حكايات جديدة مستوحاة من التراث والأساطير تمت كتابتها خصيصا للمشروع لتنشر للمرة الأولى، نذكر منها «الأرنب وزعيم القردة» من أحاجي وأساطير قبيلة «دينكا نقوك» من جنوب السودان لكاتبها ملي ملواك، ورسومات مصطفى عبد الله يوسف. و«بنت الملك» أحجية شعبية من قبيلة «البجا» بشرق السودان لكاتبها محمد أدروب أوهاج، ومشاركة الرسامة حياة أحمد عثمان. أما «حديقة عم عثمان» فهي قصة من جنوب الخرطوم للكاتب إبراهيم سيد، ومن رسومات هبة ياسر وحورية أبو عجاج. وحكاية «من شمال السودان» للكاتبة منيرة محمد إسماعيل، ورسومات ياسر عبد الهادي. وحكاية «ديك عرفات» أحجية من وسط السودان للكاتب الدكتور إسماعيل الفحيل، رسومات آلاء محمد عبد العاطي. وحكاية «القش الماش» قصة من مدينة «سنار» كاتبها مصطفى عبد السلام، رسومات شروق إدريس. وحكاية «قط سواكن» حكاية من شمال السودان لأمل خليل محمد صالح، ورسومات عمار إبراهيم، بالإضافة إلى حكاية «محلق والعرافة» قصة من شرق السودان للكاتب أنور محمد عثمان ومشاركة رسم ولاء هاشم الحاج.
إلى ذلك تقول حياة أحمد عثمان خريجة فنون جميلة والمشاركة برسم قصة بنت الملك «إنه لاتوجد حدود بين العلاقات الإنسانية في الأعمال الفنية». وتوضح حياة عثمان مدى سعادتها بالمشاركة في حجيتك «ونجاح المشروع في نقل أفكارنا للأجيال القادمة».
وتشير حياة إلى اهتمامها بقصص الأطفال وأنها قامت بتحويل عدد من القصص إلى لوحات بصرية وتمت الاستعانة بكتاب لوحتها في عدد من المدارس السودانية والأجنبية.
ويحكي لنا يانس سعد أحد سفراء الكتب عن مشاركته في «حجيتك»، قائلاً: «إن دافعه من المشاركة في المعرض حبه للتراث الذي تربى عليه في منطقة نيالا جنوب دارفور»، مبينا أن ثقافة الحكي الشفاهي في منطقته عززت في نفسه فكرة السرد.
ويوضح سعد أن صندوق المسرح الورقي أو ما يسمي تقنية «الكاميشيباي» المعروفة بعرض الصور بطريقة مشوقة يتفاعل معها الجمهورمما جعل الأمر أكثر متعة بعد تلقيه ورشة تدريبية تعرف من خلالها على طرق توصيل الحكي وتعرف على تقنيات جديدة لإيصال القصة المرسومة بشكل جيد للجمهور .
ويشير سعد إلى أن اختيار المشاركين في مشروع حجيتك تم بعد منافسة قوية وأصبحوا بعدها جزءا من المشروع الثقافي الفرنسي.
ويذكر سعد أن اسم المشروع «حجيتك» أخذ من تعبير تراثي سوداني أصيل تقوله الجدات لأحفادهن في بداية كل قصة: «حجيتكم ما بجيتكم خيرا جانا وجاكم أكل عشاكم وجرا خلاكم» فأصبح التعبير جزءا من الموروث الشعبي للأحجية السودانية.
«الأحاجي السودانية» في رواق المركز الفرنسي بالخرطوم
«الأحاجي السودانية» في رواق المركز الفرنسي بالخرطوم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة