لبنان مطمئن للتمديد للقوات الدولية في الجنوب دون تعديل مهامها

دورية لقوات «اليونيفيل» في جنوب لبنان (أ.ف.ب)
دورية لقوات «اليونيفيل» في جنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

لبنان مطمئن للتمديد للقوات الدولية في الجنوب دون تعديل مهامها

دورية لقوات «اليونيفيل» في جنوب لبنان (أ.ف.ب)
دورية لقوات «اليونيفيل» في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

يتطلّع لبنان إلى التمديد لقوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان (اليونيفيل) نهاية شهر أغسطس (آب) الحالي، من دون أي تعديل على مهامها، وتلقى المسؤولون اللبنانيون إشارات مطمئنة على نيّة مجلس الأمن الدولي للتمديد لهذه القوات لسنة جديدة، إيماناً منه بـ«أهمية الدور الذي تضطلع به في حفظ الاستقرار في الجنوب، تنفيذاً للقرار 1701».
وعشيّة انتهاء مهام قوات «اليونيفيل» أواخر الشهر الحالي، كشف مصدر رسمي مطلع لـ«الشرق الأوسط»، أن وزارة الخارجية اللبنانية «أعطت تعليمات إلى سفيرة لبنان لدى الأمم المتحدة أمل مدللي، لرفع كتاب إلى مجلس الأمن وطلب التمديد لسنة جديدة». ولفت إلى أن «وجود القوات الدولية في الجنوب دليل على إيمان لبنان بالشرعية الدولية، وأن لبنان لا يزال موضع اهتمام الأمم المتحدة والمجتمع الدولي».
واستباقاً لهذا الموعد، عقد رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، لقاءات مع المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جوانا ورونيكا، أطلعتهما خلالها على أجواء إحاطة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لمجلس الأمن حول القرار 1707، وأكدت مصادر القصر الجمهوري أن الرئيس عون «تبلّغ الأجواء الإيجابية التي سادت اجتماع مجلس الأمن الذي عقد خلال شهر تموز (يوليو) الماضي». وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن «أجواء مجلس الأمن كانت إيجابية، وجرى تأكيد على بقاء (اليونيفيل) في جنوب لبنان، لما تشكّله من ضمان للاستقرار الأمني على الحدود مع فلسطين المحتلّة، هذا الأمن الذي يعدّ (بحسب الأمم المتحدة) نموذجاً للمهام التي تضطلع بها قوات حفظ السلام الدولية في العالم، يجب المحافظة عليها عبر بقاء اليونيفيل».
واستعرض مجلس الأمن في اجتماعه الذي عقد في 21 يوليو (تموز) الماضي في مقرّه في نيويورك، الإيجابيات والسلبيات التي ترافق عمل القوات الدولية، وتطرّق للتعديات التي تمارس على عناصرها من حين لآخر، ولم تخف المصادر أن «إحاطة الأمين العام للأمم المتحدة سجّلت ملاحظات على اعتراض مدنيين لدوريات (اليونيفيل) للحدّ من تحركاتها ومضايقتها ومصادرة بعض عتادها أحياناً». وقالت إن مجلس الأمن «طالب بوقف هذه التعديات، وتعزيز التعاون مع الجيش اللبناني الذي يعوّل على دوره، وهذا يطمئن الدول المشاركة في (اليونيفيل) ويشجعها على البقاء في لبنان».
وكانت المنسّقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جوانا ورونيكا، أعلنت بعد لقائها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قبل أسبوعين، أنها أطلعته على فحوى اجتماع مجلس الأمن، حيث جرى عرض للتطورات في لبنان. وقالت: «أستطيع أن أقول بأن الجو في مجلس الأمن كان إيجابياً». وأعرب مصدر مقرّب من ميقاتي عن أنه «مطمئن إلى أن مجلس الأمن سيمدد للقوات الدولية لسنة جديدة، انطلاقاً من حرص المجلس على الاستقرار الذي ينعم به الجنوب واستمرار التعاون بين القوات الدولية والجيش اللبناني». وشدد على أن لبنان «متمسّك بالدور الذي تضطلع به الأمم المتحدة، لجهة الحرص على حفظ أمن لبنان ودعم الجيش في مهامه الوطنية سواء في الداخل أو على الحدود، خصوصاً عند الحدود الجنوبية».
وبدأت مهام قوات الأمم المتحدة في لبنان، بموجب القرار رقم 425 الذي أصدره مجلس الأمن الدولي في العام 1978، وذلك للتأكيد على انسحاب إسرائيل من لبنان، واستعادة الأمن والسلام الدوليين ومساعدة الحكومة اللبنانية على استعادة سلطتها الفعالة في المنطقة، وتم تعديل المهمة مرتين نتيجة الاجتياح الإسرائيلي للبنان في العام 1982 وفي العام 2000، إثر انسحاب الجيش الإسرائيلي من مناطق كان يحتلها في الجنوب، لكنّ بعد حرب تموز (يوليو) 2006، قام مجلس الأمن بتعزيز هذه القوات عبر القرار 1701 وأوكل إليها مهام أخرى، أهمها مراقبة وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» ودعم الجيش اللبناني والقوى الأمنية الشرعية للانتشار في جنوب لبنان، والمساعدة في وصول المعونات الإنسانية للمواطنين المدنيين.
وتبدو عملية التمديد سنوياً لقوات «اليونيفيل» حتمية، في غياب العوامل التي تستدعي إنهاء دورها، ورأى سفير لبنان الأسبق في واشنطن الدكتور رياض طبّارة، أن «لا وجود لتطورات على الحدود اللبنانية الفلسطينية تستوجب سحبها أو تعديل مهامها».
وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن هذه القوات «ما زالت تعمل وفق مقتضيات القرار 1701، وأن أي تعديل يحتاج إلى تطورات تمسّ بشكل مباشر بمصالح الدول العظمى، التي تقرر حينها تعديل قواعد عملها أو إرسال قوات إضافية بمهام أوسع».وعما إذا كانت بعض التعديات التي تطال دوريات لـ«اليونيفيل» قد تفرض تعاملاً دولياً مختلفاً، شدد طبارة على أن «التحرشات التي تتعرض لها هذه الدوريات، ليست إلّا زكزكات تحصل نتيجة خلافات مع (حزب الله) الذي يبعث برسائل عبر الأهالي المدنيين». وقال: «هذه خلافات محدودة، يمكن أن تشهدها مناطق نزاع توجد فيها القوات الدولية في العالم».


مقالات ذات صلة

إحصاء 336 اعتداءً ضد الصحافيين في 3 سنوات من حكم «طالبان» في أفغانستان

آسيا خلال احتجاج نظمته حركة «طالبان» في أفغانستان (رويترز - أرشيفية)

إحصاء 336 اعتداءً ضد الصحافيين في 3 سنوات من حكم «طالبان» في أفغانستان

أفادت الأمم المتحدة، الثلاثاء، بأنها سجّلت 336 اعتداءً على صحافيين وعاملين في وسائل إعلام منذ عودة «طالبان» لحكم أفغانستان في أغسطس 2021.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي نازحون فلسطينيون يسيرون في شارع غرب مدينة غزة الاثنين (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة تدعو إلى وقف دائم لإطلاق النار في لبنان وإسرائيل وغزة

دعت الأمم المتحدة، اليوم (الثلاثاء)، من جديد إلى «وقف دائم لإطلاق النار» في لبنان وإسرائيل وغزة، في حين يتوقع إعلان هدنة بين إسرائيل و«حزب الله».

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي جنود لبنانيون يتجمعون في موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت موقعاً للجيش في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: الهجمات التي تستهدف الجيش اللبناني «انتهاك صارخ» للقرار 1701

أعلنت الأمم المتحدة، الاثنين، أنها «تشعر بالقلق» إزاء تصاعد الأعمال القتالية بين «حزب الله» والجيش الإسرائيلي، والهجمات التي تعرض لها الجيش اللبناني.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شمال افريقيا قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان يؤدي التحية العسكرية خلال فعالية في بورتسودان 25 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

البرهان يسمح للمنظمات الإغاثية باستخدام 3 مطارات لتخزين مواد الإغاثة

وجه رئيس المجلس السيادي السوداني عبد الفتاح البرهان، بالسماح لمنظمات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة باستخدام 3 مطارات بوصفها مراكز لتخزين مواد الإغاثة الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
المشرق العربي صورة تظهر لحظة قصف إسرائيلي لمبنى في منطقة الشياح بالضاحية الجنوبية لبيروت... 25 نوفمبر 2024 (رويترز)

الأمم المتحدة تدعو «الأطراف» إلى «الموافقة على وقف إطلاق النار» في لبنان

دعا مسؤول في الأمم المتحدة، الاثنين، الأطراف المعنية إلى «الموافقة على وقف إطلاق النار» في لبنان حيث تتواصل الحرب بين إسرائيل و«حزب الله».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).