منظمة «أوروبول» تحذّر من استمرار التهديد الإرهابي في أوروبا

بعد سوريا والعراق... تخوف مما سيأتي من أفغانستان وبلدان الساحل الأفريقي

خبراء الطب الشرعي وسط استنفار أمني في موقع هجوم بسكين بمدينة نيس الفرنسية في أكتوبر 2020 (أ.ف.ب)
خبراء الطب الشرعي وسط استنفار أمني في موقع هجوم بسكين بمدينة نيس الفرنسية في أكتوبر 2020 (أ.ف.ب)
TT

منظمة «أوروبول» تحذّر من استمرار التهديد الإرهابي في أوروبا

خبراء الطب الشرعي وسط استنفار أمني في موقع هجوم بسكين بمدينة نيس الفرنسية في أكتوبر 2020 (أ.ف.ب)
خبراء الطب الشرعي وسط استنفار أمني في موقع هجوم بسكين بمدينة نيس الفرنسية في أكتوبر 2020 (أ.ف.ب)

«التهديد الإرهابي في أوروبا يتراجع لكنه ما زال قائماً»، هذه هي خلاصة التقرير الصادر عن «أوروبول»، الوكالة الأوروبية للشرطة الجنائية التي تعد مكافحة الإرهاب إحدى مهامها الرئيسية. ويفيد التقرير المذكور بأن العمليات أو المحاولات والمشاريع الإرهابية تراجعت عددياً في أوروبا من 57 عملية في عام 2020 إلى 15 عملية في لعام 2021. ويرى إخصائي في الشأن الإرهابي أن هذه النتيجة تعود إلى عاملين اثنين: الأول، الضربات التي تلقاها التنظيمان الإرهابيان الرئيسيان «داعش» و«القاعدة» خصوصاً التنظيم الأول الذي خسر المناطق التي كان يتحكم بها في سوريا والعراق. والآخر، تعزيز التنسيق بين الأجهزة الأمنية الأوروبية انطلاقاً من عام 2015 وما بعده الذي شهد أكبر طفرة إرهابية في أوروبا ضربت فرنسا وألمانيا وبلجيكا وغيرها. ويرى معدو التقرير أنه «من المبكر تأكيد أن دورة الفورة الإرهابية التي انطلقت في العامين 2013 و2014 قد انتهت»، ما يعني أن التهديد الإرهابي ما زال قائماً.
ثمة عنصر إضافي لم يتمكن التقرير من أخذه جدياً بعين الاعتبار وهو عودة «طالبان» إلى السلطة في أفغانستان. وجاءت عملية اغتيال زعيم «القاعدة» أيمن الظواهري في كابل نفسها لتطرح الكثير من الأسئلة حول الموقف الحقيقي للنظام الطالباني من «القاعدة». لكن الثابت، وفق قراءة التقرير، أن قدرات «القاعدة» و«داعش» السابقة لجهة التمكن من تنظيم عمليات إرهابية معقدة من الخارج على التراب الأوروبي كالتي نُفِّذت في فرنسا بداية العام 2015 أو التي جرت في خريف العام نفسه والتي أسفرت عن مقتل 131 شخصاً في ليلة واحدة إضافةً إلى مئات الجرحى... لم تعد ممكنة. ونتيجة ذلك أن العمليات اللاحقة كانت من فعل فرنسيين من أصول أجنبية أو من أجانب مقيمين على الأراضي الفرنسية «أو الأوروبية» وبوسائل بدائية مثل السكاكين أو استخدام السيارات كوسيلة لصدم المارة.
وقالت كاترين دو بللو، المديرة التنفيذية للمنظمة الأوروبية في تقديمها للتقرير، إن «مرتكبي الأعمال الإرهابية الذين يتبنون الآيديولوجيا الجهادية المتطرفة أو الذين ينتمون إلى اليمين المتطرف يمثلون الخطر الإرهابي المحتمل والهجمات العنيفة (الممكنة) داخل دول الاتحاد الأوروبي». وقالت دو بللو، في بيان منفصل، إن «خلاصات التقرير تؤكد أن الإرهاب ما زال يمثل دائماً خطراً حقيقياً وقائماً بالنسبة للاتحاد الأوروبي»، وهي ترى أن «ما من شك أن التغيرات الجيوسياسية (في العالم) وتبعات الحرب العدوانية التي تقوم بها روسيا ضد أوكرانيا سيكون لها أثرها بشكل دائم على ملف الأمن في أوروبا». ولا ينسى معدو التقرير ما لجائحة (كوفيد – 19) على المدى الطويل وارتفاع نسب التضخم وتراجع القوة الشرائية للطبقات الأكثر هشاشة، من تأثيرات لجهة تزايد العنف في بيئة اليمين المتطرف الأوروبي». وفي هذا السياق، تفيد أرقام التقرير بأن 261 شخصاً تم توقيفهم في أوروبا العام الماضي لشكوك بانتمائهم إلى تنظيمات جهادية أو لاعتناقهم الفكر الجهادي بينهم 96 فرداً في فرنسا وحدها تليها إسبانيا وألمانيا والنمسا. ودعت دو بللو إلى «أخذ العبرة» من تجارب الماضي لجهة كيفية التعامل مع الجهاديين العائدين من ميادين المعارك في سوريا والعراق. وفي حالة فرنسا، قال ساشا بليسا، الباحث في «مركز دراسة الإرهاب» إن هناك نحو 300 جهادي فرنسي ما زالوا طليقين ويتنقلون ما بين سورا والعراق، فيما مائة آخرون مسجونون في السجون العراقية أو الكردية السورية.
الباحث الفرنسي نبّه من التطورات الجارية في منطقتين جغرافيتين ومن تأثيراتهما على المسرحين الفرنسي والأوروبي وهما أفغانستان من جهة ومنطقة الساحل الأفريقي الذي يمتد من موريتانيا حتى السودان ويشمل مالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد. وفيما لم يعرف بعد وبشكل واضح تفاصيل العلاقة بين «طالبان» و«القاعدة»، فإن ساشا بليسا ينبه من التطورات الجارية في منطقة الساحل القريبة من أوروبا حيث هناك بداية تشكل مناطق تخضع للتنظيمين الإرهابيين الأكثر نشاطاً في أفريقيا. ورجح الباحث أن يكون «داعش» و«القاعدة» بصدد بناء منطلق جديد لهما يمكن استخدامه لتنظيم عمليات إرهابية على الأراضي الأوروبية.
تبقى، لاكتمال الصورة، الإشارة إلى مصدر تهديد جدي بالنسبة لدول الاتحاد الأوروبي وصورته الجهاديون الأوروبيون أو من المقيمين سابقاً في البلدان الأوروبية الذين عادوا إليها في السنوات الأخيرة والذين سيقوا في غالبيتهم إلى السجن. والحال أن هؤلاء بدأوا في الخروج من السجن أو سيخرجون منه في الأشهر والسنوات القادمة. وتخوف السلطات مزدوج: فمن جهة، ثمة قلق من أن يعودوا إلى ارتكاب أعمال إرهابية، ومن جهة أخرى أن يكونوا قد نجحوا في دفع معتقلين في السجون التي أمضوا أحكامهم فيها إلى التطرف وأن يعمد هؤلاء إلى ارتكاب أعمال إرهابية. من هنا، فإن الأجهزة الأوروبية تشدد الرقابة على الخارجين من السجون وبعضها يسعى إلى ترحيل من يمكن ترحيله إلى بلده الأصلي. والصعوبة أن الكثيرين من هؤلاء يحملون جنسيتين بينهما جنسية البلد الأوروبي، ما يصعّب عملية ترحيله. يضاف إلى ذلك أن بلداً كفرنسا يجد صعوبة في ترحيل لاجئين وصلوا إلى البلاد بصورة غير شرعية ورُفضت طلبات لجوئهم. ومشكلة باريس أنها تجد غالباً صعوبة في الحصول على موافقة البلد الأصلي لاستعادة مواطنيه كما هو حاصل مع بلدان المغرب العربي الأمر الذي يثير التوترات بين باريس وعواصم هذه البلدان.


مقالات ذات صلة

إسبانيا: السجن لأعضاء خلية «إرهابية» خططت لاستهداف مصالح روسية

العالم إسبانيا: السجن لأعضاء خلية «إرهابية» خططت لاستهداف مصالح روسية

إسبانيا: السجن لأعضاء خلية «إرهابية» خططت لاستهداف مصالح روسية

قضت محكمة إسبانية، الجمعة، بالسجن 10 سنوات على زعيم خلية «إرهابية» نشطت في برشلونة، و8 سنوات على 3 آخرين بتهمة التخطيط لهجمات ضد أهداف روسية في المدينة، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». وذكرت «المحكمة الوطنية» في مدريد، في بيان، أنها أدانت «4 أعضاء في خلية إرهابية متطرفة مقرُّها برشلونة، حدّدوا أهدافاً روسية لتنفيذ هجمات ضدَّها في عاصمة كاتالونيا بشمال شرقي إسبانيا. وأضافت المحكمة، المسؤولة خصيصاً عن قضايا «الإرهاب»، أنها برّأت شخصين آخرين. وجاء، في البيان، أن زعيم الخلية «بدأ تحديد الأهداف المحتملة، ولا سيما المصالح الروسية في عاصمة كاتالونيا، وأنه كان في انتظار الحصول على موادّ حربية». وأوض

«الشرق الأوسط» (مدريد)
العالم اعتقال سوري بتهمة التخطيط لهجمات في ألمانيا

اعتقال سوري بتهمة التخطيط لهجمات في ألمانيا

أعلنت السلطات الألمانية، الثلاثاء، القبض على سوري، 28 عاماً، في هامبورغ للاشتباه في تخطيطه شن هجوم ارهابي. وأعلن المكتب الاتحادي للشرطة الجنائية، والمكتب الإقليمي للشرطة الجنائية في ولاية هامبورغ، ومكتب المدعي العام في الولاية أنه يُشتبه أيضاً في أن شقيق المتهم الذي يصغره بأربع سنوات، ويعيش في مدينة كمبتن ساعده في التخطيط. ووفق البيانات، فقد خطط الشقيقان لشن هجوم على أهداف مدنية بحزام ناسف قاما بصنعه.

«الشرق الأوسط» (هامبورغ)
العالم هولندا تُدين أربع نساء أعادتهن من سوريا بتهمة الإرهاب

هولندا تُدين أربع نساء أعادتهن من سوريا بتهمة الإرهاب

حكمت محكمة هولندية، اليوم (الخميس)، على أربع نساء، أعادتهنّ الحكومة العام الماضي من مخيّم للاجئين في سوريا، بالسجن لفترات تصل إلى ثلاث سنوات بعد إدانتهنّ بتهم تتعلق بالإرهاب. وفي فبراير (شباط) 2022 وصلت خمس نساء و11 طفلاً إلى هولندا، بعدما أعادتهنّ الحكومة من مخيّم «الروج» في شمال شرقي سوريا حيث تُحتجز عائلات مقاتلين. وبُعيد عودتهنّ، مثلت النساء الخمس أمام محكمة في روتردام، وفقاً لما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية، حيث وجّهت إليهن تهمة الانضمام إلى مقاتلين في تنظيم «داعش» في ذروة الحرب في سوريا، والتخطيط لأعمال إرهابية. وقالت محكمة روتردام، في بيان اليوم (الخميس)، إنّ النساء الخمس «قصدن ساحات ل

«الشرق الأوسط» (لاهاي)
العالم قتيلان بإطلاق نار في هامبورغ

قتيلان بإطلاق نار في هامبورغ

أفادت صحيفة «بيلد» الألمانية بسقوط قتيلين عقب إطلاق نار بمدينة هامبورغ اليوم (الأحد). وأوضحت الصحيفة أنه تم استدعاء الشرطة قبيل منتصف الليل، وهرعت سياراتها إلى موقع الحادث. ولم ترد مزيد من التفاصيل عن هوية مطلق النار ودوافعه.

«الشرق الأوسط» (برلين)
العالم الادعاء الألماني يحرّك دعوى ضد شابين بتهمة التخطيط لشن هجوم باسم «داعش»

الادعاء الألماني يحرّك دعوى ضد شابين بتهمة التخطيط لشن هجوم باسم «داعش»

أعلن الادعاء العام الألماني في مدينة كارلسروه، اليوم (الخميس)، تحريك دعوى قضائية ضد شابين إسلاميين بتهمة الإعداد لشن هجوم في ألمانيا باسم تنظيم «داعش». وأوضح الادعاء أنه من المنتظر أن تجري وقائع المحاكمة في المحكمة العليا في هامبورغ وفقاً لقانون الأحداث. وتم القبض على المتهمَين بشكل منفصل في سبتمبر (أيلول) الماضي وأودعا منذ ذلك الحين الحبس الاحتياطي. ويُعْتَقَد أن أحد المتهمين، وهو كوسوفي - ألماني، كان ينوي القيام بهجوم بنفسه، وسأل لهذا الغرض عن سبل صنع عبوة ناسفة عن طريق عضو في فرع التنظيم بأفغانستان. وحسب المحققين، فإن المتهم تخوف بعد ذلك من احتمال إفشال خططه ومن ثم عزم بدلاً من ذلك على مهاج

«الشرق الأوسط» (كارلسروه)

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.