أشجار باريس تزيدها أناقة

مشروع يهدف إلى زراعة 170 ألف شجرة بحلول عام 2026

أشجار «كستناء الحصان» في ساحة «بلاس دو فوج» بباريس (نيويورك تايمز)
أشجار «كستناء الحصان» في ساحة «بلاس دو فوج» بباريس (نيويورك تايمز)
TT

أشجار باريس تزيدها أناقة

أشجار «كستناء الحصان» في ساحة «بلاس دو فوج» بباريس (نيويورك تايمز)
أشجار «كستناء الحصان» في ساحة «بلاس دو فوج» بباريس (نيويورك تايمز)

بصفتي مقيمة في باريس، نادراً ما اهتممت بمنظر الأشجار في المدينة حتى قبل بضع سنوات، عندما وقعت بالصدفة على مشهد مثير للإعجاب لشاب نائم فوق فرع منخفض من شجرة باغودا اليابانية، وكانت أوراقها تلامس البركة في حديقة «بوتيس شومون» في الضاحية التاسعة عشرة.
منذ هذه اللحظة، أدركت أن أشجار المدينة -من أشجار الصفصاف الدرامية وسعفها الزاحف على طول نهر السين، إلى الصفوف المصطفة من الأشجار المعروفة باسم «لندن بلين» أو اللندني، على جانبي شارع الشانزليزيه- تلعب دوراً داعماً لا يُقدَّر بثمن في ضمان أناقة باريس التي لا تضاهيها مدينة أخرى في بهائها.
من السهل أن تُغفل عين المرء الأشجار، خصوصاً في باريس التي تضم بين جنباتها العشرات من المعالم المثيرة التي تستحوذ على أنظار أبناء المدينة وزائريها على حد سواء.
ومع ذلك، اللافت أن الوعي العام والسياسي بأشجار المدينة تَجدد في الفترة الأخيرة، ليس فقط بوصفها معالم طبيعية قائمة بذاتها لا تقل في أهميتها عن متحف اللوفر أو برج إيفل، وإنما كذلك بوصفها أصولاً أساسية في إطار جهود مكافحة التغيرات المناخية. ويسعى المشرعون في المدينة والخبراء المعنيون بالأشجار وغيرهم في باريس نحو الاستثمار في المناظر الطبيعية للأشجار من خلال تخطيط غابات حضرية جديدة، وزيادة عدد الأشجار التاريخية الخاضعة للحماية وتصميم جولات للسير -وذلك لأن الأشجار يمكن أن توفر من جانبها منظوراً جيداً ذا عقلية خضراء لمدينة النور.
في هذا الصدد، قال كريستوف ناجدوفسكي، نائب عمدة باريس المسؤول عن المساحات الخضراء في العاصمة الفرنسية: «تشكل الأشجار جزءاً مهماً من هوية باريس. إن مزيج الأشجار والمتنزهات الباريسية يبنيان المدينة بشكل هائل، وهو تراث يمتد إلى 150 عاماً. ونحن اليوم نسير على خطى هذا التراث».
من ناحية أخرى، فإن شجرة الباغودا اليابانية (والتي جرت إحاطتها بسياج منذ ذلك الحين) واحدة من 15 شجرة في باريس جرى تصنيفها بوصفها «شجرة فرنسا الرائعة» من «أربريس»، جمعية تطوعية تضم في عضويتها عدداً من العلماء البارزين على مستوى البلاد وعلماء في مجال النباتات والمعنيين بمجال البستنة. وتهدف الجمعية إلى تعزيز وحماية أجمل وأهم أشجار فرنسا وأشجارها النادرة.
وتضم القائمة شجرة تبلغ 420 عاماً، ورغم أنها غير لافتة للأنظار على نحو خاص، فإنها تتميز بأهمية ثقافية وبيولوجية استثنائية.
كانت هذه الشجرة قد جُلبت إلى فرنسا من أميركا الشمالية، وزُرعت عام 1601 في ساحة «رينيه فيفياني» الصغيرة، قبالة «كاتدرائية نوتردام»، وهي تُعرف باسم شجرة الجراد أو السنط الكاذب، وهي أقدم أشجار باريس. وحتى اليوم، لا تزال الأشجار تزدان بأوراقها الخضراء اليانعة. ومع ذلك، فإن الشجرة تحمل ندوباً جراء القصف الذي تعرضت له المدينة في أثناء الحرب العالمية الثانية. وجرى بالفعل دعم جذعها المتشقق بعوارض فولاذية.
في هذا الصدد، أوضحت بياتريس ريزو، التي تعمل بمجال هندسة الغابة في المدينة، خلال زيارة إرشادية، أنها «النبتة الأم. يمكنك القول إن كل أشجار الجراد الأسود في فرنسا جاءت من هذه الشجرة الواحدة».
وبالإضافة إلى قائمة «أربريس»، التي يمكن العثور عليها عبر الإنترنت، تحتفظ مدينة باريس بكتالوج منفصل وأكثر اتساعاً من الأشجار الرائعة -وجرى رسم جميع الأشجار الـ176 على خريطة تفاعلية عامة. وتشترك كلتا القائمتين في معايير متشابهة تشمل العمر والحجم والأهمية النباتية والثقافية.
أما «شجرة الجراد» القائمة في ساحة «رينيه فيفياني» التصنيف الرائع في قائمة كل من مدينة باريس و«أربريس». وتشكل الشجرة المحطة الأخيرة من بين ست محطات في جولة مشي على الأقدام موجهة ذاتياً للأشجار صمّمها مسؤولو المدينة.
في هذا الإطار، قال جورج فيترمان، رئيس «أربريس»: «إن شجرة تالفة كهذه لم تكن لتتمكن من البقاء على قيد الحياة في الطبيعة. في الواقع الأمر أشبه بجهود حماية الآثار. على سبيل المثال، لماذا نحافظ على الكنائس القديمة؟ لأنها تشهد على تاريخ الإنسان».
من بين المعالم الشجرية الأخرى في هذه الجولة المصممة للمشي عبر أرجاء المدينة، مجموعة من أشجار الزيزفون متراصة على نحو منظم، وتحد هذه الأشجار ساحة «بلاس دي فوساج» من ناحية وأشجار الحور المقاومة للسيول في بلاس لوي أراغون في إيل سانت لوي.
العام الماضي، وافق المشرعون في باريس على مشروع يهدف إلى زراعة 170 ألف شجرة جديدة في جميع أنحاء المدينة بحلول عام 2026، إضافةً إلى إنشاء جيوب من الغابات الحضرية في مناطق استراتيجية للتخفيف من آثار الحرارة الشديدة في المناطق الحضرية وامتصاص تلوث الهواء. إلى جانب ذلك، أصدرت المدينة «ميثاق الأشجار» المؤلَّف من 10 نقاط ويتضمن تعهداً بحماية أشجار باريس الاستثنائية.
وقال نجدوفسكي: «الهدف هنا إجراء مراجعة كاملة للمنهج الحضري، وحماية الأشجار القائمة بالفعل وزراعة أكبر عدد ممكن قدر المستطاع في غضون ست سنوات».
ويمكن النظر إلى مخطط زراعة الأشجار المعاصر في المدينة بوصفه محاولة لإحياء تراث قديم يقوم على جهود المخططين الحضريين الذين يستفيدون من جمال الأشجار وقدرتها على تلطيف الأجواء وبثّ حالة من الهدوء والاسترخاء في النفوس. ويمكن إرجاع بعض أولى النزهات في طرق تصطف على جانبيها الأشجار في باريس إلى القرن السابع عشر، عندما طلبت الملكة ماري دي ميديتشي ممرات مشي ليست بعيدة عن قصرها في حديقة التويلري، حيث كان بإمكانها هي وأصدقاؤها التنزه على مهل بعيداً عن حركة المرور اليومية. وكانت النتيجة «كور لا رين»، وهي أربعة صفوف طويلة من الأشجار تمتد اليوم من «بلاس دي لا كونكورد» إلى «بلاس دي كندا».
وتحت إشراف الموظف العام جورج يوجين هوسمان وكبير المهندسين المعاونين له أدولف ألفاند، لعبت الأشجار كذلك دوراً رئيسياً في إعادة ابتكار المدينة الهائلة في القرن التاسع عشر. على مدار 17 عاماً، زاد العدد الإجمالي للأشجار بمقدار الضعف تقريباً، من نحو 50500 إلى 95600 اليوم، فإن تجانس الشوارع التي تصطف على جانبيها الأشجار والممرات المظللة المورقة في الحدائق تمنح باريس مناظر طبيعية فريدة من نوعها.
من ناحيتها، قالت أفيلا تورني، كبيرة المهندسين المعماريين بالمدينة: «إن محاذاة الأشجار على طول الطرق والشوارع الرئيسية تتألف في الغالب من أشجار أحادية النوع، غالباً من الأشجار المعروفة باسم أشجار الكستناء، الأمر الذي يخلق منظراً طبيعياً مكرراً. أما التأثير العام، فيتمثل في خلق منظور هائل، يشبه إلى حد ما فرساي. وفي قلب باريس، تخلق الأشجار مناظر طبيعية كلاسيكية للغاية».
وقالت ريزو، مهندسة الغابات، إنه في السنوات الأخيرة زادت حالة الطوارئ المناخية الباريسيين من ارتباط أبناء باريس بأشجار مدينتهم. وعند النقر على جذوعها بمطارق خشبية للاستماع إلى المرض، يعترض المارة الذين يساورهم القلق ويجد المسؤولون النباتيون بالمدينة أنفسهم مضطرين إلى طمأنتهم بأنهم يُجرون ببساطة «زيارة طبية».
وقالت: «لم تكن الشجرة من قبل قط في المقدمة ومحور الاهتمام بوصفها منقذ الكوكب ومصدر رفاهيتنا في المدينة كما هي اليوم. لقد كنت أقوم بهذا العمل لمدة 30 عاماً، ولم يسبق أن تحدثت كثيراً عن الأشجار».
جدير بالذكر هنا أن الأنباء التي تفيد باقتلاع شجرة عمرها 200 عام بالقرب من برج إيفل كجزء من خطط المدينة لتجديد المنطقة استعداداً للألعاب الأولمبية عام 2024، أثارت احتجاجات وغضباً عبر الإنترنت لأسابيع هذا الربيع. ولدى سؤاله عن مصير الشجرة، تعهد نجدوفسكي بأن المدينة ستعيد النظر في الخطط، وأنه لن يجري قطع في أثناء أعمال البناء.
* خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

شؤون إقليمية فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

ندّدت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع عَلَم بنما، في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم «الخارجية» الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجَزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
العالم باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

قالت وزارة الخارجية الفرنسية إنها تأمل في أن يُحدَّد موعد جديد لزيارة وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني بعدما ألغيت بسبب تصريحات لوزير الداخلية الفرنسي حول سياسية الهجرة الإيطالية اعتُبرت «غير مقبولة». وكان من المقرر أن يعقد تاياني اجتماعا مع وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا مساء اليوم الخميس. وكان وزير الداخلية الفرنسي جيرار دارمانان قد اعتبر أن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني «عاجزة عن حل مشاكل الهجرة» في بلادها. وكتب تاياني على «تويتر»: «لن أذهب إلى باريس للمشاركة في الاجتماع الذي كان مقررا مع الوزيرة كولونا»، مشيرا إلى أن «إهانات وزير الداخلية جيرالد دارمانان بحق الحكومة وإي

«الشرق الأوسط» (باريس)
طرد الطيور في مطار «أورلي الفرنسي»  بالألعاب النارية

طرد الطيور في مطار «أورلي الفرنسي» بالألعاب النارية

يستخدم فريق أساليب جديدة بينها الألعاب النارية ومجموعة أصوات لطرد الطيور من مطار أورلي الفرنسي لمنعها من التسبب بمشاكل وأعطال في الطائرات، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وتطلق كولين بليسي وهي تضع خوذة مانعة للضجيج ونظارات واقية وتحمل مسدساً، النار في الهواء، فيصدر صوت صفير ثم فرقعة، مما يؤدي إلى فرار الطيور الجارحة بعيداً عن المدرج. وتوضح "إنها ألعاب نارية. لم تُصنّع بهدف قتل الطيور بل لإحداث ضجيج" وإخافتها. وتعمل بليسي كطاردة للطيور، وهي مهنة غير معروفة كثيراً لكنّها ضرورية في المطارات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم فرنسا: المجلس الدستوري يصدر عصراً قراره بشأن قبول إجراء استفتاء على قانون العمل الجديد

فرنسا: المجلس الدستوري يصدر عصراً قراره بشأن قبول إجراء استفتاء على قانون العمل الجديد

تتجه الأنظار اليوم إلى فرنسا لمعرفة مصير طلب الموافقة على «الاستفتاء بمبادرة مشتركة» الذي تقدمت به مجموعة من نواب اليسار والخضر إلى المجلس الدستوري الذي سيصدر فتواه عصر اليوم. وثمة مخاوف من أن رفضه سيفضي إلى تجمعات ومظاهرات كما حصل لدى رفض طلب مماثل أواسط الشهر الماضي. وتداعت النقابات للتجمع أمام مقر المجلس الواقع وسط العاصمة وقريباً من مبنى الأوبرا نحو الخامسة بعد الظهر «مسلحين» بقرع الطناجر لإسماع رفضهم السير بقانون تعديل نظام التقاعد الجديد. ويتيح تعديل دستوري أُقرّ في العام 2008، في عهد الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي، طلب إجراء استفتاء صادر عن خمسة أعضاء مجلس النواب والشيوخ.

ميشال أبونجم (باريس)
«يوم العمال» يعيد الزخم لاحتجاجات فرنسا

«يوم العمال» يعيد الزخم لاحتجاجات فرنسا

عناصر أمن أمام محطة للدراجات في باريس اشتعلت فيها النيران خلال تجدد المظاهرات أمس. وأعادت مناسبة «يوم العمال» الزخم للاحتجاجات الرافضة إصلاح نظام التقاعد الذي أقرّه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)


حريق غابات ضخم يجبر آلافاً على مغادرة منازلهم في كاليفورنيا (صور)

رجل في وسط حرائق الغابات في ولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)
رجل في وسط حرائق الغابات في ولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)
TT

حريق غابات ضخم يجبر آلافاً على مغادرة منازلهم في كاليفورنيا (صور)

رجل في وسط حرائق الغابات في ولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)
رجل في وسط حرائق الغابات في ولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)

اضطر نحو 4 آلاف شخص إلى مغادرة منازلهم في كاليفورنيا جراء حريق ضخم وعنيف كان يواصل تمدده بشكل خطير، (الجمعة)، على الرغم من تدخل 1700 من عناصر الإطفاء، ما يثير قلق السلطات.

ودمر حريق «بارك فاير» أكثر من 720 كيلومتراً مربعاً من الغابات و134 مبنى منذ اندلاعه بعد ظهر الأربعاء، في شمال الولاية التي يطلق عليها «غولدن ستايت».

عربة محاطة بألسنة اللهب في ولاية كاليفورنيا (أ.ف.ب)

وأعلنت إدارة الغابات والحماية من الحرائق في كاليفورنيا عدم السيطرة على الحريق، وأن نسبة «احتوائه 0 في المائة».

ويتمدّد الحريق بسرعة رجل يمشي، في منطقة ريفية تقع على بعد ثلاث ساعات بالسيارة شمال شرقي سان فرانسيسكو.

وأفاد مصور في «وكالة الصحافة» بأن الحريق يولّد عموداً هائلاً من الدخان الأسود، كبيراً جداً لدرجة أنه يشبه السحب خلال العواصف الشديدة في الغرب الأميركي.

وأعلن حاكم ولاية كاليفورنيا غافين نيوسوم، مساء (الجمعة)، حالة الطوارئ في مقاطعتين مهددتين بالحرائق، بهدف تسريع إجراءات السلطات.

جانب من حريق الغابات في كاليفورنيا (أ.ف.ب)

وأجبرت النيران أربعة آلاف شخص على إخلاء قريتي كوهاسيت وفوريست رانش، بعد تمدّد النيران إلى بلدة تشيكو الصغيرة.

وتقع بلدة تشيكو على بعد نحو 20 كلم إلى الغرب من بلدة بارادايز التي دمّرها في عام 2018 حريق غابات قضى فيه 85 شخصاً، وكان الحريق الأكثر حصداً للأرواح في تاريخ كاليفورنيا. والمنطقة حالياً في حالة تأهب، ويستعد سكانها لأي احتمال.

وقال كوري هونيا، عمدة مقاطعة بوتي، مساء الخميس، للسكان: «عليكم أن تكونوا مستعدين للمغادرة». وأضاف: «إذا تمدّد الحريق. لا أستطيع أن أعدكم أو أضمن لكم أننا قادرون على إنقاذ حياتكم».

«سوريالي»

وشدّد هونيا، الجمعة، خلال مؤتمر صحافي جديد، على أن «الوضع متغيّر»، مذكراً بأن الحريق «اجتاز» قرية كوهاسيت خلال الليل.

وتحدّث سكان لوسائل إعلام محلية عن فرارهم الصعب من النيران عبر الطريق الوحيد في الغابات الذي يمكن سلوكه في المنطقة، حيث بالكاد اخترقت إنارة مصابيحهم الأمامية الدخان الأسود. وقال نيكو شيلتون لصحيفة «ساكرامنتو بي» إنه «كان من المقلق بالطبع معرفة أن هذا هو السبيل الوحيد للخروج». وقالت جوليا ياربو، التي دمرت النيران منزلها، عبر قناة «سي بي إس»: «أنا في حالة صدمة. الأمر سوريالي».

وترى السلطات أن الحريق سببه إجرامي. وتم توقيف رجل يبلغ 42 عاماً، صباح الخميس، يشتبه بأنه أشعل الحريق «بعدما شوهد رجل مجهول يدفع سيارة تشتعل فيها النيران» إلى موقع قريب من المكان الذي اندلع فيه الحريق، وفق بيان للمدعي العام في مقاطعة بوتي مايك رامزي.

تظهر مركبة مشتعلة بينما يستمر حريق بارك في الاشتعال بالقرب من باينز كريك في مقاطعة تيهاما غير المدمجة - كاليفورنيا (أ.ف.ب)

وميدانياً، أُرسلت تعزيزات من عدة مناطق في كاليفورنيا. وأصدرت الأرصاد الجوية الوطنية، الجمعة، إنذاراً باللون الأحمر، بسبب رياح قوية قد تعزز تمدد الحريق.

وقال مسؤول جهاز الإطفاء بيلي سي، الجمعة، بشأن الحريق: «نشهد تصاعداً هائلاً في الشمال». وأكد أن عمّال الإطفاء يبذلون ما في وسعهم، ويركزون جهودهم على حماية المناطق المأهولة.

وقال: «نأمل أن تتحسن الظروف الجوية بشكل ملحوظ بدءاً من نهاية هذا الأسبوع، مع انخفاض درجات الحرارة وزيادة الرطوبة النسبية، ما سيسمح لنا بالوصول بسهولة أكبر إلى مكان (الحريق) نفسه، بدلاً من البقاء في موقف دفاعي».

«أرقام قياسية»

وقال دانييل سوين، المتخصص في ظواهر الطقس المتطرفة في جامعة كاليفورنيا، مساء الخميس: «إنه فعلاً أول حريق خلال السنوات الأخيرة في كاليفورنيا يمكنني أن أصفه بأنه غير عادي، وهذا ليس بالأمر الجيد».

وقارن الخبير هذا الحريق الضخم بالحرائق التي دمرت كاليفورنيا في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، وكانت من بين الأسوأ في تاريخ هذه الولاية الأميركية الغربية.

استمرار حرائق الغابات في ولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)

وأضاف: «الخبر السار الوحيد هو أنه لا توجد مدن رئيسية في المسار المباشر للحريق»، مقدراً أن يستمر الحريق «لأسابيع أو حتى أشهر».

وبعد فصلي شتاء ممطرين، يشهد الغرب الأميركي منذ يونيو (حزيران) موجات حر أدت إلى جفاف الغطاء النباتي، ما يساعد على انتشار النيران.

وقال الخبير: «حطمنا أرقاماً قياسية (في درجات الحرارة)، وذلك في منطقة واسعة جداً، تمتد من شمال غربي المكسيك إلى غرب كندا».

وتشتعل حالياً مئات الحرائق في كل أنحاء المنطقة، لا سيما في ولاية أوريغون وفي كندا.

ويقول علماء إن موجات الحرّ المتكررة دليل على ظاهرة الاحتباس الحراري المرتبطة بتغير المناخ الناجم عن اعتماد البشرية على الوقود الأحفوري.