تحدّيات جدّية تواجه أول حكم يساري في تاريخ كولومبيا

بينما ينتظر التيار «التقدمي» التجديدي القارّي نتيجة انتخابات البرازيل

بيترو يقسم اليمين خلال تنصيبه (أ.ف.ب)
بيترو يقسم اليمين خلال تنصيبه (أ.ف.ب)
TT

تحدّيات جدّية تواجه أول حكم يساري في تاريخ كولومبيا

بيترو يقسم اليمين خلال تنصيبه (أ.ف.ب)
بيترو يقسم اليمين خلال تنصيبه (أ.ف.ب)

بعد مرور أكثر من 200 سنة على استقلال كولومبيا عن إسبانيا، وصل اليسار إلى الحكم للمرة الأولى مع انتخاب الرئيس الجديد غوستافو بيترو الذي تسلّم مهامه يوم الأحد الماضي إلى جانب نائبته فرنسيا ماركيز، المتحدرة من أصول أفريقية، والمولودة في إحدى أفقر المناطق المهمشة التي كانت طوال عقود تحت سيطرة الحركات الثورية التي سبق أن قاتل بيترو في صفوفها. وفي خطاب بيترو الرسمي الأول، أمام عدد من الرؤساء والمسؤولين الأجانب ومئات الآلاف من مواطنيه الذين احتشدوا وسط العاصمة بوغوتا، قال الرئيس الجديد: «هذه هي حكومة الحياة والسلام، وهكذا سيذكرها التاريخ»، في إشارة إلى الاغتيالات التي تعرّض لها مرشّحو اليسار في الانتخابات الأربع الأخيرة، وإلى آلاف القياديين اليساريين الذي اغتالتهم المجموعات شبه العسكرية، وإلى اتفاق السلام بين الحكومة والحركات الثورية المسلحة الذي ما زالت تعترض تنفيذه عقبات ومطالبات من القوى اليمينية بتعديله. وهنا تجدر الإشارة إلى أن بيترو، شخصياً، كان قد نجا بأعجوبة من محاولة اغتيال تعرّض لها في بداية الحملة الانتخابية، مطلع هذا العام، بعدما كان يتعرّض باستمرار للتهديد بالقتل عندما كان رئيساً لبلدية بوغوتا. ولكن إلى جانب الطابع التاريخي لوصول بيترو إلى الرئاسة في بلد تعاقبت على حكمه منذ الاستقلال إلى اليوم حفنة من العائلات النافذة، لا شك في أن انتخابه سيؤدي إلى إعادة تشكيل «المحور التقدمي» - أي اليساري - في أميركا اللاتينية، الذي كان يدور حتى الآن حول كوبا وفنزويلا والأرجنتين ونيكاراغوا، والذي أخذت تظهر عليه علامات التفكك والوهن منذ فترة.

الخطوة الأولى في مسيرة غوستافو بيترو الطويلة إلى رئاسة كولومبيا بدأت مع التوقيع على اتفاق السلام، الذي رغم أن معظم بنوده ما زالت حبراً على ورق، مهّد الطريق أمام القوى اليسارية و«التقدمية» لكي تطرح برامجها السياسية والاجتماعية من غير أن توجه إليها الاتهامات بأنها تنتمي إلى الحركات الثورية المسلحة، أو بأنها ضد النظام الديمقراطي و«دولة المؤسسات». كذلك يأتي انتخاب نائبة الرئيس ليؤكد هذا التحوّل الجذري في المشهد السياسي الكولومبي، حيث وضعت غالبية السكان آمالها في «برنامج تقدمي للتغيير» من أجل تجاوز الأزمة الاقتصادية، التي دفعت نحو نصف المواطنين إلى ما دون خط الفقر، إذ لا يتجاوز دخل 64 في المائة منهم خمسة دولارات في اليوم.
إلا أن هذا التغيير التاريخي في المشهد الكولومبي سيؤدي حتماً إلى تغيير كبير على الصعيد الإقليمي، لا سيّما أن كولومبيا كانت دائماً «رأس الحربة» التي استندت إليها المؤسسة العسكرية والقوى اليمينية في الولايات المتحدة لبسط نفوذها وترسيخه في المنطقة. ويجدر التذكير بأن الحكومات الكولومبية السابقة كانت غالباً ما تتباهى بأن لديها مستشارين عسكريين أميركيين في جميع قواعدها العسكرية، وأن النخبة المحافظة التي كانت تحكم كولومبيا وتتمتع بقدرات أكاديمية وفكرية عالية، كانت هي التي تتولى نشر الفكر المحافظ في البلدان المجاورة. ويضاف إلى ذلك، أن هذا التغيير يتزامن مع موجة إقليمية حملت القوى «التقدمية» اليسارية إلى الحكم في عدد من البلدان التي لم تصل إليها الموجة اليسارية السابقة، مثل تشيلي والمكسيك وبيرو.
مع هذا، وعلى الرغم من أن وجود إدارة ديمقراطية في البيت الأبيض يوفّر فرصاً أفضل للتفاهم والتنسيق بين واشنطن وبوغوتا، يرى مراقبون أن الولايات المتحدة ليست مرتاحة لوصول بيترو إلى الرئاسة في كولومبيا، وبخاصة بعد تراجع تركيزها وجهودها لتحديد أهدافها الاستراتيجية في أميركا اللاتينية إثر انصرافها إلى مواجهة صعود الصين وانهماكها في النسخة الجديدة من «الحرب الباردة» مع روسيا.

- يسار «تجديدي» عصري
مقرّبون من خط الذين رافقوا بيترو في مسيرته السياسية خلال السنوات الأخيرة، يقولون إنه يميل إلى الخط الذي ينهجه الرئيس المكسيكي مانويل لوبيز أوبرادور، الذي يدعو إلى مزيد من السيادة والاستقلالية عن توجيهات واشنطن وإملاءاتها. وكان بيترو قد أشار في الخطاب الذي ألقاه خلال حفل تسلّم مهامه يوم الأحد الماضي، إلى أنه «لا يمكن عقد اجتماعات إقليمية في غياب كوبا وفنزويلا ونيكاراغوا»، وأن «التكامل الاقتصادي في أميركا اللاتينية ما عاد يحتمل التأجيل» للاستفادة من الطاقات والموارد الهائلة التي تزخر بها المنطقة، ومن السوق الضخمة التي تشكلها لمنتجاتها.
ولكن، بخلاف الموجة اليسارية السابقة التي بدأت عام 1998 مع هوغو تشافيز بفنزويلا، وكان محورها يدور حول كاراكاس وبرازيليا وبوينس آيرس، سيكون «المحور التقدمي الجديد» - إذا صحّت التوقّعات وفاز الرئيس اليساري السابق لويس إبناسيو لولا في البرازيل - حول سانتياغو وبرازيليا وبوغوتا. وينتظر أن يواجه هذا «المحور» مجموعة من التحديات الهيكلية التي تبدأ «بتجديد الخطاب اليساري»، مروراً بالتوافق على برنامج اقتصادي وإنمائي عصري، ووصولاً إلى الطوارئ الناجمة عن التغير المناخي التي تعاني أميركا اللاتينية من تداعياتها أكثر من أي منطقة أخرى.
وفي سياق متصل، تفيد دراسة وضعتها أخيراً «لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأميركا اللاتينية» بأن 70 في المائة من سكان المنطقة ليسوا راضين عن الأداء الحكومي في بلدانهم، ما يُظهر أن تجديد الحياة السياسية غداً من الضرورات المُلحة بأميركا الجنوبية - بالذات - مع بداية العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين، وأن النخب السياسية في المنطقة باتت منهكة وعاجزة عن التغيير والإصلاح.

- مقاربات متباينة
لمعالجة هذه المشكلة تتباين مقاربات القوى «التقدمية» التي وصلت أخيراً إلى السلطة، وراهناً تشكّل التجربة التشيلية الوجه الأكثر راديكالية بينها. إذ لجأت تشيلي إلى الجمعية التأسيسية «لتجديد» النظام السياسي انطلاقاً من مناصفة التمثيل بين الرجال والنساء، وتمثيل السكان الأصليين، والقطاعات الإنتاجية والهيئات الطلابية، وهي أمور لم تكن واردة قبل الانتفاضات الاجتماعية التي شهدتها البلاد عشية ظهور جائحة «كوفيد - 19». أما في كولومبيا فقد جاء «التجديد» عن طريق التحالف بين غوستافو بيترو، الرمز السابق في الحركات الثورية الذي تخلى عن الكفاح المسلح وانخرط في الحياة السياسية، مع فرنسيا ماركيز ذات الأصول الأفريقية، والناشطة في مجال البيئة ومكافحة التمييز العنصري... الذي ما زالت تعاني منه جميع بلدان المنطقة بدرجات متفاوتة.
في المقابل، من القواسم الأخرى المشتركة التي تجمع بين مختلف أطياف الموجة «التقدمية» الجديدة في أميركا اللاتينية، معالجة الأزمة الاقتصادية والأوضاع المعيشية والاجتماعية المتردّية التي أدّت خلال السنوات الثلاث الماضية إلى موجة من التظاهرات الشعبية الحاشدة في الأرجنتين وبوليفيا وتشيلي وبيرو والإكوادور وباراغواي وكولومبيا. غير أنه، على الرغم من الميل الطبيعي للأحزاب اليسارية إلى إعطاء الأولوية لمكافحة الفقر، وتعزيز الحقوق والمكتسبات الاجتماعية، وجدت هذه الأحزاب نفسها مضطرة إلى تبنّي سياسات اقتصادية ليبرالية... كما حصل في تشيلي والأرجنتين وكولومبيا، وأيضاً في البرازيل حيث اختار لولا حليفاً له مرشحاً لمنصب نائب الرئيس من الزعماء التقليديين للقوى المحافظة. وعودة إلى كولومبيا، فإن بيترو - وهو خبير اقتصادي - اختار لوزارة الاقتصاد أنطونيو كامبو الذي سبق أن تولّى حقائب وزارية في الحكومات الليبرالية السابقة... بل وأيّد المرشح اليميني في الانتخابات الرئاسية.

- البيئة... أولوية
ولكن لعلّ القاسم الرئيس المشترك، الذي قد يسهل التوافق حوله أكثر من غيره بين الأحزاب اليسارية الواصلة أخيراً إلى السلطة وحكومات هذه الدول والجارة الأميركية الكبرى (أي الولايات المتحدة)، هو الموضوع البيئي والتغيّر المناخي الذي يتقدم أولويات الرئيس الكولومبي الجديد، كما أعلن عند تقديم برنامجه الحكومي. وللعلم، فإن كولومبيا من أغنى بلدان العالم من حيث التنوع البيولوجي، وهي بحاجة إلى تطوير أنماط إنتاجية وزراعية بديلة تساعد في التخلص من زراعة الكوكايين التي ما زالت تدرّ أرباحاً طائلة على تجار المخدرات. وكان الرئيس التشيلي غابرييل بوريتش قد وصف حكومته بأنها «بيئية بامتياز» ومواجهة التغير المناخي في صدارة أولوياتها. كذلك أعلن لولا عن «عقد جديد أخضر» في البرازيل يقوم عليه برنامجه الحكومي المقبل.
مع هذا، من المتوقع أن تواجه البرامج البيئية التي وضعتها حكومات الموجة اليسارية الجديدة معارضة شرسة من الأحزاب اليمينية والأوساط الاقتصادية التي أعلنت فتح معركة ضدها، لا سيّما أن المناجم المعدنية والصناعات الزراعية، واستخدام المحروقات الأحفورية تشكّل أبرز الركائز الأساسية لاقتصاداتها. غير أن كثيراً من المراقبين وخبراء يرون أنه على الرغم من هشاشة الغالبيات البرلمانية التي تتمتع بها الحكومات «التقدمية» الجديدة، وضيق هامش تحركها لاحتواء هذه المعارضة - كما الحال بالنسبة للرئيس الكولومبي الجديد - فهي تصرّ على برامجها البيئية. بل يراهن غوستافو بيترو على هذه البرامج لتوسيع قاعدته الشعبية بين الفئات التي تولي أهمية متزايدة للحفاظ على البيئة ولأساليب الإنتاج الطبيعية والمستديمة.
وإلى جانب ما تقدّم، يراهن الرئيس الكولومبي على أن يسهم نجاح البرامج البيئية في التخفيف من حدة الاستقطاب السياسي الذي تعاني منه المنطقة منذ عقود... إذ تتجاذبها الصراعات الشديدة - والعنيفة أحياناً - بين القوى اليمينية واليسارية المتطرفة. وبالفعل، أظهرت الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها المنطقة خلال السنوات الأخيرة الماضية أن العنف السياسي هو الوسيلة المفضلة، وأحياناً الوحيدة، للتعبئة الاجتماعية والمطالبة بالإصلاحات.

- «الجبهة التقدمية»... بانتظار انتخابات البرازيل
ثمة أولويات تنسج، في الواقع، خيطاً يربط بين العواصم الأميركية اللاتينية التي يحكمها اليسار، علماً بأن قيادة هذه «الجبهة التقدمية» تبقى مقصورة - لأسباب لوجيستية - على المكسيك أو البرازيل، أو الاثنتين معاً. والسبب أن مثل هذه القيادة تقتضي جهازاً دبلوماسياً قوياً ومترامياً لا تملكه سوى هاتين الدولتين الكبريين. وفوق هذا، تجمع كل التحليلات على أن التغيير المهم الحقيقي في الخريطة السياسية لعموم أميركا اللاتينية يبقى مرهوناً بانتخاب لولا في البرازيل، وبالتالي، إمساكه بزمام هذا المحور اليساري، على الأقل بصورة رمزية، نظراً لأن البرازيل هي الدولة الوحيدة القادرة على الاستغناء عن الدول الأخرى في المنطقة.
من ناحية ثانية، يتوقع المراقبون، في حال عودة لولا إلى الرئاسة في البرازيل، أن تتشكّل هذه «الجبهة التقدمية» التي يمكن أن تبدأ باستعادة الملفات الإقليمية التي كانت الموجة اليسارية «الراديكالية» السابقة قد طرحتها مطلع القرن الحالي، مثل الاندماج الأميركي اللاتيني، وحقوق الإنسان، والحفاظ على البيئة الذي يطمح الرئيس الكولومبي أن تكون بلاده رائدة فيه ومختبراً إقليمياً للطاقات المتجددة.
وهنا تجدر الإشارة إلى أنه من حيث عدد السكان، فإن البرازيل - الناطقة باللغة البرتغالية - هي الدولة اللاتينية الأكبر (والأغنى) في القارة الأميركية شمالها وجنوبها. أما المكسيك فهي كبرى دولها الناطقة باللغة الإسبانية، وهي ثاني كبرى دول أميركا الشمالية من حيث عدد السكان. وأما كولومبيا فهي ثاني كبرى دول أميركا الجنوبية (بعد البرازيل) وثاني كبرى الدول الناطقة بالإسبانية (بعد المكسيك) في القارة الأميركية.


مقالات ذات صلة

زعيم المعارضة الفنزويلية: كولومبيا هددت بترحيلي

الولايات المتحدة​ زعيم المعارضة الفنزويلية: كولومبيا هددت بترحيلي

زعيم المعارضة الفنزويلية: كولومبيا هددت بترحيلي

قال رئيس المعارضة الفنزويلية، خوان غوايدو، إن كولومبيا هددت بترحيله بعدما فرَّ من الملاحقة إلى بوغوتا، حسبما ذكرت وكالة «بلومبرغ» للأنباء، أمس (الخميس). وذكر غوايدو أن صوته «لم يكن مسموحاً بسماعه» في كولومبيا، حيث استضاف الرئيس جوستافو بيترو قمة دولية الأسبوع الحالي، في محاولة لحل الأزمة السياسية الفنزويلية. وقال غوايدو للصحافيين في ميامي إنه كان يأمل في مقابلة بعض مَن حضروا فعالية بيترو، لكن بدلاً من ذلك رافقه مسؤولو الهجرة إلى «مطار بوغوتا»، حيث استقل طائرة إلى الولايات المتحدة. وقامت كولومبيا بدور كمقرّ غير رسمي لسنوات لرموز المعارضة الفنزويلية الذين خشوا من قمع حكومة الرئيس نيكولاس مادورو

«الشرق الأوسط» (بوغوتا)
أميركا اللاتينية بسبب «الآراء الهجومية» للرئيس... بيرو تسحب سفيرها لدى كولومبيا بصورة نهائية

بسبب «الآراء الهجومية» للرئيس... بيرو تسحب سفيرها لدى كولومبيا بصورة نهائية

أعلنت بيرو، أمس (الأربعاء)، أنها «سحبت بصورة نهائية» سفيرها لدى كولومبيا، متّهمة بوغوتا بالتدخل في شؤونها الداخلية بعد شهر من استدعاء سفيرها لدى المكسيك للأسباب نفسها. وقالت وزارة الخارجية البيروفية، في بيان، إن هذه الخطوة جاءت بعد «تدخل متكرر والآراء الهجومية» للرئيس الكولومبي اليساري غوستافو بيترو حول الأزمة السياسية التي تمر بها بيرو بعد الإطاحة بالرئيس اليساري بيدرو كاستيو وسجنه في ديسمبر (كانون الأول). وأضافت الوزارة أن هذه التصريحات «أدت إلى تدهور خطير في العلاقة التاريخية للصداقة والتعاون والاحترام المتبادل التي كانت قائمة بين بيرو وكولومبيا». وخلال القمة الإيبيرية - الأميركية التي عُقد

«الشرق الأوسط» (ليما)
أميركا اللاتينية الرئيس الكولومبي يرى أن بلاده تتحمل جزءاً من المسؤولية في اغتيال رئيس هايتي

الرئيس الكولومبي يرى أن بلاده تتحمل جزءاً من المسؤولية في اغتيال رئيس هايتي

رأى الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو أن بلاده تتحمل جزءاً من المسؤولية في اغتيال الرئيس الهايتي جوفينيل مويز في عام 2021 على أيدي مرتزقة كولومبيين، معلناً أنه سيزور هايتي؛ في محاولة لإيجاد مَخرج للأزمة العميقة في هذا البلد. وقال الرئيس اليساري لوسائل إعلام في جمهورية الدومينيكان، حيث يشارك في قمة أيبيرية – أميركية: «أودّ الذهاب إلى هايتي، إنها مسألة تتحمّل فيها كولومبيا مسؤولية جزئية، أولاً لأن هايتي ساعدتنا في الماضي لكي نصبح دولة، وثانياً لأن الذين قتلوا الرئيس الهايتي كانوا مرتزقة من كولومبيا، ما أطلق أسوأ أزمة تشهدها هايتي في تاريخها». ولم يحدّد بيترو موعداً لزيارته المحتملة.

«الشرق الأوسط» (سانتو دومينغو)
أميركا اللاتينية الشرطة الكولومبية تلجأ لممارسات دينية لمكافحة الجريمة

الشرطة الكولومبية تلجأ لممارسات دينية لمكافحة الجريمة

لجأ قائد الشرطة الكولومبية مع شرطيين آخرين إلى ممارسات طرد الأرواح الشريرة والصلوات في جهودهم لمكافحة العصابات وكبار زعمائها من أمثال بابلو إسكوبار، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وأكد الجنرال هنري سانابريا من مكتبه المليء بالرموز الدينية المسيحية، أن هذه الممارسات الدينية ساعدت الشرطة لأكثر من 50 عاماً من النزاع المسلح. وذكّر خصوصاً بالعمليات التي أفضت إلى القضاء على تاجر الكوكايين بابلو إسكوبار عام 1993، وعلى القائد العسكري للقوات المسلحة الثورية الكولومبية (فارك) الملقب «مونو خوخي» عام 2010، وقائد المتمردين المسلحين ألفونسو كانو عام 2011. وقال سانابريا في مقابلة مع مجلة «سيمانا»، إن «وجود الشي

«الشرق الأوسط» (بوغوتا)
أميركا اللاتينية شعار برنامج الدردشة الآلي «تشات جي بي تي» (أ.ف.ب)

في كولومبيا... جدل بعد استعانة قاضٍ بـ«تشات جي بي تي» لإصدار حكم

أثار قاضٍ ضجة في كولومبيا مع إعلانه أنه استخدم برنامج الدردشة الآلي، «تشات جي بي تي»، القائم على الذكاء الصناعي للحكم في قضية تتعلق بطفل مصاب بالتوحد، بحسب ما أفادت به مصادر متطابقة، أمس (الخميس)، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». وقال القاضي خوان مانويل باديلا في تصريحات لإذاعة محلية: «هذا يفتح آفاقاً هائلة، اليوم قد يرتبط الأمر ببرمجية (تشات جي بي تي)، لكن في غضون ثلاثة أشهر يمكن الاعتماد على أي بديل آخر لتسهيل صياغة النصوص القانونية التي يمكن للقاضي الاستناد إليها». وشدد على أن «الهدف ليس استبدال القضاة». وفي حكم صدر في 30 يناير (كانون الثاني)، بتّ القاضي في طلب إحدى الأمهات لإعفاء ابنها ال

«الشرق الأوسط» (بوغوتا)

قمة الـ20 تعطي معالجة الفقر والمناخ زخماً... لكنها منقسمة حول حروب الشرق الأوسط وأوكرانيا وترمب

لقطة جماعية لقادة الدول العشرين قبيل ختام القمّة التي عُقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية (إ.ب.أ)
لقطة جماعية لقادة الدول العشرين قبيل ختام القمّة التي عُقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية (إ.ب.أ)
TT

قمة الـ20 تعطي معالجة الفقر والمناخ زخماً... لكنها منقسمة حول حروب الشرق الأوسط وأوكرانيا وترمب

لقطة جماعية لقادة الدول العشرين قبيل ختام القمّة التي عُقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية (إ.ب.أ)
لقطة جماعية لقادة الدول العشرين قبيل ختام القمّة التي عُقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية (إ.ب.أ)

في اليوم الثاني الأخير أعطت قمة مجموعة العشرين زخماً محدوداً لمفاوضات مناخية متعثّرة في باكو وسادها انقسام في المواقف بشأن الحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط وخيّم عليها طيف ترمب العائد إلى البيت الأبيض. وتضمّن البيان تعهّداً «بالحرص على أن يدفع أصحاب الثروات الطائلة ضرائب كما ينبغي» وبوضع آليات لمنعهم من التهرّب من دفع الضرائب.

الجلسة الافتتاحية لقمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ف.ب)

سعى الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا إلى توجيه دفّة المناقشات حول المسائل الاجتماعية في صلب نهجه اليساري ونجح في حشد دعم القادة لمقترح يقضي بفرض مزيد من الضرائب على أكبر الأثرياء.

غير أن هذه المسألة لقيت تحفّظات من الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي المعجب بنهج ترمب. ولم يعرقل ميلي صدور البيان، لكنه أعرب علناً عن معارضته تلك البنود وغيرها، مثل زيادة تدخّل الدولة لمكافحة الجوع.

إلا أن البرازيل نجحت بصفتها الدولة المضيفة، في تشكيل جدول أعمال القمة، وإدراج أولويات رئيسية من رئاستها في الوثيقة، بما في ذلك مكافحة الجوع وتغير المناخ، إلى جانب جهود إصلاح المنظمات الدولية. وأكد البيان الختامي أن الجوع لا ينجم عن نقص الموارد أو المعرفة، بل عن نقص الإرادة السياسية لضمان وصول الغذاء للجميع.

إذ أعلن الرئيس البرازيلي عن إطلاق «التحالف العالمي ضد الجوع والفقر» في بداية القمة. وقال لولا: «الجوع والفقر ليسا نتيجة للندرة أو الظواهر الطبيعية»، بل هما نتيجة لقرارات سياسية تؤدي إلى استبعاد جزء كبير من الإنسانية. وتعد هذه المبادرة من الموضوعات الرئيسية للمجموعة، التي تجمع أكبر اقتصادات العالم، وقد لقيت دعماً علنياً من 81 دولة. وقال لولا إن المجموعة ستتبادل الخبرات وتنسق التدابير من أجل الأمن الغذائي: «سيكون هذا أعظم إرث لنا». وأضاف الرئيس البرازيلي أن مكافحة الجوع والفقر هي شرط أساسي لبناء عالم سلمي.

تمكنت مجموعة العشرين، التي انطلقت قمتها في ريو دي جانيرو، الاثنين، من التوصل إلى إعلان مشترك مكون من 85 نقطة. وهناك نقطة رئيسية تم الاتفاق عليها خلال القمة كانت الدفع نحو إصلاح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، حيث دعا الإعلان الختامي إلى مجلس أكثر «تمثيلاً وشمولاً وكفاءة وفاعلية وديمقراطية وخضوعاً للمساءلة».

الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا إلى توجيه دفّة المناقشات حول المسائل الاجتماعية (أ.ب)

ودعا لولا أيضاً إلى تعزيز التعددية، مؤكداً الحاجة إلى مؤسسات عالمية أكثر شمولاً وتمثيلاً لضمان الاستقرار وتعزيز السلام. وقال لولا: «استقرار العالم يعتمد على مؤسسات أكثر تمثيلاً»، مشيراً إلى أهمية تضمين أصوات متنوعة في منتديات اتخاذ القرار. ووصف هذا التنوع بأنه «طريق السلام» وضروري لتحقيق التوازن في الحوكمة العالمية.

4 مليارات دولار من بايدن و25 من بنك التنمية الأمريكي

أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، الاثنين، أن الولايات المتّحدة ستقدّم مساهمة «تاريخية» بأربعة مليارات دولار لصندوق تابع للبنك الدولي يدعم البلدان الأكثر فقراً، في خطوة تسبق تسليمه السلطة إلى دونالد ترمب العازم على خفض الإنفاق العام. وتعهد بايدن بتقديم هذا المبلغ لـ«المؤسسة الدولية للتنمية». وهذا آخر اجتماع لبايدن مع كبار زعماء العالم قبل مغادرته البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني).

وقال مسؤول أميركي كبير إنّ هذه مساهمة بـ«أربعة مليارات دولار على مدى ثلاث سنوات»، ما يعني أنّها غير ملزمة للإدارة الجمهورية المقبلة برئاسة دونالد ترمب.

لكنّ المسؤول عينه أشار إلى أنّ الجمهوريين، عندما كانوا في السلطة، أيّدوا ضخّ أموال في هذا الصندوق. والمؤسسة الدولية للتنمية هي ذراع للبنك الدولي تساعد أفقر بلدان الكوكب. وتمنح المؤسسة قروضاً وهبات مخصّصة لبرامج مثل مكافحة عدم المساواة ومكافحة الاحتباس الحراري.

وتعهد بنك التنمية الأميركي بالفعل بتقديم 25 مليار دولار للمبادرة. من جانبها، طالبت منظمة أوكسفام غير الربحية بأن تقوم دول مجموعة العشرين نفسها بالاستثمار العام بشكل كبير في أعمال الزراعة الصغيرة. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، إن الاتحاد الأوروبي سيشارك أيضاً في هذه المبادرة.

الرئيس الأميركي جو بايدن لدى مشاركته خلال اليوم الأول من قمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ب)

«كوب 29» يرحب بالمؤشّرات الإيجابية

رحّب المشاركون في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (كوب 29) بالمؤشّرات الإيجابية الصادرة عن بيان المجموعة في ريو بشأن تمويل الحلول المناخية للبلدان النامية، لكنهم شدّدوا على أن الشقّ الأصعب من المهمّة ينبغي إنجازه في باكو. ورغم المخاوف الأولية بشأن احتمال وجود خلافات من الرئيس الأرجنتيني المتطرف، خافيير ميلي، ركزت المجموعة على تغير المناخ مع ختام القمة، وأعرب قادة الدول الصناعية والناشئة الرائدة في العالم عن التزامهم بفرض ضرائب أكثر فاعلية على فائقي الثراء، وأكدوا الهدف الدولي المتفق عليه للحد من الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الصناعة.

ولم يتطرّق بيان ريو إلى مسألة الخروج التدريجي من مصادر الطاقة الأحفورية التي تمّ الاتفاق عليها خلال مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين للمناخ في دبي، ما أثار استياء في أوساط المنظمات غير الحكومية.

وقال سيمن ستيل، الأمين التنفيدي لاتفاقية الأمم المتحدة حول تغيّر المناخ، الثلاثاء، إن «وفود مجموعة العشرين لها نظامها الخاص هنا في باكو حيث نحن بأشدّ الحاجة إلى أن تتوقّف البلدان عن التشبّث بمواقفها وتتّجه سريعاً نحو أرضية مشتركة للتفاهم». وقد دعا القادة في تصريحاتهم إلى «زيادة الموارد التمويلية والاستثمارات العامة والخاصة لصالح المناخ في البلدان النامية». وتطرّقت عدّة فقرات من البيان إلى الحاجة إلى تعزيز الاستثمارات الخاصة والمتعددة الأطراف باتّجاه البلدان قيد النموّ.

وجاء في بيان المجموعة: «نقرّ بالحاجة إلى تعزيز الاستثمارات وزيادتها من كلّ المصادر والقنوات المالية لسدّ الثغرة التمويلية فيما يخصّ الانتقال بمجال الطاقة في العالم، لا سيّما في البلدان النامية».

وأثار البيان أيضاً فكرة فرض ضريبة على كبار الأغنياء على نحو مبدئي. وهي فكرة أشادت بها عدّة منظمات غير حكومية، متلمّسة فيها بصمة الرئيس البرازيلي لولا.

وفي تصريحات لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» من باكو، أشاد رئيس فريق المفاوضات الذي يمثّل أغلبية البلدان النامية المعروف باسم «مجموعة السبع والسبعين+الصين»، الدبلوماسي الأوغندي أدونيا أييباري، بإقرار مجموعة العشرين «بالحاجة إلى زيادة التمويل في مجال المناخ لرفعه من مليارات إلى آلاف المليارات المتأتية من المصادر كافة»، وفق الصياغة المستخدمة في بيان ريو.

وقدّر عالما اقتصاد معروفان مفوّضان من الأمم المتحدة المساعدة المناخية الخارجية للبلدان النامية بألف مليار في السنة. غير أن الدبلوماسي الأوغندي أعرب عن الأسف على أن البيان لم يحدّد الجهات الواجب عليها تقديم التمويل، مع الاكتفاء باستخدام عبارة «من المصادر كافة» بدلاً من استعراض جهات التمويل العام بوضوح، وهي إحدى المسائل الخلافية في باكو.

وقال أدونيا أييباري: «طلبنا بوضوح أن يأتي ذلك من مصادر عامة على شكل قروض بأسعار فائدة تفضيلية أو مساعدات»، مشيراً إلى أن البيان يبقى على الرغم من ذلك «خطوة جيّدة» للتوصّل إلى اتفاق بحلول نهاية المؤتمر، الجمعة.

وقال محمّد أدوو من مجموعة «باوورشيفت أفريكا» البحثية: «كنّا بحاجة إلى مؤشّر قويّ من مجموعة العشرين وحصلنا عليه على الصعيد المالي». غير أن آخرين هم أكثر حذراً فيما يتعلّق بالأثر الفعلي على مؤتمر «كوب 29»، إذ إن بيان مجموعة العشرين لم يتطرّق إلى صلب المناقشات الجارية في باكو والقائمة على القيمة الإجمالية للمبلغ ومساهمة بلدان مثل الصين.

وكشف مفاوض أوروبي رفيع المستوى لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» عن أنه بدأ العمل يوم الثلاثاء، ككلّ المشاركين في «كوب 29»، بتفحّص بيان مجموعة العشرين الممتدّ على 22 صفحة «كنّا ننتظر زخماً كبيراً ولعلّ توقّعاتنا كانت جدّ مرتفعة».

وقالت فريديريكي رودر من منظمة «غلوبال سيتيزن» غير الحكومية إن مجموعة العشرين «أعادت رمي الكرة في مرمى الكوب»، مقرّة بأن «البرازيل أدّت دورها على أكمل وجه لكن مجموعة العشرين لم تحذ حذوها».

المستشار الألماني أولاف شولتس لدى وصوله للمشاركة في قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ف.ب)

وصرّحت ريبيكا تيسن من الشبكة الواسعة للمنظمات غير الحكومية «كلايمت أكشن نتوورك» بأن «قادة مجموعة العشرين لم يرسلوا الإشارات السياسية اللازمة من ريو». واكتفت المجموعة بالقول بشأن المفاوضات الجارية في باكو: «نتوقّع النجاح للهدف الكمّي الجماعي الجديد في باكو».

ولفتت تيسن إلى أن «الصمت بشأن الهدف الجديد لتمويل مكافحة التغير المناخي وبشأن التخلّي التدريجي عن الوقود الأحفوري غير مقبول من أكبر الاقتصادات وأكبر الملوّثين». وعدّ هارجيت سينغ من المبادرة من أجل اتفاق لعدم انتشار الوقود الأحفوري أن «القادة العالميين الملتئمين في قمّة مجموعة العشرين أظهروا نقصاً فادحاً في الحسّ القيادي وغفلوا عن إعادة التأكيد على التزامهم بالتخلّي عن الوقود الأحفوري، وهو محور رئيسي من العمل المناخي العالمي».

الشرق الأوسط

وأعرب الإعلان الختامي عن «قلق عميق بشأن الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة والتصعيد في لبنان»، ودعت القمّة إلى وقف «شامل» لإطلاق النار.

وأشار البيان إلى ضرورة توسيع المساعدات الإنسانية بشكل عاجل وتعزيز حماية السكان المدنيين، في رسالة واضحة لإسرائيل. كما أكدت مجموعة العشرين على «حق الفلسطينيين في تقرير المصير»، و«التزام لا يتزعزع برؤية حل الدولتين، حيث تعيش إسرائيل ودولة فلسطينية جنباً إلى جنب في سلام ضمن حدود آمنة ومعترف بها، بما يتماشى مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة».

لافروف مع نظيره الصيني (أ.ف.ب)

ولم يتم التطرق في الإعلان الختامي لهجمات حركة «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على إسرائيل. وقبل القمة، دعا وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر مجموعة العشرين إلى الاعتراف بحق إسرائيل في الدفاع عن النفس، والمطالبة بالإفراج عن جميع الرهائن، وإدانة «حماس» و«حزب الله»، اللذين تخوض إسرائيل حرباً ضدهما في قطاع غزة ولبنان على التوالي. وكتب ساعر أن أي بيان لا يتناول هذه النقاط سيشجع إيران وحلفاءها على مواصلة نشر عدم الاستقرار في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

أعلنت دول المجموعة في بيان مشترك صدر الاثنين أنّها «متّحدة في دعم وقف لإطلاق النار» في كل من غزة ولبنان. وقال قادة الدول العشرين في بيانهم: «نحن متّحدون في دعم وقف شامل لإطلاق النار في غزة، بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2735، وفي لبنان بما يمكّن المواطنين من العودة بأمان إلى منازلهم على جانبي الخط الأزرق» الذي يقوم مقام خط الحدود بين إسرائيل ولبنان. وأضاف القادة في بيانهم الختامي: «إنّنا وإذ نعرب عن قلقنا العميق إزاء الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة والتصعيد في لبنان، فإنّنا نؤكّد على الحاجة الملحّة لزيادة تدفّق المساعدات الإنسانية وتعزيز حماية المدنيّين».

وتابعوا: «نحن نسلّط الضوء على المعاناة الإنسانية والآثار السلبية للحرب» في قطاع غزة، و«نكرّر التزامنا الثابت بحلّ الدولتين الذي تعيش فيه إسرائيل ودولة فلسطينية جنباً إلى جنب بسلام داخل حدود آمنة ومعترف بها، بما يتوافق مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة».

الحرب في أوكرانيا والتوتر بين الكوريتين

وفي ظلّ هذه التطوّرات، رحّبت المجموعة «بكلّ المبادرات الوجيهة والبنّاءة التي تدعم سلاماً شاملاً وعادلاً ومستداماً» في أوكرانيا. وفي البيان الختامي قال القادة إنّهم «يرحّبون بكلّ المبادرات ذات الصلة والبنّاءة التي تدعم التوصّل إلى سلام شامل وعادل ودائم» في أوكرانيا يتّفق مع مبادئ الأمم المتحدة ويشيع علاقات «سلمية وودّية وطيّبة» بين الدول المتجاورة. لكن كما الحال في القمم السابقة للمجموعة، لم يأت البيان على ذكر الغزو الروسي. وأشاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من جانبه بالخطوة «الجيّدة» التي صدرت عن بايدن بخصوص الصواريخ البعيدة المدى.

الرئيس الأميركي جو بايدن مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قمة دول مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل (أ.ف.ب)

قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن اتخذت «قراراً جيداً» بالسماح لأوكرانيا باستخدام أسلحة أميركية الصنع لضرب داخل روسيا.

وعلى هامش قمة زعماء مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو، قال ماكرون إن دعوة إدارة بايدن جاءت بسبب تدخل جنود من كوريا الشمالية في أوكرانيا، ووصف قرار روسيا في هذا الشأن بأنه «تصعيدي». غير أن المستشار الألماني أولاف شولتس أكّد أنه لن يتأثّر بخطوة بايدن وتمسّك بموقفه بعدم تسليم كييف صواريخ متطوّرة ألمانية الصنع. وعلى هامش القمّة، اجتمع شولتس بالرئيس الصيني في لقاء ثنائي للتطرّق إلى مسائل عدّة منها، العلاقات بين البلدين، لا سيما في المجال التجاري، والحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط.

وبحث وزيرا خارجية الصين وروسيا الحرب في أوكرانيا والتوترات بين الكوريتين خلال لقاء على هامش القمة، وفق ما أوردت «القناة التلفزيونية الصينية» الرسمية، الثلاثاء. واجتمع وانغ يي وسيرغي لافروف في ريو دي جانيرو، و«تبادلا وجهات النظر حول الأزمة في أوكرانيا والوضع في شبه الجزيرة الكورية»، بحسب قناة «سي سي تي في». ونقلت القناة عن وانغ يي قوله إن الصين «مستعدة للعمل مع الجانب الروسي من أجل تعزيز التعاون والتحالف الاستراتيجي».

وقال لافروف، الثلاثاء، إن شن أوكرانيا هجمات بصواريخ أميركية الصنع على منطقة بريانسك الروسية إشارة واضحة إلى أن الغرب يريد تصعيد الصراع. وأضاف لافروف: «حقيقة استخدام صواريخ أتاكمز مراراً في منطقة بريانسك خلال الليل هي بالطبع إشارة إلى أنهم يريدون التصعيد». وتابع: «من المستحيل استخدام هذه الصواريخ المزودة بتكنولوجيا متطورة من دون الأميركيين، مثلما قال (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين مراراً وتكراراً». غير أن لافروف قال إن روسيا ستفعل كل ما بوسعها لتجنب اندلاع حرب نووية. وذكر للصحافيين أن الأسلحة النووية ستمثل رادعاً عن شن حرب نووية. وقالت روسيا إن أوكرانيا أطلقت ستة صواريخ أتاكمز أميركية الصنع صوب منطقة بريانسك غرب البلاد.

ووجهت دول غربية حليفة لكييف انتقادات إلى بكين على خلفية عدم إدانتها الغزو صراحة. لكن بعض الخبراء يرون أن بكين لا تشعر بالارتياح إزاء قرار كوريا الشمالية بإرسال قوات إلى روسيا بهدف احتمال نشرها في أوكرانيا، خشية عواقبها على الأمن في شرق آسيا، بسبب اتفاقية الدفاع الموقعة بين موسكو وبيونغ يانغ. والصين حليف دبلوماسي تقليدي لكوريا الشمالية، وتقدم لها الدعم الاقتصادي الحيوي. وحذّر الرئيس الصيني شي جينبينغ من أن العالم يواجه مرحلة جديدة من «الاضطراب»، مشدّداً على ضرورة «تجنّب التصعيد في الحروب وتأجيج النيران».