لا يعوّل ليبيون كثيرون على البعثة الأممية في البلاد للتوصل إلى حل ينهي أزمتهم المستعصية منذ عِقد وأكثر، لكن ذلك لم يمنع آخرين من التخوف لعدم تعيين مبعوث خاص للأمين العام للأمم المتحدة حتى الآن، متحسبين لوقوع صدام مسلح محتمل، بسبب تعطّل محادثات «المسار الدستوري» اللازم لإجراء الاستحقاق الانتخابي المُنتظر.
وتسعى البعثة الأممية للدعم في ليبيا، إلى إنقاذ «خريطة الطريق» التي تعطّلت بعد مغادرة ستيفاني ويليامز، المستشارة الأممية، منصبها نهاية يوليو (تموز) الماضي، من خلال مشاورات محدودة يجريها ريزدون زينينغا، القائم بأعمال رئيس البعثة مع بعض أطراف الأزمة، وإن كان بشكل منفرد.
وقطعت البعثة على مدار عام مضى، خطوات ملحوظة على طريق لجنة «المسار الدستوري» المشكلة من أعضاء بمجلس النواب و«المجلس الأعلى للدولة»، في اجتماعات (القاهرة وجنيف)، لكن هذه المحادثات تعثرت على الرغم من إحراز بعض النقاط الجوهرية لجهة تعديل الدستور الليبي، على أمل التئامها عقب عيد الأضحى، لكن مع انتهاء مهمة ويليامز، ومغادرتها ليبيا توقفت المباحثات.
ودفاعاً عن جهود البعثة، قال مصدر مقرب منها لـ«الشرق الأوسط»، إن (السيد) زينينغا، هو القائم بأعمال رئيس البعثة، وهو رئيسها أيضاً، مشيراً إلى أنه يسعى بين الأطراف الليبية كافة «لخلق حالة من التوافق بقصد استكمال باقي الخطوات التي تمهد لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية».
ونوّه المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، لأنه غير مخول له التحدث لوسائل الإعلام، بأن «البعثة لم تتخلَّ عن دورها، وستعمل على استكمال باقي المسارات لحين تعيين مبعوث خاص للأمين العام للأمم المتحدة»، لافتاً إلى أن «استكمال (المسار الدستوري) متوقف على مدى توافق الأطراف الليبية مع بعضها أولاً».
والتقى زينينغا، خلال الأيام الماضية، العديد من الأطراف الليبية، سعياً لتخفيف التوتر المتصاعد في العاصمة طرابلس، بين مؤيدي عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة»، وغريمه فتحي باشاغا، كما تواصل مع رئيس أركان قوات حكومة «الوحدة» الفريق محمد الحداد، لمناقشة آخر التطورات الأمنية في طرابلس والمناطق المجاورة، بالإضافة إلى التقدم في المسار العسكري والأمني.
وأشاد زينينغا، بجهود الحداد، في «نزع فتيل التوترات وتهدئتها في العاصمة والمنطقة الغربية»، كما رحب بالخطوات الرامية نحو توحيد المؤسسات العسكرية.
كما التقى القائم بأعمال رئيس البعثة، رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، نهاية الأسبوع، وتمحورت المناقشات حول التطورات السياسية التي تشهدها ليبيا وضرورة الحفاظ على الزخم على المسار الانتخابي، مثمناً «جهود المجلس الرئاسي لبناء التوافق بشأن حل الجمود السياسي الحالي وتعزيز بيئة أمنية مستقرة».
وأمام حالة الجمود السياسي التي تعانيها ليبيا منذ أشهر عدة، رأى عبد الرحمن السويحلي، رئيس المجلس الأعلى للدولة السابق، أن بلاده «لا تعاني انسداداً سياسياً، بل صراعاً على السلطة، أطراف هذا الصراع استمرأته واستعصى فطامها ولا تقبل بالصندوق حَكماً».
السويحلي، الذي ينتمي إلى مدينة مصراتة، أضاف في إدراج له عبر «فيسبوك»: «يبدو أن خيار الانتخابات بالنسبة للبعض محفوفاً بالعقبات؛ ولكن الجميع بات مقتنعاً بأنه المسار الوحيد لاستعادة الشرعية لمؤسساتنا وفتح آفاق نهضتنا؛ رغم أنه ليس مفروشاً بالورود».
وللعلم، فإن القائم بأعمال رئيس البعثة التقى السويحلي، في الثامن من الشهر الجاري، وتبادلا وجهات النظر حول الجهود المتواصلة لحلحلة الجمود السياسي والحفاظ على الهدوء ونزع فتيل التوترات المتصاعدة في طرابلس وما حولها. وأكد كلاهما ضرورة إعادة العملية الانتخابية إلى مسارها الصحيح مع الإشارة إلى أنه لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري لأي جانب من جوانب الجمود السياسي الحالي.
ولتحريك المياه الراكدة في نهر السياسة الليبي، أبدى المستشار عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، مطلع أغسطس (آب) الجاري، استعداد مجلسه لإجراء أي تعديلات على قوانين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، «إذا طُلب منه ذلك»، لكن هذه التصريحات فتحت باب الجدل واسعاً بسبب تعارض التوجهات السياسية.
وسبق للأمم المتحدة القول إنها «تحاول تسمية شخص مؤقت في أسرع وقت ممكن للقيام بنوع المهمّات التي تقوم بها المستشارة الخاصة للأمين العام المعنية بالشأن الليبي»، مضيفة في حينها: «ليس لدينا أحد لتسميته الآن».
وتتصاعد أجواء التوتر في العاصمة، على خلفية تحشيد متبادل بين أنصار الدبيبة وغريمه باشاغا، الذي تصر حكومته مجدداً على دخول طرابلس لممارسة أعمالها من هناك، بإسناد من مجموعات مسلحة.
تعطّل «خريطة الطريق» الليبية في انتظار المبعوث الأممي الجديد
البعثة تتحرك لمنع أي «صدام مسلح محتمل» وسط مخاوف
تعطّل «خريطة الطريق» الليبية في انتظار المبعوث الأممي الجديد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة