الأمم المتحدة تتوقع تأثر نصف مليون سوداني بالفيضانات

تسببت في تضرر 136 ألف أسرة وعزل مناطق واسعة بالشرق

أحد شوارع الخرطوم الرئيسية بعد أن غمرتها مياه الأمطار الغزيرة (أ.ف.ب)
أحد شوارع الخرطوم الرئيسية بعد أن غمرتها مياه الأمطار الغزيرة (أ.ف.ب)
TT

الأمم المتحدة تتوقع تأثر نصف مليون سوداني بالفيضانات

أحد شوارع الخرطوم الرئيسية بعد أن غمرتها مياه الأمطار الغزيرة (أ.ف.ب)
أحد شوارع الخرطوم الرئيسية بعد أن غمرتها مياه الأمطار الغزيرة (أ.ف.ب)

توقعت الأمم المتحدة أن يتأثر نحو نصف مليون مواطن سوداني جراء السيول ومياه الأمطار التي هطلت خلال العام الحالي، فيما بلغ عدد المتضررين، وفقاً لأحدث المعلومات الصادرة عن جهات محلية ودولية حتى أول من أمس، 136 ألف أسرة في جميع أنحاء البلاد.
وذكرت تقارير «مفوضية العون الإنساني الحكومية» أن الأمطار الغزيرة والفيضانات ألحقت أضراراً متفاوتة الخطورة، شملت الدمار الكلي والجزئي لنحو 11 ألف منزل في 12 ولاية سودانية. فيما أكدت إحصاءات «المجلس القومي للدفاع المدني السوداني» وفاة أكثر من 50 شخصاً، وإصابة العشرات منذ بدء موسم الخريف، في وقت يتواصل فيه حصر العديد من الضحايا في مناطق أخرى، خصوصاً شرق البلاد الذي عزل منذ مطلع أغسطس (آب) الحالي.
ومن أكثر المناطق تضرراً ولايات دارفور الخمس، وولايات كردفان الثلاث، بالإضافة إلى ولايتي النيل الأبيض والجزيرة بوسط البلاد، ويقطن هذه الولايات نحو ثلث سكان البلاد.
وغمرت المياه أكثر من 20 قرية محلية، تابعة لعاصمة ولاية الجزيرة (وسط)، حيث دمرت نحو 100 منزل، ومساحات واسعة من الأراضي الزراعية، بينما لا تزال المياه تحاصر تلك المناطق، وسط مناشدات المواطنين الحكومة المركزية التدخل العاجل لمواجهة الكارثة.
في سياق متصل، حذرت تجمعات أهلية بشرق السودان من الأضرار الفادحة التي خلفها اجتياح نهر القاش عدداً من المناطق داخل الإقليم، مؤكدة أن الأوضاع أصبحت خطيرة بسبب اتساع رقعة المناطق التي شملتها الأمطار الغزيرة والفيضانات، التي تجتاح المساكن والمناطق الزراعية، وكذا ارتفاع عدد المتضررين بأضرار جسيمة. كما ناشدت قيادة الدولة والمنظمات الإقليمية والدولية التحرك العاجل لدرء الكارثة، وإغاثة المنكوبين وتقديم المساعدات العاجلة، محذرة من مخاطر انتشار الأوبئة والأمراض وانعدام الغذاء.
ودعت هذه التجمعات إلى إعلان مناطق بالشرق مناطق منكوبة، تستدعي تدخلاً عاجلاً لتوفير الضروريات اللازمة، وفي مقدمتها الغذاء والملابس والمأوى للمتضررين، وتقوية التروس الترابية التي تحمي التجمعات السكانية في القرى والمدن.
من جهته؛ ذكر «مكتب الشؤون الإنسانية» التابع للأمم المتحدة بالسودان «أوتشا»، أنه يُتوقع بحسب تقارير محلية وعالمية ذات الصلة، أن يتضاعف عدد المتضررين من الفيضانات من السكان والمحليات، مقارنة بالعام الماضي، إلى أكثر من 460 ألف مواطن سوداني. علماً بأن تقارير أفادت بأن الفيضانات أثرت على 238 مرفقاً صحياً، كما جرفت المياه 1560 مصدراً للمياه، وأكثر من 1500 مرحاضاً، وفقد أكثر من 331 رأساً من الماشية، علاوة على تضرر أكثر من 5200 فدان من الأراضي الزراعية جراء الفيضانات.
في غضون ذلك، تجري المنظمات الإنسانية تقييماً سريعاً في المناطق المتضررة التي يمكن الوصول إليها. وفي هذا السياق؛ زار رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، أول من أمس، المناطق التي تضررت من السيول والأمطار في ولاية نهر النيل، وتعهد خلال زيارته بمساعدة المتضررين حتى لا يتكرر الأمر العام المقبل.
من جهة ثانية، توقعت «الهيئة العامة للأرصاد الجوية» تأثر معظم ولايات البلاد بهطول أمطار غزيرة، خلال الـ24 ساعة المقبلة، تتسبب في جريان المياه عبر الأودية والمناطق. وبحسب وزارة الري السودانية، فإن مستوى المياه في جميع محطات المياه لا يزال دون مستوى الإنذار، باستثناء عطبرة بولاية نهر النيل، حيث تجاوز منسوب الفيضان مستوى الإنذار في 4 أغسطس الحالي.
وتهطل أمطار غزيرة على السودان عادة في الفترة الممتدة من يونيو (حزيران) إلى أكتوبر (تشرين الأول)، كما يفيض نهر النيل وفروعه المختلفة، مما يؤدي إلى دمار كبير في البنية التحتية والمحاصيل والمنشآت العامة.


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

«النفوذ الروسي» في ليبيا يلاحق زيارة المبعوث الأميركي للجنوب

زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)
زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)
TT

«النفوذ الروسي» في ليبيا يلاحق زيارة المبعوث الأميركي للجنوب

زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)
زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)

ألقى «النفوذ الروسي» في ليبيا بظلاله على تقديرات محللين ليبيين بشأن أبعاد زيارة المبعوث الأميركي الخاص إلى البلاد، ريتشارد نورلاند، غير المسبوقة إلى الجنوب الليبي.

ولم تُكشف تفاصيل كافية عن نتائج مباحثات نورلاند مع رئيس أركان القوات البرية التابعة للقيادة العامة، الفريق صدام، نجل المشير خليفة حفتر، في مدينة سبها الجنوبية، في وقت سابق هذا الأسبوع. لكنّ متابعين تحدثوا عن «رمزية» زيارة نورلاند إلى سبها، خصوصاً أنها «الأولى لمسؤول أميركي للمدينة الجنوبية، في ظل أوضاع أمنية مستقرة بعد موجات انفلات أمني سابقة»، وفق أستاذ العلوم السياسية بجامعة درنة، يوسف الفارسي.

المبعوث الأميركي إلى ليبيا والقائم بالأعمال خلال زيارة لسبها (السفارة الأميركية على إكس)

ويبدو أنه لم تغب «ظلال الخطة الاستراتيجية العشرية لليبيا، ومحاولات احتواء النفوذ الروسي عن زيارة المبعوث الأميركي إلى الجنوب الليبي»، في رأي عضو معهد السياسات الخارجية بجامعة «جون هوبكنز»، حافظ الغويل، الذي يرى أن «امتداد نفوذ روسيا في الجنوب الليبي ليس بمنأى عن توجهات الاستراتيجية الأميركية للمناطق الهشة وزيارة نورلاند»، علماً بأن تسريبات ظهرت منذ مارس (آذار) الماضي تتحدث عن أكثر من جسر جوي تقوده طائرات شحن عسكرية روسية نحو قاعدة براك الشاطئ، الواقعة جنوب البلاد.

من لقاء سابق للدبيبة مع مدير وكالة الاستخبارات الأميركية ويليام بيرنز في طرابلس (الحكومة)

ومنذ أقل من عامين أطلقت إدارة بايدن ما يعرف بـ«استراتيجية الولايات المتحدة لمنع الصراع وتعزيز الاستقرار - الخطة الاستراتيجية العشرية لليبيا»، وتهدف هذه الخطة من بين بنودها إلى «دمج الجنوب الليبي المهمش تاريخياً في الهياكل الوطنية، مما يؤدي إلى توحيد أوسع، وتأمين الحدود الجنوبية».

ومع أن نورلاند اكتفى عقب لقاء صدام حفتر بحديث عام عن الدور الحيوي الذي يلعبه جنوب ليبيا في استقرار المنطقة، وحماية سيادة ليبيا، والتغلب على الانقسامات، فإن زيارته حسب الدكتور أحمد الأطرش، أستاذ العلوم السياسية بـ«جامعة طرابلس»: «قد لا تخرج عن سياقات صراع نفوذ مع موسكو، واستكشاف التمدد الروسي في المنطقة».

وكان اللافت أيضاً حديث المبعوث الأميركي عن دعم الجهود الليبية لتوحيد المؤسسات الأمنية، عبر «الانخراط مع القادة العسكريين الليبيين من جميع أنحاء البلاد»، وهو ما رآه الأطرش في تصريح إلى «الشرق الأوسط» غطاء لحقيقة هذه الزيارة، التي تستهدف موسكو بالأساس، مقللاً من رؤى تستند إلى لقاء سابق جمع بين وزير الداخلية المكلف في غرب البلاد، عماد الطرابلسي وصدام، وهو تصرف أحادي.

من زيارة سابقة لنائب وزير الدفاع الروسي رفقة وفد رفيع المستوى من الحكومة الروسية إلى بنغازي (الشرق الأوسط)

في المقابل، ذهب فريق من المحللين إلى الحديث عن مخاوف أميركية شديدة من توسيع ما سموه بالأنشطة الصينية في ليبيا، إذ إن الجنوب الليبي، وفق المحلل السياسي عز الدين عقيل «يمكن أن يكون محطة مهمة بقطع طريق الحرير الصيني، واستخدامه أيضاً بوصفه قاعدة لإزعاج ومواجهة الصينيين بأفريقيا».

ويستند عقيل إلى ما ذُكر بشأن الصين في إحاطة «الدبلوماسية الأميركية جنيفر غافيتو، حيث كان من المقرر تعيينها سفيرة لواشنطن في طرابلس قبل أن تعتذر في صيف هذا العام».

وفي يونيو (حزيران) الماضي، نبهت غافيتو في بيان أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، إلى «النجاحات العميقة» لشركات مرتبطة بالصين في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في ليبيا.

وسبق أن حصلت الصين على حقوق تعدين الذهب الليبي في الجزء الجنوبي من البلاد «بشروط مغرية للغاية» في عهد رئيس الحكومة الليبية السابق، فتحي باشاغا، وفق المستشار في مؤسسة «أنفرا غلوبال بارتنرز»، جوناثان باس، الذي لفت إلى دعم بكين القائد العام لقوات القيادة العامة المشير خليفة حفتر.

يُشار إلى أن منطقة الساحل شهدت خلال العامين الأخيرين الإطاحة ببعض الأنظمة الراسخة الموالية لفرنسا، تزامناً مع انخراط روسيا في المنطقة، بوصفها حليفة للأنظمة الجديدة.

اللافت أنه غداة زيارة نورلاند إلى سبها، كان السفير الروسي لدى ليبيا أيدار أغانين خلف عجلة قيادة الشاحنة الروسية «أورال»، محتفياً، في لقطة لا تخلو من الدلالات، بدخولها السوق الليبية، بعد وصولها بالفعل إلى البلاد ضمن المئات منها إلى جانب الشاحنة «أورال».