«سي آي إيه» تنشر وثائق سبتمبر السرية: السعودية لم تدعم «القاعدة»

نقاشات حادة بشأن أداء المخابرات الأميركية قبل الهجمات الإرهابية

«سي آي إيه» تنشر وثائق سبتمبر السرية: السعودية لم تدعم «القاعدة»
TT
20

«سي آي إيه» تنشر وثائق سبتمبر السرية: السعودية لم تدعم «القاعدة»

«سي آي إيه» تنشر وثائق سبتمبر السرية: السعودية لم تدعم «القاعدة»

أظهرت وثائق أفرجت عنها وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه) أن كبار مسؤوليها خاضوا نقاشات مريرة في السنوات التي تلت هجمات 11 سبتمبر عام 2001 حول ما إذا كان يتعين فعل المزيد لوقف أكبر هجمات إرهابية تعرضت لها الولايات المتحدة في تاريخها. وأعلنت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) على موقعها الإلكتروني مساء أول من أمس رفع السرية عن 4 وثائق متعلقة بالتحقيقات بشأن عمل الوكالة بعيد أحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2001، جاء في إحداها تأكيد على أن المملكة العربية السعودية لم تدعم تنظيم القاعدة الإرهابي. وتخلل تقرير للمحقق العام حمل الرقم، C06184107، وهو قسم خاص بالاستنتاجات والتحقيقات عن المملكة العربية السعودية، تضمن معلومات شددت على أن مكتب المفتش العام المختص بأحداث 11 هجمات سبتمبر، لم يجد أي دليل على أن السلطات السعودية دعمت إرهابيي «القاعدة»، وأنه لم يتم العثور على أي وثائق رسمية، يمكن الركون إليها، تؤكد ضلوع السعودية في تقديم أي نوع من المساعدة المادية للإرهاب، على الرغم من الاشتباه بوجود أفراد مناصرين قد يكونون دعموا التنظيم سابقا. وأفاد التقرير بأن تحقيقًا تم الإعلان عنه في يناير (كانون الثاني) 1999، أشار إلى وجود دعم مادي محدود جدًا لزعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، موضحًا أن المعلومات مشتتة للغاية وتفتقر إلى الدقة. وذيلت إحدى الوثائق المرفوع عنها السرية بعبارة «لا أحد من أعضاء الحكومة السعودية، المذكورة أسماؤهم في التقرير هم أعضاء في (القاعدة)»، من دون ذكر أسماء أولئك الأشخاص. وأظهرت باقي الوثائق المفرج عنها أن كبار مسؤولي الاستخبارات الأميركية، خاضوا نقاشات مريرة في السنوات التي تلت الهجمات حول ما إذا كان يتعين فعل المزيد لوقف أكبر هجمات إرهابية تعرضت لها الولايات المتحدة في تاريخها. وشملت الوثائق التي كانت مصنفة {سرية} نسخة أكثر اكتمالاً عن تقرير صدر عام 2005, عن المفتش العام للوكالة جون هلجرسون وخلص فيه إلى أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية لم تكن تملك استراتيجية شاملة ولم تحشد الموارد الكافية لمكافحة تنظيم القاعدة قبل أن تصطدم الطائرات المخطوفة ببرجي مركز التجارة العالمي في نيويورك ومبنى وزارة الدفاع (البنتاغون) في 11 سبتمبر. وكان ملخص منقح عن هذا التقرير نشر عام 2007 يظهر الوثائق التي أفرج عنها تأكيد مدير وكالة المخابرات المركزية جورج تينيت وكبار مساعديه أن المخابرات الأميركية كانت تركز بشكل خاص على «القاعدة» وزعيمها أسامة بن لادن. وبحسب وكالة «رويترز»، لا تسلط أي من الوثائق الضوء بشكل مباشر على كيفية تعامل الرئيس الأميركي في تلك الفترة جورج بوش الابن والبيت الأبيض مع تهديد «القاعدة»، بعد تسلمه منصبه في يناير (كانون الثاني) 2001.
وقال عدد من المسؤولين السابقين وبينهم قيصر مكافحة الإرهاب في عهد بوش ريتشارد كلارك إن «الرئيس السابق لم يمنح تنظيم القاعدة في بادئ الأمر أولوية». وفي رسالة غاضبة إلى المفتش العام للوكالة جون هلجرسون في يونيو (حزيران) 2005 رفض (مدير الاستخبارات الأميركية في حينه جورج تينيت) مسودة تقريره الحساس وقال له إن «تقريرك يطعن في مهنيتي واجتهادي ومهارتي في قيادة رجال ونساء وكالة المخابرات في مجال مكافحة الإرهاب». وكتب «فعلت كل ما بوسعي للإبلاغ والتحذير وتحفيز العمل لمنع الضرر. إن تقريرك لا يعكس أعمالي أو حتى عمل نساء ورجال أجهزة المخابرات بشكل عادل أو دقيق».
وكان تينيت قال سابقًا إنه وضع خطة لتعقب «القاعدة» عام 1999 وعمل على زيادة تمويل المخابرات الأميركية الذي خفض خلال التسعينات من القرن الماضي.
وقال تينيت أول من أمس {عندما أعلن عن الملخص التنفيذي قبل ثماني سنوات قلت حينها إن تقرير المفتش العام خاطئ تمامًا. ولا شيء في المواد الإضافية التي أفرج عنها يغير ذلك التقييم بالحد الأدنى}.
وشملت الوثائق التي ضغط مسؤولو المخابرات المركزية الأميركية من أجل الإفراج عنها مذكرة من 17 مسؤولاً كبيرًا في مجال مكافحة الإرهاب في الوكالة يناهضون تقرير هلجرسون.
ولم يتسن الحصول على تعليق فوري من هلجرسون. وكان تينيت قد تلقى لوما وتقريعا شديدين على كل الصعد في الولايات المتحدة لفشل جهازه في وقف هجمات 11 سبتمبر، إلا أنه يدافع عن نفسه في المذكرة ويقول إنه تنبه لخطر أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة في مرحلة مبكرة، وحاول اختراق التنظيم منذ أواخر تسعينات القرن الماضي.
وتشير صحيفة «واشنطن تايمز» الأميركية إلى «كشف مهم» تضمنته الوثيقة، وهو قول تينيت إن «جهوده ضد (القاعدة) أثمرت عن إحباط هجوم ضخم خططت له (القاعدة) في وقت ما من عام 1999 و2000، إلا أن الوثيقة لم تتضمن تفاصيل أكثر».
وكانت صفة السرية قد رفعت عن الوثيقة في مارس (آذار) الماضي، إلا أنها لم تتح للعموم إلا أمس الجمعة. وكانت الوثيقة قد كتبت للرد على تقرير تدقيق داخلي اتهم تينيت بالفشل تجاه تقييم خطر «القاعدة».
واتهم تينيت كاتب التقرير بأنه على غير اطلاع على الأخطار والجبهات المتعددة التي كانت «سي آي إيه» تقاتل فيها، وذكر بعض الأمثلة مثل التوتر بين الهند وباكستان والخطر الصيني.
كما اتهم تينيت طواقم الوكالة بأنهم لم يأخذوا تحذيراته الشخصية لهم من خطر «القاعدة» على محمل الجد، ويقول إن طواقم «سي آي إيه» شغلوا أنفسهم بعمليات تكتيكية وأهملوا وضع استراتيجية تضمن لهم القبض على بن لادن.
ولخص تينيت المصاعب التي واجهته فيما يخص «القاعدة»، وقال في المذكرة «رغم أن كبار صناع القرار كانوا مطلعين عن كثب على الخطر الذي مثله الإرهاب فإنهم لم يمنحونا أبدا فرصة تخفيض الأولويات الأخرى التي كانت ملقاة على عاتقنا، كما لم يمنحونا فرصة التمتع بموارد مستدامة لدعم برنامج مكافحة الإرهاب، وهذا ما كنا بحاجة إليه قبل 11 سبتمبر».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT
20

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.