الأسر البريطانية تواجه قنابل اقتصادية موقوتة

أفاد تحليل لوكالة «بلومبرغ» بأن الاقتصاد البريطاني لا يزال يتجه نحو الدخول في ركود، وفقاً لتوقعات بنك إنجلترا، حتى لو أصبحت ليز تراس رئيسة للوزراء ومضت في تنفيذ أجندتها الحادة لخفض الضرائب.
وذكرت الوكالة أن من شأن التخفيضات الضريبية التي تقترحها المرشحة الأوفر حظاً لخلافة بوريس جونسون، والبالغة 39 مليار جنيه إسترليني (47 مليار دولار)، أن تقلل من حدة الركود الذي يتوقعه البنك المركزي، إلا أن الاقتصاد سيظل أصغر مما هو عليه الآن.
وشكك التحليل الذي نُشر يوم الثلاثاء، فيما تراه تراس من أن الركود الاقتصادي ليس حتمياً. وجاء تعليقها بعد ساعات من تحذير بنك إنجلترا من أن المملكة المتحدة ستواجه قرابة عامين كاملين دون أي نمو فصلي، بسبب تفاقم أزمة غلاء المعيشة.
وتعتمد توقعات بنك إنجلترا، التي تضمنت استمرار الركود لخمسة أرباع تبدأ في الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2022، على خطط الضرائب والإنفاق الحالية للحكومة.
وتتعهد تراس بتقديم دعم على الفور إذا فازت بسباق قيادة حزب المحافظين على منافسها ريشي سوناك. وقد تعهدت بإلغاء زيادات ضريبية على الرواتب دخلت حيز التنفيذ في أبريل (نيسان) الماضي، وتعليق ضريبة خضراء على فواتير الطاقة، وإلغاء زيادة على ضريبة الشركات من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ عام 2023. وتعرضت الحكومة البريطانية لضغوط يوم الاثنين من أجل أن تطرح على الفور خططاً لدعم الأُسر، خلال أزمة ارتفاع تكاليف المعيشة في البلاد. وقال اتحاد الصناعات ورئيس وزراء سابق، إن من غير الممكن السماح باستمرار الفراغ السياسي القائم في البلاد.
وحذر بنك إنجلترا يوم الخميس من أن ركوداً طويل الأمد في طريقه إلى الحدوث، مع ارتفاع أسعار الطاقة إلى مستويات غير مسبوقة، ما دفع معدل التضخم إلى الارتفاع 9.4 في المائة في يونيو (حزيران) الماضي، وهو أكبر ارتفاع منذ 40 عاماً، وترك كثيراً من الأسر على شفا ضائقة اقتصادية.
لكن التصدي السياسي للأزمة غائب بسبب المنافسة على خلافة رئيس الوزراء بوريس جونسون، الذي اضطر للاستقالة بسبب سلسلة من الفضائح. ورغم أن جونسون ما زال في منصب رئيس الوزراء، فقد كان في عطلة في الآونة الأخيرة، ولن يتم إعلان اسم خليفته قبل الخامس من سبتمبر (أيلول).
وقال رئيس الوزراء العمالي الأسبق جوردون براون، واتحاد الصناعات البريطاني (سي بي آي)، إن البلاد لم تعد تتحمل الانتظار لانتخاب زعيم جديد، بسبب الحاجة إلى اتخاذ إجراء الآن قبل أن تقفز أسعار الطاقة مرة أخرى بنسبة يتوقع أن تبلغ 70 في المائة، في أكتوبر (تشرين الأول).
وقال براون الذي شغل منصب وزير المالية لمدة 10 سنوات من عام 1997، ومنصب رئيس الوزراء من عام 2007 إلى عام 2010، خلال الانهيار المالي، إن كثيراً من الأسر البريطانية تواجه قنبلة اقتصادية موقوتة. وأضاف لإذاعة «إل بي سي»: «اتخذوا إجراء هذا الأسبوع، وتعاملوا مع هذه المشكلات المتعددة التي ترقى إلى طوارئ وطنية». وأردف: «لا تنتظروا إلى أن تضربكم الأزمة في أكتوبر، ثم تقولون إنكم فوجئتم».
ووافق اتحاد الصناعات البريطاني على ذلك، وحث رئيس الوزراء ووزير المالية على عدم تضييع الصيف، بأن يجتمع المرشحان لمنصب رئيس الوزراء خلفاً لجونسون، وهما وزيرة الخارجية ليز تراس، ووزير المالية السابق ريشي سوناك، ويتفقا على سبيل للمضي قدماً.
وقال المتحدث باسم جونسون، إن رئيس الوزراء القادم سيُترك له اتخاذ القرار بشأن ما إذا كانت هناك حاجة لتقديم مزيد من الدعم للأسر، وإن الحكومة حددت بالفعل حزمة تمويل لمساعدة الناس في الشتاء المقبل.
وقال متحدث باسم جونسون، الاثنين، إن الأمر متروك لـ«رئيس الوزراء المستقبلي» للتصرف في مواجهة أزمة غلاء المعيشة، في وقت يُلام فيه جونسون المستقيل على غيابه في ظلّ تدهور الاقتصاد.
وفي حين يُتوقّع أن يدير جونسون القضايا اليومية في المملكة المتحدة، ذهب مع زوجته الأسبوع الماضي إلى سلوفينيا لقضاء فترة شهر عسل، بينما كان البنك المركزي يحذّر من تجاوز التضخم نسبة الـ13 في المائة بحلول الخريف، ما يدفع المملكة المتحدة إلى الركود الأطول منذ الأزمة المالية لعام 2008. وكان وزير المالية ناظم الزهاوي أيضاً بعيداً عن لندن.
وقال المتحدث لصحافيين: «عرفياً، ليس على رئيس الوزراء هذا أن يقوم بتدخلات مالية كبيرة خلال فترة (الإنابة). سيكون ذلك من واجب رئيس الوزراء المستقبلي».