هل تتبنى مصر إجراءات «رادعة» لمواجهة زيادة السكان؟

برلمانية دعت الدولة للتدخل بقوانين

ملصق دعائي لحملة حكومية مصرية تدعو الأسر للاكتفاء بطفلين (فيسبوك)
ملصق دعائي لحملة حكومية مصرية تدعو الأسر للاكتفاء بطفلين (فيسبوك)
TT

هل تتبنى مصر إجراءات «رادعة» لمواجهة زيادة السكان؟

ملصق دعائي لحملة حكومية مصرية تدعو الأسر للاكتفاء بطفلين (فيسبوك)
ملصق دعائي لحملة حكومية مصرية تدعو الأسر للاكتفاء بطفلين (فيسبوك)

تجدُّد الجدل في مصر حول قضية الزيادة السكانية وسط دعوات لـ«إجراءات رادعة» لمواجهة الظاهرة المتفاقمة، خصوصاً بعدما أعلنت الساعة السكانية تجاوز عدد السكان 103 ملايين نسمة.
ودعت برلمانية مصرية إلى اتخاذ موقف حاسم في ملف تنظيم الأسرة الذي وصفه خبراء بـ«الملف الموسمي» حيث يعود الاهتمام الرسمي بالقضية إلى عام 1965 الذي شهد تأسيس المجلس الأعلى لتنظيم الأسرة.
ودعت الكاتبة الصحافية فريدة الشوباشي، عضو مجلس النواب، الحكومة إلى «ردع كل من ينجب أكثر من طفلين»، محذرةً من الزيادة السكانية وخطرها على مصر، وقالت لإحدى القنوات الفضائية المصرية إن «من ينجب أطفالاً كثيرين يعتدي على حقوق غيره من المواطنين».
ورصدت الساعة السكانية في مصر مؤخراً وصول عدد السكان في مصر لأكثر من 103 ملايين و750 ألف نسمة، لتكون الزيادة السكانية في آخر 170 يوماً هي 750 ألف نسمة.
وقالت الشوباشي لـ«الشرق الأوسط» إن «قضية الزيادة السكانية تحتاج إلى مواجهة حاسمة من الدولة لأنها تشكل خطراً على الأمن القومي، وتعرقل خطط التنمية».
ورأت أن سبباً رئيسياً من أسباب إعاقة الاستجابة المجتمعية لدعوات تنظيم الأسرة هو «ربط القضية بالدين والتدين وتبني بعض الشيوخ وجهة نظر تهاجم مبادرات تحديد النسل، وبعض القضايا لا تلقى استجابة من المواطنين سوى بسن قوانين وتشريعات تجبرهم على ذلك».
وحذر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في أكثر من مناسبة من خطر الزيادة السكانية، بينها قوله خلال المؤتمر الوطني للشباب عام 2017 إن «الإرهاب والزيادة السكانية، هما أكبر خطرين يواجهان مصر في تاريخها»، مضيفاً: «إذا لم نضبط هذه المعدلات المرتفعة، فلن نرى الآثار الإيجابية لكل ما ننجزه، وأتصور أن من لديه طفلان أو 3 يستطيع أن يقوم بدوره حتى في الرعاية الإنسانية والاجتماعية».
ويعود اهتمام مصر بقضية الزيادة السكانية إلى عام 1965 الذي شهد تأسيس المجلس الأعلى لتنظيم الأسرة. وقال الدكتور عمرو حسن، المقرر السابق للمجلس القومي للسكان لـ«الشرق الأوسط» إن «قضية النمو السكاني واحدة من القضايا التي تشهد بعض النجاحات أحياناً، وإخفاقات في أحيان أخرى، فمنذ عام 1965 يحدث بعض الاستجابة المجتمعية الضئيلة لدعوات ومبادرات تنظيم الأسرة».
وأشار حسن إلى أن «النمو السكاني يشكل خطراً كبيراً على المجتمع ويعرقل خطط التنمية، فإذا استمر معدل الزيادة كما هو الآن فمن المتوقع أن يصل عدد سكان مصر إلى نحو 200 مليون نسمة، كما يتوقع أن تصل حصة الفرد من المياه إلى أقل من 300 متر مكعب تقريباً في السنة وهو الحد الذي يُعرف بالندرة المائية».
ولفت إلى أن «الاهتمام الرسمي بالقضية مستمر، لكن الاهتمام المجتمعي يعد موسمياً، لذلك نحتاج إلى خطاب إعلامي جديد ومؤثر يدفع أي سيدة مصرية إلى الذهاب من تلقاء نفسها إلى عيادات تنظيم الأسرة».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


تساؤلات وغموض يلفان مصير «الحكومة الليبية الموحدة» المرتقبة

عقيلة صالح خلال لقاء سابق مع خوري (البعثة الأممية)
عقيلة صالح خلال لقاء سابق مع خوري (البعثة الأممية)
TT

تساؤلات وغموض يلفان مصير «الحكومة الليبية الموحدة» المرتقبة

عقيلة صالح خلال لقاء سابق مع خوري (البعثة الأممية)
عقيلة صالح خلال لقاء سابق مع خوري (البعثة الأممية)

تزداد حالة الغموض والترقّب في ليبيا بشأن مصير تشكيل «الحكومة الموحدة» المرتقبة، بعدما تسلم مجلس النواب، مطلع الشهر الحالي، قائمة بأسماء 7 شخصيات تقدمت بأوراق ترشحها لتولي رئاستها، وتطرح تساؤلات كثيرة حول ما إذا كان «النواب» سيمضي منفرداً، أو عبر شراكات محلية محدودة، في تشكيل هذه «الحكومة الموحدة»؟ أم أن تحركاته ستتلاقى مع جهود «البعثة الأممية» في ليبيا؟

مجلس النواب تسلم قائمة بأسماء 7 شخصيات تقدمت بأوراق ترشحها لتولي رئاسة الحكومة المرتقبة (المجلس)

بداية يرى عضو مجلس النواب، صلاح أبو شلبي، أن تمسك مجلسه بتجاوز حالة الانقسام الراهنة عبر تدشين حكومة موحدة «أمر أساسي لإجراء الانتخابات، وإنهاء المرحلة الانتقالية المتواصلة منذ 14 عاماً».

وذكّر أبو شلبي «باشتراط القوانين الانتخابية، التي أقرها البرلمان قبل أكثر من عام بتشكيل حكومة موحدة لإجراء الاستحقاق»، معتبراً أن إعلان مجلسه تسلم ملفات مرشحين لرئاسة هذه الحكومة المرتقبة «تحرك طبيعي في إطار صلاحياته، فضلاً عن وجود شركاء محليين يدعمونه».

وتتنافس على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى هي «الوحدة الوطنية» برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والأخرى مكلفة من البرلمان برئاسة أسامة حماد، وتحظى بدعم قائد «الجيش الوطني» خليفة حفتر.

سيناريوهات حل الأزمة

حول مدى توافق البرلمان، وما يتوقع أن تطلقه البعثة الأممية من مبادرة لكسر الجمود السياسي، من المتوقع أن تتضمن أيضاً تشكيل «حكومة موحدة»، قال أبو شلبي لـ«الشرق الأوسط» إن البعثة «ربما تملك أكثر من سيناريو؛ لكن لم تستقر بعد على أي منها؛ من بينها تشكيل ملتقى حوار سياسي، يتولى مهمة انتخاب هذه الحكومة... وربما تنسق البعثة الأممية مع مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة حول تشكيل الحكومة الموحدة المرتقبة، وهو السيناريو الذي سيحظى بدعم غالبية أعضاء المجلسين».

وانتهى أبو شلبي إلى أن الخلاف بين البرلمان والبعثة الأممية «ليس كبيراً في ظل وجود هدف مشترك، هو توحيد السلطة التنفيذية»، مستبعداً اتخاذ أي خطوة بهذا المسار، قبل الإحاطة المرتقبة للمبعوثة الأممية لليبيا بالإنابة، ستيفاني خوري، الاثنين المقبل.

محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي وعبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة المؤقتة (الوحدة)

من جهته، أوضح عضو المجلس الأعلى للدولة، سعيد محمد ونيس، أنه «لا تتوفر ملامح، أو حتى موعد تقريبي لظهور الحكومة الموحدة المرتقبة»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن الخيار الرئيسي «ينحصر في اتفاق البرلمان والمجلس الأعلى للدولة على تشكيل تلك الحكومة، وفقاً لما تنص عليه الاتفاقيات السياسية الحاكمة للبلاد، لكن حتى الآن لم يتحقق هذا التوافق».

ويرى ونيس أن الأمر «قيد المناقشة بين أعضاء المجلسين، رغم حدوث بعض التباطؤ على خلفية انقسام المجلس الأعلى للدولة قبل 4 أشهر بسبب المنافسة على رئاسته»، موضحاً أن الآلية المقترحة من قبل البرلمان بحصول المرشحين لرئاسة الحكومة المرتقبة على عدد معين من التزكيات من أعضاء المجلسين بشكل فردي، «مرفوضة من طرف غالبية أعضاء المجلس الأعلى للدولة»، لافتاً إلى أن «الخلافات قد تجد طريقها بين الأفرقاء، فيتجدد الانقسام الذي يعد البيئة الخصبة للفساد الإداري والمالي، ليتواصل بذلك تدهور أوضاع الليبيين المعيشية من حكومة لأخرى».

وشهدت ليبيا منذ عام 2011 جولات من الصراع المسلح، فضلاً عن توترات وخلافات سياسية، ما أسفر عن تعاقب 9 حكومات على إدارة شؤون البلاد، لم يعترف المجتمع الدولي بعدد منها.

صيغة للتوافق

يقول المحلل السياسي الليبي، صلاح البكوش، إن الهدف من اللقاءات المكوكية، التي عقدتها خوري خلال الأيام العشرة الأخيرة مع مختلف أطراف الأزمة الليبية، هو «إيجاد صيغة للتوافق بينها حول المبادرة السياسية، التي من المتوقع أن تعلنها المبعوثة الأممية خلال إحاطتها المرتقبة»، معقداً أن خوري «تدرك جيداً أن خليفة حفتر وعقيلة صالح يريدان تدشين حكومة موحدة، ومن دون إرضائهما فإنهما قد يحاولان عرقلة إجراء الانتخابات حال عقدها بمناطق نفوذهما بالشرق الليبي».

عضو مجلس النواب أبو شلبي أكد أن تدشين حكومة موحدة «أمر أساسي لإجراء الانتخابات» (أ.ب)

وأضاف البكوش لـ«الشرق الأوسط» موضحاً: «في المقابل فإن حكومة الدبيبة والمجلس الرئاسي وأطرافاً سياسية عديدة لن يرضوا بالمثل عن تشكيل أي حكومة جديدة، من دون موعد محدد وخطة تضمن الوصول للانتخابات»، مشيراً إلى أن الدول الغربية الداعمة لخوري «تستهدف الوصول لخطة سياسية، تنتهي بالانتخابات لضمان تجديد شرعية جميع المؤسسات الموجودة بالساحة منذ أكثر عقد؛ فهذا هو جوهر الأزمة الليبية من وجهة نظرهم».

من جلسة سابقة للمجلس الأعلى للدولة (المجلس)

البكوش اعتبر أيضاً أن حديث البرلمان عن قائمة الشخصيات المرشحة لرئاسة «الحكومة الموحدة»، التي يسعى لتشكيلها «ليس إلا مناورة ومحاولة ضغط على خوري بالتهديد بإمكانية اتجاهه لتشكيله حكومة بشكل منفرد»، متوقعاً فشل ما سمّاه «المناورة»، خاصة مع «عدم اعتراف المجتمع الدولي بأي من الحكومات التي شكلها البرلمان، بمعزل عن التوافق مع بقية الأطراف السياسية؛ وآخرها حكومته الراهنة برئاسة حماد».