قوات النظام تسيطر على مواقع للمعارضة غرب درعا

جانب من انتشار مجموعات محلية مسلحة بالسويداء في أطراف بلدة قنوات أمس (الشرق الأوسط)
جانب من انتشار مجموعات محلية مسلحة بالسويداء في أطراف بلدة قنوات أمس (الشرق الأوسط)
TT

قوات النظام تسيطر على مواقع للمعارضة غرب درعا

جانب من انتشار مجموعات محلية مسلحة بالسويداء في أطراف بلدة قنوات أمس (الشرق الأوسط)
جانب من انتشار مجموعات محلية مسلحة بالسويداء في أطراف بلدة قنوات أمس (الشرق الأوسط)

تشهد مدينة طفس بريف درعا الغربي جنوب سوريا حالة من التوتر والتصعيد العسكري من قبل قوات النظام السوري، إذ أشارت مصادر محلية في المدينة إلى تجدد الاشتباكات والقصف في أطرافها الجنوبية صباح الخميس، وسط محاولات لقوات النظام للسيطرة على إحدى نقاط الفصائل المحلية المسلحة عند بناء مؤسسة الإسمنت القديمة في المدينة والتي تتخذ منها مجموعة محلية مسلحة مقراً لها. وترافقت عمليات التقدم التي نفذتها قوات النظام مع قصف على المناطق المحيطة بالمقر واشتباكات متقطعة استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، ما أدى إلى وقوع إصابات بين المدنيين، لا سيما في الجهتين الجنوبية والجنوبية الغربية من طفس.
وقال الناشط محمد الزعبي لـ«الشرق الأوسط» إن قوات النظام السوري دخلت الأطراف الجنوبية لمدينة طفس وسيطرت على بناء الحفارات الواقع جنوب غربي مشروع اليرموك الأعلى، على طريق اليادودة - طفس، كما سيطرت على نقطة الري جنوب المدينة التي كانت مقراً للفصائل المحلية المسلحة التابعة لخلدون الزعبي (القائد العام سابقاً لـ«لواء فجر الإسلام» أحد أكبر فصائل المعارضة المسلحة في الجنوب السوري قبل التسويات التي تم عقدها مع حكومة الرئيس بشار الأسد). وأضاف الناشط أن قوات النظام صعدت أيضاً من عمليات القصف مع محاولات التقدم إلى عمق الأحياء الجنوبية لطفس حيث يقع مقر آخر لإحدى المجموعات المسلحة المطلوبة للأجهزة الأمنية.
ومع استمرار عمليات التصعيد العسكرية منذ صباح يوم الأربعاء الماضي أصيب خمسة من أبناء مدينة طفس أثناء وجودهم في أراضيهم الزراعية جنوب المدينة. كما سجّل ناشطون حركة نزوح كبيرة للسكان وخاصة من الأحياء الجنوبية والغربية المستهدفة إلى عمق المدينة وإلى بلدات داعل والمزيريب المحاذية لطفس، مع إغلاق قوات النظام حواجزها على الطريق الواصل بين مدينة طفس وبلدة اليادودة.
وكانت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في درعا قد اجتمعت مع وجهاء وأعضاء اللجنة المركزية في مدينة طفس في وقت سابق وأبلغتهم بوجود مطلوبين ومتهمين بالانتماء لتنظيم «داعش» في مقرات جنوب المدينة، وبأن خروج المطلوبين من المدينة سيجنبها العمليات العسكرية والاقتحام. وعلى إثر ذلك، أصدر خلدون الزعبي الذي يقود مجموعات محلية مسلحة في طفس بياناً يوم الاثنين الماضي أعلن فيه خروج المطلوبين من المدينة. كما أصدر المطلوبون للأجهزة الأمنية بياناً أعلنوا فيه خروجهم من المدينة. وأبلغت اللجنة المفاوضة عن مدينة طفس بذلك لجنة النظام الأمنية، فردت الأخيرة بأنها سوف تتأكد من خروجهم. لكن مع صباح يوم الأربعاء بدأت قوات النظام عمليات تقدم واقتحام في اتجاه مقرات المجموعات المحلية المسلحة؛ بالتزامن مع تمهيد ناري وقصف تعرضت له المنطقة. وتصدى أبناء من المدينة وأفراد من مجموعات محلية مسلحة للقوات المهاجمة.
وحاول مجهولون فجر يوم الخميس استهداف مقر عسكري تابع للقيادي المحلي محمود البردان أبو مرشد الذي يُعتبر من أبرز أعضاء لجنة التفاوض المركزية في مدينة طفس. وتمكن عناصر حراسة المقر من اكتشاف أشخاص ملثمين يضعون عبوة ناسفة قرب المقر العسكري، لكنهم لاذوا بالفرار بعد محاولة عناصر المقر القبض عليهم. وبعد العجز عن تفكيك العبوة المتفجرة، تم إخلاء المنطقة وتفجيرها، دون وقوع أي أضرار بشرية. ويُعتبر أبو مرشد من أبرز قيادات الفصائل المعارضة سابقاً قبل اتفاق التسوية الذي حصل في عام 2018، وشارك في العديد من جولات التفاوض مع الجانب الروسي ولجنة النظام السوري سابقاً لتجنب عمليات التصعيد والتهديد الذي كانت تتعرض لها مدينة طفس. وهو مُتهم بالتقرب من جهاز الأمن العسكري بعد التسويات. في المقابل، يتهم أبو مرشد أشخاصاً من أبرز المطلوبين للأجهزة الأمنية مثل محمد الصبيحي وعبادة الديري وإياد جعارة بأنهم في الحقيقة تابعون لتنظيم «داعش» وتورطوا في عمليات اغتيال وقتل بحق شخصيات من أعضاء لجنة التفاوض المركزية في المنطقة الغربية.
وفي السويداء ذات الغالبية الدرزية جنوب سوريا استأنفت حركة «رجال الكرامة»، أبرز الفصائل المحلية المسلحة في المحافظة بقيادة الشيخ يحي الحجار، عملياتها في ملاحقة المجموعات المرتبطة بجهاز الأمن العسكري في السويداء، حيث دخلت الفصائل المحلية صباح الخميس بلدة قنوات بريف السويداء الشمالي الشرقي، ونفذت انتشاراً داخل البلدة ومداهمات لمنازل مطلوبين من مجموعة تُعرف باسم «قوات الفهد» التي يتزعمها سليم حميد. وتتهم فصائل محلية هذه المجموعة بالتعاون مع مجموعة أخرى يقودها راجي فلحوط وتتبع جهاز المخابرات العسكرية.
وأوضحت الفصائل المحلية بالسويداء أنها منحت أكثر من مهلة في الأيام الماضية، لسليم حميد، قائد فصيل «قوات الفهد»، لتفكيك مجموعته وتسليم سلاحه، بسبب العلاقة التي كانت تربطه مع راجي فلحوط، وتورط فصيله في انتهاكات واسعة، بحسب مزاعم معارضيه. واستجاب عدد من عناصر المجموعة للمطالب وأقدم على تسليم نفسه وسلاحه بشكل فردي لحركة «رجال الكرامة».
وكان سليم حميد قد اتفق مع الفصائل المحلية قبل فترة على تسليم السلاح المتوسط والمتورطين بانتهاكات من أفراد مجموعته لحركة «رجال الكرامة». وسلم عدد من مقاتليه سلاحه المتوسط لوجهاء وشيوخ بلدة قنوات، فيما ماطل آخرون في تسليم سلاحهم، ما دفع «رجال المقاومة» إلى تنفيذ عملية دهم وملاحقة لعناصر وقادة المجموعة (قوات الفهد). وأفيد بأن الفصائل المحلية المسلحة بالسويداء دهمت منازل عناصر المجموعة دون مقاومة، كما دهمت منزل قائد المجموعة «سليم حميد»، إلا أنها لم تتمكن من القبض عليه، وسط أنباء تتحدث عن خروجه خارج محافظة السويداء مع عائلته.


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.