قائد المنطقة العسكرية الأولى باليمن: لا وجود لأي تنسيق مع الأميركيين بشأن طلعات «درون»

اللواء الحليلي قال لـ («الشرق الأوسط») إن «القاعدة» ﻻ تسيطر على أي مدينة في وادي حضرموت

اللواء الركن عبد الرحمن الحليلي («الشرق الأوسط»)
اللواء الركن عبد الرحمن الحليلي («الشرق الأوسط»)
TT

قائد المنطقة العسكرية الأولى باليمن: لا وجود لأي تنسيق مع الأميركيين بشأن طلعات «درون»

اللواء الركن عبد الرحمن الحليلي («الشرق الأوسط»)
اللواء الركن عبد الرحمن الحليلي («الشرق الأوسط»)

قال اللواء الركن عبد الرحمن الحليلي، قائد المنطقة العسكرية الأولى في الجيش اليمني والمؤيد لشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، إن تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب» الذي سيطر في الآونة الأخيرة على مدينة المكلا، عاصمة محافظة حضرموت، لا يسيطر على أي مدن أو قرى خاضعة لسلطة المنطقة العسكرية اﻷولى (مقرها مدينة سيئون) بمحافظة حضرموت.
وأضاف الحليلي، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» أن «وجود (القاعدة) ﻻ يتعدى مجاميع صغيرة تتنقل خارج المدن والقرى». ونفى المسؤول العسكري البارز «وجود أي معلومات مؤكدة حول احتمال سقوط مدينة سيئون على غرار ما حدث في مدينة المكلا التي تبعد عنها 321 كيلومترا، وتتبع قيادة المنطقة العسكرية الثانية الموجودة بالمناطق الساحلية لمحافظة حضرموت».
وبين الحليلي أن هناك معلومات وصفها بالبسيطة لتحركات مشبوهة لعناصر التنظيم. وأرجع الحليلي سبب الانتشار الأمني الذي تشهده سيئون ووداي حضرموت، إلى الحد من ظاهرة حمل السلاح داخل المدن، وكذلك لحماية بعض فروع المصارف المالية داخل المدينة؛ تحسبا من تكرار حوادث السطو المسلح التي نفذها عناصر تنظيم القاعدة بمدن المكلا، والقطن، وتريم، من أجل تمويل عملياتها ضد الدولة اليمنية في عدة محافظات.
وقال اللواء الحليلي إن المنطقة العسكرية الأولى في سيئون بحضرموت، تقوم بدورها في حماية الأراضي التي تخضع لسيطرتها بعيدًا عن المناكفات السياسية والتبعية الحزبية أو الفردية، وإن سبب استقرار المنطقة العسكرية الأولى هو بعدها عن مثل هذه الأمور، بالإضافة لتأمين حدود المنطقة تحسبًا لأي تسلل أو هجوم من أي جماعات أو ميليشيات.
ونفى اللواء الركن الحليلي وجود أي تنسيق بين المنطقة العسكرية الأولى والولايات المتحدة الأميركية لطلعات الطائرات من دون طيار (درون) التي تستهدف «القاعدة» في مناطق متفرقة واقعة ضمن المنطقة العسكرية الأولى. وعن حلف قبائل حضرموت، الذي تشكل مؤخرا، وهو مكون اجتماعي قبلي يضم عددًا من مشايخ وأعيان عدد من قبائل محافظة حضرموت، قال اللواء الحليلي إن «هؤلاء هم مواطنو حضرموت، تكلفوا عناء حماية الشركات النفطية الواقعة بالقرب من أماكن إقامتهم». كما نفى قائد المنطقة العسكرية الأولى وجود أي اتصال بين قيادة المنطقة العسكرية الأولى والمجلس الأهلي الحضرمي الذي يتكون من عدة شخصيات أهلية وأنشئ بعد سقوط مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت بيد «القاعدة» في 2 أبريل (نيسان) الماضي. وبرر موقفه بعدم التواصل معهم بأنه ليس من مهام المنطقة العسكرية التواصل مع أي مجالس أو مكونات أهلية، وأن «هذا من مهام السلطة المحلية، كما أن المجلس لم يرسل أي مندوبين للتحدث مع قيادة المنطقة العسكرية».
وردًا على سؤال حول اتهام المنطقة العسكرية الأولى بتقديم دعم عسكري للميليشيات المقاتلة بمحافظة شبوة عبر الحدود الجنوبية الغربية لمحافظة حضرموت، قال اللواء الركن الحليلي إن المنطقة العسكرية لم تقدم أي دعم عسكري أو لوجيستي لأي جهات مسلحة خارج المنطقة العسكرية الأولى. وأكد أن عناصر «اللواء 27 ميكا»، و«اللواء 190 دفاع جو» التابعين للمنطقة العسكرية الثانية بالمكلا لم يلتحموا بالمنطقة العسكرية الأولى في سيئون، و«إنما مروا بشكل فردي من سيئون باتجاه محافظة مأرب ومحافظات أخرى». كما قال إن «الانسحاب لم يكن تكتيكيا». وشدد القائد العسكري اليمني على أهمية تكامل المنظومة العسكرية والأمنية، مبينًا أن أي خلل بإحدى المناطق العسكرية السبع بالجمهورية سيؤثر سلبًا على جميع المنظومة العسكرية والأمنية، وأن تكامل المنظومة وسلامتها مسؤولية جميع الوحدات في الجيش اليمني.
من جهة ثانية، أكد مسؤول حكومي بمدينة سيئون استقرار الوضع الأمني بالمدينة واستمرار التعاملات الرسمية بين مؤسسات الدولة والمواطنين، وكذلك استمرار عمل البنوك والمصارف المالية، ووصف المشهد في المدينة بأنه طبيعي. وقال إن أكثر ما يعانيه سكان المدينة هو النقص الحاد في المشتقات النفطية، والانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي لأكثر من 14 ساعة يوميًا، ووجود بعض الأسر النازحة من محافظة عدن جراء الحرب ضد ميليشيات الحوثيين وعلي عبد الله صالح، وإن هذه الأسر لم تحظ بأي عناية من قبل الدولة ومؤسساتها. وحذر المسؤول المحلي من خطورة ما يدور بالمحافظات المجاورة لحضرموت، واحتمال وصوله إليها، وهي أكبر محافظات الجمهورية اليمنية. وأكد على ضرورة الحسم السريع من قبل شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، خصوصًا أن تضاريس حضرموت واتساعها يجعل من الحسم فيها «أمرًا صعبًا جدًا»، على حد وصفه.
وتعد سيئون بمحافظة حضرموت في جنوب اليمن من أكثر المناطق وجودا وسيطرة للجيش اليمني الموالي للرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي، حيث تنتشر النقاط الأمنية التابعة لقيادة المنطقة العسكرية الأولى بقيادة اللواء الركن عبد الرحمن عبد الله الحليلي على مداخل ومخارج المدينة، والطرق الواصلة بين المناطق المجاورة لها. وخلال السنوات الأربع الماضية تعرضت المقار الأمنية للمنطقة العسكرية الأولى لعدة هجمات انتحارية وتفجيرات بواسطة عبوات ناسفة من قبل تنظيم القاعدة قتل على أثرها كثير من الجنود وعناصر التنظيم، قابلتها عدة عمليات نفذتها المنطقة العسكرية ضد عناصر التنظيم، حتى استطاعت قتل وأسر كثير منهم، وحصر أماكن وجودهم، وإخراجهم خارج المدن والقرى التي تخضع لسيطرة المنطقة العسكرية الأولى بمحافظة حضرموت.



الحوثيون يتبنّون أول هجوم مميت باتجاه إسرائيل منذ نوفمبر 2023

طائرة حوثية من دون طيار أُطلقت من مكان غير معروف لمهاجمة السفن في البحر الأحمر (رويترز)
طائرة حوثية من دون طيار أُطلقت من مكان غير معروف لمهاجمة السفن في البحر الأحمر (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون أول هجوم مميت باتجاه إسرائيل منذ نوفمبر 2023

طائرة حوثية من دون طيار أُطلقت من مكان غير معروف لمهاجمة السفن في البحر الأحمر (رويترز)
طائرة حوثية من دون طيار أُطلقت من مكان غير معروف لمهاجمة السفن في البحر الأحمر (رويترز)

تبنّت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، الجمعة، أول هجوم مميت ضد إسرائيل بطائرة مسيّرة استهدفت تل أبيب وأدت إلى مقتل شخص وإصابة أربعة آخرين، بالتزامن مع إبلاغ سفينة شحن في خليج عدن عن تعرّضها لهجوم دون إصابات، أعلنت الجماعة مسؤوليتها عنه.

وتشنّ الجماعة الحوثية منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) هجماتها في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي؛ إذ تدعي أنها تحاول منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل بغضّ النظر عن جنسيتها، وكذا السفن الأميركية والبريطانية، كما تزعم أنها تقوم بهجمات في البحر المتوسط وموانئ إسرائيلية بالاشتراك مع فصائل عراقية مسلحة.

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

بدا الأمر هذه المرة مختلفاً مع إفاقة السكان في تل أبيب على دوي انفجار المسيّرة التي يرجّح الجيش الإسرائيلي أنها مطوّرة من طائرة «صماد 3» ذات المكونات الإيرانية.

وقال المتحدث العسكري باسم الحوثيين، يحيى سريع، في بيان متلفز، إن جماعته استهدفت أحد الأهداف المهمة في منطقة يافا المحتلة (تل أبيب) بواسطة طائرة مسيّرة جديدة اسمها «يافا»، زاعماً أنها قادرة على تجاوز المنظومات الاعتراضية، وأنها حققت أهدافها بنجاح.

وهدّد المتحدث الحوثي بأن تل أبيب ستكون منطقة غير آمنة وستكون هدفاً أساسياً في مرمى جماعته التي ستركز على الوصول إلى العمق الإسرائيلي، مدعياً وجود بنك أهداف عسكرية وأمنية حساسة.

وكانت الجماعة في الأسابيع الماضية تبنّت منفردة ومشتركة مع فصائل عراقية مدعومة من إيران هجمات سابقة ضد سفن في ميناء حيفا وأخرى في البحر المتوسط، دون أن يكون لها أي أثر، وذلك ضمن ما تسميه الجماعة المرحلة الرابعة من التصعيد.

صورة وزّعها الحوثيون لاستهداف إحدى السفن في البحر الأحمر بزورق مسيّر مفخخ (أ.ف.ب)

ومع هذه التطورات يشكك مراقبون يمنيون في قدرة الجماعة الحوثية على تنفيذ هجمات مؤثرة في إسرائيل، ولا يستبعدون أن يكون الهجوم الأخير تم تنفيذه من مناطق أخرى غير يمنية، بتخطيط إيراني، في حين قامت الجماعة بتبنيه لدرء خطر الرد الإسرائيلي على طهران.

ومنذ أحداث السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وجدت الجماعة الحوثية فرصة لتبييض جرائمها ضد اليمنيين ومحاولة التحول لاعباً إقليمياً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين، مع الهروب من استحقاقات السلام واستغلال التطورات لتجنيد مئات الآلاف بذريعة الاستعداد لمحاربة إسرائيل بينما أعين قادة الجماعة مصوّبة على بقية المناطق اليمنية المحررة.

حصاد الهجمات والضربات

مع استمرار الهجمات الحوثية ضد السفن، أفادت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية وشركة «أمبري» البريطانية للأمن البحري، الجمعة، بأن سفينة أُصيبت بمقذوفات مجهولة على بُعد 83 ميلاً بحرياً، جنوب شرقي مدينة عدن اليمنية دون إصابات.

وفي بيان متلفز، تبنى المتحدث العسكري الحوثي، يحيى سريع، الهجوم الذي قال إنه استهدف السفينة «لوبيفيا» لعدم التزام الشركة المشغلة لها بالحظر الذي فرضته جماعته على الموانئ الإسرائيلية؛ وهو ما يرفع عدد السفن التي تعرّضت للهجمات إلى 171 سفينة.

وكان الجيش الأميركي أفاد، الخميس، بأن قواته نجحت في تدمير صاروخين أرض - جو وأربع طائرات حوثية من دون طيار في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.

وأوضحت القيادة المركزية الأميركية، في بيان، أن هذه الأسلحة تقرّر أنها تمثل تهديداً وشيكاً للولايات المتحدة وقوات التحالف والسفن التجارية في المنطقة، وقد تم اتخاذ الإجراءات لحماية حرية الملاحة وجعل المياه الدولية أكثر أماناً.

وتبنى زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي في خطبته الأسبوعية، الخميس، مهاجمة 170 سفينة في البحر الأحمر وخليج عدن منذ بدء التصعيد في نوفمبر الماضي، كما أقرّ بتلقي أكثر من 570 غارة منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، معترفاً بسقوط 57 قتيلاً و87 جريحاً، جراء الضربات.

حاملة الطائرات الأميركية «روزفلت» حلّت محل الحاملة «أيزنهاور» للتصدي لهجمات الحوثيين (أ.ب)

وأصابت الهجمات الحوثية، حتى الآن، نحو 30 سفينة منذ بدء التصعيد، غرقت منها اثنتان؛ إذ أدى هجوم في 18 فبراير (شباط) إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، قبل غرق السفينة اليونانية «توتور»، التي استُهدفت في 12 يونيو (حزيران) الماضي.

كما أدى هجوم صاروخي في 6 مارس (آذار) الماضي إلى مقتل 3 بحارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس» الليبيرية.

وإلى جانب الإصابات التي لحقت بالسفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر» التي قرصنتها في 19 نوفمبر الماضي، واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف، شمال الحديدة، وحوّلتها مزاراً لأتباعها.

وأثّرت الهجمات على مصالح أكثر من 55 دولة، وفقاً للجيش الأميركي، وهدّدت التدفق الحر للتجارة عبر البحر الأحمر، وهو حجر أساس للاقتصاد العالمي؛ إذ دفعت الهجمات أكثر من 10 شركات شحن كبرى إلى تعليق عبور سفنها عبر البحر الأحمر؛ ما تسبب في ارتفاع أسعار التأمين على السفن في المنطقة.

صورة جوية لسفينة شحن أصابها صاروخ حوثي في خليج عدن وأدى إلى مقتل 3 من بحارتها (الجيش الأميركي)

وتسبّب تصعيد الحوثيين في إصابة مساعي السلام اليمني، التي يقودها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ بالجمود؛ إذ تسود المخاوف من انهيار التهدئة الهشّة المستمرة منذ عامين، وعودة القتال على نطاق أوسع.

وتقول الحكومة اليمنية إن الحل ليس في الضربات الغربية الدفاعية ضد الحوثيين وإن الوسيلة الأنجع هي دعم قواتها المسلحة لاستعادة الحديدة وموانئها وجميع مؤسسات الدولة المختطفة وإنهاء الانقلاب المدعوم إيرانياً.

وفي أحدث تصريحات لمجلس القيادة الرئاسي اليمني، الخميس، دعا الجماعة الحوثية إلى «تحكيم العقل والتعاطي الإيجابي مع المساعي الحميدة لإحلال السلام، (...) والتوقف عن المتاجرة المكشوفة بأوجاع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة».