عصير «صبغة الخنافس»... ضجة واسعة حول مادة متداولة

خبير لـ«الشرق الأوسط»: الرفض الليبي للمنتج المصري لا يسيء له

الدودة القرمزية تنمو على التين الشوكي
الدودة القرمزية تنمو على التين الشوكي
TT

عصير «صبغة الخنافس»... ضجة واسعة حول مادة متداولة

الدودة القرمزية تنمو على التين الشوكي
الدودة القرمزية تنمو على التين الشوكي

«رجاءً لا تشتري مجدداً عصير الخنافس مره أخرى»... قال الشاب محمود حمدي «18 عاماً» هذه العبارة لوالدته، وهو يضع عبوات عصير شهير بالسوق المصرية في حاوية القمامة في منزله، بعد انتشار خبر رفض ليبيا لشحنة من هذا العصير لاحتوائها على صبغة يتم الحصول عليها من الدودة القرمزية، التي يعتقد البعض خطأً أنها من جنس الخنافس.
وأعلن مركز الرقابة على الأغذية والأدوية في ليبيا عبر صفحته على «فيسبوك»، رفضه تسلم شحنة من عصير تنتجه شركة مصرية، وهو عبارة عن مسحوق شراب صناعي سريع التحضير بنكهة البرتقال، لاحتوائه على مادة (E120).

صورة لقرار رفض الشحنة - صفحة مركز الأغذية والرقابة على الأدوية بليبيا

لم تمر دقائق وانتشر الخبر كالنار في الهشيم، لا سيما بعد أن صدرت بعض المواقع الإلكترونية عناوينها بالإشارة إلى أن هذه المادة، التي أشار إليها البيان الليبي، والمعروفة أيضا باسم «الكارمين» أو «حمض الكارمينيك»، وهي عبارة عن صبغة مصدرها الدودة القرمزية، وهو ما أعطى انطباعاً لدى حمدي وكل من قرأ هذه الأخبار، بأن الرفض الليبي سببه أن هذه المادة مصدرها الحشرات.
من جانبه، لم ينف، رئيس الهيئة القومية لسلامة الغذاء بمصر، حسين منصور، المصدر الحشري لهذه المادة. وشدد في تصريحات صحافية بأنه ليس لها أي أضرار صحية، ومعتمدة من هيئة الدستور الغذائي العالمي «الكودكس»، مبدياً استغرابه لرفض الشحنة، قائلاً إنه «لا يوجد مبرر واحد لرفضها».

منتجات تدخل في إنتاجها الصبغة القرمزية

ورغم تأكيده على أنها مادة معتمدة ولا توجد مشاكل في استخدامها بالصناعات الغذائية، فإنه لم يبخس الجانب الليبي حقه في رفض أي شحنة غذائية. وقال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «من حق أي دولة رفض أي شحنة، لكني أعترض وبشدة على الإعلان عن ذلك في وسائل الإعلام، وبالطريقة التي تمت على صفحة (الفيسبوك)». وأضاف: «مصر ترفض أيضاً مئات من الشحنات الواردة لاحتوائها على نسب عالية من الملوثات، ولم يحدث أن تم الإعلان في الصحف عن رفض شحنه من أي دولة».
ويلمح منصور لـ«(أغراض) قد تكون خلف هذا التشهير (غير المسبوق)»، مضيفاً: «لم أحزن لرفض الشحنة؛ لكن التشهير الذي صاحب الرفض، يبدو كأن خلفه (أهدافاً معينة) وهذا ما أعترض عليه».
ويتفق أشرف مهدي شروبة، أستاذ التصنيع الغذائي بكلية الزراعة بجامعة بنها المصرية، مع رئيس هيئة سلامة الغذاء، في أن «هذه المادة ليست لها أضرار صحية»، ولكنه أشار إلى أنها «مثل أي مادة حتى لو كانت طبيعية، يكون لها أضرار جانبية».
ويقول شروبة لـ«الشرق الأوسط»، إن «الدواء غير ضار بالصحة، ولكن يكون له أضرار جانبية، تجب الإشارة إليها، وهذه المادة ينطبق عليها نفس الشيء، فهي مسموح بها دولياً، ولكن تسبب لدى البعض ردود فعل تحسسية».
ووفق آخر مراجعة لإدارة الغذاء والدواء الأميركية حول هذه المادة، نشرتها الجريدة الرسمية للحكومة الاتحادية في الولايات المتحدة (Federal Register)، بتاريخ 1 مايو (أيار) 2009، فإنه «يتعين الإعلان بالاسم على ملصق جميع المنتجات الغذائية ومستحضرات التجميل التي تحتوي على هذه الإضافة اللونية».
وأشارت الجريدة الرسمية للحكومة الأميركية إلى أن هذه القاعدة جاءت كرد فعل لتقارير عن ردود الفعل التحسسية الشديدة، بما في ذلك الحساسية المفرطة، للأطعمة المحتوية على هذه المادة، وبالتالي فإن التنبيه على العبوة، يسمح للمستهلكين الذين لديهم حساسية من هذه الإضافات اللونية بتجنبها.
وإذا كانت الولايات المتحدة لا تمنع المادة، شريطة الإعلان عن استخدامها على عبوة المنتج، فإن بعض الدول قد تمنعها نهائياً، فيما تضع دول أخرى ضوابط لاستخدامها.
ويقول شروبة: «وفق البيان الليبي، فإنه تم المنع لمجرد احتواء العصير على تلك المادة، وهذا لا يعيب المنتج، ولكننا نستطيع فقط أن نقول إنه لا يتوافق مع المواصفات القياسية المعمول بها هناك، والمسؤولية في رأيي تقع على مسؤولي المصنع، الذين كان يتعين عليهم التأكد قبل إرسال العصير ليبيا، بأن هذه المادة مسموح بها هناك».
ولفت شروبة إلى أن التركيز على أن المادة (E120) مصدرها الحشرات، أدى إلى ضجة «واسعة» ليس لها داعٍ، لأن كثيراً من المنتجات الغذائية والدوائية الموجودة في الأسواق يدخل في إنتاجها مواد مستخرجة من الحشرات، وأبسط مثال على ذلك، أن الأدوية التي نتناولها، كثير منها يستخدم بروتينات مصدرها العقارب والثعابين.
وتسمية هذه المادة بـ(E120)، مصدرها الاتحاد الأوروبي، الذي قامت إحدى لجانه المعنية بسلامة الغذاء بعمل مراجعة لكل المواد المستخدمة في صناعة الغذاء، وأعطت أرقاماً لكل مادة، على أن يسبقها حرف «E» كاختصار لكلمة الاتحاد الأوروبي، وهذه المادة حمراء، وهي مركب طبيعي يستخدمه البشر منذ مئات السنين، وتوفر مصدراً مهماً للدخل لكثير من سكان الريف في أميركا الوسطى والجنوبية، وتعد بيرو أكبر منتج تجاري للمادة، تليها دول مثل المكسيك وتشيلي والأرجنتين وجزر الكناري الإسبانية.
ووفق تقرير نشرته في 18 سبتمبر (أيلول) 2015 «مجلة وايرد» الأميركية، التي تهتم بالتجارة والأعمال والحياة اليومية والاجتماعية، فإن هذه المادة تنتشر بأسماء مختلفة على ملصقات الطعام ومستحضرات التجميل في أميركا، استجابة للتوجيه الصادر من إدارة الغذاء والدواء في 2009.

الحشرات المجففة التي سيتم طحنها لاستخراج الصبغة

وفي حين يسميها البعض مادة قرمزية، يطلق عليها البعض الآخر حمض كارمينيك، أو أحمر طبيعي 4، أو E120. وتوفر هذه المادة اللون للنقانق وكذلك المعجنات الوردية، وتستخدم في العديد من أنواع الزبادي والعصائر القرمزية، وهي شائعة في أحمر الشفاه وأحمر الخدود، ومن مزاياها أنها مستقرة بشكل ملحوظ أثناء الطهي أو التجميد أو في بيئة حمضية، ما يجعلها مادة مثالية للتصنيع.
وكما جاء في تقرير المجلة الأميركية، فإن الدودة القرمزية المنتجة لهذه الصبغة تتميز بأنها صغيرة الحجم، وبدون أرجل أو قرون استشعار مرئية، وتعيش هذه الدودة على التين الشوكي، وتغطي أجسامها بشمع أبيض رقيق، يوجد تحته حمض الكارمينيك (الصبغة الحمراء)، وهذا الحمض مفيد في صد النمل، حيث يعد سلاحاً كيميائياً ضد الافتراس.
وتشكل الصبغة الحمراء نحو 20 في المائة من الوزن الجاف لجسم الدودة القرمزية، ويتم استخلاصها عن طريق تجفيف الحشرات، ثم طحنها لتتحول إلى مسحوق، ثم يتم إقران المسحوق بالأملاح لعزل الصبغة القرمزية.
ويقول تقرير نشره موقع مجلة سميثسونيان الأميركية في 29 مارس (آذار) الماضي إنه «مع طرق الحصاد الحالية، هناك حاجة إلى ما يقدر بنحو 70 ألف حشرة لإنتاج رطل واحد من مسحوق الحشرات المجففة، وخُمس رطل من الصبغة القرمزية.
ومع ارتفاع الطلب العالمي الإجمالي على تلك المادة، نتيجة تزايد الصناعات الغذائية التي تحتاج إليها، إلى جانب ارتفاع تكاليف العمالة، ومحدودية موطن التين الشوكي الذي تنمو عليه الحشرة المنتجة للصبغة، فقد قفز سعر الطن من الصبغة القرمزية بنسبة 40 في المائة بين عامي 2013 و2019، كما يوضح تقرير مجلة سميثسونيان.

رسم توضيحي من القرن الثامن عشر يُظهر الحصاد التقليدي للحشرات القرمزية

ويشير التقرير إلى أنه في السنوات الأخيرة، تحول الباحثون إلى هندسة التمثيل الغذائي، عن طريق التلاعب بيولوجيا بمسارات التمثيل الغذائي داخل الميكروبات لإنتاج الصبغة القرمزية من مصادر أخرى.
وتحمل دراسة نشرتها دورية «نيتشر» في 27 أغسطس (آب) 2018، أنباء عن نجاح باحثين من قسم البيولوجيا التركيبية بالجامعة التقنية في الدنمارك، في هندسة «فطر الرشأشيات» لتحويله إلى مصدر إنتاج لحمض كارمينيك (الصبغة القرمزية)، وذلك عن طريق إضافة جين من الحشرة القرمزية، أدى إلى توفير إنزيم يحول حمض القرميسيك في الفطر إلى حمض كارمينيك.
وابتكرت دراسة أخرى أجراها فريق من المعهد الكوري المتقدم للعلوم والتكنولوجيا، ونشرت في 2 أبريل (نيسان) 2021 بدورية «الجمعية الكيميائية الأميركية»، مساراً حيوياً بديلاً لإنتاج حمض الكارمينيك، وهذه المرة عن طريق إدخال الجينات في بكتيريا «الأشركية القولونية» المعروفة. وتعد هذه المساعي الدولية للحفاظ على تلك الصبغة بتوفير مصادر بديلة لإنتاجها، خير رسالة لطمأنة حمدي ورفاقه ممن هالهم ارتباطها بالحشرات، فقاموا بإفراغ محتويات العصير في حاويات القمامة.


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

السعودية تحتفي بإبداعات الثقافة العراقية في مهرجان «بين ثقافتين»

يسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجاربَ فنيّةٍ مبتكرة (الشرق الأوسط)
يسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجاربَ فنيّةٍ مبتكرة (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تحتفي بإبداعات الثقافة العراقية في مهرجان «بين ثقافتين»

يسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجاربَ فنيّةٍ مبتكرة (الشرق الأوسط)
يسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجاربَ فنيّةٍ مبتكرة (الشرق الأوسط)

تحتفي وزارة الثقافة السعودية بنظيرتها العراقية في النسخة الثانية من مهرجان «بين ثقافتين» خلال الفترة من 18 إلى 31 ديسمبر (كانون الأول) المقبل في «ميقا استوديو» بالرياض، لتقدم رحلة استثنائية للزوار عبر الزمن، في محطاتٍ تاريخية بارزة ومستندة إلى أبحاث موثوقة، تشمل أعمالاً فنيّةً لعمالقة الفن المعاصر والحديث من البلدين.

ويجوب مهرجان «بين ثقافتين» في دهاليز ثقافات العالم ويُعرّف بها، ويُسلّط الضوء على أوجه التشابه والاختلاف بين الثقافة السعودية وهذه الثقافات، ويستضيف في هذه النسخة ثقافة العراق ليُعرّف بها، ويُبيّن الارتباط بينها وبين الثقافة السعودية، ويعرض أوجه التشابه بينهما في قالبٍ إبداعي.

ويُقدم المهرجانُ في نسخته الحالية رحلةً ثريّة تمزج بين التجارب الحسيّة، والبصريّة، والسمعية في أجواءٍ تدفع الزائر إلى التفاعل والاستمتاع بثقافتَي المملكة والعراق، وذلك عبر أربعة أقسامٍ رئيسية؛ تبدأ من المعرض الفني الذي يُجسّد أوجه التشابه بين الثقافتين السعودية والعراقية، ويمتد إلى مختلف القطاعات الثقافية مما يعكس تنوعاً ثقافياً أنيقاً وإبداعاً في فضاءٍ مُنسجم.

كما يتضمن المهرجان قسم «المضيف»، وهو مبنى عراقي يُشيّد من القصب وتعود أصوله إلى الحضارة السومرية، ويُستخدم عادةً للضيافة، وتُعقدُ فيه الاجتماعات، إلى جانب الشخصيات الثقافية المتضمن روّاد الأدب والثقافة السعوديين والعراقيين. ويعرض مقتطفاتٍ من أعمالهم، وصوراً لمسيرتهم الأدبية، كما يضم المعرض الفني «منطقة درب زبيدة» التي تستعيد المواقع المُدرَجة ضمن قائمة اليونسكو على درب زبيدة مثل بركة بيسان، وبركة الجميمة، ومدينة فيد، ومحطة البدع، وبركة الثملية، ويُعطي المعرض الفني لمحاتٍ ثقافيةً من الموسيقى، والأزياء، والحِرف اليدوية التي تتميز بها الثقافتان السعودية والعراقية.

ويتضمن المهرجان قسم «شارع المتنبي» الذي يُجسّد القيمة الثقافية التي يُمثّلها الشاعر أبو الطيب المتنبي في العاصمة العراقية بغداد، ويعكس الأجواء الأدبية والثقافية الأصيلة عبر متاجر مليئة بالكتب؛ يعيشُ فيها الزائر تجربةً تفاعلية مباشرة مع الكُتب والبائعين، ويشارك في ورش عمل، وندواتٍ تناقش موضوعاتٍ ثقافيةً وفكرية متعلقة بتاريخ البلدين.

وتُستكمل التجربة بعزفٍ موسيقي؛ ليربط كلُّ عنصر فيها الزائرَ بتاريخٍ ثقافي عريق، وفي قسم «مقام النغم والأصالة» يستضيف مسرح المهرجان كلاً من الفنين السعودي والعراقي في صورةٍ تعكس الإبداع الفني، ويتضمن حفل الافتتاح والخِتام إلى جانب حفلةٍ مصاحبة، ليستمتع الجمهور بحفلاتٍ موسيقية كلاسيكية راقية تُناسب أجواء الحدث، وسط مشاركةٍ لأبرز الفنانين السعوديين والعراقيين.

فيما يستعرض قسم «درب الوصل» مجالاتٍ مُنوَّعةً من الثقافة السعودية والعراقية تثري تجربة الزائر، وتُعرّفه بمقوّمات الثقافتين من خلال منطقة الطفل المتّسمة بطابعٍ حيوي وإبداعي بألوان تُناسب الفئة المستهدفة، إذ يستمتع فيها الأطفال بألعاب تراثية تعكس الثقافتين، وتتنوع الأنشطة بين الفنون، والحِرف اليدوية، ورواية القصص بطريقةٍ تفاعلية مما يُعزز التعلّم والمرح.

بينما تقدم منطقة المطاعم تجربةً فريدة تجمع بين النكهات السعودية والعراقية؛ لتعكس الموروث الثقافي والمذاق الأصيل للبلدين، ويستمتع فيها الزائر بتذوق أطباقٍ تراثية تُمثّل جزءاً من هوية وثقافة كل دولة، والمقاهي التي توفر تشكيلةً واسعة من المشروبات الساخنة والباردة، بما فيها القهوة السعودية المميزة بنكهة الهيل، والشاي العراقي بنكهته التقليدية مما يُجسّد روحَ الضيافة العربية الأصيلة.

ويسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجاربَ فنيّةٍ مبتكرة تستعرض الحضارة السعودية والعراقية، وتُبرز التراث والفنون المشتركة بين البلدين، كما يهدف إلى تعزيز العلاقات بين الشعبين السعودي والعراقي، وتقوية أواصر العلاقات الثقافية بينهما، والتركيز على ترجمة الأبعاد الثقافية المتنوعة لكل دولة بما يُسهم في تعزيز الفهم المتبادل، وإبراز التراث المشترك بأساليب مبتكرة، ويعكس المهرجان حرص وزارة الثقافة على تعزيز التبادل الثقافي الدولي بوصفه أحد أهداف الاستراتيجية الوطنية للثقافة، تحت مظلة «رؤية المملكة 2030».