«الأعلى للدولة»... هل هو «نافذة الإسلاميين» على المشهد الليبي؟

البعض اعتبره يمثل مع البرلمان جزءاً من الأزمة

المشري والسفير التركي لدى ليبيا كنعان يلماز بمقر مجلس الدولة بطرابلس (مجلس الدولة)
المشري والسفير التركي لدى ليبيا كنعان يلماز بمقر مجلس الدولة بطرابلس (مجلس الدولة)
TT

«الأعلى للدولة»... هل هو «نافذة الإسلاميين» على المشهد الليبي؟

المشري والسفير التركي لدى ليبيا كنعان يلماز بمقر مجلس الدولة بطرابلس (مجلس الدولة)
المشري والسفير التركي لدى ليبيا كنعان يلماز بمقر مجلس الدولة بطرابلس (مجلس الدولة)

دافع عدد كبير من أعضاء المجلس الأعلى للدولة في ليبيا عن مجلسهم في مواجهة اعتباره يحتضن كتلة كبيرة من تيار الإسلام السياسي، مشيرين إلى أنه يضم أيضاً مستقلين وليبراليين، و«لا أحد يتحكم في قراراته».

وقال عضو المجلس أبو القاسم قزيط، إن «هناك قدرا كبيرا من التجني يقع على مجلسه في ظل ما يُروج بأنه مؤسسة ممثلة تيار الإسلام السياسي، وتحديدا بالمنطقة الغربية»، متابعاً: «نعم المجلس يضم كتلة قوية من هذا التيار، ولكن إلى جوارها كتل أخرى قوية من المستقلين والليبراليين».

وأضاف قزيط، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن رئيس المجلس خالد المشري، «الذي يحسبه البعض على التيار الإسلامي، لا يستطيع فرض رأيه وتوجهاته على أعضائه، الذين أجروا، حتى الآن سبعة استحقاقات انتخابية لاختيار رئاسته، منذ تأسيسه في أبريل (نيسان) 2016، وهو الإجراء الذي لم يعرف طريقه لأي جسم أو مؤسسة سياسية في ليبيا».

ويتخوف بعض المراقبين من أن المشري، الذي فاز مؤخراً بولاية جديدة خامسة سيؤدي لاستمرار هيمنة التيار الإسلامي على قراراته في ظل البقاء بالمشهد السياسي، مما يؤدي إلى مزيد من جمود الأزمة. غير أن قزيط، لفت إلى أن المشري، «نجح أكثر من مرة في اجتذاب شخصيات من خارج كتلة مؤيديه التقليديين».

ورفض قزيط، تحميل مجلسه، وأيضاً مجلس النواب المسؤولية الكاملة عن الانقسام السياسي الراهن، وقال: «كلاهما لا يملكان القدرة على معالجة الانقسام حتى لو قدما سويا تنازلات بمواقفهما، الأمر يتعلق بالتطبيق الفعلي على الأرض لأي توافق يتم التوصل إليه وموقف القوى المتحكمة بالشارع والقادرة على تحشيده من هذا التوافق، وهم حاملو السلاح ومالكو الأموال وأصحاب الأجندات الخارجية».

ورغم إقراره بما يرصد عن كثرة زيارات المشري لتركيا وتعدد لقاءاته مع مسؤوليها، رفض عضو مجلس الأعلى للدولة، سعد بن شرادة، تصوير الأمر بكونه دليلا على ارتباط أعضاء المجلس كافة أو ارتهان قراراته بتوجّهات دول بعينها، وأوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط» «القرارات المفصلية تتخذ في المجلس بالتصويت عليها داخل القاعة».

كما رفض بن شرادة، حصر وصف أعضاء تيار الإسلام السياسي في المجلس بـ«الصقور»، والباقين بـ«الحمائم» كما يطلق عليهم البعض، وأوضح «عدد أعضاء الأعلى للدولة 134 عضواً، وكتلة الإخوان به لا تزيد على 40 عضواً، ولكنها تتميز بالتنظيم الجيد».

وتحدث عن معايير أخرى يتم على أساسها إطلاق وصف «الصقور» مثل إصدار تصريحات رنّانة في وسائل الإعلام أو داخل الجلسات، بجانب امتلاك المال والتبعية والمناصرين الكُثر، أو اتخاذ مواقف شجاعة تجاه بعض القضايا بهدف تحقيق الصالح العام.

ونوه بن شرادة لموقف قرابة 60 عضواً آخرين بالمجلس، ممن قدموا تزكيات لفتحي باشاغا، لدعم قرار تكليفه من قبل البرلمان برئاسة حكومة جديدة خلفا لحكومة «الوحدة الوطنية» برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وذلك في إطار سعيهم للتوافق مع البرلمان والوصول سويا لوضع دستور، وإجراء انتخابات.

ويرى بن شرادة، أن «الظلم الذي تعرض له مجلسه لم يتركز فقط على تعميم اتهامه بأنه الطرف الدائم التنصل من تعهداته في المفاوضات بينه وبين البرلمان مما يؤدي لإفشالها، وإنما أيضا بعدم تسليط الضوء على ما تنجزه لجانه من دراسات علمية حول ما يواجه المواطن من أزمات معيشية كالكهرباء والسيولة».

ووفقا لبيان المصرف المركزي فقد بلغ إجمالي إنفاق الأعلى للدولة منذ بداية العام وحتى أغسطس (آب) الجاري 26 مليونا و649 ألف دينار ليبي.

أما عضو المجلس، محمد معزب، فذهب إلى أن «هناك ترجمات خاطئة لبعض الخطوات والتصريحات الخاصة بالمشري، ومحاولة تصويرها على أنها قرار رسمي للمجلس».

وأَضاف معزب في تصريح لـ«الشرق الأوسط» «البعض فسّر مطالبة المشري، للدبيبة بالتراجع عن قراره بتغيير مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط بأنه تدخّل في عمل السلطة التنفيذية، وتغّول لدور الأعلى للدولة، والحقيقة أنه اجتهاد من المشري، الذي يفضل أن يتم تأجيل أي قرارات بهياكل المؤسسات المهمة لحين إجراء الانتخابات».

واستبعد معزب، أن «تنال الشائعات والاتهامات التي وجهت للأعلى للدولة من شعبية وحظوظ عدد غير هين من أعضائه في أي استحقاق انتخابي مقبل»، وزاد: «الكتلة الأكبر بالمجلس ظلت على الحياد في الصراع بين الحكومتين المتنافستين ومستمرة في مطالبتها بإجراء الانتخابات».

أما المحلل السياسي الليبي، عبد الله الكبير، ورغم إشادته «بتمثيل المجلس لدور المعارضة مما يحول دون تغوّل البرلمان وانفراده بالقرار السياسي للبلاد، إلا أنه ذهب إلى أن المجلس الأعلى بات يشكل فعليا مع البرلمان جزءا من أزمة ليبيا».

وأضاف «يختلفان في كل القضايا العالقة بينهما، سواء قوانين انتخابية أو تكليف حكومة وغير ذلك، ويتفقان فقط على البقاء في المشهد وتمديد المراحل الانتقالية وتشكيل حكومات انتقالية».


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

تطمينات حكومية متكررة للمصريين بشأن سعر الجنيه

مواطن مصري يمر أمام إحدى الصرافات (أ ف ب)
مواطن مصري يمر أمام إحدى الصرافات (أ ف ب)
TT

تطمينات حكومية متكررة للمصريين بشأن سعر الجنيه

مواطن مصري يمر أمام إحدى الصرافات (أ ف ب)
مواطن مصري يمر أمام إحدى الصرافات (أ ف ب)

أرسلت الحكومة المصرية تطمينات متكررة لمواطنيها بشأن سعر صرف الجنيه، بعدما سجل «انخفاضاً في البنوك مع تداول الدولار عند حاجز 50.8 جنيه، الجمعة، وعقب شائعات ترددت عن زيادة كبيرة في قيمة الدولار في الفترة المقبلة.

وقال المتحدث باسم مجلس الوزراء المصري، محمد الحمصاني، في تصريحات تليفزيونية، مساء الخميس، إن الدولة المصرية «تعتمد سياسة سعر الصرف المرن القائم على العرض والطلب»، ونفى «ما تردد من شائعات حول حدوث ارتفاع كبير في سعر الدولار خلال الأيام المقبلة». تصريحات «متحدث الوزراء» تزامنت مع تغريدات «غير متفائلة» على «السوشيال ميديا» حول مستقبل سعر الجنيه.

وكتب الخبير الاقتصادي المصري، محمد فؤاد، عبر حسابه على «إكس» متفاعلاً مع العديد من التغريدات، والمناقشات حول «مستقبل سعر صرف الجنيه»، أن «الأمر يحتاج الإجابة على سؤالين، الأول: مرتبط بآلية سعر الصرف المتبعة، والثاني: تحديد ما إذ كان مرونة كاملة أو شبه كاملة»، لافتاً إلى أن «مؤشر الدولار أمام سلة العملات في الأسابيع الثلاثة الأخيرة يؤكد أنها (مرونة شبه كاملة)».

ورغم تأكيد أمين «سر لجنة الخطة والموازنة» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب عبد المنعم إمام، أن «أي تحرك في سعر الصرف يؤدي لارتفاع الأسعار في مصر»، فإنه شدد في اتصال مع «الشرق الأوسط» على «ضرورة الالتزام بمرونة سعر الصرف لتجنب تكرار أخطاء الماضي فيما يتعلق بتثبيت السعر والتحرك بشكل مفاجئ، الأمر الذي يتطلب ترك السوق للعرض والطلب».

فيما عددت النائبة السابقة لرئيس «بنك مصر»، سهر الدماطي، أكثر من سبب لتراجع قيمة الجنيه بناءً على معايير العرض والطلب، من بينها «الحسابات المالية للشركات بنهاية العام الجاري، وفتح الاعتمادات لاستيراد بعض السلع، فضلاً عن احتياج بعض المستثمرين للعملة الأجنبية»، لافتة إلى أن سعر الصرف المرن «جعل هامش التحرك لم يزد حتى الآن عن 2 في المائة فقط».

وأضافت الدماطي لـ«الشرق الأوسط» أن وجود قروض والتزامات مالية لمصر يتوجب سدادها، بجانب المشاكل الجيوسياسية والتوقعات الاقتصادية المتشائمة في المنطقة، «أمور يكون لها تأثير على سعر صرف الجنيه، الذي تأثر بالفعل بقوة الدولار خلال الأيام الماضية».

العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

وهنا أشار الخبير الاقتصادي المصري، وائل النحاس، إلى وجود التزامات متعددة على الدولة المصرية يجب الوفاء بها، سواء من ناحية القروض التي يجري سدادها أو حتى التزامات تدبير العملة، مشيراً إلى أن «تحويل أرباح الشركات في مثل هذا التوقيت من العام يشكل عامل ضغط على سعر الصرف».

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن ثمة أموراً لم تتضح ستكون حاسمة فيما يتعلق بسعر الصرف، من بينها «الشريحة الجديدة من قرض صندوق النقد الدولي، والاستثمارات الخارجية التي سوف تصل لمصر خلال الفترة المقبلة».

وأجرت بعثة صندوق «النقد الدولي» زيارة لمصر الشهر الماضي، لإتمام المراجعة الرابعة من برنامج التمويل الموسع الذي يسمح بصرف الصندوق 1.3 مليار دولار للحكومة المصرية من قيمة قرض الـ8 مليارات دولار، الذي تحصل عليه مصر عبر دفعات، فيما لم يقر مجلس «الصندوق» صرف الشريحة الجديدة حتى الآن.

رجل يعد أوراق نقد من فئات مختلفة من الدولار الأميركي في مكتب صرافة بالقاهرة (رويترز)

وشهدت الأيام الماضية شائعات عدة حول سعر الصرف وقيمة الجنيه، مما دفع بعض التجار في الأسواق المصرية إلى تعليق «عمليات البيع تخوفاً من ارتفاع سعر الدولار»، بينما طرحت تساؤلات على مجموعات مغلقة بمواقع التواصل الاجتماعي عن «إمكانية تحويل مدخراتهم إلى دولار للحفاظ على قيمتها».

لكن الخبير الاقتصادي المصري أشار إلى أن استمرار البنك المركزي المصري في منح فائدة مرتفعة على الجنيه من خلال الشهادات الادخارية، «أمر لا يزال قادراً على تعويض الفارق بين تراجع قيمة الجنيه وارتفاع الدولار»، لافتاً إلى أن سعر الدولار لدى التجار والمصنعين «جرى احتسابه على أعلى من السعر الذي تداول خلال الفترة الماضية كإجراء تحوطي، وبالتالي لا تزال هناك مساحة تحركات محدودة».

عودة إلى أمين «سر لجنة الخطة والموازنة» بالبرلمان، الذي شدد على «ضرورة تطبيق إجراءات واضحة تضمن استدامة الموارد الدولارية للبلاد بما يغطي الاحتياجات اللازمة».