الرباط ترحب بسحب بيرو اعترافها بـ«الجمهورية الصحراوية»

TT

الرباط ترحب بسحب بيرو اعترافها بـ«الجمهورية الصحراوية»

أعلنت جمهورية بيرو سحب اعترافها بـ«الجمهورية الصحراوية»، التي أعلنتها جبهة البوليساريو الانفصالية سنة 1976. وذكر بيان لوزارة الخارجية البيروفية أن القرار يأتي، للتعبير عن دعم مخطط الحكم الذاتي في الصحراء المغربية. وعبرت الخارجية البيروفية عن «احترامها للوحدة الترابية للمملكة المغربية وسيادتها الوطنية، وكذا لمخطط الحكم الذاتي». وأشارت إلى أن هذا القرار تم اتخاذه عقب المحادثة الهاتفية بين وزير العلاقات الخارجية البيروفي، ميغيل أنخيل رودريغيز ماكاي، ووزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة.
وجاء في البيان ذاته أن هذا القرار اتخذ انسجاما مع الشرعية الدولية، المنصوص عليها في ميثاق منظمة الأمم المتحدة، وفي احترام كامل لمبادئ الوحدة الترابية للدول الأعضاء في الأمم المتحدة.
وأضاف أن القرار يأتي لدعم الجهود التي يبذلها الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن من أجل التوصل إلى حل سياسي وواقعي ودائم وتوافقي للنزاع حول الصحراء. وأوضحت ليما أنه «أخذا بعين الاعتبار عدم وجود أي علاقة ثنائية فعلية، إلى حدود اليوم، قررت حكومة جمهورية بيرو سحب اعترافها بـ(الجمهورية الصحراوية)، وقطع جميع العلاقات مع هذا الكيان، وأنه سيتم إخبار منظمة الأمم المتحدة بهذا القرار». وأوضح البيان أن الحكومتين المغربية والبيروفية اتفقتا على تعزيز علاقاتهما الثنائية، من خلال التوقيع الفوري على خارطة طريق متعددة القطاعات تشمل المشاورات السياسية الدورية، والتعاون الفعلي في المجالات الاقتصادية والتجارية والتعليمية والطاقية والفلاحية والأسمدة.
من جهتها، رحبت وزارة الخارجية المغربية بقرار بيرو سحب اعترافها بـ«الجمهورية الصحراوية». وأفاد بيان لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، أن المملكة المغربية ترحب بقرار جمهورية بيرو سحب اعترافها بـ«الجمهورية الصحراوية» المزعومة، الذي تم قبل سنة، ودعم الوحدة الترابية للمملكة ومبادرتها للحكم الذاتي. وحسب البيان ذاته «يأتي هذا القرار على إثر المحادثة الهاتفية التي أجراها بوريطة، مع وزير العلاقات الخارجية البيروفي. وأعربت المملكة المغربية عن تقديرها لقرار جمهورية بيرو الذي «يفتح صفحة جديدة في العلاقات مع هذا البلد الصديق». وحسب البيان «سيمكن هذا القرار من تعميق التشاور السياسي وتعزيز التعاون القطاعي، خاصةً في مجالات الفلاحة والأسمدة. وفي هذا الإطار، سيتم اتخاذ مبادرات ملموسة في القريب العاجل». وذكر البيان أنه بفضل المبادرات التي تم اتخاذها خلال السنوات الأخيرة، بتعليمات من العاهل المغربي الملك محمد السادس، سحبت العديد من البلدان اعترافها بهذا الكيان.
فمن بين 193 بلدا عضوا في الأمم المتحدة، لا تعترف 84 في المائة منها بـ«الجمهورية الصحراوية»، أي ثلثا البلدان الأفريقية، و68 في المائة من بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، و96 في المائة من البلدان الآسيوية، و100 في المائة من بلدان أوروبا وأميركا الشمالية.
على صعيد آخر، بعد مرور حوالي أسبوع على قرار الرئيس اليساري الجديد في كولومبيا غوستافو بيترو أوريغو، بشأن إعادة العلاقات مع جبهة البوليساريو الانفصالية، تفجرت قضية تعرض موظفين في السفارة المغربية ببوغوتا للتخدير والسرقة من طرف امرأتين. وقالت مصادر دبلوماسية مغربية لـ«الشرق الأوسط» إنه على إثر تداول بعض وسائل الإعلام الكولومبية خبر تعرض دبلوماسيين مغربيين لحادث سرقة، قامت الإدارة المركزية لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، باستدعاء الموظفين المعنيين.
وأشارت المصادر إلى أنه جرى فتح «تحقيق معمق وشفاف»، حول ظروف وملابسات هذه الواقعة. وشدد المصدر على أنه سيتم التعامل مع الأمر وفق المساطر الإدارية والقانونية الجاري بها العمل في مثل هذه الحالات، وأن سفارة المملكة المغربية ببوغوتا، تتابع مجريات هذه الواقعة بتواصل مع السلطات الكولومبية المختصة. ونقلت وسائل إعلام كولومبية أخيرا أن ثلاثة دبلوماسيين مغاربة تعرضوا للسرقة بعدما جرى تخديرهم وتمت سرقة أموالهم إضافة إلى هاتفين ولوحة إلكترونية. وحسب مصدر مغربي مطلع فإن الأمر يتعلق بموظفين اثنين وليس ثلاثة، مضيفا أنهما تعرضا إلى حادث السرقة بعض تناولهما مواد «منومة».
وتحدثت وسائل الإعلام الكولومبية عن تعرف الدبلوماسيين على امرأتين عن طريق التواصل معهما عبر الإنترنت، حيث انتقلوا إلى شقة في العاصمة بوغوتا. وقامت المرأتان بوضع مادة مخدرة في مشروب الموظفين ما تسبب لهما في فقدان الوعي قبل سرقتهما. وأفادت مصادر أن تأخذ الوزارة عقوبات تأديبية في حق الموظفين قد تصل حد التوقيف عن العمل.


مقالات ذات صلة

إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

الولايات المتحدة​ إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

أشاد وفد من الكونغرس الأميركي، يقوده رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب الأميركي مايك روجرز، مساء أول من أمس في العاصمة المغربية الرباط، بالتزام الملك محمد السادس بتعزيز السلام والازدهار والأمن في المنطقة والعالم. وأعرب روجرز خلال مؤتمر صحافي عقب مباحثات أجراها مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، عن «امتنانه العميق للملك محمد السادس لالتزامه بتوطيد العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والمغرب، ولدوره في النهوض بالسلام والازدهار والأمن في المنطقة وحول العالم».

«الشرق الأوسط» (الرباط)
شمال افريقيا ترحيب مغربي بإقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية

ترحيب مغربي بإقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية

أعلن بيان للديوان الملكي المغربي، مساء أول من أمس، أن الملك محمد السادس تفضل بإقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة وطنية رسمية مؤدى عنها، على غرار فاتح (أول) محرم من السنة الهجرية ورأس السنة الميلادية. وجاء في البيان أن العاهل المغربي أصدر توجيهاته إلى رئيس الحكومة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتفعيل هذا القرار الملكي. ويأتي هذا القرار تجسيداً للعناية الكريمة التي يوليها العاهل المغربي للأمازيغية «باعتبارها مكوناً رئيسياً للهوية المغربية الأصيلة الغنية بتعدد روافدها، ورصيداً مشتركاً لجميع المغاربة دون استثناء».

«الشرق الأوسط» (الرباط)
شمال افريقيا أعضاء «الكونغرس» الأميركي يشيدون بالتزام العاهل المغربي بـ«تعزيز السلام»

أعضاء «الكونغرس» الأميركي يشيدون بالتزام العاهل المغربي بـ«تعزيز السلام»

أشاد وفد من الكونغرس الأميركي، يقوده رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب، مايك روجرز، مساء أمس، في العاصمة المغربية الرباط، بالتزام الملك محمد السادس بتعزيز السلام والازدهار والأمن في المنطقة والعالم. وأعرب روجرز، خلال مؤتمر صحافي، عقب محادثات أجراها مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين في الخارج، ناصر بوريطة، عن «امتنانه العميق للملك محمد السادس لالتزامه بتوطيد العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والمغرب، ولدوره في النهوض بالسلام والازدهار والأمن في المنطقة وحول العالم»، مبرزاً أن هذه المحادثات شكلت مناسبة للتأكيد على الدور الجوهري للمملكة، باعتبارها شريكاً للول

«الشرق الأوسط» (الرباط)
شمال افريقيا حزبان معارضان يبحثان تدهور القدرة الشرائية للمغاربة

حزبان معارضان يبحثان تدهور القدرة الشرائية للمغاربة

عقد حزبا التقدم والاشتراكية اليساري، والحركة الشعبية اليميني (معارضة برلمانية) المغربيين، مساء أول من أمس، لقاء بالمقر الوطني لحزب التقدم والاشتراكية في الرباط، قصد مناقشة أزمة تدهور القدرة الشرائية للمواطنين بسبب موجة الغلاء. وقال الحزبان في بيان مشترك إنهما عازمان على تقوية أشكال التنسيق والتعاون بينهما على مختلف الواجهات السياسية والمؤسساتية، من أجل بلورة مزيد من المبادرات المشتركة في جميع القضايا، التي تستأثر باهتمام الرأي العام الوطني، وذلك «من منطلق الدفاع عن المصالح الوطنية العليا للبلاد، وعن القضايا الأساسية لجميع المواطنات والمواطنين».

«الشرق الأوسط» (الرباط)
شمال افريقيا عائلات مغربية تحتج لمعرفة مصير أبنائها المفقودين والمحتجزين

عائلات مغربية تحتج لمعرفة مصير أبنائها المفقودين والمحتجزين

دعت «تنسيقية أسر وعائلات الشبان المغاربة المرشحين للهجرة المفقودين» إلى تنظيم وقفة مطلبية اليوم (الخميس) أمام وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي بالرباط، تحت شعار «نضال مستمر من أجل الحقيقة كاملة وتحقيق العدالة والإنصاف»، وذلك «لتسليط الضوء» على ملف أبنائها المفقودين والمحتجزين ببعض الدول. وتحدث بيان من «التنسيقية» عن سنوات من المعاناة وانتظار إحقاق الحقيقة والعدالة، ومعرفة مصير أبناء الأسر المفقودين في ليبيا والجزائر وتونس وفي الشواطئ المغربية، ومطالباتها بالكشف عن مصير أبنائها، مع طرح ملفات عدة على القضاء. وجدد بيان الأسر دعوة ومطالبة الدولة المغربية ممثلة في وزارة الشؤون الخارجية والتع

«الشرق الأوسط» (الرباط)

اشتباكات في الفاشر تنذر بانطلاق المعركة الفاصلة بدارفور

آثار الحرب المدمرة في الفاشر حاضرة شمال دارفور (أ.ف.ب)
آثار الحرب المدمرة في الفاشر حاضرة شمال دارفور (أ.ف.ب)
TT

اشتباكات في الفاشر تنذر بانطلاق المعركة الفاصلة بدارفور

آثار الحرب المدمرة في الفاشر حاضرة شمال دارفور (أ.ف.ب)
آثار الحرب المدمرة في الفاشر حاضرة شمال دارفور (أ.ف.ب)

تجددت، الجمعة، اشتباكات وصفت بالعنيفة بين الجيش السوداني وحلفائه من الفصائل المسلحة من جهة، و«قوات الدعم السريع» من جهة أخرى، في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور (غرب)، وآخر حصون الجيش في غرب البلاد، بعد أيام من الهدوء الحذر الذي شهدته جبهات القتال خلال الأيام الماضية.

ويبدو أن المدينة التي تحتضن مئات الآلاف من النازحين الهاربين من القتال في مناطقهم، إلى جانب وجود جيوش من الحركات المسلحة، تتجه إلى معارك طاحنة بالنظر إلى حالة التأهب والتحشيد العسكري للأطراف المتحاربة، المستمر منذ وقت طويل.

ولم تفلح النداءات الدولية لأطراف النزاع بضرورة تفادي الدخول في معارك يُتوقع أن تتسبب بحدوث كوارث إنسانية إذا انفجر القتال.

قصف متبادل

دخان كثيف يتصاعد أمس في مدينة الفاشر بإقليم دارفور غرب البلاد (د.ب.أ)

وقال مقيمون في الفاشر لــ«الشرق الأوسط» إن معارك عنيفة بالأسلحة الثقيلة اندلعت بين الطرفين في الأحياء الشمالية الشرقية للمدينة. وأوضحت مصادر أن «قوات الدعم السريع» قصفت مواقع للجيش الذي ينتشر في وسط المدينة، بينما رد الجيش بضربات مدفعية على مواقع لـ«الدعم السريع» في محيطها، كما سُمعت أصوات انفجارات قوية وأصوات إطلاق نار مع تصاعد كثيف لأعمدة الدخان من أحياء شمال وشرق المدينة.

وبدورها، أفادت «تنسيقية لجان مقاومة الفاشر» (جماعة محلية) على موقع «فيسبوك»، بأن الجيش السوداني وقوات الحركات المسلحة «يشتبكون مع (قوات الدعم السريع) شرق مدينة الفاشر منذ الصباح». وأضافت أن قذائف المدافع الثقيلة «تسقط بشكل عشوائي في منازل المواطنين، ما أدى إلى وقوع إصابات وسط المدنيين بعضها وصل المستشفى الجنوبي».

تدهور الخدمات الهاتفية

وقالت مصادر محلية إن خدمات الاتصالات الهاتفية والإنترنت بدأت في التدهور مع بدء الهجوم على الفاشر، وشمل ذلك كبريات مدن دارفور الأخرى.

وتشهد الفاشر، إلى جانب الضعين في ولاية شرق دارفور، ونيالا في الجنوب، منذ يومين، انقطاع خدمات شبكتي «سوداني» و«الشركة السودانية للهاتف السيار» (زين)، إلى جانب شبكة «إم تي إن سودان» التي انقطعت عن المدينة منذ أشهر.

لاجئون سودانيون في مخيم زمزم خارج الفاشر بدارفور (أ.ب)

وتفرض «قوات الدعم السريع» حصاراً محكماً على مدينة الفاشر، في مسعى للسيطرة عليها بعد أن أحكمت قبضتها على 4 من أصل 5 ولايات في إقليم دارفور، وسط تحذيرات دولية وإقليمية من اجتياح المدينة التي تؤوي ملايين النازحين الذين فروا من مدن الإقليم المضطرب جراء الصراع.

وكان والي شمال دارفور المكلف، حافظ بخيت، قد أكد في وقت سابق على «وقوف حكومة الولاية بكل ما تملك من أجل الوطن والمواطن، ودحر الميليشيا»، في إشارة إلى «قوات الدعم السريع».

وأعلن عدد من الحركات المسلحة، بينها «حركة جيش تحرير السودان» التي يرأسها مني أركو مناوي، و«حركة العدل والمساواة» بقيادة جبريل إبراهيم، و«حركة تحرير السودان» بقيادة مصطفى تمبور، خروجها عن الحياد، والقتال إلى جانب الجيش السوداني ضد «قوات الدعم السريع».

آخر معاقل الجيش غرب السودان

وتعد الفاشر آخر معاقل الجيش السوداني في غرب البلاد، وهي محاصرة تماماً بالآلاف من مقاتلي «قوات الدعم السريع».

النيران تلتهم سوقاً في الفاشر نتيجة معارك سابقة (أ.ف.ب)

ويواصل طرفا القتال في السودان التصعيد العسكري والإعلامي على الرغم من التحذيرات الدولية و«القلق» الكبير، الذي أبدته دول مؤثرة في الإقليم، إلى جانب الولايات المتحدة والأمم المتحدة، من التداعيات الإنسانية الكارثية التي يمكن أن تواجه مئات الآلاف من السودانيين الذين يحتمون بمدينة الفاشر ومعسكرات النازحين من حولها.

الأمم المتحدة: وضع كارثي

وكتب نائب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في دارفور، توبي هارورد، عبر حسابه على منصة «إكس»، أن «الوضع الإنساني في الفاشر والمحليات المحيطة بعاصمة شمال دارفور كارثي».

وأشار هارورد إلى «ازدياد عمليات القتل التعسفي والسرقة ونهب الماشية، والحرق الممنهج لقرى بأكملها في المناطق الريفية، وتصاعد القصف الجوي على أجزاء من المدينة، وتشديد الحصار حول الفاشر».

واتّهمت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، الخميس، «قوات الدعم السريع» بارتكاب «تطهير عرقي» وعمليات قتل؛ «ما قد يشير إلى أن إبادة جماعية حدثت أو تحدث» ضدّ جماعة المساليت العرقية الأفريقية، في مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور.

وقالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس - غرينفيلد، الأسبوع الماضي، إن «كارثة مأساوية تلوح في الأفق» في إشارة إلى ما يجري في مدينة الفاشر. كما حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من المصير نفسه. وقال في تصريحات سابقة إن أي هجوم على الفاشر سيكون مدمراً بالنسبة للمدنيين وقد يؤدي إلى صراع مجتمعي شامل.

غوتيريش قال إن أي هجوم على الفاشر سيكون مدمراً بالنسبة للمدنيين وقد يؤدي إلى صراع مجتمعي شامل (أ.ف.ب)

وفي الأسابيع الماضية، حققت «الدعم السريع» مكاسب عسكرية بالسيطرة على بلدة (مليط) على مسافة نحو 60 كيلومتراً من الفاشر، وتعد منطقة استراتيجية مهمة، مكنتها من إعادة التموضع العسكري لقواتها والانتشار والهجوم على الفاشر من اتجاهات عدة.

وامتنعت مصادر نافذة في «الدعم السريع» تحدثت لــ«الشرق الأوسط» عن التعبير عن أي نيات لاجتياح المدينة، لكنها قالت إنها تدافع عن نفسها، على الرغم من أنها تهاجم المدينة باستمرار.

وترى تلك المصادر أن الفاشر تشكل، من ناحية عسكرية واستراتيجية، خطراً كبيراً على «قوات الدعم السريع»، بعد إعلان عدد من الحركات المسلحة في الإقليم الخروج من الحياد في الصراع والانخراط في القتال إلى جانب الجيش السوداني.

الجيش: الفاشر قاعدة لاستعادة ولايات دارفور

وكشف مساعد القائد العام للجيش السوداني، ياسر العطا، في وقت سابق، أن الجيش سيتخذ من الفاشر قاعدة عسكرية رئيسية لاستعادة الولايات الأربعة في الإقليم التي تسيطر عليها «الدعم السريع».

وتستميت قوات الجيش السوداني والحركات المسلحة في صد الهجمات الكثيرة التي تشنها «قوات الدعم السريع» على المدينة. ونفذت هذه القوات خلال الأيام الماضية عمليات انتشار واسعة في شمال دارفور، وحشدت الآلاف من المقاتلين من القبائل العربية في البلدات والقرى المجاورة لمدينة الفاشر.

الفريق ياسر العطا (وكالة السودان للأنباء) (سونا)

كما نفذ الجيش السوداني عمليات إسقاط جوي لإيصال إمدادات عسكرية من الأسلحة الذخائر لتموين قواته في «الفرقة السادسة - مشاة» ومقرها داخل المدينة، ولدعم حلفائه في الحركات المسلحة، تحسباً لمعارك مرتقبة.

ووفق المؤشرات على الأرض، تخطط «الدعم السريع» لشن هجوم بري واسع من عدة جبهات على الفاشر، لا يملك الجيش وحلفاؤه سوى التصدي له عبر الدفاعات المتقدمة في محيط المدينة.


«هدنة غزة»: «إخفاق» أم «توقف مؤقت» لمزيد من التشاور؟

فلسطينيون ينظرون إلى الدمار بعد غارة إسرائيلية على رفح بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون ينظرون إلى الدمار بعد غارة إسرائيلية على رفح بقطاع غزة (أ.ب)
TT

«هدنة غزة»: «إخفاق» أم «توقف مؤقت» لمزيد من التشاور؟

فلسطينيون ينظرون إلى الدمار بعد غارة إسرائيلية على رفح بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون ينظرون إلى الدمار بعد غارة إسرائيلية على رفح بقطاع غزة (أ.ب)

عقب انتهاء جولة مفاوضات القاهرة الرامية إلى «هدنة» في قطاع غزة يتم خلالها تبادل المحتجزين بين إسرائيل وحركة «حماس». أثير الحديث حول هذه الجولة من المفاوضات: هل «أخفقت؟» أم أن «هناك توقفاً مؤقتاً لمزيد من التشاور»؟.

وأكد مصدر مصري، مساء الخميس، «مغادرة وفود (حماس) وإسرائيل القاهرة عقب جولة مفاوضات امتدت لمدة يومين». وأشار المصدر إلى أن «الجهود المصرية وجهود الوسطاء مستمرة في تقريب وجهات نظر الطرفين، خاصة في ظل التطورات الأخيرة بقطاع غزة».

كما دعت مصر كلاً من «حماس» وإسرائيل إلى إبداء «مرونة» من أجل التوصل «في أسرع وقت» إلى هدنة في غزة تتيح أيضاً إطلاق سراح رهائن محتجزين في القطاع الفلسطيني، حسبما ذكرت وزارة الخارجية المصرية في بيان الجمعة. وخلال اتصال هاتفي مع نظيره الأميركي، أنتوني بلينكن، شدد وزير الخارجية المصري، سامح شكري، على ضرورة «التوصل إلى وقف لإطلاق النار في أسرع وقت»، وفق ما ذكرت «الخارجية المصرية» في بيان. و«اتفق الوزيران على أهمية حث الأطراف على إبداء المرونة، وبذل الجهود اللازمة للتوصل إلى اتفاق هدنة يضع حداً للمأساة الإنسانية، ويسمح بنفاذ المساعدات الإنسانية بصورة كاملة ومستدامة تلبي الاحتياجات العاجلة لسكان القطاع».

مركبات تابعة للجيش الإسرائيلي خلال غارة في مخيم الفارعة للاجئين (إ.ب.أ)

ومنذ نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، يسعى الوسطاء من مصر وقطر والولايات المتحدة إلى الوصول إلى هدنة في قطاع غزة، وعقدت جولات مفاوضات ماراثونية غير مباشرة في باريس والقاهرة والدوحة، لم تسفر حتى الآن عن اتفاق. وسبق وأسفرت وساطة مصرية - قطرية عن هدنة لمدة أسبوع في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، تم خلالها تبادل محتجزين من الجانبين.

في السياق، قال نائب المدير العام لـ«المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية»، اللواء محمد إبراهيم الدويري، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «لا يمكن القول بأن جولة مفاوضات القاهرة شهدت (إخفاقاً)». وأشار الدويري إلى أنه «رغم أن الجولة الأخيرة بالقاهرة لم تثمر التوصل إلى الهدنة المنشودة»، فإنه «لا بد أن يعلم الجميع أن المفاوضات عملية صعبة معقدة». ويعتقد أن «مصر ستواصل تحركها حتى يتم استئناف المفاوضات، لكن هناك مسؤولية كبيرة تقع على أطراف التفاوض».

تلك المسؤولية، وفق الدويري، «تشمل ضرورة إبداء مرونة تؤدي إلى جسر الهوة بين المواقف المختلفة»، مؤكداً أن «هذا الأمر تسعى إليه مصر حتى تتوقف الكارثة الإنسانية التي يعاني منها سكان قطاع غزة».

مسعفون يفرغون جثث الفلسطينيين الذين قُتلوا في شمال قطاع غزة (أ.ب)

ورأى أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأميركية بمصر وجامعة القاهرة، المتخصص في الدراسات الفلسطينية والإسرائيلية، الدكتور طارق فهمي، أن «المفاوضات مستمرة ولم تشهد (إخفاقاً)، وسوف تشهد خطوات جديدة». ووفق فهمي، «سوف تعود مفاوضات هدنة غزة خلال الأيام المقبلة على أساس المستجدات الجديدة التي طرحت نفسها خاصة عملية رفح الفلسطينية».

حول أسباب توقف مفاوضات الهدنة «مؤقتاً»، أكد فهمي لـ«الشرق الأوسط» أن ذلك يعود إلى أن «إسرائيل فرضت واقعاً جديداً على المفاوضات بدخول منطقة شرق رفح الفلسطينية، وحرصها على استكمال عمليتها العسكرية بتلك المنطقة». وأضاف أن «حماس» رأت بعد هذه المستجدات التي حدثت في أثناء جولة مفاوضات القاهرة أنها «في حاجة إلى إعادة النظر في بعض قراراتها التي وافقت عليها سابقاً»، في إشارة لإعلان الحركة قبل أيام، الموافقة على المقترح المصري - القطري بشأن الاتفاق المحتمل للهدنة.

فهمي يرى أن «الحديث الآن يدور عن نقطة توافق ينطلق منها تنفيذ الاتفاق، وسط نقاط عالقة بين الطرفين، بينها أن (حماس) قامت بتخفيض أعداد المحتجزين الذين ستسلمهم لإسرائيل من 33 إلى 18، وقالت إن بيانات جثامين القتلى ستكون في مرحلة تالية، بجانب حديث الحركة عن وقف إطلاق نار كامل».

وبحسب فهمي، فإنه «رغم تأخر التوصل لاتفاق بشأن الهدنة في قطاع غزة، لكن هناك تصميماً مصرياً على إنجاح المفاوضات، وحرصاً على تقديم أفكار جديدة للطرفين، وحثهما على المرونة، فضلاً عن دعم الوسيط الأميركي لمصر، وهذا يرجح أن تمضي المفاوضات للأمام ولا تتعثر».

اندلاع عمود دخان فوق خان يونس خلال قصف إسرائيلي في وقت سابق (أ.ف.ب)

وكانت «حماس» وافقت، الاثنين الماضي، على مقترح هدنة عرضه الوسطاء، قبل ساعات قليلة من دخول القوات الإسرائيلية إلى معبر رفح. لكنّ إسرائيل قالت إن هذا الاقتراح «بعيد جداً عن مطالبها»، وكررت معارضتها لوقف نهائي لإطلاق النار.

وأفاد مصدر مصري مطلع، في وقت سابق، بـ«إبلاغ إسرائيل بخطورة التصعيد». وشدد حينها على «جاهزية مصر للتعامل مع السيناريوهات كافة»، مؤكداً أن «هناك جهوداً مصرية مكثفة مع مختلف الأطراف لاحتواء الوضع بقطاع غزة». ونفذت إسرائيل عملية عسكرية في مدينة رفح الفلسطينية، وأعلنت، الثلاثاء الماضي، السيطرة على الجانب الفلسطيني من معبر رفح الحدودي.

في المقابل، رأى الخبير الفلسطيني، أستاذ النظم السياسية والقيادي في حركة «فتح»، جهاد الحرازين، أن «رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يناور ويكسب مزيداً من الوقت عبر القيام بعملية في رفح الفلسطينية في أثناء المفاوضات، وهو يعلم أنها ستفرض شروطاً جديدة ومشاورات أخرى». لكن الحرازين أكد لـ«الشرق الأوسط» أنه ليس أمام نتنياهو و«حماس» سوى إبداء «مزيد من المرونة، والابتعاد عن التمسك بشروط معطلة».

أمين سر «لجنة الدفاع والأمن القومي» في مجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب محمد عبد الرحمن راضي، أكد أيضاً لـ«الشرق الأوسط» أن «المرونة يجب أن تكون أولوية لدى الطرفين (حماس) وإسرائيل، وإلا ستعود الأمور إلى نقطة الصفر». وأضاف أن الضغوط الأميركية ومساندة العالم شعبياً لفلسطين والموقف المصري القوي، «قد يعجل بإتمام الهدنة قريباً؛ لأن الفشل يعني مزيداً من إدانة إسرائيل، وكارثة إنسانية جديدة تلحق بالفلسطينيين».


نواب تونسيون يقترحون تعديلاً لمكافحة الهجرة غير الشرعية

من جلسة لأعضاء البرلمان التونسي (البرلمان)
من جلسة لأعضاء البرلمان التونسي (البرلمان)
TT

نواب تونسيون يقترحون تعديلاً لمكافحة الهجرة غير الشرعية

من جلسة لأعضاء البرلمان التونسي (البرلمان)
من جلسة لأعضاء البرلمان التونسي (البرلمان)

قدم أعضاء في مجلس النواب التونسي، اليوم الجمعة، مقترحاً لتعديل قانون إقامة الأجانب، يشمل السجن لما يصل إلى ثلاث سنوات بهدف مكافحة الهجرة غير الشرعية.

وقال النائب محمد أمين الورغي لـ«وكالة أنباء العالم العربي»: «في ظل الوضع الراهن والدعوات لتعديل القانون من مواطنين ومجتمع مدني ونواب بالبرلمان، رأينا ضرورة مراجعته، والرفع في سلم العقوبات الموجودة، بما يتلاءم مع الوضع الحالي».

وأضاف الورغي صاحب مشروع القانون: «لقد تبين أن شبكات تسعى لنقل المهاجرين إلى تونس، وتسهيل عمليات اجتيازهم للحدود، لذلك رأينا ضرورة تنقيح فصول القانون ليتلاءم مع الجريمة المرتكبة».

تظاهرة ضد الوجود الكثيف للمهاجرين السريين بمدينة العامرة (إ.ب.أ)

ويتخذ المهاجرون غير الشرعيين، وغالبيتهم من دول أفريقيا جنوب الصحراء، من تونس نقطة انطلاق لرحلة محفوفة بالمخاطر لعبور البحر المتوسط نحو أوروبا، هرباً من الصراعات في بلادهم وبحثاً عن حياة أفضل، في وقت تواجه فيه تونس ضغوطاً من دول الاتحاد الأوروبي، ومن بينها إيطاليا، لوقف تدفق المهاجرين على أراضيها.

ووفقاً للتعديل المقترح على القانون، يعاقب بالسجن من سنة إلى ثلاث سنوات الأجنبي، الذي يدخل تونس، أو يخرج منها دون أن يمتثل للشروط، ومنها الدخول بجواز سفر سار من إحدى النقاط الحدودية. ويعاقب بالعقوبة نفسها، الأجنبي الذي لا يطلب تأشيرة إقامة في الوقت القانوني، أو لا يطلب تجديدها عند انتهاء صلاحيتها، والأجنبي الذي يواصل الإقامة في البلاد، بعد رفض مطلبه في الحصول على تأشيرة أو بطاقة إقامة، بحسب مشروع القانون المقترح.

كما احتوى مشروع القانون على عقوبات مماثلة لمن يساعد أي أجنبي على دخول البلاد، أو الخروج منها بصورة غير قانونية.

مهاجرون أفارقة بأحد المخيمات التي نصبوها بضواحي صفاقس (إ.ب.أ)

وقال نواب في البرلمان التونسي في تفسيرهم لأسباب تعديل القانون إن التوافد غير المسبوق للأفارقة مؤخراً، وإقامتهم بطريقة غير شرعية في تونس «تسببا في حالة احتقان في عدد من المدن».

وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، أجلت السلطات التونسية آلاف المهاجرين من وسط مدينة صفاقس إلى مدينة العامرة، لكن تدفق المهاجرين على المدينة الساحلية الصغيرة، التي تبعد 25 كيلومتراً عن صفاقس، أثار غضب السكان، كما تظاهر المئات من سكان العامرة في وقت سابق من الشهر الحالي للمطالبة بترحيل المهاجرين غير الشرعيين، واشتكوا من تعدي المهاجرين عليهم، وسرقة أمتعتهم ومعداتهم الزراعية، وإتلاف أشجار الزيتون الممتدة في ضواحي المدينة.

في سياق متصل، فتح القضاء التونسي تحقيقاً بحق معلقة تلفزيونية، على أثر إدلائها بتصريحات ساخرة حول الوضع في البلاد، على صلة بظاهرة الهجرة غير القانونية للأفارقة، بحسب محاميتها ووسائل إعلام محلية، اليوم الجمعة.

وخلال برنامج تلفزيوني على قناة «قرطاج+» المحلية الخاصة، تطرق لأزمة تدفق المهاجرين غير القانونيين إلى تونس، قالت سونية الدهماني، وهي محامية أيضاً، بسخرية: «ما هذه البلاد العظيمة؟»، ردّاً على معلق سياسي آخر كان حاضراً معها في البرنامج دافع عن فكرة أن المهاجرين الأفارقة يريدون التوطن في تونس. وتم تداول هذا التصريح على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وعدّه البعض «مهيناً» في حق البلاد.

سكان مدينة العامرة خرجوا للاحتجاج ضد الوجود الكثيف للمهاجرين السريين بمدينتهم (إ.ب.أ)

وقالت المحامية، دليلة مصدّق، إن سونية الدهماني تلقت استدعاء للمثول، اليوم الجمعة، أمام قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية في تونس، دون تحديد أسباب هذا الاستدعاء. لكن الدهماني أكدت لوسائل إعلام محلية رفضها المثول أمام القضاء من دون معرفة أسباب هذا الاستدعاء. ولم تحضر الدهماني للتحقيق، فأصدر قاضي التحقيق المكلف هذه القضية مذكرة توقيف بحقها، رافضاً طلب محاميتها تأجيل جلسة الاستماع.

وجاء في القرار القانوني الذي نشرته وسائل إعلام محلية، أن الدهماني تخضع للتحقيق بتهمة «تعمد استخدام شبكات وأنظمة معلومات... بهدف الإضرار بالأمن العام»، بموجب المرسوم 54، الذي ينصّ على «عقاب بالسجن لمدة خمسة أعوام»، وغرامة تصل إلى 50 ألف دينار «لكلّ من يتعمّد استعمال شبكات وأنظمة معلومات واتصال لإنتاج، أو ترويج، أو نشر، أو إرسال، أو إعداد أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة، أو وثائق مصطنعة أو مزوّرة، أو منسوبة كذباً للغير، بهدف الاعتداء على حقوق الغير، أو الإضرار بالأمن العام أو الدفاع الوطني».

كما يعاقب كلّ من يتعمّد استعمال أنظمة معلومات لنشر «أو إشاعة أخبار أو وثائق مصطنعة أو مزوّرة أو بيانات، تتضمّن معطيات شخصية أو نسبة أمور غير حقيقية بهدف التشهير بالغير، أو تشويه سمعته، أو الإضرار به مادياً أو معنوياً أو التحريض على الاعتداء عليه، أو الحثّ على خطاب الكراهية».


سوزان مبارك «تريند» في أعقاب تراشق بين نجلها وباحث «تنويري»

منتدى «تكوين» ناقش أدب وفكر طه حسين (صفحة المؤسسة)
منتدى «تكوين» ناقش أدب وفكر طه حسين (صفحة المؤسسة)
TT

سوزان مبارك «تريند» في أعقاب تراشق بين نجلها وباحث «تنويري»

منتدى «تكوين» ناقش أدب وفكر طه حسين (صفحة المؤسسة)
منتدى «تكوين» ناقش أدب وفكر طه حسين (صفحة المؤسسة)

تصدرت سوزان مبارك قرينة الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك التريند على منصة «إكس» في مصر، الجمعة، في أعقاب تراشق بين نجلها علاء مبارك والباحث «التنويري» والروائي يوسف زيدان على خلفية الجدل الذي شهدته القاهرة خلال الأيام الأخيرة حول مؤسسة «تكوين الفكر العربي».

وبدأ التراشق بكتابة علاء مبارك تعليقاً على صفحته بموقع «إكس» حول مؤسسة «تكوين» تساءل فيه عن أهداف هذه المؤسسة، وعدَّها تضم بعض الأشخاص من «أصحاب الأهواء الذين يشككون في السنة النبوية والعقيدة، ومنهم من يسيء للصحابة رضوان الله عليهم، ومنهم من شكك في رحلة (الإسراء والمعراج ) منكراً وجود المعراج»، محذراً من «تشكيك الناس في معتقداتهم ودينهم».

وختم تعليقه مشيراً إلى مشروب كحولي ظهر في الصورة المنشورة لبعض المشاركين في مؤسسة «تكوين» وكتب: «نسيبنا من ده كله بقى، ونسأل السؤال المهم والأهم إزازة البيرة دي اللي في الصورة بتاعت مين يا عفاريت»

ونتيجة الهجوم الذي تعرضت له المؤسسة التي أطلقت مؤتمرها التأسيسي يوم 4 مايو (أيار) في المتحف المصري الكبير بالقاهرة، في حضور محدود (بدعوات خاصة)، خصص الدكتور يوسف زيدان أحد الستة الذين يشكلون مجلس أمناء المؤسسة ساعة وربعاً تقريباً في بث مباشر على صفحته بـ«فيسبوك» لتوضيح أهداف المؤسسة، والرد على الأسئلة والاستفسارات حولها.

وخلال البث، أشار إلى ما ذكره علاء مبارك حول المشروب الكحولي قائلاً: «علاء مبارك بيسأل بتاعت مين قزازة البيرة، هاقول لك أنا يا سيدي مش بتاعت حد، واسأل الست والدتك»، ثم أكمل حديثه عن فترة عمله بمكتبة الإسكندرية، وكانت سوزان مبارك هي رئيس مجلس أمناء المكتبة، وكيف توجهت إليه السيدة سوزان مبارك بكلمات الشكر والتقدير في معرض فرنكفورت للمجهود الذي بذله في عرض الحضارة العربية والإسلامية بجناح مكتبة الإسكندرية.

ونشر علاء مبارك مقطعاً ساخراً من مسرحية قديمة على صفحته بموقع «إكس»، وعلق فوقها «لغز إزازاة (زجاجة) البيرة ... خفة دم المصريين ملهاش حل».

فعاد يوسف زيدان ورد على هذه الفيديو، وكتب على صفحته في «فيسبوك»: «الأستاذ علاء مبارك... لن أرد عليك، احتراماً لما بذلته السيدة والدتك من جهد واهتمام لإعادة مكتبة الإسكندرية إلى الوجود، وبالمناسبة، أنا الذي كتبت الكلمة التي ألقاها والدك في الافتتاح العالمي للمكتبة... فماذا فعلت أنت طيلة عمرك!».

إحدى الجلسات النقاشية في منتدى مؤسسة «تكوين» (موقع المؤسسة)

وبعد ظهور هذا الجدل انتشرت فيديوهات لسوزان مبارك في أعمال خيرية كانت تقوم بها خلال عهد الرئيس مبارك، ومن بينها ما نشره حساب باسم «محمد شبل» على صفحته بمنصة «إكس» لفيديو يضم بعض أعمال سوزان مبارك، ويصفها بأنها «تركت بصمات واضحة ستظل شاهداً لها على مر العصور من بينها مكتبة الإسكندرية وتطوير العشوائيات ومشروع (القراءة للجميع)».

وكان الرئيس الأسبق حسني مبارك (1928 – 2020) ونجلاه علاء وجمال، قد خضعوا لمحاكمات بتهم مرتبطة بالفساد عقب انتفاضة 25 يناير (كانون الثاني) 2011، وبعد انتهاء المحاكمات سجل جمال مبارك نجل الرئيس فيديو نشره على نطاق واسع يؤكد فيه تبرئة العائلة، وختم الفيديو قائلاً: «ارقد في سلام يا أبي ... لقد انتصرنا».

جانب من فعاليات إطلاق مؤسسة «تكوين الفكر العربي» (صفحة الدكتور يوسف زيدان على فيسبوك)

بينما تعرضت مؤسسة «تكوين الفكر العربي» لهجمات وانتقادات عديدة، ودشن مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي حملة تطالب بإغلاقها تصدرت التريند على «إكس» خلال يومين، وعلق الدكتور عباس شومان أمين عام هيئة كبار العلماء بالأزهر على هذه المؤسسة وكتب على صفحته بـ«فيسبوك»: «تتابع الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء حقيقة ما ينشر عن تكوين كيان للنَّيْل من ثوابت الدين وأخلاقيات وقيم الأمة، وسيتخذ ما يلزم بعد الوقوف على الحقيقة».

بينما دافع عنها يوسف زيدان، عضو مجلس الأمناء، مؤكداً أنها «مؤسسة لرفع المستوى الفكري العام في الوطن العربي»، وأنها لا علاقة لها بالدين أو المذاهب، وفق ما يروج البعض.


قلق ليبي متزايد من «التغلغل الروسي»

حفتر مستقبلاً نائب وزير الدفاع الروسي يفكوروف يناير 2024 (القيادة العامة)
حفتر مستقبلاً نائب وزير الدفاع الروسي يفكوروف يناير 2024 (القيادة العامة)
TT

قلق ليبي متزايد من «التغلغل الروسي»

حفتر مستقبلاً نائب وزير الدفاع الروسي يفكوروف يناير 2024 (القيادة العامة)
حفتر مستقبلاً نائب وزير الدفاع الروسي يفكوروف يناير 2024 (القيادة العامة)

فتح الانقسام السياسي الذي تعيشه ليبيا باباً واسعاً لتغوّل قوى دولية في الشؤون الداخلية للبلاد. وبحسب ما يعتقد سياسيون وأكاديميون، فإن روسيا تأتي في مقدمة هذه الأطراف، ويرون أنها «طوّرت من وجود قوات تابعة لها في ليبيا بتمدد نفوذها»، فيما يعرف بـ«الفيلق الأفريقي».

الحديث عن وجود قوات روسية في ليبيا ليس جديداً، لكن اتجاه موسكو لتعزيز هذا الوجود منذ أشهر قليلة، بحسب تقارير، بعد نقل قوات وعتاد عسكري إلى مناطق في شرق البلاد، زاد منسوب المخاوف والتحذيرات، ليس فقط لدى قوى محلية بل دولية أيضاً، ومن بينها أميركا وأوروبا.

حفتر في زيارة إلى موسكو سبتمبر 2023 (القيادة العامة)

وكالعادة، يتبارى الليبيون على وقع انقسام حاد في حديثهم إلى «الشرق الأوسط» بين من ينتقد ما سمّاه بـ«استغلال روسيا للأراضي الليبية بقصد تعزيز نفوذها، وتمددها إلى بعض الدولة الأفريقية»، ومَن يقلل من ذلك، رداً على تقارير تشير إلى تعاون بين موسكو والقيادة العامة لـ«الجيش الوطني»، بقيادة المشير خليفة حفتر.

والتشكيل العسكري الروسي الجديد، أو ما يعرف بـ«فيلق أفريقيا»، تم الكشف عنه مطلع عام 2024، ودلت تقارير على أنه يستهدف انطلاق موسكو إلى دول أفريقية من بوابة ليبيا، بقصد «دعم مصالح روسيا في القارة السمراء».

ويأتي الحديث عن هذا «الفيلق» في ظل رفض ليبيين وجود أي قوات دولية على أراضيهم، وهو الأمر الذي عبر عنه الكاتب والأكاديمي مصطفى الفيتوري، الذي رأى أن «الوجود الروسي في ليبيا شأنه شأن أي وجود آخر؛ ينتقص من سيادة البلاد».

ومع تحركات دولية عديدة في ليبيا، تكون ملامح هذا الفيلق قد تشكّلت قوةً وعتاداً وأرضاً؛ إذ تشير التقارير إلى أن هذه القوة الروسية ستتوزع بين خمس دول هي: «ليبيا وبوركينا فاسو ومالي وجمهورية أفريقيا الوسطى والنيجر»، في حين تتجه أنظاره راهناً إلى تشاد والسنغال. وهنا يرى الفيتوري في حديثه إلى «الشرق الأوسط» أن ما يخشاه غالبية الليبيين هو تحّول بلدهم لركيزة للتمدد الروسي إلى أفريقيا (جنوب الصحراء)، وأيضاً استمرار هذا الوجود ضمن الصراع بين الروس والغرب على مناطق النفوذ، وهذا قد يجعل الوجود الروسي طويل الأمد، بحسب تعبيره.

وكانت المخاوف الليبية قد بدأت في التصاعد نهاية أبريل (نيسان) الماضي، بعد مشاهدة عمليات إنزال أجرتها طائرات شحن وسفن، تردد أنها روسية في قاعدة «براك الشاطئ» في ليبيا، و«ميناء طبرق»، وهو الأمر الذي قوبل بنفي من موالين للقيادة العامة.

غير أن منصة «ميليتري أفريكا»، المعنية بالشؤون العسكرية في أفريقيا، تحدثت في التوقيت نفسه عن وصول معدات «الفيلق الأفريقي» إلى ليبيا عن طريق سفينتي الإنزال «ألكسندر أوتراكوفسكي» و«إيفان غرين».

وأوضحت المنصة بشأن نوعية العتاد العسكري، وقالت إنه عبارة عن مدرعات ثقيلة وخفيفة، بالإضافة إلى مدفعية مضادة للطائرات من طراز «ZU - 23 - 2»، ومركبات من طراز «كاماز».

وسبق أن نقلت صحيفة «فيدوموستي» الروسية عن مسؤولين روس قولهم إن قوام الفيلق يتكون في الأساس من مقاتلي مجموعة «فاغنر»، لكن هذه المرة سيتلقون تمويلهم وأوامرهم مباشرة من السلطات الروسية، ممثلة في وزارة الدفاع.

ومع تصاعد الأحداث، يربط الفريق الرافض لما يجري من تحركات روسية على الأرض في ليبيا، وبين العلاقات القوية الممتدة بين حفتر وروسيا، والمتمثلة في الزيارة المتبادلة بين مسؤولين من البلدين، لكن قيادياً سياسياً موالياً لـ«الجيش الوطني» يرفض هذا الربط، ويعدّه «عادياً في لغة السياسة».

من لقاء المشير حفتر ورئيسة الحكومة الإيطالية في بنغازي الثلاثاء الماضي (إ.ب.أ)

وبسؤاله عن إنزال قوات وعتاد في قواعد وموانئ يشرف عليها الجيش، نفى القيادي علمه بذلك، وقال إن الجيش «يعمل على حماية البلاد من المخططات الخارجية، ويتحمل نظير ذلك صعوبات جمة».

في المقابل، يتحدث الرافضون لما يسمونه بـ«تمدد روسيا في ليبيا» عن جولات مكوكية يجريها من وقت لآخر إلى بنغازي نائب وزير الدفاع الروسي، يونس بك يفكوروف، ولقائه حفتر ونجله اللواء خالد، ويرون أنها بدأت في أعقاب مقتل يفغيني بريغوجين، قائد مجموعة «فاغنر»، معتقدين أن فكرة الفيلق تشكلت في أولى زيارته للقيادة العامة للجيش.

وقبل زيارتها إلى ليبيا، الأسبوع الماضي، نقلت وكالة «أنسامد» الإيطالية، عن مصادر بأن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني ستطلب من المشير حفتر «تقليل وجود القوات الأجنبية، وخاصة الروسية في ليبيا».

ويأتي التحرك الإيطالي تالياً لمناقشات عديدة أجرتها قيادات أميركية مع حفتر بهذا الشأن؛ إذ سبق أن التقى الجنرال مايكل لانغلي، قائد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم)، بحضور السفير والمبعوث الأميركي الخاص ريتشارد نورلاند، وتركزت المباحثات حينها حول الوجود العسكري الروسي في ليبيا.

وهنا يشير الأكاديمي الليبي الفيتوري إلى أن الأمر سواء تعلق بروسيا أو غيرها فإن بلده «لا يزال مطمعاً للجميع، خاصة في ظل السباق المحموم المتجدد باتجاه أفريقيا... فموقع ليبيا على المتوسط وطول ساحلها، وكونها بوابة أفريقيا الشمالية يعني أنها ستظل هدفاً لكل الدول الكبرى، أو القوى الإقليمية الناشئة مثل تركيا».

وانتهى الفيتوري مبدياً أسفه لما سمّاه بـ«اعتقاد بعض الأطراف الليبية أن مصلحتها تكمن في التعاون مع الأجنبي تحت أي مسمى»، مذكراً بأن المطلب الشعبي الليبي هو خروج أي قوات عسكرية من البلاد».


«اجتياح رفح»: ما السيناريوهات المصرية للتعامل مع المخطط الإسرائيلي؟

نازحون فلسطينيون يحاولون العودة إلى شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
نازحون فلسطينيون يحاولون العودة إلى شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«اجتياح رفح»: ما السيناريوهات المصرية للتعامل مع المخطط الإسرائيلي؟

نازحون فلسطينيون يحاولون العودة إلى شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
نازحون فلسطينيون يحاولون العودة إلى شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

جددت العملية العسكرية «المحدودة» التي نفذها الجيش الإسرائيلي في رفح الفلسطينية، أخيراً، الحديث عن السيناريوهات المصرية للتعامل مع المخطط الإسرائيلي حال «اجتياح كامل لرفح»، في ظل تحذيرات مصرية متكررة بشأن «تداعيات اجتياح المدينة على الفلسطينيين»، وتأكيدات إسرائيلية بـ«استمرار العملية».

ويكرر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تأكيده أنه «لا مفر من الدخول إلى رفح لتحقيق هدف القضاء على (حماس)»، فيما لا تزال إسرائيل تصف العمليات التي تنفذها في رفح منذ الاثنين الماضي بأنها «محدودة»، وتستهدف مواقع محددة، وفق بيانات رسمية صادرة من مكتب نتنياهو.

وسيطرت دبابات إسرائيلية، الجمعة، على الطرق الرئيسية التي تفصل بين النصفين الشرقي والغربي لرفح بجنوب قطاع غزة، مما أدى فعلياً إلى تطويق كامل للجانب الشرقي للمدينة. وأفاد موقع «أكسيوس»، الجمعة، نقلاً عن مصدرين لم يحددهما، أن «التوسع في رفح لم يتجاوز الخط الأحمر الذي وضعه الرئيس الأميركي جو بايدن»، بينما قال مصدر ثالث إن «توسيع العملية يمكن عدُّه تجاوزاً للخط الذي حدده بايدن، في وقت علق فيه إرسال بعض المساعدات العسكرية الأميركية مؤقتاً».

جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينياً خلال مداهمة في قرية دير الغصون بالضفة الغربية (أ.ب)

وحذرت مصر كثيراً من مخاطر أي عملية عسكرية إسرائيلية برفح الفلسطينية جنوب قطاع غزة، لما ينطوي عليه هذا العمل التصعيدي من «مخاطر إنسانية بالغة تهدد أكثر من مليون فلسطيني موجودون في تلك المنطقة».

وكرر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تحذيره من «العواقب الإنسانية الهائلة للعمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح الفلسطينية»، مؤكداً خلال اتصال هاتفي مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، مساء الخميس، أن هذه العمليات «تمثل عائقاً خطيراً أمام انتظام عمليات دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية، وانتظام عمليات خروج الجرحى والمرضى لتلقي العلاج».

ووفق رئيس هيئة الاستطلاع الأسبق بالجيش المصري، الخبير الاستراتيجي، اللواء نصر سالم، فإن «مصر ستعمل في إطار الخيارات الدبلوماسية حال اجتياح رفح»، مشيراً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى «محدودية الخيارات المصرية في التعامل مع الموقف الإسرائيلي، خاصة في ضوء حرص القاهرة على إنفاذ المساعدات إلى قطاع غزة، ولعب دور الوسيط في المفاوضات بين الجانبين للوصول إلى هدنة في قطاع غزة».

مبنى تضرَّر خلال هجوم إسرائيلي على مخيم نور شمس قرب طولكرم يناير الماضي (أ.ف.ب)

ورأى القنصل المصري الأسبق في تل أبيب، السفير رفعت الأنصاري، أن «كافة الخيارات مفتوحة باستثناء المواجهة العسكرية»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «ما يحدث حتى الآن من إسرائيل لا يمثل أي خروقات (جوهرية) لمعاهدة (السلام) الموقعة بين البلدين»، مشيراً إلى أن «الولايات المتحدة سوف تلعب دوراً مهماً في احتواء أي تصعيد محتمل».

الأنصاري أوضح أن «الموقف الإسرائيلي يضع في اعتباره جميع التحذيرات المصرية في هذا الشأن، بما فيها ما حددته القاهرة بأن (اجتياح رفح) يهدد الأمن القومي»، لافتاً إلى أن «تنفيذ عمليات اجتياح محدودة من قبل تل أبيب في رفح الفلسطينية بمثابة استجابة إسرائيلية واضحة للمخاوف المصرية، لا سيما مع تحرك الفلسطينيين نحو خان يونس ووسط غزة وليس تجاه سيناء المصرية».

أيضاً قال الخبير المصري في الشؤون الإسرائيلية بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، إن الرفض المصري القاطع لتهجير الفلسطينيين وإخراجهم من أراضيهم «أمر لم ولن تتنازل عنه مصر»، لافتاً إلى أن «مصر قد تلجأ حال إضرار إسرائيل بالأمن القومي المصري إلى الولايات المتحدة بوصفها ضامناً لاتفاقية السلام، أو تقوم بتعليق العمل بمعاهدة (السلام) حال حدوث (اجتياح كامل لرفح)». لكن عكاشة أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «إسرائيل مهتمة بالحفاظ على اتفاقية (السلام) مع مصر، ورغم الأوضاع على الشريط الحدودي، فلا تزال تل أبيب تضع السلام مع القاهرة في أولوياتها، الأمر الذي سيدفع تل أبيب لمقاربة، حال التمسك باقتحام رفح الفلسطينية، من خلال عمليات محدودة بكل حي في المدينة بشكل منفرد، وهو ما يعني استمرار الحرب لفترة طويلة».

وكان المتحدث باسم البيت الأبيض للأمن القومي، جون كيربي، قد أكد، الخميس، أن «قيام إسرائيل بعملية كبرى في رفح لن يحقق هدف واشنطن وتل أبيب إلحاق الهزيمة بحركة (حماس)»، مشيراً إلى أن هناك طرقاً أفضل الآن لملاحقة قادة الحركة بدلاً من تنفيذ عملية «محفوفة بمخاطر كبيرة على المدنيين».

مجموعة من النازحين الفلسطينيين يحاولون العودة إلى شمال قطاع غزة (رويترز)

في السياق، أشار قنصل مصر الأسبق في تل أبيب إلى أن تكرار اللقاءات والتنسيقات الأمنية والعسكرية بين المسؤولين الإسرائيليين ونظرائهم المصريين، «يعكس الالتزام الإسرائيلي بجميع التعهدات الموقعة مع مصر»، لافتاً إلى أنه «حتى في حال سيطرة إسرائيل على (محور فيلادلفيا) بشكل كامل، فإن الوضع سيظل مستقراً».

وعلى مدار الأشهر الماضية، كان «محور فيلادلفيا» محور تصريحات إسرائيلية تستهدف السيطرة عليه، قوبلت بردود مصرية حادة «ترفض أي وجود إسرائيلي على امتداد المحور الحدودي الذي يبلغ طوله 14 كيلومتراً».

وبينما يلفت عكاشة إلى أن التحركات الإسرائيلية في رفح الفلسطينية ما دامت لم تتسبب في أضرار داخل الأراضي المصرية، فإن «القاهرة سوف تواصل العمل بالمسار الدبلوماسي». أشار سالم إلى أن التصعيد الدبلوماسي والحديث عن تعليق العمل باتفاقية «كامب ديفيد»، «أمر سيضر بالخيارات الدبلوماسية التي تقوم بها مصر لصالح الفلسطينيين، وسيكون بمثابة فرصة تستغلها إسرائيل، الأمر الذي سيكون له مردود سلبي على ما تحقق جهود من دبلوماسية في الفترة الماضية».


برلماني جزائري: حل «ملف الذاكرة» بين الجزائر وفرنسا سياسي أولاً

النائب بالمجلس الشعبي الوطني سعيد نفيسي (الشرق الأوسط)
النائب بالمجلس الشعبي الوطني سعيد نفيسي (الشرق الأوسط)
TT

برلماني جزائري: حل «ملف الذاكرة» بين الجزائر وفرنسا سياسي أولاً

النائب بالمجلس الشعبي الوطني سعيد نفيسي (الشرق الأوسط)
النائب بالمجلس الشعبي الوطني سعيد نفيسي (الشرق الأوسط)

قال برلماني جزائري إن مشكلة «الذاكرة» لا تزال تهيمن على العلاقات المتداخلة بين الجزائر وفرنسا، وعدّ أن حلها سياسي، رغم محاولة حصرها في طابع تاريخي علمي، داعيا إلى إجراءات عملية لطي صفحة الماضي التاريخي الذي أسسه الاستعمار.

وأضاف النائب بالمجلس الشعبي الوطني، سعيد نفيسي، لـ«وكالة أنباء العالم العربي» أن «العلاقات الجزائرية الفرنسية لها هذه الخصوصية المرتبطة بالتاريخ، وتشابك العلاقات بشريا واقتصاديا سياسيا وأمنيا»، ولا تزال في «حالة مد وجزر»، لا يتوقع أن تنتهي قريبا. مؤكدا أنه بالرغم من وجود إرادة معلنة بين قيادة البلدين لتذليل الصعاب، ومحاولة تجاوز بعض العقبات، تبقى مشكلة الذاكرة بالنسبة للجزائر «قضية مبدئية غير قابلة للتفاوض».

الرئيس الجزائري مستقبلاً نظيره الفرنسي بمناسبة زيارته للجزائر في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)

كان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قد أعلن تاريخ ذكرى مجازر 8 مايو (أيار) 1945 «يوما وطنيا للذاكرة» في عام 2020. وهي المجازر التي خلفت وراءها نحو 45 ألف قتيل جزائري في يوم واحد في صفوف متظاهرين بكل من سطيف وقالمة وخراطة شرقي العاصمة، حسب المصادر التاريخية الجزائرية، بينما تشير المصادر الفرنسية إلى أعداد أقل.

وفي ذلك التاريخ خرجت مظاهرات عارمة في ربوع الجزائر احتفالا بانتهاء الحرب العالمية الثانية، ورفع فيها الشعب الجزائري مطلب الاستقلال. علما أن السلطات الاستعمارية خلال الحرب العالمية الثانية وعدت بمنح الجزائر استقلالها إذا ساعد الجزائريون على تحرير فرنسا من النازية، عبر مشاركتهم في التجنيد في صفوف الجيش الفرنسي، والمشاركة في جبهة القتال. لكن السلطات الفرنسية نقضت عهدها بعد أن وضعت الحرب أوزارها، وقابلت المظاهرات الجزائرية بالقمع، حيث ارتكبت وحداتها جرائم مروعة في حق المتظاهرين.

صورة أرشيفية للكولونيل مارسيل بيجار (واقفا على اليمين) في معاقل الثورة الجزائرية (مواقع مهتمة بحرب الجزائر)

لذلك يعد تاريخ 8 مايو 1945 محطة مفصلية في تاريخ الجزائر، حيث ينسب كثير من المؤرخين لهذا التاريخ ترسخ فكرة ضرورة تفجير ثورة مسلحة ضد الاستعمار الفرنسي لنيل الاستقلال، بعدما تبين للسياسيين والناشطين الجزائريين آنذاك أن فرنسا لن تعطي للجزائريين استقلالهم دون كفاح مسلح، لتندلع بذلك ثورة التحرير بعد نحو 10 سنوات في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) سنة 1954.

الاعتراف بالتاريخ

أشار الرئيس الجزائري أكثر من مرة إلى مسألة «الذاكرة»، وتحدث عنها مجددا بمناسبة إحياء الذكرى التاسعة والسبعين لمجازر 8 مايو 1945، حين قال في خطاب للشعب: «إن ملف الذاكرة لا يتآكل بالتقادم أو التناسي بفعل مرور السنوات، ولا يقبل التنازل والمساومة، وسيبقى في صميم انشغالاتنا حتى تتحقق معالجته معالجة موضوعية، جريئة ومنصفة للحقيقة التاريخية».

وأضاف تبون قائلا: «وإنني في الوقت الذي أؤكد فيه الاستعداد للتوجه نحو المستقبل في أجواء الثقة، أعد أن المصداقية والجدية مطلب أساسي لاستكمال الإجراءات والمساعي المتعلقة بهذا الملف الدقيق والحساس، وما يمثله لدى الشعب الجزائري الفخور بنضاله الوطني الطويل، وكفاحه المسلح المرير».

الحسن زغيدي رئيس لجنة الذاكرة من الجانب الجزائري (حسابه الخاص بالإعلام الاجتماعي)

وفسر نفيسي تصريحات تبون بما يراه الطرف الجزائري من ضرورة «الاعتراف بالتاريخ، ورد المظالم وإظهار الحقيقة كما هي، فهناك استعمار ظلم الجزائر، ونكل بأبنائها، وسلب ثرواتها وعطل تنميتها، وهناك شهداء ضحايا الاستعمار الوحشي». مضيفا أن «الحقوق لا تذهب بالتقادم، والاعتراف هو أقل واجب، ومشكلة الذاكرة ستبقى محل نقاش رغم محاولة إبعادها عن طابعها السياسي إلى طابعها التاريخي العلمي، لكن نهايتها ستكون سياسية، وتوجيها سياسيا».

المؤرخ بنجامان ستورا رئيس لجنة الذاكرة عن الجانب الفرنسي (حسابه الشخصي بالإعلام الاجتماعي)

وشكل الرئيس الفرنسي لجنة يرأسها المؤرخ الفرنسي ذو الأصول اليهودية المولود بالجزائر، بن يامين ستورا، للإشراف على تقرير تاريخي حول الاستعمار والحرب التحريرية بالجزائر، سلمه في 2021 للرئيس الفرنسي، بينما كلف الرئيس تبون المؤرخ الجزائري عبد المجيد شيخي بمتابعة ملف الذاكرة، وهو الذي كان يصر على ضرورة استرجاع الأرشيف الجزائري من فرنسا لفترة الاحتلال الفرنسي للجزائر من سنة 1830 إلى 1962.

غير أن نفيسي يرى أن الإرادة السياسية لدى الطرف الفرنسي ما زالت دون المستوى المطلوب، لكنه أكد أن الإصرار على الحقوق هو «المخرج الوحيد لاسترجاعها والحصول عليها».

سجال سياسي

لا يزال ملف الذاكرة محل سجال سياسي بين الطبقة السياسية الجزائرية ونظيرتها الفرنسية، خاصة من تيار اليمين المتطرف، الذي يرفض أن تعترف فرنسا بالجرائم المرتكبة في مستعمراتها، في حين لوح سياسيون جزائريون بمبادرة لسن قانون يجرم الاستعمار، ردا على إصدار الجمعية الوطنية الفرنسية قانونا في 23 من فبراير (شباط) 2005 يمجد الاستعمار.

عبد القادر بن قرينة رئيس حركة البناء (الحزب)

كانت حركة «مجتمع السلم» قد طرحت منذ 19 عاما مقترح قانون يجرم الاستعمار الفرنسي لكنه بقي حبيس أدراج البرلمان الجزائري. وقالت الحركة في بيان: «نحن في حركة مجتمع السلم نحمل في رصيدنا النضالي والفكري ذاكرة الشعب الجزائري المتمسكة بتجريم الاستعمار، وعدم التنازل عن مطالب الاعتراف بالجرائم، والاعتذار للشعب الجزائري والتعويض للضحايا».

وأكدت الحركة أن ملف الذاكرة «لا يسقط بالتقادم ولا يقبل الابتزاز والتنازل، ولا يمكن الحديث عن تجاوز مرحلة دموية ووحشية إلى مرحلة نسيان وطمس للذاكرة، والحلم بعلاقات طبيعية ومزدهرة مع مستعمر قديم، لم يغير من ثقافته وسلوكه».

لكن السلطات الفرنسية قامت هذا العام بخطوة مهمة في مسار ملف الذاكرة، حين صادقت الجمعية الفرنسية في نهاية مارس (آذار) الماضي على قرار يدين مجزرة 17 أكتوبر (تشرين الأول) 1961 في باريس، والتي راح ضحيتها نحو 300 متظاهر جزائري، حسب تقديرات المصادر التاريخية الجزائرية، بينما تقر السلطات الفرنسية بمقتل 40 متظاهرا ألقيت جثثهم في نهر السين بباريس.

وأدرج 17 أكتوبر ضمن الأيام الوطنية الفرنسية، تخليدا لضحايا قمع الشرطة لمتظاهرين جزائريين، تحت سلطة مدير الشرطة آنذاك موريس بابون. لكن نوابا من اليمين المتطرف رفضوا ذلك القرار، بينما تزامن تصويت البرلمان الفرنسي عليه مع إعلان الرئاسة الفرنسية عن زيارة تبون إلى فرنسا.

كان الرئيس الجزائري قد تحدث منذ شهر عن زيارته المرتقبة إلى فرنسا في شهر سبتمبر (أيلول) المقبل على أنها موعد مع التاريخ، مؤكدا سعيه لإعادة تأسيس العلاقات مع الرئيس الفرنسي، لكنه شدد على عدم التنازل عن أي جزء من ملف الذاكرة.

في هذا السياق، يرى البرلماني الجزائري نفيسي أن فرنسا «تعيش مرحلة تخبط في موضوع التاريخ والهوية لأن هناك جيلا جديدا لم يعد بالمرونة والسهولة، التي كانت عليها الأجيال السابقة، حيث توجد موجة ارتباط بالهوية الأم في العالم كله». مشيرا إلى أن فرنسا فيها جالية كبيرة مسلمة عربية، فيما الجالية الجزائرية الرسمية تتجاوز مليونين ونصف المليون، لذلك بدأت فرنسا تدخل في صراعات غير معلنة مع هويات الشعوب التي تقيم على أرضها، على حد قوله.

وعدّ نفيسي أن هناك مؤشرا على إرادة فرنسا تثبيت هويتها في بعدها المسيحي على حساب الهويات الأخرى. وقال موضحا: «النيات وحدها لا تكفي في مسألة الذاكرة، فلا بد من إجراءات عملية لطي صفحة الماضي التاريخي، الذي أساسه الاستعمار والتدمير والنهب، ومعالجة المستقبل برؤية يكون فيها عدم إنكار الماضي، وفيها عقلية تشاركية، بعيدا عن الاستعلاء وتراعي مصلحة البلدين».


لماذا تستهدف اليونان استقدام العمالة المصرية في مجال الزراعة؟

وزيرة الهجرة المصرية خلال لقائها مع وزير الهجرة اليوناني في القاهرة (وزارة الهجرة المصرية)
وزيرة الهجرة المصرية خلال لقائها مع وزير الهجرة اليوناني في القاهرة (وزارة الهجرة المصرية)
TT

لماذا تستهدف اليونان استقدام العمالة المصرية في مجال الزراعة؟

وزيرة الهجرة المصرية خلال لقائها مع وزير الهجرة اليوناني في القاهرة (وزارة الهجرة المصرية)
وزيرة الهجرة المصرية خلال لقائها مع وزير الهجرة اليوناني في القاهرة (وزارة الهجرة المصرية)

أثيرت تساؤلات أخيراً بشأن هدف اليونان من استقدام عمالة مصرية للعمل في مجال الزراعة بأثينا. جاء ذلك عقب إعلان اليونان أنها «ستبدأ في استقدام عمال مصريين، هذا الصيف، للعمل في وظائف زراعية مؤقتة بموجب اتفاق بين البلدين لمواجهة نقص العمالة». وتعهد وزير الهجرة اليوناني، ديميتريوس كاريديس، بـ«سرعة إنهاء إجراءات سفر العمال المصريين مع بداية يونيو (حزيران) المقبل، والبالغ عددهم 5 آلاف عامل زراعي».

والتقى الوزير اليوناني، في القاهرة، الجمعة، نظيرته المصرية، سها جندي، وبحثا تعزيز التعاون المشترك في ملفات الهجرة والتدريب من أجل التوظيف. وأشارت الوزيرة المصرية إلى «أهمية الإسراع في تفعيل مذكرة التفاهم التي جرى توقيعها بين مصر واليونان بشأن العمالة الموسمية المصرية، تمهيداً لإرسالهم إلى اليونان للعمل في قطاع الزراعة، بالتنسيق مع جهات الدولة المعنية لتخدم أهداف التعاون بين البلدين»، وفق بيان لوزارة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج، الجمعة.

ووقَّعت مصر واليونان في عام 2022 على اتفاقية بشأن العمالة الموسمية، بما يفتح المجال أمام المصريين للعمل في اليونان بشكل قانوني، ووضع إطار تنظيمي وقانوني يسهم في تطور العلاقات المشتركة، وحل قضية «الهجرة غير المشروعة».

ولفت بيان «الهجرة المصرية» إلى تأكيد الوزيرين على «أهمية وضع استراتيجية للعمل المشترك بين البلدين سواء في مجال تحديد مسارات الهجرة النظامية، أم مواجهة (الهجرة غير المشروعة)، أم التدريب لتحقيق التنمية لدى البلدين».

وتؤكد الحكومة المصرية «استمرار جهود التوعية لمواجهة (الهجرة غير المشروعة)، وذلك بهدف توفير حياة (آمنة) للمواطنين». وكلف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في نهاية 2019 وزارة الهجرة وشؤون المصريين بالخارج بالتنسيق مع الجهات المعنية المصرية، لإطلاق مبادرة «مراكب النجاة» للتوعية بمخاطر «الهجرة غير المشروعة» على الشواطئ المصدِّرة للهجرة.

كما أكد مسؤولون مصريون في مناسبات عدة سابقة أن «بلادهم تستحق التقدير لمنعها المهاجرين غير الشرعيين من الانطلاق من سواحلها الشمالية عبر البحر المتوسط إلى أوروبا منذ عام 2016، إلى جانب مجابهة الهجرة غير النظامية بتعزيز ودعم الاستثمار في الهجرة الآمنة».

وكان وزير الهجرة اليوناني قد التقى وزير العمل المصري، حسن شحاتة، الخميس، حيث أكد كاريديس «تكثيف التعاون من أجل التصدي لموجات (الهجرة غير المشروعة) في المنطقة، وأهمية تَنوُّع العمالة المصرية خلال الفترة المقبلة، خصوصاً في مجالي التشييد والبناء، والسياحة... وغيرها». كما تعهد بدراسة مّد فترة العمل الموسمي من 9 أشهر إلى 24 شهراً، نظراً لأهمية ومهارة العامل المصري في سوق العمل اليونانية.

ووفق مراقبين تواجه اليونان «صعوبات في العثور على عشرات الآلاف من العمال لشغل وظائف في قطاعات الزراعة والسياحة والإنشاءات... وغيرها».

بنايات على نيل القاهرة (الشرق الأوسط)

ويفسر أستاذ الاقتصاد الزراعي بمركز «البحوث الزراعية» في مصر، الدكتور أشرف كمال، أسباب استهداف اليونان استقدام العمالة المصرية في مجال الزراعة، قائلاً إن «العامل الزراعي المصري لديه خبرة متراكمة عبر السنين، جعلته من أكثر العمالة المطلوبة خارجياً»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «سفر 5 آلاف عامل زراعي مصري إلى الأراضي اليونانية يصب في مصلحة القوى العاملة في مصر، والاستفادة من فائض العمالة في ظل الزيادة السكانية، وهذا بدوره يحد من مشكلة البطالة بشكل عام».

أيضاً نقل بيان «الهجرة المصرية»، الجمعة، عن الوزير اليوناني تأكيده على احتياج بلاده لمصر «لتستمر شابة، وتتخطى مسألة ارتفاع سن المجتمع، ونقص الأيدي العاملة اللازمة في عدد من المجالات».

ووفق الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، منتصف فبراير (شباط) الماضي، فإن «معدل البطالة بالبلاد بلغ 6.9 في المائة، في الربع الرابع من 2023». وأشار الجهاز إلى أن «نشاط الزراعة وصيد الأسماك حقق أكبر نسبة مشاركة للمشتغلين في الأنشطة الاقتصادية بعدد مشتغلين بلغ 5.322 مليون مشتغل، بنسبة 18.4 في المائة من إجمالي المشتغلين في مصر، محتلاً المركز الأول ضمن الأنشطة الاقتصادية».

ويلفت أستاذ الاقتصاد الزراعي إلى أن سفر العمالة المصرية إلى الخارج هو «أمر في صالح الاقتصاد»، حيث يُسهم ذلك «في زيادة نسبة تحويلات المصريين من العملة الأجنبية، ما يشجع على تشغيل عدد أكبر من العمال الزراعيين في الخارج مستقبلاً».

وسجلت تحويلات المصريين العاملين بالخارج انخفاضاً قدره نحو 10 مليارات دولار خلال العام الماضي، لتسجل 22 مليار دولار في 2023، مقابل أعلى مستوى سجلته خلال 2022، وبلغ حينها 31.6 مليار دولار، وفق تأكيدات حكومية.

وفي مارس (آذار) الماضي، رفع بنك «غولدمان ساكس» الأميركي توقعاته حول زيادة تحويلات المصريين العاملين بالخارج لتصل إلى «نحو 28.513 مليار دولار في 2024»، (الدولار الأميركي يساوي 47.40 جنيه مصري).


«النواب» الليبي يطالب بإنهاء «فوضى السلاح المنتشر»

جلسة سابقة لمجلس النواب الليبي (مجلس النواب)
جلسة سابقة لمجلس النواب الليبي (مجلس النواب)
TT

«النواب» الليبي يطالب بإنهاء «فوضى السلاح المنتشر»

جلسة سابقة لمجلس النواب الليبي (مجلس النواب)
جلسة سابقة لمجلس النواب الليبي (مجلس النواب)

طالب مجلس النواب الليبي بإنهاء فوضى السلاح المنتشر في جميع أنحاء البلاد؛ وذلك على خلفية الاشتباكات التي شهدتها مدينة الجميل، الواقعة غربي العاصمة طرابلس خلال اليومين الماضيين.

ودخل مجلس النواب الليبي على خط الأحداث المروعة التي شهدتها مدينة الجميل، الواقعة تحت سيطرة حكومة «الوحدة» بغرب العاصمة طرابلس، وطالب بـ«إخلائها فوراً من التشكيلات المسلحة كافة من دون استثناء»، مشيراً إلى أنه تابع «المظاهرات السلمية الحاشدة لأهالي الجميل، التي طالبت بخروج جميع التشكيلات المسلحة من المدينة، وبقاء الشرطة والجيش النظامي فقط فيها».

وفي حين دعا المجلس حكومة أسامة حماد، المكلفة منه، بالتواصل مع أهالي الجميل لتقديم الدعم والمساعدة لهم، شدد على ضرورة «إنهاء تواجد السلاح خارج إطار الدولة في جميع المدن الليبية»، مبرزاً أن ما شهدته الجميل من أحداث مؤسفة «نتج منها اعتداءات على المواطنين ومؤسسات الدولة، وحرق أملاكهم وترهيبهم».

وكانت الأوضاع الأمنية قد تصاعدت في مدينة الجميل القريبة من الزاوية (غرب)، بعد اشتباكات مروعة بين مجموعات مسلحة قادمة من خارج المدينة؛ ما خلّف قتيلاً وتسعة جرحى على الأقل بأعيرة نارية، بحسب مصادر محلية، بالإضافة إلى إضرام النيران في الممتلكات، والعديد من سيارات المواطنين.

الدبيبة مستقبلاً سفير كوريا الجنوبية لدى ليبيا جامغ جيهاك (مكتب الدبيبة)

في غضون ذلك، قالت حكومة «الوحدة» الوطنية، إن رئيسها عبد الحميد الدبيبة، التقى سفيري إيران وكوريا الجنوبية لدى ليبيا، عين الله سوري وجامغ جيهاك، وناقش معهما في لقاءين منفصلين سبل التعاون مع بلديهما.

وقال مكتب الدبيبة، مساء الخميس، إن السفير الإيراني أعرب عن رغبة بلاده في عقد الدورة الـ13 للجنة العليا الإيرانية - الليبية بالعاصمة طهران، وتنظيم معرض وملتقى اقتصادي للصناعات الإيرانية في ليبيا، والتعاون بين البلدين في مجال الطب النووي، وعدد من المجالات الطبية الأخرى، مشيراً إلى أن الدبيبة «أبدى استعداده للتعاون مع إيران في المجالات المختلفة، والتنسيق لعقد اللجنة العليا بين البلدين».

الدبيبة مستقبلاً سفير إيران لدى ليبيا عين الله سوري (مكتب الدبيبة)

كما تحدث مكتب الدبيبة عن لقائه في طرابلس بسفير كوريا الجنوبية ومساعده والمستشار الاقتصادي، وقال إنه ناقش معه «عودة الشركات الكورية لاستكمال مشروعاتها، وتنفيذ مشروعات جديدة ضمن خطة التنمية في المدن والمناطق الليبية كافة».

ونقل مكتب الدبيبة إشادته بعودة شركة «هونداي» الكورية للبلاد، واستئناف أعمالها بمشروع تنفيذ محطة غرب طرابلس، بقدرة إنتاجية تبلغ (1400) ميغاواط والمعطّل منذ 10 سنوات، معتبراً ذلك «مؤشراً إيجابياً لعودة الشركات الكبيرة للعمل في ليبيا، والمساهمة في رفع وتيرة التنمية؛ وهذا ما تحتاج إليه ليبيا في الوقت الحاضر».

كما وجّه الدبيبة بضرورة معالجة الصعوبات، التي تواجه الشركات الكورية في القطاعات كافة، وعقد ملتقى اقتصادي وصناعي للشركات الكورية في ليبيا من أجل خلق شراكات بين القطاع الخاص بالبلدين.

الحداد في زيارته إلى الكلية الجوية (رئاسة أركان الدبيبة)

في شأن مختلف، قالت رئاسة الأركان العامة بحكومة «الوحدة» إن رئيس الأركان، الفريق أول محمد الحداد، زار الكلية الجوية في مصراتة، وناقش خلال اجتماعه بقيادات الكلية سير العميلة التدريبية والتعليمية، وأوصى بضرورة العمل على «تطويرها وحلحلة ما يواجهه المتدربون من صعوبات».

وبخصوص ترشيد الإنفاق في ليبيا، والاتهامات التي تواجهها جهات عدة بالتوسع في ذلك، قال المجلس الأعلى للدولة إن رئيسه، محمد تكالة، بحث هذا الأمر مع رئيس هيئة الرقابة الإدارية عبد الله قادربوه.

واكتفى المجلس في بيان مقتضب، مساء الخميس، بالقول إن الطرفين ناقشا «ما ينبغي اتخاذه من ترتيبات مالية، تساهم في استقرار الوضع الاقتصادي، من خلال ترشيد الإنفاق وفق التشريعات النافذة».

في شأن مختلف، قالت المؤسسة الليبية للاستثمار، إنه وفقاً للقانون المدني، فإن «تعيين الحارس القضائي على أموالها يكون إما باتفاق الخصوم، أو بحكم قضائي». ورأت أن «الأمر الولائي الصادر عن رئيس محكمة أجدابيا الابتدائية بتعيين لجنة حراسة قضائية على المؤسسة «ليس حكماً قضائياً صادراً في دعوى قضائية، وإنما أمر ولائي صدر على عريضة دون تمثيل أو حضور الخصوم».

وتحدثت المؤسسة عما أسمته «قواعد الاختصاص المكاني» بشأن المحكمة المختصة بنظر الدعاوى القضائية، وإصدار الأوامر الولائية المتعلقة بالمؤسسة كمدعٍ عليها، وقالت إن «الأمر من اختصاص محكمة شمال طرابلس الابتدائية؛ وذلك عملاً بنص المادتين (56) (63) من قانون المرافعات الليبي، ومحكمة أجدابيا الابتدائية لا تختص بإصدار هذا الأمر».

وفي منتصف أبريل (نيسان) الماضي، قالت الحكومة المكلفة من مجلس النواب إن محكمة أجدابيا الابتدائية عيّنت لجنة حراسة قضائية على أموال وأصول وإيرادات المؤسسة الليبية للاستثمار؛ بناءً على طلب من رئيس الحكومة. ونشرت صورة ضوئية للأمر الولائي الصادر من المحكمة بهذا الخصوص.

سلطات طرابلس تضبط 10 مهاجرين غير نظاميين قبل تسللهم إلى تونس (الإدارة العامة للعمليات الأمنية)

في شأن غير ذي صلة، ضبطت السلطات الأمنية غرب ليبيا 10 مهاجرين غير نظاميين خلال محاولتهم التسلل إلى تونس.

وقالت إدارة إنفاذ القانون بالإدارة العامة للعمليات الأمنية إنه في إطار المهام المكلفة بها في تأمين منفذ «رأس جدير» الحدودي، تمكّنت دوريات، الجمعة، من ضبط 8 أشخاص من جنسيات أفريقية وطفلين حاولوا التسلل من خلف المنفذ للدخول للأراضي التونسية بطريقة غير مشروعة.


حزب جزائري يطالب بمقاضاة فرنسا لـ«ارتكابها حرب إبادة»

الرئيسان الجزائري والفرنسي في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
الرئيسان الجزائري والفرنسي في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
TT

حزب جزائري يطالب بمقاضاة فرنسا لـ«ارتكابها حرب إبادة»

الرئيسان الجزائري والفرنسي في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
الرئيسان الجزائري والفرنسي في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)

بينما أطلقت برلمانيات فرنسيات مساعي لدفع الدولة الفرنسية للاعتراف رسمياً بمسؤوليتها عن مذابح مروعة ارتكبها الاستعمار في الجزائر عام 1945، خلال أحداث صاحبت الاحتفال باستسلام النازية، طالبت «حركة البناء الوطني» الجزائرية، المشاركة في الحكومة، بملاحقة فرنسا قضائياً بتهمة «ارتكاب حرب إبادة».

عبد القادر بن قرينة رئيس حركة «البناء» (الحزب)

وطالب عبد القادر بن قرينة، رئيس «حركة البناء الوطني»، في بيانٍ الجمعة، بـ«متابعة وملاحقة المُـحتل الفرنسي على ما اقترفه من جرائم إبادة ضد الشعب الجزائري»، مؤكداً أن حزبه المؤيد لسياسات الرئيس تبون، «يعد ما حدث في 8 مايو (أيار) عام 1945 جريمة حرب إبادة مكتملة الأركان، تضاف إلى التاريخ الأسود الطويل للاستعمار، الذي لن تسقط جرائمه بالتقادم».

ودعا بن قرينة، وهو وزير سابق، إلى الوقوف في جبهة واحدة، ضد من يحاولون المساس بسيادة البلد والتحرش باستقلاله»، من دون توضيح من يقصد.

فتيحة حاشي نائبة اليسار الفرنسي من أصول جزائرية (حسابها بالإعلام الاجتماعي)

في سياق ذي صلة، أعلنت البرلمانيات المنتميات لليسار الفرنسي: صبرينة صبايحي، وفتيحة حاشي (من أصول جزائرية) وإيلزا فوسيون ودانيال سيموني، في بيان مكتوب نقلته وسائل إعلام فرنسية، الخميس، عن تأسيس «فوج» عمل لإعداد مقترح قانون يتضمن اعتراف الدولة الفرنسية بمسؤوليتها عن قمع «مظاهرات الثامن من مايو 1945»، التي جرت في ثلاث مدن بشرق الجزائر، وذلك بمناسبة احتفال أوروبا، وفرنسا بالتحديد، بالانتصار على النازية في الحرب العالمية الثانية.

صبرينة صبايحي نائب «الخضر» الفرنسية من أصول جزائرية (حسابها بالإعلام الاجتماعي)

كما يتضمن المسعى اعترافاً رسمياً بقتل آلاف المتظاهرين بعد اعتقالهم وتعذيبهم، وفق ما جاء في تصريح البرلمانيات، اللاتي أكدن أن مقترح القانون سيتم إيداعه بمكتب «الجمعية الفرنسية» (غرفة التشريع) مطلع عام 2025.

والمعروف أن البرلمانية صبايحي، النائبة عن حزب «الخضر»، كانت قد نجحت في إقناع البرلمان بالمصادقة على لائحة في مارس (آذار) الماضي، تدين قتل عشرات المهاجرين الجزائيين في باريس في 17 من أكتوبر (تشرين الأول) 1961، عندما خرجوا إلى شوارعها في مظاهرة سلمية ضد قانون عدّوه عنصرياً، يفرض منع التجوال. وكانت ثورة التحرير الجزائرية (1954 - 1962) يومها في منعطفها الأخير.

النائبة الفرنسية إلزا فوسيون (حسابها بالإعلام الاجتماعي)

وطالبت البرلمانيات بتمكين الباحثين في التاريخ من الوصول إلى الأرشيف الخاص بهذه المذابح، وإدراجها في مقررات التعليم الفرنسي؛ «بهدف تسهيل تناقل هذه الأحداث التاريخية احتراماً لواجب الذاكرة». كما أكدت البرلمانيات أن «الـثامن من مايو 1945 شهد احتفال الشعب الفرنسي بالهدنة واستعادة السلام، والانتصار على النازية، بينما كانت اندلعت في الوقت نفسه أعمال قمع دموية ضد مظاهرات قومية مطالبة بالاستقلال، ومعادية للاستعمار في سطيف وقالمة وخراطة بالجزائر».

وتضمنت وثيقة البرلمانيات تصريحاً للسفير الفرنسي في الجزائر سابقاً، هوبر كولين دوفارديار، يعود إلى عام 2005، وصف فيه المجازر بـ«مأساة لا تقبل الاعتذار». وقالت البرلمانيات إن «الوقت حان للذهاب أبعد من هذا»، في إشارة إلى أن ما وقع في تلك الأحداث يستحق موقفاً رسمياً أقوى من الإدانة.

البرلمانية الفرنسية دانيال سموني (حسابها بالإعلام الاجتماعي)

وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قد أكد في خطاب بمناسبة مرور 79 سنة على الأحداث أن «ملف الذاكرة لا يتآكل بالتقادم أو التناسي بفعل مرور السنوات، ولا يقبل التنازل والمساومة، وسيبقى في صميم انشغالاتنا حتى تتحقق معالجته معالجة موضوعية، جريئة ومنصفة للحقيقة التاريخية». في إشارة، ضمناً، إلى أن بلاده تتمسك بمطلبها اعتراف فرنسا بـ«ارتكاب جريمة ضد الإنسانية» خلال احتلالها الجزائر (1830 – 1962)، وتقديم الاعتذار عنها رسمياً.

يشار إلى أن البلدين يسعيان منذ قرابة عامين إلى تسوية «قضية الذاكرة وآلام الاستعمار»، في إطار «لجنتين» يقودهما باحثون في التاريخ.