لمح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى ضرورة الإسراع بإعادة العلاقات مع مصر إلى مستواها الطبيعي في أسرع وقت ممكن وذلك بعد قرابة عام ونصف العام من التحركات على مستويات مختلفة لإنهاء حقبة التوتر التي خلّفها سقوط حكم الإخوان المسلمين في مصر عام 2013 ودعم تركيا لهم.
وقال إردوغان، في تصريحات لصحافيين رافقوه في طريق عودته من أوكرانيا نُشرت أمس (الجمعة)، إن «الشعب المصري شعب شقيق ولا يمكن أن تكون تركيا في حالة خصام معه، وعليها ضمان الوفاق معه بأسرع وقت». ولفت إردوغان إلى أن محادثات تحسين العلاقات مع مصر بدأت منذ فترة وإن كانت تسير ببطء، إلا أن هناك مقولة مفادها أنه «يتوجب عدم قطع العلاقة حتى لو كانت بمستوى خيط رفيع، لأنها تلزم يوماً ما».
وأوضح أن العلاقات مع مصر تتواصل على صعيد منخفض، وأنها على مستوى الوزراء في الوقت الراهن». وأكد أهمية الدبلوماسية في هذا الإطار وعدم إمكانية الاستغناء عن العمل الدبلوماسي بشكل تام.
والأسبوع الماضي، عبّر وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، عن رغبة بلاده في أن تكتسب علاقاتها مع مصر الزخم نفسه الذي حصل مع الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية.
وكان إردوغان قد قال في تصريحات، الشهر الماضي، إنه لا يوجد ما يمنع إجراء محادثات رفيعة المستوى مع مصر من أجل تطبيع العلاقات التي لا تزال الجهود بشأنها تراوح مكانها منذ أكثر من عام على إطلاق المحادثات الاستكشافية بين البلدين العام الماضي ورغبة أنقرة في تسريعها.
وقال إردوغان إن «المحادثات بين أنقرة والقاهرة تسير عند المستوى الأدنى وليس هناك ما يمنع ارتقاءها إلى مستوى رفيع، ويكفي أن يكون هناك تفاهم متبادل بين البلدين... الشعب المصري مسلم وشقيقنا، يكفي أن نقود المرحلة بشكل لا يسيء فيه أحدنا إلى الآخر بتصريحات بعضنا ضد بعض».
ولفت إردوغان إلى أن تركيا بدأت مرحلة جديدة مع كلٍّ من السعودية والإمارات العربية المتحدة، من خلال الزيارات المتبادلة في عام، وأن المؤسسات في تركيا والإمارات تواصل نشاطها من أجل تطوير العلاقات بشكل سريع في جميع المجالات. وأشارت أنقرة أكثر من مرة، في الأشهر الأخيرة، إلى أن عملية تطبيع العلاقات مع القاهرة تسير بشكل «بطيء نسبياً». وأكدت أنها «ستعمل على اتخاذ خطوات إضافية». وشهدت العلاقات بين مصر وتركيا توترات سياسية وقطيعة دبلوماسية طويلة إثر تدخل أنقرة في الشأن السياسي المصري، بعد سقوط حكم الإخوان المسلمين عام 2013، وقيامها بإيواء عناصر من المطلوبين الهاربين إلى جانب قيادات الإخوان المسلمين واحتضان قنواتهم التي اعتمدت على مدى أكثر من 8 سنوات أسلوب التحريض ومحاولة إثارة الاحتقان وتهييج الشارع المصري ضد قيادته.
وأعلنت تركيا، في مارس (آذار) 2021، استئناف اتصالاتها مع مصر على مستوى أجهزة المخابرات والمستوى الدبلوماسي. وكبادرة على جدّيتها، طالبت القنوات التلفزيونية الثلاث التابعة لتنظيم الإخوان المسلمين (مكملين، ووطن، والشرق) بوقف بث أي برامج أو محتوى يتضمن تحريضاً ضد مصر، وأمهلتها شهرين لتحقيق ذلك أو يتم التوقف نهائياً عن البث من الأراضي التركية، بسبب عدم الالتزام بميثاق الشرف الإعلامي المطبّق في تركيا.
وعقد البلدان جولتين من المحادثات الاستكشافية بالقاهرة في مايو (أيار) من العام الماضي، ثم في أنقرة في سبتمبر (أيلول)، على مستوى نائبي وزيري الخارجية، وتزامنت الجولة الثانية في أنقرة مع قرارات تركية بمنع المتورطين في قتل النائب العام المصري الراحل هشام بركات من مغادرة البلاد، وفرض قيود جديدة على اثنين من المطلوبين بمذكرات من الإنتربول، هما يحيى موسى المسؤول عن تخطيط عملية اغتيال النائب العام وغيرها من العمليات الإرهابية، وعلاء السماحي القيادي في حركة «حسم»، التي تعد الذراع العسكرية لـ«الإخوان» المسلمين حالياً. وأعلنت قناة «مكملين» في أبريل (نيسان) الماضي وقف بثها نهائياً من تركيا، وانتقلت بالفعل للعمل من لندن، ولكن على نطاق أضيق مما كانت تعمل به في إسطنبول.
وفي نهاية الشهر ذاته، أعلن الرئيس رجب طيب إردوغان عن إمكانية تطوير الحوار مع مصر، على غرار الخطوات التي اتخذتها بلاده مع إسرائيل ودول أخرى في المنطقة، ملمحاً إلى أن الحوار مع مصر قد يتطور إلى أعلى المستويات.
ولا تعلق القاهرة على التصريحات المتتابعة من الجانب التركي، لكن هناك خطوات اتُّخذت في الفترة الماضية تشير إلى استمرار مسار التطبيع، منها تبادل زيارات وفود من رجال الأعمال ومشاركة وزير الخزانة والمالية التركي نور الدين نباتي في الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية، التي عُقدت في مدينة شرم الشيخ المصرية في يونيو (حزيران) الماضي.
وقبل أشهر، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري، إن هناك بوادر على رغبة تركيا في تغيير مسارها تجاه مصر، خصوصاً في المجال الأمني، وهناك مجموعة من التصريحات التركية التي أظهرت تحولاً باتجاه الابتعاد عن التدخل في الشؤون المصرية، أو رعاية عناصر متطرفة معادية للبلاد.
وأضاف: «لكن في هذه المرحلة لا نزال بحاجة إلى تقييم نتائج المرحلة الثانية من المحادثات، وفي المقام الأول سياق العلاقات الثنائية... فالعلاقات الثنائية وبعض المواقف المتخذة من تركيا بحاجة إلى معالجة بشكل ما وعندما نكون مقتنعين بأن هذه القضايا تم حلها فهذا سيفتح الباب أمام تقدم أكبر».
إردوغان: على تركيا «ضمان الوفاق» مع الشعب المصري بأسرع وقت
لمح إلى رفع المحادثات لأعلى من مستوى الوزراء
إردوغان: على تركيا «ضمان الوفاق» مع الشعب المصري بأسرع وقت
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة