نظم الذكاء الصناعي تخترق ميدان طب القلب

تعزز وسائل التشخيص الدقيق

نظم الذكاء الصناعي تخترق ميدان طب القلب
TT

نظم الذكاء الصناعي تخترق ميدان طب القلب

نظم الذكاء الصناعي تخترق ميدان طب القلب

هل يمكن لوسائل التعلّم الآلي تحسين تشخيص وعلاج أمراض القلب؟ من المبكر معرفة ذلك بصورة مؤكدة، لكن هناك كثيراً من الأدوات الواعدة، قيد العمل والإعداد.

تصوير «ذكي»
إذا كان لديك هاتف ذكي، فإن الصور التي تلتقطها به يتم تعزيزها آلياً بواسطة برنامج جرى «تعليمه» ليجعل صورتك تظهر أكثر وضوحاً وإشراقاً عبر تحليل آلاف وآلاف من الصور المماثلة.
وهذا النوع من التعلم الآلي - وهو جانب رئيسي من الذكاء الصناعي - يشبه ما يحدث في مجالات رعاية القلب والأوعية الدموية. لكن بدلاً من دراسة الصور، تعمل البرامج على تحليل الصور المستمدة من الأشعة المقطعية للصدر، وصور الموجات فوق الصوتية للقلب (مخطط صدى القلب)، ومتابعة النشاط الكهربائي للقلب (مخطط كهربائية القلب).
يقول الدكتور مايكل لو، مدير الذكاء الصناعي في مركز بحوث التصوير القلبي الوعائي في مستشفى ماساتشوستس العام، التابع لجامعة هارفارد: «لدينا الآن أدوات يمكنها استيعاب كميات هائلة من مختلف أنواع البيانات، بما في ذلك الأرقام والصور، حتى الأصوات». ويمكن لنماذج التعلم الآلي التي يتم إنشاؤها بواسطة هذه البيانات تحديد الأنماط التي قد تساعد الأطباء في اتخاذ قرارات أكثر دقة بشأن تشخيص أمراض القلب وعلاجها.

الذكاء الصناعي
> التعلّم الآلي. يشير الذكاء الصناعي إلى النظم والحواسيب القادرة على محاكاة الفكر البشري لحل المشكلات. والتعلم الآلي هو نوع من الذكاء الصناعي حيث تتعلم الخوارزميات (وهي برمجيات ذات نهج محدد) من كميات كبيرة من البيانات. ومن خلال التعرف على الأنماط، تصبح الآلة أكثر دقة مع مرور الوقت.
التعلم العميق هو نوع من التعلم الآلي باستخدام كثير من الشبكات العصبية متعددة الطبقات، التي يجري تصميمها وفقاً لبنية ووظيفة الدماغ. كما يعتمد كثير من أدوات الذكاء الصناعي الحديثة على التعلم العميق. في التطبيقات الطبية، ليس المقصود من الذكاء الصناعي أن يحل محل دور الأطباء وقدرتهم على التشخيص الإكلينيكي، وإنما مساعدتهم على تحديد الحالات المثيرة للقلق، التي يصعب في الغالب اكتشافها قبل ظهور الأعراض.
> التشخيص والتنبؤ. أحد الأمثلة على ذلك هو نظام التعلم الآلي المتطور القادر على التنبؤ بمخاطر القلب والأوعية الدموية من خلال إجراء التصوير بالأشعة المقطعية العادية على الصدر. ذكر الدكتور لو وزملاؤه من برنامج «هارفارد للذكاء الصناعي الطبي» هذا النظام في دراسة نُشرت العام الماضي في دورية «نيتشر كوميونيكاشنز». وجرى تدريب النظام (الذي يستخدم الأشعة في قياس تراكم الكالسيوم الخطر في شرايين القلب) باستخدام بيانات من «دراسة فرامنغهام للقلب» التي أُجريت منذ فترة طويلة، ثم جرى التحقق من صحتها على أكثر من 20 ألف شخص من 3 تجارب إكلينيكية أخرى.
يقول الدكتور لو: «إذا أجريت تصوير الأشعة المقطعية لتشخيص السعال، فإن الصورة تحتوي على معلومات أخرى يمكن أن تكون مفيدة حول مخاطر الإصابة بأمراض القلب أو السرطان في المستقبل». وفي المستقبل، من الممكن أن تكون هناك أداة للتعلم الآلي في الخلفية تنبه طبيبك، على سبيل المثال، إلى وجوب تناول أدوية الستاتين (أدوية مخفضة للكوليسترول) للحد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب.

نظم طب القلب
من التوقعات الحالية والمستقبلية توظيف الذكاء الصناعي في مجالات القلب والأوعية الدموية، إذ يستخدم الباحثون الذكاء الصناعي للتنبؤ بمشكلات القلب بعدد من الطرق الجديدة. منها ما يلي...
> مرض الشريان التاجي الحاد Severe coronary artery disease. ابتكر فريق يقوده باحثون من جامعة أكسفورد أداة للذكاء الصناعي يمكنها الكشف عن مرض خطير في الشريان التاجي عبر تخطيط صدى القلب بالمجهود stress echocardiography (الاختبار الشائع وغير المؤذي) بمزيد من الدقة والموثوقية.
> البطين الأيسر الضعيف Weakened left ventricle. باستخدام وظيفة المخطط الكهربائي للقلب الأحادي single - lead electrocardiogram function على ساعة «أبل» الحديثة، ابتكر الباحثون في «مايو كلينيك» أداة قائمة على الذكاء الصناعي يمكنها اكتشاف مضخة القلب الضعيفة، الحالة المعروفة باسم «اختلال البطين الأيسر» left ventricular dysfunction.
> اضطراب أو اختلال النَظْم القَلْبِي (إيقاعات القلب المتعددة) Multiple heart rhythm disorders. طوّر الباحثون في جامعة «ييل» نموذجاً للذكاء الصناعي من شأنه تمكين الأطباء من تشخيص الرجفان الأذيني atrial fibrillation، و«إحصار فرع الحزمة الأيمن والأيسر» left and right bundle branch block، وغير ذلك من اضطراب النَظْم القَلْبِي والتوصيل باستخدام المخططات الكهربائية للقلب بأشكال وتنسيقات وتخطيطات مختلفة، بما في ذلك التي جُمعت من مراكز الرعاية الصحية عن بُعد.
> الداء القلبي الصمامي Heart valve disease. أنشأت إحدى الشركات من كاليفورنيا منصات تعمل بالذكاء الصناعي تُحسن (عند استخدامها مع سماعة الطبيب الرقمية للشركة) من اكتشاف «لَغَط القَلْب» heart murmurs أو «النَفْخة القَلْبِية»، التي قد تشير إلى الداء القلبي الصمامي أو الخلل القلبي البنيوي.
> اضطراب النَظْم (الإيقاع) القلبي الخطير Dangerous heart rhythms. عبر الجمع بين الصور التي تُظهر ندوباً في قلب المريض، إلى جانب خصائص أخرى، مثل العمر والوزن، أنشأ العلماء في جامعة «جونز هوبكنز» شبكة عصبية قد تتوقع ما إذا كان الشخص قد يُتوفى نتيجة السكتة القلبية، ومتى قد يحدث ذلك.
وبالطبع يجب موافقة إدارة الأغذية والأدوية على هذه الأدوات والتأكد من عملها على تحسين النتائج ذات الصلة بالقلب بما يتجاوز ما يقوم به الأطباء في المعتاد. ولن نعرف الإجابة إلى حين اختبار الأدوات في التجارب الإكلينيكية، كما يقول الدكتور لو. بالإضافة إلى ذلك، فإن مثل هذه الأداة، شأنها شأن أي تقنية جديدة، لا بد من حصولها على موافقة إدارة الأغذية والأدوية الأميركية قبل استخدامها في الممارسات الطبية الروتينية. ويقول الدكتور لو: «إنها عملية مُعقدة ومُكلفة وتستلزم مشاركة الموارد من الشركات أو المستشفيات في غالب الأمر».
* رسالة هارفارد للقلب، خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

الكونغرس الأميركي يُحقّق في «أخلاقيات» المحكمة العليا

الولايات المتحدة​ الكونغرس الأميركي يُحقّق في «أخلاقيات» المحكمة العليا

الكونغرس الأميركي يُحقّق في «أخلاقيات» المحكمة العليا

تواجه المحكمة العليا للولايات المتحدة، التي كانت تعدّ واحدة من أكثر المؤسّسات احتراماً في البلاد، جدلاً كبيراً يرتبط بشكل خاص بأخلاقيات قضاتها التي سينظر فيها مجلس الشيوخ اليوم الثلاثاء. وتدور جلسة الاستماع، في الوقت الذي وصلت فيه شعبية المحكمة العليا، ذات الغالبية المحافظة، إلى أدنى مستوياتها، إذ يرى 58 في المائة من الأميركيين أنّها تؤدي وظيفتها بشكل سيئ. ونظّمت اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ، التي يسيطر عليها الديمقراطيون، جلسة الاستماع هذه، بعد جدل طال قاضيين محافظَين، قبِل أحدهما وهو كلارنس توماس هبة من رجل أعمال. ورفض رئيس المحكمة العليا جون روبرتس، المحافظ أيضاً، الإدلاء بشهادته أمام الك

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الجمود السياسي بين البيت الأبيض والكونغرس يثير ذعر الأسواق المالية

الجمود السياسي بين البيت الأبيض والكونغرس يثير ذعر الأسواق المالية

أعلن رئيس مجلس النواب الأميركي كيفين مكارثي قبول دعوة الرئيس جو بايدن للاجتماع (الثلاثاء) المقبل، لمناقشة سقف الدين الأميركي قبل وقوع كارثة اقتصادية وعجز الحكومة الأميركية عن سداد ديونها بحلول بداية يونيو (حزيران) المقبل. وسيكون اللقاء بين بايدن ومكارثي في التاسع من مايو (أيار) الجاري هو الأول منذ اجتماع فبراير (شباط) الماضي الذي بحث فيه الرجلان سقف الدين دون التوصل إلى توافق. ودعا بايدن إلى لقاء الأسبوع المقبل مع كل من زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر (ديمقراطي من نيويورك)، وزعيم الأقلية في مجلس النواب ميتش ماكونيل (جمهوري من كنتاكي)، وزعيم الأقلية في مجلس النواب حكيم جيفريز (ديمقراطي م

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ شاهد.... مراهق أميركي ينقذ حافلة مدرسية بعد فقدان سائقها الوعي

شاهد.... مراهق أميركي ينقذ حافلة مدرسية بعد فقدان سائقها الوعي

تمكّن تلميذ أميركي يبلغ 13 سنة من إيقاف حافلة مدرسية تقل عشرات التلاميذ بعدما فقد سائقها وعيه. وحصلت الواقعة الأربعاء في ولاية ميشيغان الشمالية، عندما نهض مراهق يدعى ديلون ريفز من مقعده وسيطر على مقود الحافلة بعدما لاحظ أنّ السائق قد أغمي عليه. وتمكّن التلميذ من إيقاف السيارة في منتصف الطريق باستخدامه فرامل اليد، على ما أفاد المسؤول عن المدارس الرسمية في المنطقة روبرت ليفرنوا. وكانت الحافلة تقل نحو 70 تلميذاً من مدرسة «لويس أي كارتر ميدل سكول» في بلدة وارين عندما فقد السائق وعيه، على ما ظهر في مقطع فيديو نشرته السلطات.

يوميات الشرق أول علاج بنبضات الكهرباء لمرضى السكري

أول علاج بنبضات الكهرباء لمرضى السكري

كشفت دراسة أجريت على البشر، ستعرض خلال أسبوع أمراض الجهاز الهضمي بأميركا، خلال الفترة من 6 إلى 9 مايو (أيار) المقبل، عن إمكانية السيطرة على مرض السكري من النوع الثاني، من خلال علاج يعتمد على النبضات الكهربائية سيعلن عنه للمرة الأولى. وتستخدم هذه الطريقة العلاجية، التي نفذها المركز الطبي بجامعة أمستردام بهولندا، المنظار لإرسال نبضات كهربائية مضبوطة، بهدف إحداث تغييرات في بطانة الجزء الأول من الأمعاء الدقيقة لمرضى السكري من النوع الثاني، وهو ما يساعد على التوقف عن تناول الإنسولين، والاستمرار في التحكم بنسبة السكر في الدم. وتقول سيلين بوش، الباحثة الرئيسية بالدراسة، في تقرير نشره الجمعة الموقع ال

حازم بدر (القاهرة)
آسيا شويغو: روسيا تعزز قواعدها في آسيا الوسطى لمواجهة أميركا

شويغو: روسيا تعزز قواعدها في آسيا الوسطى لمواجهة أميركا

نقلت وكالة الإعلام الروسية الحكومية عن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو قوله، اليوم (الجمعة)، إن موسكو تعزز الجاهزية القتالية في قواعدها العسكرية بآسيا الوسطى لمواجهة ما قال إنها جهود أميركية لتعزيز حضورها في المنطقة. وحسب وكالة «رويترز» للأنباء، تملك موسكو قواعد عسكرية في قرغيزستان وطاجيكستان، لكن الوكالة نقلت عن شويغو قوله إن الولايات المتحدة وحلفاءها يحاولون إرساء بنية تحتية عسكرية في أنحاء المنطقة، وذلك خلال حديثه في اجتماع لوزراء دفاع «منظمة شنغهاي للتعاون» المقام في الهند. وقال شويغو: «تحاول الولايات المتحدة وحلفاؤها، بذريعة المساعدة في مكافحة الإرهاب، استعادة حضورها العسكري في آسيا الوسطى

«الشرق الأوسط» (موسكو)

ترمب وماسك: منافسة على السلطة أم شراكة؟

TT

ترمب وماسك: منافسة على السلطة أم شراكة؟

ترمب وماسك يشاهدان مباراة مصارعة في نيويورك يوم 26 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
ترمب وماسك يشاهدان مباراة مصارعة في نيويورك يوم 26 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

أيام عصيبة عاشتها واشنطن في الأسبوعين الأخيرين من العام الحالي، فالصراع المعتاد على إقرار تمويل المرافق الحكومية تأجج وتشعّب مع تدخل الرئيس المنتخب، دونالد ترمب، وحليفه إيلون ماسك، في متاهات المفاوضات والصفقات، مما أدى إلى إفشال الاتفاق الأولي الذي توصل إليه الحزبان الجمهوري والديمقراطي بعد مسار المفاوضات الشاقة، ودفع بالمشرعين إلى الهلع والتخبط، قبل التوصل إلى اتفاق آخر نجح في اجتياز عقبات التصويت قبل ساعات قليلة من موعد الإغلاق الحكومي.

ورغم نجاة الجمهوريين من نيران رئيسهم الصديقة قبل تسلمه الحكم، فإن هذه الحادثة تظهر تحديات المرحلة المقبلة مع تَسَنُّم ترمب الرئاسة، وما ستحمله معها من صعوبات ومفاجآت ستزعزع الأسس والأعراف التي اعتادتها أروقة الكونغرس ودهاليز البيت الأبيض.

رجل المفاجآت

ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)

أثبت ترمب، الذي عاش معه المشرعون 4 أعوام طويلة من المفاجآت في ولايته الأولى، مجدداً أنه رجل لا يمكن التنبؤ بأفعاله وتصريحاته التي تسقط مشروعات أو تبثّ الحياة فيها، ليأتي صديقه ماسك ويصبّ الزيت على نار هذه المفاجآت ويضيف لفحة من عدم اليقين الذي تحمله الأعوام الأربعة المقبلة من حكم ترمب، وربما ماسك. فمالك شركتَي «تسلا» و«إكس»، الذي سلّمه ترمب دفة إدارة الكفاءة الحكومية التي تهدف إلى مكافحة البيروقراطية الفيدرالية، رأى في الاتفاق المؤقت لتمويل المرافق الفيدرالية فرصته الأولى للتصدي للبيروقراطية المستشرية في الحكومة الأميركية. فهذا المشروع مشبع كالعادة بصفقات وتسويات بين الحزبين لا علاقة لها بتمويل المرافق الفيدرالية، مثل بند يعطي المشرعين زيادة في مرتباتهم. لكن هذا ليس مفاجئاً مطلقاً، فقد اعتادت واشنطن العمل بهذا الأسلوب الضروري في بعض الأحيان لضمان إقرار مشروعات من هذا النوع. وغالباً ما ينتظر المشرعون مشروعات التمويل الحكومي لإقحام بعض البنود من أجنداتهم، وإقرارها في هذه المشروعات الضخمة التي تضيع فيها هذه التفاصيل.

وفي حين يقول كثيرون إن هذه هي البيروقراطية بعينها، فإن صناع القرار، مثل رئيس مجلس النواب مايك جونسون، يهبّون للدفاع عن المسار التشريعي ولـ«تفسيره» لأشخاص خارج المنظومة التقليدية، مثل إيلون ماسك. وهذا ما حدث في اتصال هاتفي جمع الرجلين بعد إفشال المشروع الأول، حيث «فسّر» جونسون لماسك طبيعة عمل الكونغرس والتشريعات؛ على حد قوله.

«الرئيس ماسك»

ماسك خلال حدث انتخابي لترمب في بنسلفانيا يوم 5 أكتوبر 2024 (أ.ب)

غرّد ماسك أكثر من 100مرة لإفشال الصفقة الأولى من التمويل، ونجح في ذلك، مسلّطاً الضوء على نفوذه المتصاعد. واستغل الديمقراطيون تدخله في الشأن التشريعي لوصفه بـ«الرئيس ماسك» أو «رئيس الظل»، وزرع بذور الشك في نفس ترمب الذي يراهن كثيرون على استيائه من هذا التوصيف الذي من شأنه أن يسرق الأضواء منه. وهذا ما تحدّث عنه نجل ترمب؛ دونالد جونيور، قائلاً: «أترون ما يحاول الإعلام فعله لإيذاء العلاقة بين والدي وإيلون؟ إنهم يسعون لخلق شرخ لمنعهما من تنفيذ المهمة، ولا يمكننا السماح بذلك».

تصريح أعاد ماسك التأكيد عليه، فغرّد بنفسه قائلاً: «دُمى السياسة والإعلام التقليدي تلقوا تعليماتهم الجديدة، ويسعون إلى خلق شرخ بيني وبين ترمب. وسيفشلون». فماسك يعلم جيداً أن استراتيجية الديمقراطيين قد تؤتي ثمارها، وتهدد العلاقة التي عمل جاهداً على تعزيزها عبر التبرع بأكثر من 250 مليون دولار لحملة ترمب الرئاسية. ولهذا، يسعى جاهداً، وبكل حذر، لتجنب حقل الألغام الذي يواجهه كل من يعمل في دائرة ترمب المقربة.

وهذا ما تحدث عنه حاكم ولاية نيوجيرسي السابق، كريس كريستي، الذي كان مقرباً من ترمب قبل أن يصبح من أشد المنتقدين له. وتوقع كريستي أن «تنتهي العلاقة عندما يرى ترمب أن ثمة خطأ ما، فيسعى لإلقاء اللوم على ماسك في هذا الخطأ».

من ناحيته، سعى ترمب إلى التصدي لمحاولات التشكيك في علاقته بماسك بطريقته الخاصة، مؤكداً لمجموعة من مناصريه أن ماسك لا يستطيع أن يكون رئيساً؛ «لأنه لم يولد في الولايات المتحدة». وقال: «لا؛ لن يكون رئيساً. أنا بأمان»، في تصريح مشبع بالمعاني المبطنة، وقد يدل على نجاح استراتيجية الديمقراطيين.

ماسك رئيساً لمجلس النواب؟

رئيس مجلس النواب مايك جونسون يتحدث للصحافيين في 20 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

ورغم أن مقعد الرئاسة بأمان من ماسك، فإن مقعد رئاسة مجلس النواب منفتح على استقباله... فإذا ما دلّت أزمة التمويل الحكومي على شيء، فهو هشاشة موقع الجمهوري مايك جونسون في مقعد رئاسة المجلس، مما فتح الباب أمام دعوة عدد من المشرعين ماسك إلى السعي لانتزاع الشعلة من جونسون في الانتخابات على رئاسة المجلس، التي ستُجرى في 3 يناير (كانون الثاني) المقبل.

وكان السيناتور الجمهوري راند بول من أول الداعين إلى ذلك، مذكراً بأن الدستور الأميركي لا يتطلب انتخاب رئيس للمجلس من أعضاء مجلس النواب. وقال: «رئيس مجلس النواب لا يجب أن يكون بالضرورة عضواً في الكونغرس. لا شيء سيعرقل (المستنقع) أكثر من انتخاب إيلون ماسك». وتابع بول في دعوة مباشرة إلى النواب: «فكروا في الأمر... لا يوجد شيء مستحيل».

وسرعان ما ردت النائبة الجمهورية مارجوري تايلور غرين على هذه الدعوة، مُعربة عن انفتاحها على دعم ماسك في هذا المنصب، ومنذرة بمشوار صعب أمام جونسون للاحتفاظ برئاسة المجلس. وهنا علق جونسون، الذي لا يزال حتى الساعة يتمتع بدعم ترمب، بسخرية حذرة، قائلاً: «لقد تحدثت مع ماسك عن التحديات الضخمة في هذا المنصب... وقلت له: هل تريد أن تكون رئيساً للمجلس؟ فرد قائلاً: قد يكون هذا أصعب عمل في العالم... أعتقد أنه محق».

وفي حين لم يشهد الكونغرس في تاريخه انتخاب رئيس لمجلس النواب من خارج المجلس، رغم سماح الدستور بذلك، فإن البعض يقول إن ماسك قادر على كسر القاعدة.