«سيناريوهات العلاقة المستقبلية بين (القاعدة) و(داعش) بعد أيمن الظواهري»، باتت تشغل الكثير من الخبراء، في ظل التنافس المعتاد بين التنظيمين خلال السنوات الماضية. وبحسب خبراء الحركات الإسلامية تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، فإن «تقارب (القاعدة) و(داعش) أمر (صعب)؛ لكنه قد يكون (ممكناً) ويحدث تحالف (ضمني أو تكتيكي) على غرار ما حدث بين مجموعات (القاعدة) و(داعش) بمنطقة الساحل والصحراء وفي سوريا». الخبراء لم «يستبعدوا ظهور كيان جديد من التنظيمين خلال المرحلة المقبلة».
وقُتل الظواهري في غارة أميركية نُفذت مطلع أغسطس (آب) الحالي في أفغانستان، في أكبر ضربة للتنظيم الإرهابي منذ مقتل مؤسسه أسامة بن لادن في عام 2011. ويرى مراقبون، أن «العلاقة بين التنظيمين يحكمها الصراع والتنافس». ويدلل المراقبون على ذلك بأن «الظواهري خصص جزءاً من كلمته الأخيرة، منتصف يوليو (تموز) الماضي، للهجوم على (داعش) واعتبار أن الجهادية التي يسعى لها (القاعدة) تختلف عن التي أعلنها (داعش)». كما دلل المراقبون أيضاً على أن «(داعش) تجاهل مقتل الظواهري ولم ينشر أي تعليقات بشأن مقتله؛ بل استمر في محاولة استقطاب عناصر (القاعدة) وإبراز نفسه في صورة التنظيم الوحيد الذي يسير على (النهج الجهادي)». وقال الباحث المصري في شؤون الحركات الإسلامية، عمرو فاروق، إن «التقاء (القاعدة) و(داعش) أمر (مستبعد) لأسباب مختلفة»؛ لكن البعض يرى أنه «في ظل قيادة مرتقبة لـ(القاعدة) مثل سيف العدل قد يكون ذلك ممكناً»، لافتاً إلى أن «هذا التقارب قد حدث من قبل في ليبيا؛ وكان سببه العلاقات الشخصية، فأحياناً يكون هناك (تماهٍ) بين بعض العناصر على المستوى الشخصي والتي تستطيع أن تعمل توافقاً؛ إلا أن هذا ربما يكون على مستوى المكون المحلي وليس على مستوى التنظيم ككل»، مضيفاً أن «هذا التقارب صعب يحدث في قارة أفريقيا لوجود عداءات كبيرة بين التنظيمين، لكن قد يحدث تقاربات في مناطق أخرى، في الشرق الأوسط، وفي آسيا، وربما يحدث ذلك في خراسان بين بعض عناصر من التنظيمين؛ لكن التوافق بين (القاعدة) و(داعش) في المطلق، لا».
في حين أشار الباحث المصري في الحركات الإسلامية والإرهاب، أحمد سلطان، إلى أنه «ربما تدفع الظروف الاستثنائية وحالة الضعف التي يعيشها كلٌ من (القاعدة) و(داعش) إلى تحالف (ضمني أو تكتيكي أو مرحلي) على غرار ما حصل بين مجموعات (القاعدة) و(داعش) في منطقة الساحل والصحراء والمجموعات التي كانت في سوريا، وفي هذه الحالة سيبقى العداء العلني بين الطرفين موجوداً؛ لكن على أرض الواقع سيكون هناك تحالف أو تعاون بين الطرفين».
وحول صعوبة التوافق بين التنظيمين، أكد فاروق، أن «(القاعدة) يتمسك بأنه (التنظيم الأهم) على الساحة الجهادية العالمية، وأنه التنظيم الأم، وفي حين يتوسع (داعش) في (التكفير والتوحش)، فهناك اختلاف في التوجهات بين التنظيمين، فـ(القاعدة) يصنع حواضن مجتمعية في البيئة التي يحل بها وفق منهج (الجماعة الإسلامية) والجهاد، لكن (داعش) يقتل أهل المناطق التي يحل عليها ولا يتبنى قضايا المجتمع، وهذه الأشياء تصنع نوعاً من عدم التقارب».
سلطان قال لـ«الشرق الأوسط»، إنه «من المرجح أن تستمر حالة العداء بين التنظيمين؛ لأن الخلافات بينهما تجاوزت الأمور التنظيمية إلى نظيرتها المنهجية، ومن ثم فإن كلا التنظيمين سيواصلان السير في دروبهما المتوازية، وسيسعى كل منهما لاستقطاب مقاتلي التنظيم الآخر لكي يستمر في العمل ويعزز من قدراته».
ويرى المراقبون، أن «تداعيات الانقسام ما بين (داعش) و(القاعدة) دائماً ما تسفر عن نشوء منافسة وُصفت بالمحتدمة؛ إذ يشير تقدم أحد التنظيمين على صعيد الإرهاب العالمي، إلى خسارة أكيدة لدى الطرف الآخر، وهو الأمر الذي تكرر مع صعود (داعش) على حساب (القاعدة) عندما ضعف التنظيم، وفرّ الكثير من عناصره».
وأكد سلطان، أنه «على الأرض، فإن التنظيمين يعانيان من الضعف، لكن قد يتحالفان مثلاً على توزيع النفوذ، وتقاسُم بعض الموارد، فضلاً عن تقاسُم الأدوار؛ لكن الخلافات تكون قائمة؛ ولن تُحلّ؛ بل سيتم تأجيلها».
حول دور زعيمَي «القاعدة» و«داعش» في هذا التقارب لو حدث، قال سلطان «قد يحدث حال وجود قيادة (كاريزما)، فــ بن لادن كان يقوم بحل الأمور ويؤجل أي خلافات مع (داعش)، ومع وجود قيادة لـ(داعش) مثل المُكنى بـ(أبو الحسن الهاشمي القرشي)، وبروز فرص سيف العدل أو المغربي لقيادة (القاعدة)، قد يصعب لهذه القيادات أن (تحل الخلافات)، خاصة أن (النخب القيادية) هي من تحكم وتقود التنظيمين».
ويشار إلى أن محمد صلاح زيدان المكنى بـ«سيف العدل المصري» الذي انتقل إلى أفغانستان عام 1989 وانضم إلى «القاعدة»، لعب دوراً محورياً في تطوير القدرات العسكرية للتنظيم... أما محمد أباتي المكنّى بـ«أبو عبد الرحمن المغربي»، يُلقب بـ«ثعلب القاعدة». وتشير المعطيات المتوافرة عنه إلى أنه كان مسؤولاً عن تأمين اتصالات الظواهري، والإشراف على إرسال الرسائل المشفرة إلى القواعد التنظيمية حول العالم.
عمرو فاروق «لا يستبعد أن يخرج كيان جديد بآليات جديدة من التنظيمين خلال المرحلة المقبلة بأشخاص آخرين لا يرفعون راية (القاعدة) أو (داعش)، لكن التوحد بشكل رسمي (مستبعد)، فعلى المستوى المحلي يوجد تفهمات؛ وممكن يحدث ذلك، حيث تطغى القناعات الخاصة على القناعات التنظيمية».
عن شكل هذا الكيان الجديد المتوقع، قال فاروق «يتوقف على مَن يحرك هذه التنظيمات؛ فاستنساخ تنظيم جديد (أمر وارد)، وكانت هناك محاولة مع تنظيم (أنصار البخاري) في أفريقيا؛ لكن لم تنجح هذه المحاولة». فاروق أكد كذلك، أن «فكرة (إعلان دولة لداعش) في أفريقيا مستبعدة جداً». ووفق دراسة نشرها مركز «مكافحة الإرهاب» في الأكاديمية العسكرية الأميركية في «وست بوينت» بنيويورك، في وقت سابق، فإن «منطقة الساحل والصحراء، باتت مسرحاً لصراع النفوذ بين (القاعدة) و(داعش)».
«القاعدة» و«داعش»... استمرار للعداء أم «تحالف ضمني»؟
خبراء يرسمون سيناريوهات مستقبلية بعد الظواهري
«القاعدة» و«داعش»... استمرار للعداء أم «تحالف ضمني»؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة