مديحة كامل... رؤية جديدة لـ«سنوات الظهور والاختفاء»

عبر كتاب يروي مسيرتها في ذكرى ميلادها الـ74

غلاف كتاب مديحة كامل (الشرق الأوسط)
غلاف كتاب مديحة كامل (الشرق الأوسط)
TT

مديحة كامل... رؤية جديدة لـ«سنوات الظهور والاختفاء»

غلاف كتاب مديحة كامل (الشرق الأوسط)
غلاف كتاب مديحة كامل (الشرق الأوسط)

رغم سنوات عمرها الفني القصير، إلا أن الذكرى التي تركتها الفنانة المصرية مديحة كامل ما زالت محفورة لدى جمهور السينما رغم رحيلها، فالفنانة الراحلة التي تحل ذكرى ميلادها الـ74 هذا الشهر أغسطس (آب)، ما زال يتداول جمهور التواصل الاجتماعي الحديث حول حضورها الفني، كأيقونة للجمال الهادئ الذي لم يُذبله الموت.
ويعكس كتاب «مديحة كامل- سنوات الظهور والاختفاء» الصادر أخيرا للكاتب المصري محمد سرساوي هذا الاهتمام المتواصل بالفنانة الراحلة: «طالما كانت تراودني الرغبة الشديدة في الكتابة عن مديحة كامل، وكنت كالكثير ممن يلاحظون حالة الحب المتصلة بها رغم رحيلها، لا سيما بنشر صورها على صفحات التواصل الاجتماعي، ووددت الاقتراب من عالمها الخاص والفني عبر هذا الكتاب» يقول المؤلف محمد سرساوي في كلمته لـ«الشرق الأوسط».

«ظهرت مديحة كامل على شاشة السينما عام 1964، في وقت كانت فيه السينما المصرية لا تزال مصرة على التمسك ببطلاتها المعتادات» هكذا يستهل الناقد الفني أشرف غريب تقديمه للكتاب الصادر عن دار «الرواق» في القاهرة، ويمر غريب سريعاً حول خصوصية الملامح الفنية لمديحة كامل، معتبراً أن هذا الكتاب يتتبع ما يصفها بـ«التعريجات» في مسيرة مديحة كامل منذ مولدها في مدينة الإسكندرية (شمال مصر) في أربعينيات القرن الماضي وصولاً للحظة وفاتها.
يتوقف المؤلف محمد سرساوي عند مديحة كامل باعتبارها فتاة «الأحلام» التي جمعت بين الجمال والإشراق والذكاء، وبلغة السينما «وجه تعشقه الكاميرا»، يقول سرساوي: «أحبها الجمهور، وقد تجلى هذا الحب في أشكال متنوعة، منها الصفحات التي أنشأها محبوها على مواقع التواصل، والبعض الآخر كان يعرض آلاف الصور لها، وقد ظهرت في مقالات بديعة تفيض بالحب ممن صادفوها في الوسط الفني، أو ممن عملت معهم من مخرجين وكتاب السيناريو والممثلين، حب تجلى في مشاهد متعددة عايشتها مديحة في كلمات المعجبين وخطاباتهم، حب لم ينقطع واستمر حتى بعد اعتزالها ووفاتها».

اعتمد الكاتب في تدوين سيرة الفنانة مديحة كامل (1948 – 1997) على الجانب البحثي والتوثيقي في رحلة أخذته داخل عالم الأرشيف في مؤسسات الصحف القومية، والمركز الكاثوليكي بالسينما، ودار الكتب والوثائق القومية بمصر.
واعتمد الكاتب على الربط بين محطات بارزة في حياتها الخاصة وأعمالها الفنية، وذلك منذ كانت طفلة بمدينتها الإسكندرية، حيث بدأت المفارقات الدرامية في حياتها مبكراً، بعد أن تحول شغفها من مجال الرياضة إلى مجال عروض الأزياء وحلم التمثيل. ويقول الكتاب: «بدأت رحلة مديحة كامل للبحث عن التميز في الألعاب الرياضية، مثل البنج بونج، وكرة السلة، والعدو، وصولاً للجمباز التي حصلت فيها على درجات متقدمة، وبدأ الحلم يداعب خيالها، وتصفيق الزملاء يشعل الحماس في صدرها حتى جاء اليوم الذي حدثت فيه إصابة في جهاز العقلة، ومن ذلك الحين استبدلت تصفيق المشاهدين في صالة الجمباز بتصفيق المتفرجين في صالة المسرح».

يقع الكتاب في ثمانية فصول، ترصد سنوات الميلاد والبداية، وصولا للاعتزال والوفاة، يقول المؤلف «الكتاب يتتبع حياتها وفنها في آن واحد، مع كشف العوامل التي أدت إلى اعتزالها، كآلام وتجارب الحب والزواج والمرض، وفقد الأحبة كوالدتها وأخيها، وهي حوارات كان يشع منها الحزن، وعلاقتها بابنتها الوحيدة ميريهان، وكذلك موقفها من الإشاعات التي واجهتها، ثم حياتها بعد الاعتزال واحترامها لرسالة الفن حتى بعد اعتزالها. رحلة مديحة كامل لم تكن رحلة سهلة بل رحلة شاقة عانت فيها الكثير» كما يقول المؤلف. ويضيف في الكتاب: «لم تحيي ذكرى مديحة كامل رسميا أي مؤسسة، ومع ذلك تقام ذكرى ميلادها ووفاتها في قلوب محبيها».

ومن أشهر أعمالها الفنية: «الاختيار، أغنية على الممر، الأرملة العذراء، حب وكبرياء، زمان يا حب، لا تدمرني معك، انحراف، الصعود إلى الهاوية»، بجانب مسلسل «البشاير» مع محمود عبد العزيز. واعتزلت الفن تماما قبل إكمالها تصوير فيلم «بوابة إبليس» عام 1993، واحتجبت بعدها عن أي ظهور إعلامي.
ورحلت عن عالمنا جراء مضاعفات مرضها بالقلب يوم 13 يناير (كانون الثاني) 1997.


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

المتحف المصري الكبير يحتفي بالفنون التراثية والحِرف اليدوية

المتحف المصري الكبير يضم آلافاً من القطع الأثرية (الشرق الأوسط)
المتحف المصري الكبير يضم آلافاً من القطع الأثرية (الشرق الأوسط)
TT

المتحف المصري الكبير يحتفي بالفنون التراثية والحِرف اليدوية

المتحف المصري الكبير يضم آلافاً من القطع الأثرية (الشرق الأوسط)
المتحف المصري الكبير يضم آلافاً من القطع الأثرية (الشرق الأوسط)

في إطار التشغيل التجريبي للمتحف المصري الكبير بالجيزة (غرب القاهرة) أقيمت فعالية «تأثير الإبداع» التي تضمنت احتفاءً بالفنون التراثية والحِرف اليدوية وتاريخها الممتد في عمق الحضارة المصرية.

واستهدفت الفعالية التي نُظمت، الأحد، بالتعاون بين مؤسسة «دروسوس» وجمعية «نهضة المحروسة» تسليط الضوء على الدور الذي يلعبه الإبداع في مجالات التراث والفنون والحِرف اليدوية، في الاحتفاظ بسمات حضارية قديمة، كما تستهدف تعزيز دور الصناعات الإبداعية باعتبارها رافداً أساسياً للتنمية على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، وكذلك إبراز أهمية الابتكار والإبداع في مختلف المجالات.

وأكد الدكتور أحمد غنيم، الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف المصري الكبير، أن «هذه الفعالية تعزز روح التعاون والرؤية المشتركة وتشجيع التبادل الثقافي»، لافتاً في كلمة خلال الاحتفالية إلى أن «المتحف المصري الكبير ليس متحفاً تقليدياً، وإنما هو مُجمع ثقافي يحتفي بالتاريخ والثقافة المصرية ويشجِّع على الإبداع والابتكار الذي يرتكز على الماضي لينطلق نحو مستقبل أكثر إشراقاً وتطوراً».

الحِرف اليدوية تحمل طابعاً تراثياً (وزارة السياحة والآثار)

وأوضح غنيم في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «المتحف عبارة عن منارة ثقافية هدفها ليس فقط عرض الآثار، لكن أيضاً عرض التراث المصري سواء المادي أو غير المادي، وربطها بالحضارة المصرية القديمة وعبر عصور مختلفة وصولاً إلى العصر الحديث».

وتضمنت الفعالية جولة بالمتحف تمت خلالها زيارة البهو، حيث تمثال الملك رمسيس، والدَّرَج العظيم، وقاعات العرض الرئيسة، وكذلك المعرض الخاص بالفعالية، كما اختتمت فرقة «فابريكا» الفعالية، حيث قدَّمَت أوبريت «الليلة الكبيرة»، وفق بيان لوزارة السياحة والآثار.

ويضيف الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف أن «الجمعيات الأهلية أو الجهات المتخصصة والمعنية بالتراث نحاول أن نعرضها في المتحف بشكل لائق ومشجع لمن يقومون على هذه الحِرف والفنون».

جانب من فعالية «تأثير الإبداع» للفنون التراثية والحِرف اليدوية (وزارة السياحة والآثار)

وأشار إلى أن الفعالية تضمنت عرض مجموعات من الخزف وكذلك فنون على الأقمشة والأعمال الخاصة بالخشب وأعمال متنوعة في المجالات كافة.

ويعدّ المتحف المصري الكبير من أهم المتاحف المصرية المنتظر افتتاحها، ووصفه رئيس الوزراء المصري في تصريحات سابقة بأنه سيكون «هدية مصر للعالم»، ويقع المتحف على مساحة 117 فداناً، ضمن مشهد مفتوح على منطقة الأهرامات الثلاثة، وتُعوّل مصر عليه كثيراً في تنشيط الحركة السياحية، ومن المنتظر أن يشهد عرض المجموعة الكاملة لآثار الفرعون الذهبي توت عنخ آمون التي يتجاوز عددها 5 آلاف قطعة لدى افتتاحه الرسمي بشكل كامل.

وتضمنت الفعالية التي شهدها المتحف رحلة عبر الزمن اصطحبتهم من الماضي حيث الحضارة الخالدة، مروراً بالحاضر ورموزه الفنية، نحو صورة لمستقبل أكثر ابتكاراً وإبداعاً.

وتعدّ فعالية «تأثير الإبداع» إحدى الفعاليات المتنوعة التي يستضيفها المتحف المصري الكبير في إطار التشغيل التجريبي الذي يشهده ويتيح لزائريه زيارة منطقة المسلة المعلقة، والبهو العظيم والبهو الزجاجي، والمنطقة التجارية، بالإضافة إلى قاعات العرض الرئيسة التي تم افتتاحها جزئياً.