«المتوسط» يئنّ تحت ضغط «تغير المناخ»

خبراء يحذرون من تحوله إلى «مقبرة للأنواع البحرية»

صورة للبحر المتوسط (تصوير: عبد الفتاح فرج)
صورة للبحر المتوسط (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

«المتوسط» يئنّ تحت ضغط «تغير المناخ»

صورة للبحر المتوسط (تصوير: عبد الفتاح فرج)
صورة للبحر المتوسط (تصوير: عبد الفتاح فرج)

بينما تصدرت درجات الحرارة الشديدة في أوروبا ودول أخرى حول البحر المتوسط عناوين الأخبار هذا الصيف، فإن ارتفاع درجة حرارة البحر، لم يحظ بالاهتمام الكافي.
وشهدت درجة حرارة البحر هذا الصيف ارتفاعات استثنائية تتراوح بين 3 درجات مئوية (5.4 فهرنهايت) و5 درجات مئوية (9 فهرنهايت) فوق المعدل الطبيعي لهذا الوقت من العام، وتجاوزت درجات حرارة الماء بانتظام 30 درجة مئوية (86 فهرنهايت) في بعض الأيام، وهو ما قد يترك عواقب وخيمة تؤثر مستقبلاً على إمكان الاستمتاع بمياه البحر صيفاً، كما تحذر دراسة دولية كبيرة نُشرت في العدد الأخير من مجلة «غلوبال تشاينج بيولوجي».
وتحدث موجات الحرارة البحرية بسبب تيارات المحيطات التي تتكون من مناطق من الماء الدافئ، حيث تنعكس أنظمة الطقس والحرارة في الغلاف الجوي على درجات حرارة الماء. ومثل نظيراتها على الأرض، فإن موجات الحرارة البحرية أطول وأكثر تواتراً وشدة بسبب تغير المناخ الذي يسببه الإنسان.
ويقول جواكيم جارابو، من معهد علوم البحار ببرشلونة والباحث الرئيسي بالدراسة، في تقرير نشرته وكالة «أسوشيتد برس» في 21 أغسطس (آب) الجاري: «الوضع مقلق للغاية، ونحن ندفع النظام البحري إلى أبعد من اللازم، وعلينا أن نتخذ إجراءات بشأن قضايا المناخ في أقرب وقت ممكن».
ويوضح جارابو، أن الدراسة تتبعت موجات الحر في البحر المتوسط، ورصدت حدوث «نفوق هائل» للأنواع البحرية بسبب ذلك، حيث نفق نحو 50 نوعاً، بما في ذلك الشعاب المرجانية والإسفنج والأعشاب البحرية، على طول آلاف الكيلومترات من سواحل البحر المتوسط.
وكانت المياه قبالة قبرص ولبنان وسوريا هي «النقطة الأكثر سخونة في البحر المتوسط، وهو ما يدفع العديد من الأنواع البحرية إلى حافة الهاوية «لأنه يتم تجاوز درجة الحرارة المثلى في كل صيف».
وما شهدته هذه المناطق من فقدان التنوع البيولوجي بسبب الحرارة، هو ما يتوقع جارابو حدوثه غرباً باتجاه اليونان وإيطاليا وإسبانيا في السنوات القادمة.
ويشير إلى أن البحار كانت تخدم الكوكب من خلال امتصاص 90% من حرارة الأرض الزائدة، و30 في المائة من ثاني أكسيد الكربون المنبعث في الغلاف الجوي بسبب إنتاج الفحم والنفط والغاز، ويحمي تأثير امتصاص الكربون هذا الكوكب من تأثيرات مناخية أكثر قسوة.
ويقول: «لقد كانت هذه الحماية ممكنة لأن المحيطات والبحار كانت في حالة صحية، لكننا الآن دفعنا المحيط إلى حالة غير صحية ومختلة وظيفياً».
وتحدث موجات الحر في البحار عندما يستمر الطقس الحار بشكل خاص على مدى عدد محدد من الأيام، وتساعد موجات حرارة الأرض في إحداث موجات حرارية بحرية، وتميل الاثنتان إلى تغذية بعضهما البعض في دائرة دافئة مفرغة.
وأصبحت موجات الحر شائعة في العديد من البلدان حول البحر المتوسط، مع آثار جانبية دراماتيكية مثل حرائق الغابات والجفاف وخسائر المحاصيل وارتفاع درجات الحرارة بشكل رهيب.
ويقول العلماء إن موجات الحرارة البحرية قد يكون لها أيضاً عواقب وخيمة على البلدان المطلة على البحر المتوسط وأكثر من 500 مليون شخص يعيشون هناك إذا لم يتم التعامل معها قريباً، وسوف يتم استنفاد مخزون الأسماك وستتأثر السياحة سلباً، حيث يمكن أن تصبح العواصف المدمرة أكثر شيوعاً على الأرض.
ورغم أن البحر المتوسط يمثل أقل من 1% من مساحة سطح المحيطات العالمية، فإنه أحد الخزانات الرئيسية للتنوع البيولوجي البحري، حيث يحتوي على ما بين 4% و18% من الأنواع البحرية المعروفة في العالم.
وبعض الأنواع الأكثر تضرراً هي مفتاح الحفاظ على عمل وتنوع موائل البحر، وستكون الأنواع مثل مروج الأعشاب البحرية «نبتة بوسيدون المحيطية» - التي يمكن أن تمتص كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون وتأوي الحياة البحرية، أو الشعاب المرجانية، التي هي أيضاً موطنٌ للحياة البرية - في خطر.
ويقول جارابو، إن تأثيرات نفوق الأنواع قد لوحظت بين السطح وعمق 45 متراً (نحو 150 قدماً)، حيث كانت موجات الحرارة البحرية المسجلة استثنائية، وأثرت موجات الحر على أكثر من 90% من سطح البحر المتوسط.
ووفقاً لأحدث الأوراق العلمية، زادت درجة حرارة سطح البحر في البحر المتوسط بمقدار 0.4 درجة مئوية (0.72 فهرنهايت) كل عقد بين عامي 1982 و2018.
ويقول الخبراء إن مجرد زيادة أجزاء من درجات الحرارة، يمكن أن تكون لها آثارٌ كارثية على صحة المحيطات.


مقالات ذات صلة

تغير المناخ يسبب تغييرات في أنماط هطول الأمطار وأعاصير أكثر شدة

بيئة الأمواج تتكسر على ساحل بلدة سانشا مع اقتراب الإعصار جايمي في نينغدي بمقاطعة فوجيان - الصين - 25 يوليو 2024 (رويترز)

تغير المناخ يسبب تغييرات في أنماط هطول الأمطار وأعاصير أكثر شدة

قال علماء في بحث نُشر اليوم الجمعة إن تغير المناخ يُحدث تغييرات في أنماط هطول الأمطار حول العالم، وهو ما قد ينجم عنه أيضاً اشتداد قوة الأعاصير والعواصف المدارية

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
يوميات الشرق  الحدث يهتم بالتنوّع البيولوجي والسينما (مهرجانات ريف)

انطلاق «مهرجانات ريف»... ومشكلات بيئة جنوب لبنان في الصدارة

تُعدّ «مهرجانات ريف» المُقامة في بلدة القبيات، الوحيدة لبنانياً التي تتناول موضوعات البيئة، فتضيء على مشكلاتها وتزوّد روّادها بحلول لمعالجتها.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق السباقات الهادفة (حساب ليندسي كول في فيسبوك)

«حورية بحر» بريطانية تحاول تحطيم الرقم القياسي العالمي للسباحة

تُخطِّط امرأة من بريستول لتحطيم الرقم القياسي العالمي لأطول سباحة باستخدام «الزعنفة الواحدة» من خلال السباحة على طول نهر بريستول أفون.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم سراويل وقمصان وقبعات أكثر استدامة

سراويل وقمصان وقبعات أكثر استدامة

ملابس متعددة الأغراض لأداء أمثل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق العِلم ومفاجآته (فريق إيكو)

وفاة السمكة «شارلوت» التي حَمَلت بلا تشارُك الحوض مع ذَكَر

أعلن حوض أسماك نورث كارولاينا وفاة سمكة الراي التي حَمَلت رغم عدم وجودها مع ذَكَر من نوعها في حوض لسنوات.

«الشرق الأوسط» (نورث كارولاينا)

بطل أولمبي يعتذر لزوجته بعد فقدان خاتم الزواج في حفل افتتاح الأولمبياد

بطل الوثب العالي جيانماركو تامبيري وزوجته (أرشيفية - وسائل إعلام إيطالية)
بطل الوثب العالي جيانماركو تامبيري وزوجته (أرشيفية - وسائل إعلام إيطالية)
TT

بطل أولمبي يعتذر لزوجته بعد فقدان خاتم الزواج في حفل افتتاح الأولمبياد

بطل الوثب العالي جيانماركو تامبيري وزوجته (أرشيفية - وسائل إعلام إيطالية)
بطل الوثب العالي جيانماركو تامبيري وزوجته (أرشيفية - وسائل إعلام إيطالية)

فقد جيانماركو تامبيري حامل علم إيطاليا خلال مراسم افتتاح أولمبياد باريس 2024، خاتم زواجه خلال الافتتاح.

وذكرت وكالة أنباء «أنسا» الإيطالية أن الخاتم انزلق من يد تامبيري وسقط في نهر السين، خلال موكب الفرق على هامش حفل الافتتاح.

وقدم تامبيري الذي اشترك في الفوز بالميدالية الذهبية للوثب العالي في أولمبياد طوكيو 2020 مع القطري معتزم برشم، اعتذاره لزوجته كيارا بونتيمبي.

وقال تامبيري «أنا أسف، أنا أسف للغاية، الكثير من المياه، فقدت الكثير من الوزن في الأشهر الأخيرة، أو ربما الحماس الكبير لما كنا نقوم به، ربما الأمور الثلاثة معاً». وأضاف: «ربما هو فأل حسن أن أعود إلى الديار بميدالية ذهبية أكبر».

ووصف تامبيري سوء الحظ بأنه «شاعري» واقترح الزوجان أن يرميا خاتم كيارا في النهر أيضاً، وقال: «(عندها) سيكونان معاً إلى الأبد وسيكون لدينا عذر آخر لتجديد عهودنا والزواج مرة أخرى».

كتبت كيارا تحت اعتذار زوجها: «أنت فقط من يمكنه تحويل هذا إلى شيء رومانسي»، حسبما أفادت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي). وتزوج الزوجان منذ سبتمبر (أيلول) 2022.

بطل الوثب العالي جيانماركو تامبيري والبطلة أريانا إيريغو خلال العرض في حفل افتتاح أولمبياد باريس 2024 (أ.ف.ب)

كان تامبيري يلوح بعلم إيطاليا إلى جانب الفائزة بالميدالية الأولمبية ثلاث مرات أريانا إيريغو عندما سقط الخاتم، وارتد عن القارب واختفى في النهر.

وتصدر تامبيري عناوين الأخبار في دورة الألعاب الأولمبية طوكيو 2020 بعد أن تقاسم الميدالية الذهبية في القفز العالي مع القطري معتز عيسى برشم. وقد اختار كلاهما عدم تجاوز الحد الأقصى الذي تجاوزاه وهو 2.37 متر.