تضارب الأنباء بشأن انتهاء مهلة مسلحي الأنبار.. ومخاوف من نيات مبيتة لتأجيل الانتخابات

عزة الشابندر: أزمة الفلوجة والرمادي سببها سياساتنا الفاشلة وعدم استيعاب الآخر

مسلحون من أبناء عشائر الأنبار المناوئين لحكومة المالكي يلتقطون صورا تذكارية داخل مدينة الفلوجة أول من أمس (رويترز)
مسلحون من أبناء عشائر الأنبار المناوئين لحكومة المالكي يلتقطون صورا تذكارية داخل مدينة الفلوجة أول من أمس (رويترز)
TT

تضارب الأنباء بشأن انتهاء مهلة مسلحي الأنبار.. ومخاوف من نيات مبيتة لتأجيل الانتخابات

مسلحون من أبناء عشائر الأنبار المناوئين لحكومة المالكي يلتقطون صورا تذكارية داخل مدينة الفلوجة أول من أمس (رويترز)
مسلحون من أبناء عشائر الأنبار المناوئين لحكومة المالكي يلتقطون صورا تذكارية داخل مدينة الفلوجة أول من أمس (رويترز)

لا تزال أزمة الأنبار تراوح مكانها منذ ما يقرب من شهرين في وقت لم يعد يفصل العراقيين فيه عن إجراء ما باتوا يطلقون عليها انتخابات التغيير سوى شهرين ونيف. ومع كثرة المبادرات في الشارع السياسي باتجاه حل تلك الأزمة فقد كثرت اللوحات الكبيرة في شوارع المدن العراقية والتي تحمل عبارة «معا لدحر الإرهاب»، بينما تحمل عناوين فرعية تمثل الجهة التي تريد محاربة الإرهاب وتسويق ذلك كدعاية انتخابية غير مباشرة الأمر الذي يجعل معركة الأنبار المؤجلة منذ سنوات لا شهور طبقا لما أكده نائب بارز في البرلمان العراقي كان حتى وقت قريب يوصف بأنه كبير مفاوضي المالكي، «ورقة انتخابية لجهات في الحكومة مرة ولجهات في الصف المضاد تماما وبالذات لجماعات العنف المسلح التي وقتت الأزمة قبيل الانتخابات مثلما فعلت الحكومة».
المبادرة التي كانت أعلنتها الحكومة المحلية في الأنبار قبل نحو أسبوعين كانت قد حظيت بمباركة رئيس الوزراء نوري المالكي قبل أن ترى النور وهو ما جعلها من وجهة نظر الجهات العشائرية المؤيدة لها أكثر انطباقا على أرض الواقع. وبينما أعلن المالكي تعزيزه الحصار على مدينة الفلوجة التي لا تزال توصف بأنها خارج سيطرة الحكومة بسبب انتشار المسلحين فيها وهو ما لا يراه العديد من سكانها بالطريقة التي يجري تصويرها، فإن الأوضاع في مدينة الرمادي لا تزال غامضة هي الأخرى لا سيما في أطرافها الشرقية والجنوبية بسبب انتشار المسلحين هناك ومعاودتهم الهجوم على القوات العراقية مدعومة بمقاتلي الصحوات العشائرية.
الحلول لا تزال تراوح مكانها لا سيما بعد أن قلل أطراف من دولة القانون من أهمية تلك المبادرات سواء لجهة أنها لا تعني تجنب الخيار العسكري مثلما أعلن رئيس لجنة الأمن والدفاع البرلمانية حسن السنيد القيادي بدولة القانون، أو اعتبار المهلة التي حددتها حكومة الأنبار للمسلحين بحكم المنتهية مثلما أعلن القيادي الآخر بدولة القانون عضو لجنة الأمن والدفاع عباس البياتي، الذي بعكس ما تعلنه حكومة الأنبار وأطراف عشائرية هناك حذر مما سماه خيارات أخرى، في إشارة إلى خيار الحسم العسكري، علما أن هذا الخيار وإن لم يكن مستخدما بالفلوجة إلا أنه لم يؤت أكله بعد بالرمادي على الرغم من إعلان محافظ الأنبار أحمد الذيابي عن تطهير 90 في المائة من مناطق الرمادي من سيطرة تنظيم داعش، نافيا ما تردد على ألسنة المقربين من المالكي بشأن إمكانية اقتحام الفلوجة في وقت قريب.
وفي وقت لا تزال فيه المناطق المحيطة بالفلوجة مثل الكرمة والصقلاوية وقرى زوبع مناطق ساخنة وهو ما جعل الطريق المؤدي من بغداد إلى الرمادي عبر الفلوجة وبالعكس مغلقا تماما، بدأ سيطرة الصقور عند مدخل الفلوجة طبقا لما رواه لـ«الشرق الأوسط» الشيخ محمود شكر أحد وجهاء المدينة، قائلا إن «الحياة الآن داخل الفلوجة تكاد تكون طبيعية من حيث حركة الأسواق والتبضع»، مشيرا إلى أن «هناك مبالغة عن قصص تحكي عن سيطرة مسلحين يفرضون على الناس نمط العيش أو التصرف، إلا أنه لا توجد ملامح حكومة محلية مثل الشرطة وغيرها».
وأشار شكر إلى أن «الطريق بين بغداد والفلوجة مغلق لكنه مفتوح مع الرمادي حيث الناس تذهب وتجيء». ولفت إلى أن «أجرة التاكسي من الرمادي أو الفلوجة إلى بغداد أصبحت مليون دينار عراقي (نحو 800 دولار أميركي) بينما المسافة هي 100 كلم لأن السيارة تسلك طرقا مختلفة حتى تصل إلى بغداد وبالعكس بينما كانت قبل لا تتعدى الـ100 ألف دينار».
الطبيبة «أم رفقة» في مستشفى الفلوجة العام أبلغت «الشرق الأوسط» أن «المستشفى جرى قصفه ثماني مرات منذ بدء الأزمة وكان آخرها قبل يومين حيث سقطت القذائف على كارفان يعود لعمال بنغلادشيين حيث أصيب العديد منهم بجروح وحالة أحدهم لا تزال خطرة».
في سياق ذلك، أكد عضو البرلمان العراقي المستقل عزة الشابندر الذي انشق قبل شهور عن ائتلاف دولة القانون بعد خلاف مع المالكي حول أزمة الرمادي التي جاءت في وقتها عبر تصريحات له لـ«الشرق الأوسط»، أن «أزمة الرمادي ليست أزمة اليوم حتى نبحث لها عن حل سريع طبقا لما يطرح الآن من مبادرات تتشابه مع بعضها مثل انسحاب الجيش ووقف القصف وتعويض المتضررين وما إلى ذلك، بل هذه الأزمة تعود إلى طريقة بناء نظامنا السياسي الجديد الذي بدا أنه لا يريد استيعاب الآخر المختلف والتعامل معه بوصفه مشروع عدو من دون تمييز أو تفصيل في مفاهيم العداء أو الشراكة». وأضاف الشابندر أن «هناك في الأنبار جماعة مختلفة عن القاعدة وداعش تماما حيث إنه في الوقت الذي يمارس هؤلاء القتل بحق الجميع فإن الثاني كان قد طرح نفسه بأنه يقاوم المحتل وأحيانا يذهب إلى ما هو أبعد من ذلك حين يقول (وأذناب المحتل)، حتى يعطي لنفسه الحق في الاعتداء على الشرطة والموظفين والسياسيين». ويرى الشابندر الذي كان قد مارس دور الوسيط بين المالكي والعديد من تلك الجماعات المصنفة بمعاداة الحكومة، أن «هذا القسم الثاني تشكل من بقايا نظام صدام ولم يجر استيعابهم حيث إننا بدلا من ذلك مارسنا بحقهم عمليات انتقام وهو ما جعلهم يعيدون تنظيم صفوفهم جيدا بسبب سياستنا الفاشلة». وعد الشابندر أن «حل الأزمة هناك لا بد أن يتجه للجذور وليس للفروع»، عادا أن «هناك مخاوف تلوح في الأفق بشأن إمكانية تأجيل الانتخابات»، متهما «الحكومة باللعب بورقة الأنبار انتخابيا حيث إنها تتعمد الإبطاء في الحلول، وهو أخطر ما يمكن أن يواجه نظامنا الديمقراطي».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».